حزب الله والسعودية: صراع الكبتاغون/الحوار الثنائي بين الحزب والمستقبل مستمر: تراجع متبادل ولا نتائج/وسام سعادة: محدودية موسكو في سوريا حرباً أو سلماً

349

الحوار الثنائي مستمر: تراجع متبادل ولا نتائج
المدن – سياسة | الثلاثاء 27/10/2015/عملياً زالت الغمامة التصعيدية التي سببتها مواقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الذكرى السنوية لاستشهاد اللواء وسام الحسن من الحوار مع حزب الله. منذ تصعيد المشنوق وتصعيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في المقابل تحركت الإتصالات السياسية بين مختلف الأطراف لحماية الحوار الثنائي، والذي بحال تم فرطه سيرخي ذلك سلبيات عديدة على الواقع السياسي في البلاد يضاف إلى التأزم الذي يضرب مختلف المجالات. في السياق السياسي الذي سارت عليه الأمور في الأسبوع الماضي، كان من المفترض أن ينظر إلى هذه الجلسة الحوارية الجديدة بين تيار المستقبل وحزب الله على أنها جلسة محورية، بعد ما جاء على لسان الوزير نهاد المشنوق، لكن سرعان ما سحب المشنوق مفاعيل كلامه، وإن ليس علناً، بل عبر خطوات سياسية. لوح المشنوق أنه لن يشارك في الحوار الثنائي، بسبب إفشال حزب الله للخطة الأمنية في البقاع، وبسبب عدم تسهيل عمل الحكومة وحلّ أزمة النفايات، لكن المشنوق تراجع عن تلويحه وشارك في الجلسة، وذلك بعد إتصالات تلقاها من كل من الرئيس سعد الحريري، والرئيس نبيه بري، ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان والسفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري، الذي أكدوا جميعهم على ضرورة استمرار الحوار. في موقف المشنوق، تقرأ مصادر المستقبل لـ”المدن” بانه تراجع جديد يضاف إلى سجل التيار الأزرق، وتعتبر أن تصعيد المشنوق لا يمكن ان يعتبر إلا زلة لسان، لأنه لم يكن هناك قرار بالتوقف عن الحوار، وبالتالي أخطاً في تصعيده هذا، فيما تعتبر مصادر مستقبلية أخرى لـ”المدن” أن المشنوق كان يبحث من خلال مواقفه هذه عن إستعادة شرعية داخل بيئته فقدها في السابق، وبالتالي لجأ إلى التصعيد والتهديد بوقف الحوار ما رفع من معنويات الجمهور، لكن سرعان ما تبدد كل شيء بعيد تراجع المشنوق، بطريقة ذكية وفق ما تعبر المصادر. وعلى مائدة المتحاورين فقد كانت أزمة النفايات، والخطة الأمنية في البقاع بالإضافة إلى عمل الحكومة والحرص على بقائها الأطباق الأساسية. وأكدت مصادر “المدن” من المتحاورين، أن حزب الله كان له موقف واضح بشأن خطة النفايات، وقد أطلع وفد المستقبل عليها، ولم تشأ المصادر الكشف عن تفاصيل ما تقدم به الحزب، لأن التكتم قد يكون سبيلاً إلى نجاح الوصول إلى توافق، معتبرة أن “حزب الله ينتظر تقرير اللجنة الفنية التي تدرس الاماكن المقترحة لانشاء المطامر أو معامل المعالجة وعلى إثرها يتخذ موقفه النهائي والواضح.” وهنا تؤكد مصادر المستقبل أنه لا بد من المساواة في تحمل مسؤولية هذه الأزمة والخروج منها لإنقاذ اللبنانيين جميعاً، وتؤكد مصادر المستقبل لـ”المدن” بأنه لا بد للخروج من هذه الازمة إيجاد مطمر للنفايات في كل قضاء، وبالتالي لا يمكن لأي من الأفرقاء التنصل من هذا الأمر. في المقابل تعتبر مصادر أخرى لـ”المدن” أن حزب الله لا يرى ان الكرة في ملعبه، بل هو دعم خطة الوزير أكرم شهيب المتعلقة بحل أزمة النفايات، في الحكومة وعلى طاولة الحوار، وبالتالي فعلى الحكومة إيجاد الطريقة المثلى لتنفيذ هذه الخطة، وتؤكد مصادر الحزب أنه مستعد لتقديم كل التسهيلات في سبيل ذلك. أما في ما يتعلق بالخطة الأمنية والمواقف السياسية لا سيما بعد تصعيد الوزير نهاد المشنوق ضد الحزب، متهماً إياه بعدم تسهيل تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، وتهديده بالإنسحاب من الحوار، أشارت مصادر المستقبل المشاركة على طاولة الحوار الثنائي، إلى أن الحوار انطلق على هذا الأساس، لتخفيف الإحتقان في الشارع ولتطبيق الخطط الأمنية في المناطق، وبالتالي فلا معنى للحوار ما لم يتم تنفيذ هذه الخطط الأمنية، في المقابل تؤكد مصادر الحزب لـ”المدن” أنه “اذا كان المطلوب من الحزب ان يسلم المطلوبين الى الدولة فهذا ليس من ضمن صلاحياته، اذ هو لا يتحمل اي مسؤولية في هذا الشأن، سوى ان يرفع الغطاء عن المطلوبين وهذا ما يفعله الحزب، وعلى الدولة القيام بواجبها، لأن الحزب ليس ضابطة عدلية.” كذلك فقد كان تشديد من قبل الطرفين حول ضرورة الحفاظ على الحكومة، والحرص على عدم إغضاب الرئيس تمام سلام أكثر فأكثر ودفعه إلى تقديم إستقالته، وتجزم المصادر بالقول:” ممنوع على سلام أن يستقيل، وكل الإتصالات التي أطلقت قبل يومين تدفع بهذا الإتجاه”. وتشير إلى أن الجميع يحرك مروحة إتصالاته من أجل ثني سلام عن هذه الخطوة وإيجاد بقعة ضوء في هذا النفق المظلم.

حزب الله” والسعودية: صراع “الكبتاغون”!
المدن – سياسة | الثلاثاء 27/10/2015/أعاد الإنجاز الجديد الذي حققته القوى الامنية في ضبطها نحو طنين من “الكبتاغون” قبل تهريبها إلى المملكة العربية السعودية على متن طائرة خاصة للأمير السعودي عبدالمحسن بن وليد بن عبدالعزيز، ملف “الكبتاغون” الى الواجهة، خصوصاً أنه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط تهريب هكذا كميات إلى الخارج، لكن يبقى السؤال الأساس، عن مصنع هذه الحبوب المخدرة، والجهة المسؤولة عنه. حتى الآن لا معلومات واضحة حول الجهة التي موّنت الأمير السعودي بهذه الكمية، ولا حتى جواب حول كيفية وصول هذه الكمية إلى المطار. كل ذلك يعيد اللبنانيين إلى سنوات خلت، فتح خلالها هذا الملف، وألقي القبض في حينه على بعض المتهمين بتصنيع هذه المادة وترويجها فيما توارى آخرون عن الأنظار. فور إلقاء القبض عن الأمير السعودي بدأ البعض بالهمس عن إحتمال تورط “حزب الله” في تصنيع هذه الحبوب، خصوصاً أن للحزب تاريخاً في تجارة المخدرات مدعم بتقارير دولية وأميركية، اضافة إلى تورط شخصيات معروفة في هذا الملف. اللافت أن العلاقة بين “الكابتغون” اللبناني والسعودية، كانت ولا تزال ناشطة، اذ تعتبر المملكة أحد الأسواق المهمة لتصدير هذه المادة. والقصة بدأت في العام 2009 عندما اكتشفت عملية تهريب أكثر من مليون و100 ألف حبة كانت في طريقها برّاً إلى السعودية، من دون أن يعلم مصدرها، ليتبع هذه الحادثة أول المؤشرات على تورط “حزب الله” في تصنيع هذه المادة بهذه الكميات الكبيرة، بعد أن أعلنت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي القاء القبض في التاسع عشر من شباط 2012 على شبكة لتصنيع الحبوب المخدرة في منطقة الشويفات، واقفال المعمل الذي ينتج 100 ألف حبة يوميا، بالشمع الأحمر.  قبل اكتشاف شبكة الشويفات كانت هناك معلومات متداولة تفيد بأن “حزب الله” يغرق السوق العراقية وأميركا اللاتينية والسعودية بتلك الحبوب المخدرة. وفي السنة نفسها، ألقت السلطات السعودية القبض على شيخ يروج المخدرات على أرض المملكة، وبعد التحقيق معه اكتشفت الأجهزة السعودية أن مصدرها هو لبنان، وبعد عجز الاجهزة عن إيقاف هذه الشبكات، وصل الى لبنان أربعة ضباط سعوديين انتحلوا صفة تجار أتوا لإتمام صفقة كبتاغون، وبذلك تم اكتشاف الشبكة وأبلغت الاجهزة اللبنانية بتفاصيل عملها واماكن وجودها.
المصنع الذي قصده الضباط السعوديون كان في منطقة التل الأبيض في بعلبك، ولاحقاً أخضع من قبل مكتب مكافحة المخدرات للمراقبة، وتم رصد الشيخ عباس ناصر حيث كان في طريقه من مصنع الشويفات الذي اغلق لاحقاً باتجاه بعلبك وألقي القبض عليه على طريق ضهر البيدر، حيث كانت سيارته محملة بحبوب الكبتاغون، وبعد التحقيق معه اعترف ناصر بتصنيع الحبوب المخدرة وترويجها، وأقر عن شركائه، ليتبين أن الممول الاساس للشبكة هو شقيق النائب عن “حزب الله” حسين الموسوي، هاشم الموسوي، الذي فرّ الى جهة مجهولة، وتم إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص هم الشيخ عباس ناصر وحيدر ديب وفاروق مراد الذين اعترفوا جميعا بتصنيع المخدرات وبترويجها. بعد تحول القضية الى القضاء، جهد “حزب الله” لإبقاء الموضوع في الخفاء، وبدأ نشاطه الفعلي قضائيا لتمييعها ودفنها في مهدها. فعين الحزب محاميا للموقوفين منع إجراء اي تحقيق قضائي معهم عبر استمراره بتقديم الدفوع الشكلية بحجة مراجعة الملف على مدى أكثر من سنة. ومنذ البدء كانت استراتيجية الحزب واضحة وهي دفن القضية في الاعلام من اجل الضغط على القضاء فيما بعد وإطلاق سراح المتهمين. وبعد سنة ونصف على اكتشاف القضية والقاء القبض على بعض المتهمين بها أصبح المتهمون خارج السجن حيث أطلق سراحهم بكفالة مالية قدرها مليوني ليرة لبنانية. أثار القرار القضائي استياءاً، خصوصاً أنه في جميع الجنايات من هذا النوع، تكون مدة التوقيف لحد أقصى ستة أشهر ومن الممكن أن تمدد لمهلة مماثلة، باستثناء جرائم القتل والمخدرات والجرائم ذات الخطر الشامل والإرهاب لأمن الدولة، وهو ما تؤكده مراجع قانونية بارزة لـ”المدن”، وتشير الى أنه في هذه الجرائم يمكن تمديد مهلة التوقيف الى أمد غير محدد وفقا للمادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية. وتضيف المراجع أنه في لبنان يندر تخلية السبيل في جرائم ترويج المخدرات والاتجار بها وغالبا ما يحاكم الموقوف بها دون تخلية سبيله، ولأن هذا ما يعمل به في لبنان يتساءل المرجع مستغربا: “لماذا في هذه القضية بالذات تمت تخلية سبيل من هو متهم بالترويج والاتجار على خلاف ما هو معمول وسائد”.هذه هي قصة “الكابتغون” و”حزب الله”، أما الربط بين تصنيع هذه المادة المخدرة والحزب، على الرغم من أن أكثر من جهة قادرة على التصنيع، يعود إلى أن الكميات التي ضبطت كميات ضخمة لا يمكن سوى لمعامل ضخمة جداً تصنيعها، خصوصاً أنه عند إكتشاف هذه الشبكة والمعامل وصفها مدير مكتب مكافحة المخدرات في ذلك الوقت العقيد عادل مشموشي، بأنها من أضخم مصانع المخدرات وتشبه مصانع كولومبيا!
التحقيقات مستمرة
إلى ذلك، وفيما تستمر التحقيقات مع الأمير السعودي والمرافقين، برزت زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري إلى وزارة الداخلية ولقاء وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، مؤكداً بعد اللقاء أنه لم يتطرق مع المشنوق الى هذا الملف لأنه “أمر بيد القضاء اللبناني، ونحن نحترم القضاء والامر متروك له”.

 

محدودية موسكو في سوريا حرباً أو سلماً
وسام سعادة/المستقبل/28 تشرين الأول/15
الشيء الإيجابي الوحيد في كل السياسة الأميركية حيال الملف السوري، أنها لا تنوي تحويل سوريا بدورها الى جبهة مواجهة بين موسكو والغرب على غرار ما هو حاصل في أوكرانيا. أبداً. ولا تنوي تحويل سوريا الى عنوان تلاقٍ بين موسكو والغرب في موازنة ما هو حاصل في أوكرانيا. السياسة الأميركية في سوريا رغم كارثيتها، فيها شيء إيجابي أساسي: لا ترى السياسة الروسية في الشرق الأوسط. تتعامل مع وقائع هذه السياسة كمعطى ينتمي الى زمان آخر. في المقابل، الشيء الإيجابي في كل السياسة الروسية حيال سوريا، على كارثيتها، في أنّها سياسة تحاول فيها موسكو، بشكل فيه إجهاد وعسرة، أن تحاكي الدور الذي كانت تلعبه واشنطن في مرحلة سابقة، لكن هذه المرة من دون عدّة اللعب الكافية. إذا كانت واشنطن عاجزة عن ضرب تنظيم «الدولة الإسلامية»، وجاءت حربها اللابرّية عليه، لترسّخ سيطرته واقعاً مزمناً على مناطق بأسرها، وعدد كبير من سكان سوريا والعراق، فإن التدخل العسكري الروسي سيضطر بدوره الى التباطؤ أسبوعاً بعد أسبوع، ولن يحقق شيئاً نوعياً أياً كان بنك الأهداف الذي سيختاره. الأمر نفسه بالنسبة الى العملية السياسية: إذا كانت واشنطن عاجزة عن مواكبتها، كذلك الثنائي الروسي – الأميركي، فإن موسكو بمفردها أيضاً عاجزة عن إنجاح أي انتقال من الصراع العسكري الى التسوية السياسية. طبيعي أن يشتهي أخصام النظام السوري أن تقوم موسكو نفسها الذين يستهجنون تدخلها العسكري، بسحب بشار الأسد من سوريا، وموسكو بدورها تدغدغ هذا المشتهى، بل الطاغية السوري نفسه أيضاً يفعل. لكن لا شيء في الوارد حالياً بهذا الصدد، ولا في الإمكان. تقاتل موسكو لتطيل عمر النظام الأسدي يوماً بيوم، لكنها لا تملك استراتيجية نهائية، لا حرباً ولا سلماً. تجهد موسكو لتظهر كواشنطن في أيام العز، لكنها لا تملك المفاتيح والدفاتر، لا حرباً ولا سلماً.بالتأكيد، التدخل الروسي يكبّل حرية الحركة بالنسبة الى التدخل الإيراني، لكنه لا يشطبه ولا يروّضه. قوة التدخل الإيراني واللبناني – الإيراني أنه برّي، وأنه بواسطة «حزب الله» يستخدم تشكيلات قتالية في حرب العصابات ضد تشكيلات قتالية في حرب العصابات أيضاً: «غيريللا» و»كونترا غيريللا». قوة التدخل الإيراني الأيديولوجية أيضاً لا يُستهان بها، كونها تربط الصراع في سوريا بصراع بين «إسلامين»، ولو كانت الهوة بين «إسلام الثورة الإيرانية» وبين «إسلام حزب البعث» هوة سحيقة.
لأجل ذلك، التدخل الروسي يبدأ طنّاناً رنّاناً، ويتحول بسرعة الى خبر غير أساسي. ليس نجاح هذا التدخل هو الذي سيُسهم في الحل السياسي، إنما ورطة هذا التدخل، التي تضاف إلى ورطة اللا تدخل الأميركي تجاه النظام السوري، وورطة الحرب اللابرّية ضد «تنظيم الدولة« بلا طائل.
ورطة هذا التدخل لا تحتاج لوقت كثير لإظهارها. أما الاستعجال بتعداد الشواهد على انطلاقة العملية السياسية من موسكو ففيه تسرّع. ليست كل رغبات موسكو، الحربية أو السلمية، أوامر، بالنسبة الى سوريا. التدخل الروسي محدود النتائج عسكرياً. محدوديته هذه ستعطي زاداً إضافياً للسعي وراء الحل السياسي. هذا الزاد محدود بدوره.