عبدو شامي/آخر أيام الجمهورية الثانية

475

آخر أيام الجمهورية الثانية
عبدو شامي
13 تنوز/15

لا يزال لبنان عالقًا في قاعة الانتظار يملأ سياسيّوه الأوقات الضائعة بسجالات وعنتريّات وابتكارات دجلية فارغة ريثما يعود الحزب الإرهابي من سوريا فيَدخل ويُدخِل معه الجميع الى قاعة انعقاد المؤتمر التأسيسي-التدميري الذي سينقل لبنان من الجمهورية الثانية الى الجمهورية الثالثة؛ وهو المخطط الذي عبّر عنه الحزب بخجل في “مؤتمر سان كلو” بفرنسا عندما طرح المثالثة عام 2007 مواربة على لسان الإيرانيين، قبل أن يعود ويكشف هدفه بوضوح في 1/6/2012، عندما دعا أمينه العام الى: “عقد مؤتمر تأسيسي أو إلى مجلس خبراء جديد”. وتساءل “ألا نستأهل نحن كلبنانيين ذلك قبل أن نصل إلى المدافع؟”.

الحديث عن هذا المؤتمر كحقيقة واقعة غدًا أو بعد غد ليس محض توقعات، فالحزب الإرهابي صاحب النصر الإلهي والإلزامي والحتمي الدائم في جميع معاركه سواء الوهمية منها مع إسرائيل أوالحقيقية منها في سوريا سيعود مهزومًا مدحورًا من الوحول السورية الى لبنان بالظروف والنتائج التالية: آلاف الإرهابيين المحمّلين جثثًا هامدة في صناديق صفراء وأضعافهم من الجرحى والمعاقين، كامل الرقعة السورية بما فيها المقامات المصنّفة شيعية باتت تحت سيطرة الثوار الأبطال وإرهابيي داعش الأشرار، سوريا خرجت بالكامل من نير الاحتلال الفارسي ومن يد الأسد الذي فرّ الى روسيا أو إيران وربما إسرائيل، جرائم الحزب الإرهابية ضاعفت عليه الأحقاد وستفتح عليه باب الثارات… في لحظة العودة هذه ماذا سيقول الحزب لشعبه؟ وكيف سيخترع انتصارًا؟ وأنى له أن يسوّق لهكذا انتصار؟! الجواب باختصار: تدمير لبنان دستورًا وصيغة ورسالة سيكون هو الانتصار!

حرص الحزب الإرهابي على تأمين طريق عودته الى لبنان منذ بداية حربه على سوريا عبر الإمعان في تفشيل وضرب دستور الطائف وشل مؤسساته بواسطه حَقنِه بسُمّ قاتل أصفر غني عن التعريف وأخضر (نبيه بري) وبرتقالي (ميشال عون) بطيء السريان ينخر جسد النظام اللبناني مستفيدًا من المناعة المعدومة التي يمثلّها الأداء المخزي لما يسمى تَفَكٌّهًا “تحالف” قوى 14 آذار المهيمَن عليه من “تيار المستقبل”، ومستغلاً كذلك شبق الأخير للسلطة ولو كان المنصب “صحوات”، لتكون النتيجة الماثلة أمامنا اليوم، سنة وشهرين على شغور رئاسة الجمهورية تحت شعار الجنرال البرتقالي أو لا أحد، مجلس نواب ممدَّد له مرتين ومعطل بواسطة مايسترو إدارة التعطيل الصديق الودود لـ14آذار والذي أشاد الحريري في 12/7 “بجهوده لتفعيل العمل التشريعي”!! نبيه بري، ومجلس وزراء مكربَج خاضع للعُطَل القسرية العونية تارة لشهر وتارة لأسبوعين والعناويين الشعبوية حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية وتعيين الصهر قائدًا للجيش… ضربة قاضية ممنهجة للديمقراطية والحياة السياسية لن ينتظم سير الحكم بعدها إلا بدستور جديد.

بعد إثبات الحزب بفعل الأمر الواقع فشل اتفاق الطائف في تسيير أمور الدولة وانتظام عمل مؤسساتها وآلية حكمها، نفّذ أول استعدادات عودته الفعلية من سوريا الى لبنان في 9/7/2015، حيث تم اختبار مدى فاعلية الدخان البرتقالي في حجب الرؤية عن مشهد الاندحار المُذِل، فتوزعت النتيجة بين نجاح وفشل: من جهة أولى ثبت فشل الدخان البرتقالي من حيث الكثافة في حجب الرؤية فقد كان أقرب الى الشفافية المطلقة بتحرّك شعبي خجول تُرجِم في الرابية بهستيريا من المراحل المتقدّمة لم تجد معها جهة تفجِّر فيها جام حقدها وألم خذلانها إلا قناة “MTV”حيث صدرت الأوامر العسكرية بمنع دخولها الى قصر رئاسة جمهورية الأوهام العونية في الرابية؛ ومن جهة ثانية نجحت البروفة في رفع منسوب حقد العونيين الموتورين والمتطرفين طائفيًا على السنّة وعلى الطائف وهو ما استغله الجنرال لطرح الفيدرالية وان تراجع عنها بعد ساعات، كما أثبت نجاح توقيع ورقة النوايا مع القوات في تحييد هؤلاء عن التصويب على حفلة الجنون البرتقالية حيث تفادى الحكيم أي تعليق!

لن يعجز الحزب عن إيجاد دخان بكثافة مناسبة لحجب الأنظار عن مشهد عودته من سوريا، أما الانتصار فسيكون بالمثالثة وباستحداث منصب “نائب رئيس” للجمهورية من الطائفة الشيعية وتكريس شيعي على مديرية الأمن العام على حساب الموارنة وكذلك تثبيت بقية الشيعة المفروضين في المناصب المعتدى عليها والمسروقة من حصة السنّة والمسيحيين، كما سيكون الانتصار بقَونَنة ما كان يستحصل عليه الحزب بغلبة السلاح عبر مواد دستورية كالنص على ثلث معطّل إلزامي في كل حكومة تشكّل يكون من حصة الفريق الخاسر في الانتخابات التي ستصبح شكليّة وهزلية في ظل الديمقراطية التوافقية حيث لا فرق في النتائج بين أكثرية وأقلية… عندئذ لا مانع من تسليم بعض السلاح الثقيل للجيش إنقاذًا لماء وجه حالفي الأيمان المغلّظة بالحفاظ على المناصفة والطائف كي يقولوا للسذّج من شعبهم عادت حصرية السلاح للدولة.