الياس الديري: حتى الزبالة تختلفون عليها/اميل خوري: لا فريق يستطيع إلغاء الآخر في لبنان/نبيل بومنصف: أخيراً معركة الرئاسة/ثريا شاهين: القرار 2235 تطويق للنظام بالفصل السابع

381

لا فريق يستطيع إلغاء الآخر في لبنان تعطيل الانتخابات الرئاسية لا يعالج بتعطيل
اميل خوري/النهار/14 آب 2015
لو كان تعطيل عمل الحكومة أو استقالتها يعجلان في انتخاب رئيس للجمهورية، لكان الرئيس تمام سلام أول من يستقيل. ولو أن تعطيل عمل مجلس النواب يعجل في انتخاب رئيس للجمهورية لكان الرئيس بري أول المعطلين لكي يبقى المجلس هيئة ناخبة لا عمل لها سوى انتخاب رئيس. ولكن تبين ان التعطيل هو الذي أجّل التعيين واعتمد التمديد، وان مداواة التعطيل بالتعطيل ليس علاجاً بل موتاً ويصح فيه القول “وداوني بالتي كانت هي الداء”…
لذلك تقع على القيادات في لبنان مسؤولية تقرير مصير لبنان ومؤسساته. فاما الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لأن أي بيت لن يكون صالحاً للسكن من دون سقف يحمي ساكنيه من شدّة البرد وحرّ الشمس، حتى إذا تعذّر عليهم ذلك وجب الاتفاق على ابقاء خيمة الحكومة وخيمة مجلس النواب لتقيا من فيهما ريثما يحين الوقت لترميم سقف البيت. لقد تضافرت القوى العربية والاقليمية والدولية من أجل التوصل الى تشكيل حكومة الرئيس سلام بعد مخاض عسير دام زهاء 11 شهراً تعويضاً للشغور الرئاسي، فهل ما زالت هذه القوى متفقة على بقائها واعتبارها خطاً أحمر الى ان يملأ هذا الشغور برئيس مناسب للظرف المناسب؟ الواقع أن أي خلاف بين هذه القوى على مصير الحكومة سوف يكشف حقيقة النيات حيال لبنان كما ظهرت حقيقة النيات في الماضي حيال اتفاق الدوحة، عندما أوعزت سوريا الى حلفائها في لبنان بالاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري ليس نسفاً لهذا الاتفاق فقط إنما نسفاً لمعادلة “السين – سين” أي السعودية وسوريا التي كانت تعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة في لبنان تتضمن تقديم سلاح “حزب الله” للدولة مقابل عفو عام عن كل جرائم الاغتيال بما فيها جريمة اغتيال الرئيس الحريري. لكن سوريا التي كانت لها حسابات في لبنان أسقطت هذه المعادلة وفرضت حكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي التي استقالت تحت وطأة تدخل “حزب الله” في الحرب السورية لمساندة النظام فيها.
والسؤال المطروح هو: هل تفعل ايران في لبنان ما فعلته سوريا بافتعال 7 أيار من نوع آخر أي 7 أيار سياسي واقتصادي واجتماعي، لأن 7 أيار الأمني ممنوع؟ وما أزمة النفايات والكهرباء والدعوة الى التظاهرات والاضرابات والاعتصامات سوى أول الغيث توصلاً الى اسقاط الجمهورية اللبنانية واسقاط نظامها بحثاً عن جمهورية جديدة ونظام جديد، يكون “التيار الوطني الحر” رأس الحربة فيه كما كان “حزب الله” رأس حربة 7 أيار الامنية التي أوصلت البلاد الى مؤتمر الدوحة، الذي فرض على كل القيادات في لبنان انتخاب رئيس للجمهورية بتشكيل حكومة وحدة وطنية توزعت المقاعد فيها والحقائب حصصاً بين القوى السياسية الأساسية، واجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الستين معدلاً تعديلاً طفيفاً توصلاً الى إمراره. وقد سلّم الجميع بذاك الاتفاق وان كان مخالفاً للدستور. فهل في نية إيران ان تذهب بلبنان الى دوحة جديدة، غير معروف مكانها بعد اذ تكلّف “التيار الوطني الحر” تطيير الحكومة من الداخل وطبعاً معه “حزب الله” في التوقيت الايراني.
إن الجواب هو عند ايران فإما انها تريد بصدق ان يبقى لبنان مستقراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً كما تقول وتعلن فتدعم بناء الحكومة الى حين يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وتدعم أيضاً استمرار عمل مجلس النواب ولو في حده الأدنى بحكم الضرورة، أو أن ايران تريد للبنان خلاف ذلك وما ابتسامات وزير خارجيتها محمد جواد ظريف سوى كقول الشاعر: إذا رأيت نيوب الليث ظاهرة فلا تظنن أن الليث يبتسم”…
إن على اللبنانيين أن يعلموا أن ما من طائفة في لبنان الا وارتكبت خطايا في حقه واستقوت بخارج كي تنتصر على شريكة لها في الوطن، فيرد عليها بالاستقواء بخارج آخر ويأتي بدور آخر من دون أن تتعلم اي طائفة من تجارب الاستقواء بالخارج الذي لا يحمي أحداً في لبنان بل يحمي نفسه. فلا أحد في لبنان يستطيع أن يلغي الآخر لا بقوته الذاتية ولا بقوة غيره. فلتكف إذاً أي طائفة من الطوائف عن اصابة نفسها بمسّ جنون في مرحلة دقيقة تجعل لبنان كله في جنون، ولا يبقى له سوى رب يحميه من اعداء الداخل والخارج.

 

حتى الزبالة تختلفون عليها؟!
الياس الديري/النهار/14 آب 2015
لقد أَسمعتَ لو ناديت حيّاً، ولكن لا حياة لمن تنادي…الفراغ الرئاسي الذي شبّ عن طوق الأيام والأسابيع والأشهر، اعتاده اللبنانيون على أمل أن تنجلي “غيوم” القرار الإيراني القاضي باعتبار تعطيل لبنان ودولته ومؤسساته رهناً بالاستجابة لمطالبه، وشروطه التي باتت أشهر من أن تُعرّف. صحيح أن الاتفاق النووي قد تمّ بملاحقه، وبنوده وملياراته، إلا أن “عقدة” بنيامين نتنياهو لا تزال باسطة نفوذها على الكونغرس الأميركي. ولا داعي لتكرار الوقائع والتفاصيل. وبما أن “حكومة الوحدة الوطنية” قد تولّت، وفقاً للنص الدستوري، صلاحيّات الرئيس، قال اللبنانيّون “ماشي الحال”، ما دامت القصة قصة أيام أو أسابيع. أما في الجوهر، وواقع الحال فالأمور مختلفة جداً. بعض الوزراء أصرّوا منذ اليوم الأوّل أو الثاني أو… السابع لنيل الثقة، على تكديس العصي، وتكثيف الحجارة، وتكويم العراقيل في طريق الحكومة. كما لو أنهم مكلفون مهمة “وطنيّة” تقضي بتعطيل كل شيء، وكل ما من شأنه تسهيل أمور الناس، وتسيير عمل المؤسّسات. فكل مشروع قانون، كل قرار، كل بيان، كل مسعى، كل اقتراح، أيّاً تكن المهمّة والحاجة، معرَّض لهجمة مضرية من وزراء التعطيل الذين لا يحتاجون إلى تعريف. حتى بالنسبة إلى مشكلة الزبالة، التي تكاد تصبح “ميزة” لبنان الأولى وتحلّ محل مرقد العنزة. والأخضر الحلو. ويا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزل. بل هي اليوم تفوّقت على شهرة التبّولة، والكبّة النيّة، وكل ما كان يتميّز به لبنان في ذلك الزمن الجميل الذي ذهب مع ناسه ورجالاته ومبدعيه وجميلاته ومكانته العربيّة والدوليّة. لقد حوّل فريق التعطيل والتخريب كل نقاش وجدل وبحث مشاكسة حادة، وضرب طاولات، وتمزيق أوراق، وتعطيلاً. راجعوا وقائع الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء أمس. واسمعوا الرئيس تمام سلام وهو يتحدّث عن دوامة التعطيل المستمرّة، والعجز المستمرّ في اتخاذ أي قرار ضروري جداً بالنسبة إلى عموم الشعب اللبناني… كموضوع النفايات، والموضوع المالي المتعلّق بالهبات والقروض التي تُقدَّر بمئات ملايين الدولارات. للأسف، وللواقع، وللحقيقة، “صار للنفايات لون طائفي ومذهبي ومناطقي”. وعند هذه المعضلة وأمثالها ينفضح المناخ السياسي العام في البلاد. وهو سلبي حتى الثمالة، إضافة إلى النتائج السلبيّة للشغور الرئاسي، وشلل مجلس النواب. وما دام الوزير بطرس حرب قد افتتح “لائحة” الاعتكاف، فإن أعضاء شلة المشاكسة سيسارعون إلى تسجيل أسمائهم. حتى الزبالة تختلفون عليها، أليس في هذه الجموع مَن يصرخ بصوت مدوٍّ: عيب، هيدا لبنان؟!

 

أخيراً… معركة الرئاسة؟
نبيل بومنصف/النهار/14 آب 2015
لم يكن التمديد الثلاثي للقيادات العسكرية النقطة التي طفح بها كيل العماد ميشال عون فحسب ولو انها احتلت في الظاهر واجهة ردة الفعل الغاضبة للعونيين وصولا الى تحركهم الاحتجاجي في الشارع. والحال ان استدارة الرئيس نبيه بري الى ما لم يسبقه اليه احد في إعلانه انه لن ينتخب الجنرال رئيساً ما دام لا يعترف بشرعية المجلس يتخذ الآن تحديداً دلالته الأعمق. ما يستدعي التوقف عند هذه الناحية هو ان التجمع العوني الاحتجاجي في ساحة الشهداء حيّد بري تماماً عن سهامه واستعاض عنه بقذف تيار المستقبل بما لا يمكن استساغته. وإذا كان أسوأ دلالات هذا التطور الإمعان في إشعال حساسيات من خلال استهداف تيار المستقبل بشعارات “داعشية”، يتعين على الزعامة العونية التنبه الى خطورتها فوراً، فان ذلك لا يحجب ان تعمّد هذا الافتعال يكشف الانهيار التام المتجدد بين عون و”المستقبل” على نحو يضع السباق الى الرئاسة الاولى على سكة مختلفة تماماً عما كان عليه. يحصل ذلك فوق طبقة اخرى من التحولات الداخلية التي “تتخمر” بفعل المستنقع السياسي الذي أغرق الجميع مع بلوغ عداد الأزمة الرئاسية الجلسة الرقم ٢٨. العماد عون لا يعترف بالقاعدة التي تؤكد استحالة تحصيل مكاسب في لحظة تغيير الدول، و”حزب الله” لا يملك اكثر من ان يقدم الى حليفه إلا تجربته مع “المستقبل” في معادلة التصادم المضبوط وفق ما تجسده حوارات عين التينة المدهشة في كتمانها على صفيح السجالات المتواصلة بينهما. أما “القوات اللبنانية”، الشريكة حديثاً للزعيم العوني في إعلان النيات، فتمعن في نأيها عن يوميات الأزمة، ومثلها الزعيم الدرزي الاكبر وليد جنبلاط، ولو من منطلقات مختلفة. في كل ذلك تتظهر الاهمية المفصلية لدور برّي الذي يضمر تحويل حوارات عين التينة الى مطبخ انضاج الاتفاق الكبير على رئاسة الجمهورية. هو طموح لاستعادة ما حصل قبل الطائف أو الدوحة ولو بظروف لا تزال تفتقر الى أسانيدها الاقليمية والدولية. في التعميم الذي أصدره الرئيس سعد الحريري قبل أيام الى نواب “المستقبل” وسياسييه بتجنب السجالات التي تزج باسم الرئيس رفيق الحريري، يبدو واضحا ان ثمة خشية من توظيف طائفي في المعترك المحتدم كلامياً وعصبياً على وقع الحسابات الرئاسية المطلة على المشهد الداخلي. وفي التحرك الاحتجاجي العوني عقب اعلان زعيمه انه هو لا رفيق الحريري من حرر لبنان من الوصاية السورية، ثمة استعادة حادة للصراع مع التيار الأزرق من اصوله. وما بينهما من معادلات القوى الاخرى محجوب حتى الساعة، ولكنه قد لا يبقى محبوساً، كأن معركة الرئاسة بدأت بعد فراغ السنة والثلاثة أشهر!

 

القرار 2235 «تطويق» للنظام بالفصل السابع.. عن طريق «الكيماوي»
ثريا شاهين/المستقبل/14 آب/15

تتوقف التقارير الديبلوماسية الواردة الى بيروت، عند صدور القرار 2235 والذي ينص على المسؤولية عن استعمال السلاح الكيماوي في سوريا. ويأتي القرار استكمالاً لما كان قد سبق قبل عامين تقريباً من تفاهم اميركي روسي حول الكيماوي، اعقبه صدور القرار 2118 في ايلول 2013. لكن ماذا يعني هذا القرار وما انعكاساته؟ تقول مصادر ديبلوماسية في نيويورك، ان القرار جاء ترجمة للتفاهم الاميركي الروسي حول السلاح الكيماوي السوري، اذ تمت اعادة التأكيد على الاتفاق بينهما، ومن الاهمية بمكان ان الروس قبلوا بإنشاء فريق تحقيق بعدما كان ذلك مطلباً اميركياً فقط. كذلك اعيد ملف السلاح الكيماوي السوري الى واجهة البحث الدولي، وبات ملفاً حيوياً. ثم ان الموضوع الكيماوي بات مجدداً وبزخم قيد نظر مجلس الامن الدولي ومتابعته الدقيقة. والاهم من ذلك كله ان اي اخلال بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة سيتابع في المجلس تحت الفصل السابع، مع ما يعني ذلك من فرض عقوبات جدية. وتشير المصادر، الى ان بحث القرار استغرق نحو ثلاثة اشهر، حيث شهدت المرحلة السابقة خلافات اميركية سورية على الصياغة ادت الى تأجيل اعتماده، لاسيما وان تفاصيل القرار مهمة لجهة دوره وولايته وآلية المتابعة، ولجنة الخبراء وكيفية عملها بالتوافق او بأغلبية الثلثين. المهم المتابعة في المجلس، لان اللجوء الى الفصل السابع، يمكن ان تكون له تداعياته السياسية.
هناك بداية تفرغ لقضايا المنطقة في مرحلة ما بعد التوقيع على النووي. كما ان هناك تركيزاً اميركياً وغربياً على روسيا تحديداً، لاسيما في المسألة السورية. واشنطن وباريس ولندن تعتبر ان النظام السوري، هو الذي يستعمل السلاح الكيماوي، لان هذا السلاح يرمى من الطائرات، وليس هناك من جهة تملك الطائرات سوى النظام. ويتزامن صدور القرار مع مباحثات اميركية روسية ايرانية تتناول مصير النظام السوري، وان بت مصيره لم يعد يحتمل التأجيل. وكل الاتصالات واللقاءات الغربية الروسية الايرانية الخليجية، تناقش هذه المسألة. لكن تناول مصيره يتم في اطار بحث الحل السياسي في سوريا. روسيا لا تزال تعطي كلاماً متناقضاً حول تغيير فعلي في موقفها من دعم النظام. وتشير المصادر، الى ان جهات غربية تقول ان موسكو قبلت بالتفتيش عن اسم آخر غير الرئيس بشار الاسد. فيما معلومات اخرى، تقول ان الامر غير واقعي. لكن لا شك ان هناك تغييرات روسية بسيطة، من خلال القبول بتحديد المسؤولية عن استعمال الكيماوي. ولكن هل ستؤدي فعلاً الى تغييرات جوهرية مباشرة حول مصير النظام؟ الروس يهمهم حفظ مصالحهم. في النهاية المهم ايجاد بديل للاسد في اطار «ديل» متكامل حول التركيبة الداخلية السورية. وتؤكد المصادر، ان الروس ليسوا وحدهم العقبة امام الحل السياسي السوري. هناك ايران التي تمسك بزمام الامور في مواقع كبيرة على الارض، لأنها تقاتل من خلال عناصرها وعناصر «حزب الله» مع النظام. الروس يدعمون بالسلاح والمال، ومن خلال المواقف في مجلس الامن التي تبعد اي ضرر عن النظام. لكن ايران تمسك الارض وليس الروس، واذا بقيت كذلك، فهذا يعني انه لا بد من بحث المسألة معها، والنظر في ما اذا كانت مستعدة لتقديم شيء ام لا.
السؤال المطروح هو «ما مصير مبادرة الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا في ظل اي تطور متصل بالنظام والحل السياسي؟ وهل يترجم الاهتمام الدولي بدعم لمبادرته ام ان هناك مساراً آخر يجري العمل عليه؟ تشير المصادر الى ان اقتراحي دي ميستورا يجب ان يسيرا معاً في الحل. ذلك ان انشاء مجموعة الاتصال الدولية كما اقترح، وتشكيل اربع فرق عمل يفترض ان تعمل جميعاً بالحل السياسي وأي تأخير بأي عمل من اي فريق يؤثر في مسار الحل. انما ذلك يلزمه حراك سياسي دولي اقليمي. طالما هناك اتفاق كبير حول الكيماوي، يعني ان المقاربة للوضع السوري باتت مختلفة عن السابق. لكن لا يعني، وفقاً للمصادر، ان جهات ربحت على جهات اخرى، خلافاً لما يظن البعض. بعد توقيع الاتفاق النووي، بات واضحاً، ان تسوية كبيرة آتية الى المنطقة وهذا التوقيع في الاساس فتح نقاشاً دولياً واقليمياً داخلياً وخارجياً. هناك نقاش في اسرائيل حوله، كذلك نقاش داخل الولايات المتحدة، في الكونغرس تحديداً، وكذلك لدى الاوروبيين، وإلا لماذا زار وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف دولاً خليجية وتركيا ولبنان وسوريا؟ ايران بالتالي، هي جزء من التسوية الكبيرة التي يعد لها.