منير الربيع: الزبداني: حزب الله يرضخ للواقع/سامي خليفة: ازدواجية حزب الله: الحراك مصيره ربيع براغ

366

الزبداني: “حزب الله” يرضخ للواقع
منير الربيع/المدن/الجمعة 25/09/2015

يتذكر من يتابع مجريات معركة الزبداني لا سيما في بيئة “حزب الله” معارك وادي الحجير، وعيتا الشعب، ومارون الراس. في تلك المواقع خاض مقاتلو “حزب الله” أشرس معاركهم الدفاعية ضد العدو الإسرائيلي في العام 2006. صمد المقاومون 33 يوماً دفاعاً عن أرضهم. معارك الزبداني في ريف دمشق اليوم، تخطت أكثر من ضعف هذه المدة، صمد خلالها مقاتلو المدينة دفاعاً عنها في مواجهة هجوم النظام السوري و”حزب الله” لاجتياحها. أكثر من سبعين يوماً، صمد فيها مقاتلو المدينة في وجه أعتى الهجومات التي تعرضوا لها، واستخدم فيها أعتى السلاح النوعي، ولا يمكن إغفال أن المدينة محاصرة منذ سنتين ومقطوعة عنها خطوط الإمداد، بسالة الحزب في الجنوب، شكلت معياراً دافعاً لبسالة أبناء الزبداني، الذين لطالما استشهدوا بقتال الحزب دفاعاً عن أرضه، وقد واجهوا مقاتلي الحزب أثناء الهدنتين السابقتين اللتين شهدتهما المدينة وما تخللهما من حوارات بين المتقاتلين، حيث ذكر الزبدانيون مهاجميهم من الحزب بما فعلوه في الجنوب، وأن ما حصل يتكرر معهم هذه الأيام بطريقة عكسية. تحول “حزب الله” إلى قوة غازية، وتحول أهل الزبداني إلى مقاومين، سبعون يوماً عملوا على تحطيم أسطورة الحزب الذي لا يهزم، فأجبروه مراراً وتكراراً على الدخول في مفاوضات وهدن، واليوم ها هي المفاوضات تسلك طريقها نحو التنفيذ. في المفهوم العسكري فإن ما جرى في الزبداني يدرّس في الكليات العسكرية، وكيف أن مدينة محاصرة من كل الجهات تستطيع الصمود وتكبيد الحزب هذا الكم الكبير من الخسائر.لا يخفي “حزب الله” حجم الضغط الشعبي والعسكري الذي عاناه من جراء هذه المعركة، جهد مراراً على تسريب أخبار تفيد بأن المدينة سقطت، ليتبين في ما بعد عدم صحة هذا الكلام، إذ استمر مقاتلوها تكبيد الحزب خسائر كبيرة إلى اليوم الأخير قبل الهدنة. وفق ما تشير مصادر “المدن” فإن حالة من الغضب سادت في صفوف الحزب، مردها السبب في عدم استطاعتهم اجتياح المدينة، وتكبده هذا الحجم من الخسائر، إذ فقد الحزب 150 مقاتلاً في المدينة، اعترف بهم، مع فقدان 21 عنصراً، وتسجيل العديد من الإصابات بينهم 76 إعاقة مستدامة. وتفيد المعلومات أيضاً، بأن السبب الأساسي الذي دفع الحزب إلى الدخول في المفاوضات وتفعيلها إلى جانب ما جرى في الفوعة في ريف ادلب، هو سقوط 17 قتيلاً من عناصره بضربة واحدة، ما دفعه أيضاً إلى سحب كتيبة الرضوان من المدينة. وبمعزل عن المفاوضات ونتائجها السياسية والديمغرافية وما يعتبر إنتصاراً لإيران في نجاحها بإجراء تغيير ديموغرافي في سوريا، على أساس مذهبي، فإن أحد قادة الفصائل في الزبداني يقول لـ”المدن” إن ما جرى هو إنتصار ما بعد بعد إلهي في المدينة.أوقفت المعارك الآن، ما يجري هو ترتيب سياسي لما سيكون عليه حال المدينة ومحيطها، إذ تسعى إيران إلى ترحيل أهل الزبداني إلى إدلب، مقابل نقل أهالي كفريا والفوعة إلى حمص، وبذلك تكون المنطقة المحيطة من العاصمة دمشق أصبح شيعية صرفة.

لا يقيم حزب الله أي اعتبار لما جرى، تشير مصادر قريبة منه لـ”المدن” إلى أن التركيز سيكون على المكاسب اللاحقة، وخصوصاً الإستفادة مما جرى، في أماكن أخرى قريبة من العاصمة السورية، وتحديداً، في الغوطة، وداريا، ومزارع رنكوس بالإضافة إلى تأمين طريق دمشق بيروت من دون أي مخاطر، وهنا تؤكد المصادر ان ما جرى في الزبداني سيجري تطبيقه في مضايا ووادي بردى، وبالتالي سيصبح كل الشريط الحدودي بين سوريا ولبنان خاضعاً لسيطرة حزب الله. لا شك أن إنهاء معارك الزبداني، سيريح النظام السوري وحزب الله في محيط دمشق، ما سيسمح للنظام بحشد قواته باتجاه الغوطة لوقف تقدم المعارضة هناك، وهنا تشير مصادر “المدن” إلى بدء عمليات سحب القوات باتجاه مناطق أخرى، فيما تفيد معلومات أخرى بأن الحزب سيعزز من مواقعه في المناطق الحدودية مع لبنان. لم يكن أي من هذا يجري لولا موافقة دولية وتأمين غطاء دولي له، لا سيما أن مفاوضات الزبداني مقابل كفريا والفوعة، حظيت بمباركة الأمم المتحدة، وهنا تعتبر مصادر في المعارضة السورية لـ”المدن” أن حزب الله ومن خلفه إيران منيوا بهزيمة عسكرية، استعاضوا عنها سياسياً إستناداً إلى موقف دولي، وبالتالي ستصبح هذه المناطق خاضعة لسيطرتهم مقابل سيطرة المعارضة على كفريا والفوعة، هذا الأمر لم يكن يحصل لولا ضغط تركي ودولي على مقاتلي المعارضة، مع حصول حركة أحرار الشام وجبهة النصرة على الإعتراف بهما كقوتين عسكرياً وسياسياً على الأرض.

 

ازدواجية “حزب الله”: الحراك مصيره “ربيع براغ”!
سامي خليفة/المدن/الجمعة 25/09/2015

يتعامل حزب الله مع الحراك الشعبي بكثير من الريبة والتردد، فما يلبث أن يؤيد احد المسؤولين المطالب المحقة حتى يخرج أخر ويحذر من الخطر القادم والفوضى. ومن رفع يوماً نداء “صوت من لا صوت له” لا يأخذ موقفاً حاسماَ لدعم المهمشين ولا يحرك ساكناً للوقوف في وجه الفاسدين. التردد في حسم الموقف يقابله امتناع نواب ووزراء “حزب الله” عن اعطاء اي تصريح حول هذا الموضوع، لكن مصادر مقربة من الحزب افادت “المدن” انه طلب من المنتسبين عدم الإشتراك بأي من المظاهرات لأنها ممولة من السفارات، وأن هناك تفاوتاً في الأراء في “حزب الله” حول الحراك القائم لكن أغلبها سلبي، بين من يخشى ان يتحرك جزء من الشارع للمطالبة برفع الظلم ومحاسبة نواب ووزراء الحزب عن التقصير، وبين من يعتبر ما يجري مجرد مؤامرة خارجية يجب التنبيه والتصدي لها. بعيداَ عن المسميات يدرك الحزب بأن جوهر الحراك هو شعب مقهور لا تحركه دوافع سياسية، كما يدرك أن هذه الشعارات يستسيغها كثر في الضاحية وغيرها من المناطق الخاضعة له، ولهذا جاهر بعضهم بقدومه من الضاحية، إلا أن “حزب الله” عاجز عن اتخاذ اي موقف ما يدفعه للتحذير من انتشار الفوضى العارمة، والتسويق لبعض النظريات التي “تشيطن” الحراك، وتتحدث عن مؤامرة لا تزال غير واضحة المعالم، ومنها الحديث عن تمويل قطري، تماماً كما اتهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سابقاَ بطريقة مواربة عبر الحديث عن “دولة عربية صغيرة”. الجحيم اليومي هو ما يدفع الناس غالباً إلى الإمتعاض والغضب من الحكومة والنظام، فالثورة لا تندلع إلا عند تراكم الظلم، والفقر، والبؤس والإستبداد، والمس بكرامة الإنسان وإنعدام الحرية. ومن هذا المنطلق يعتبر “حزب الله” الثورة الإيرانية نموذجاً يحتذى به ويحتفل كل عام بذكرى انتصارها منوهاً بالتضحيات الكبيرة التي بذلها “الشعب” حينها للتخلص من التسلط، متناسياً في الوقت نفسه ان الشعب اللبناني يعاني من نفس هذه الظروف وبأن الناس لا تميل إلى الثورة والحرب، بل الجميع يود العيش بأمان وطمأنينة لكن عند غياب العدل و حكم القانون فالتحرك امر لا بديل عنه. تأييد “حزب الله” للحراك في البحرين ولقتال الحوثيين في اليمن يعتبر من المسلمات أيضاً لأنهم مستضعفون في الأرض، أما في لبنان فيعتبر بإن النتيجة الحتمية لأي حراك مشابهة لـ”ربيع براغ” حينما كانت سياسة ألكسندر دوبتشيك، السياسي التشيكوسلوفاكي ومفجر ما عرف بربيع براغ، تتمتع بدعم شعبي كاسح إلى درجة أنه كان من الصعب على الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف أن يتذرع بأن ذلك التحرك الشعبي كان عملاً وقف الغرب وراءه، لكن منطق الحرب الباردة حال دون نجاح تطبيق الديمقراطية والإصلاح في تشيكوسلوفاكيا واجتاحت قوات حلف وارسو البلاد، وبالتالي فإن الصراعات الإقليمية ستحول اي حراك في لبنان ولو كانت المطالب الإصلاحية تتمتع بدعم الأغلبية إلى فوضى خلاقة تديرها الولايات المتحدة لضرب المقاومة، والمشهد السوري والليبي قد يتكرر في شوارع بيروت، ومن باب الحرص على سلامة الوطن يطلب من المؤيدين عدم الانجرار للشعارات الفضفاضة والسكوت عن كل ما يجري وكأنه قدر لا مفر منه. المواقف المتناقضة أضعفت قدرة “حزب الله” على اقناع الجمهور في القضايا الداخلية، فمنذ بضع سنوات قام الحزب بحركة احتجاجية استمرت 18 شهراً لإقالة الحكومة التي اعتبرها فاقدة للشرعية وتسبب هذا الاعتصام بإقفال عشرات المؤسسات التجارية وصرف موظفيها وبمواجهات في الشارع كادت ان تتحول لانفلات شامل، ليصطف اليوم مع حكومة وطبقة سياسية ضاربة في الفساد سرقت احلام الشعب وتقوم بتدمير ممنهج للبلد تحت عباءة الطائفية. يروج “حزب الله” للمعارك الخارجية كأولية وبإسقاطات دينية واستحضار ذكرى عاشوراء، انتصار الدم على السيف جاء بعد ان قام الإمام الحسين بثورة للإصلاح الذي قلما يتصدر خطابات الحزب اليوم، خصوصاً أن الحزب لم يدرك بعد أن من يريد الانتصار في المعارك الخارجية عليه تعزيز الجبهة الداخلية، ولم يدرك من حركة التاريخ ان دوام الحال من المحال ومن يقف مع الحق سيعلو وان لم يبقَ حياً ومن يسكت عنه سيسقط لا محال.