أسعد حيدر: حماس نحو هدنة طويلة مع إسرائيل// روزانا بومنصف: أي دلالات للالتباس حول طائرة الاستطلاع؟ لبنان “الساحة المكمّلة” وسط غياب الدولة

210

 أي دلالات للالتباس حول طائرة الاستطلاع؟ لبنان “الساحة المكمّلة” وسط غياب الدولة
 روزانا بومنصف/النهار/23 حزيران 2015

سيكون أمرا لافتا اذا تأكد ان طائرة الاستطلاع التي سقطت في جرود البقاع الغربي قرب صغبين تعود لاسرائيل التي عادت فأطلقت صاروخا من اجل تدميرها، وفق ما ابرزت وأصرت على ذلك وسائل الاعلام التابعة لـ”حزب الله” انطلاقا من ان لا ردود فعل غدت تظهر ضد انتهاكات اسرائيل للاجواء اللبنانية كما لم تعد تظهر تهديدات بالويل والثبور وعظائم الامور، كما كان يحصل من قبل حين كان الحزب يرفع الشعار الرئيسي لمبررات “المقاومة” في الجنوب وحتى في لبنان. فهذا الاحتمال لو صح فانه الوضع المثالي بالنسبة الى الحزب من أجل تأكيد صوابية استمرار “المقاومة” في زمن لا وجود فيه لرئيس للجمهورية من اجل ان يعلن موقفا منددا او مستنكرا ولا حكومة فاعلة او عاملة من اجل ان تتخذ موقفا وربما تقدم شكوى الى مجلس الامن. إلا انه في غياب المعلومات المثبتة فان الاحتمالات راوحت ايضا بين ان تكون طائرة استطلاع تعود للحزب واسقطتها اسرائيل في الوقت الذي ليس من مصلحة الحزب ان يقول او يقر باسقاط طائرته من اسرائيل خصوصا او ان يقر بسقوطها لسبب آخر، علما ان الكتابة الروسية التي ظهرت على إحدى قطع الطائرة دفعت الى ترجيح ان تعود الطائرة للحزب، وبين ان تكون الطائرة اسرائيلية ليس من مصلحة اسرائيل ان تقول بسقوطها في لبنان او بتدميرها بصاروخ لاحقا على نحو يثبت خرقها للسيادة اللبنانية والاعتداء عليها، علما ان الاجواء اللبنانية لا تخلو من طائرات الاستطلاع الاسرائيلية التي ليست جديدة بالمناسبة وهي ازدادت بعد اندلاع الاحداث الدموية في سوريا بحيث تخضع الاجواء السورية لعمليات استطلاع متعددة من قبل جهات مختلفة اقليمية او دولية ولو من دون الاعلان عن ذلك. كما ان اسرائيل عمدت مرارا الى الكشف عن استمرار استطلاعها الاجواء اللبنانية والسورية، على حد سواء، تبعا للضربات الجوية العسكرية التي وجهتها على مراحل لما قالت انه قوافل سلاح ينقلها الحزب الى لبنان من سوريا او ايضا الضربات التي وجهتها ضد مواقع في سوريا. الا ان الاحتمال الآخر المتمثل بان تعود الطائرة للحزب ليس بعيدا، خصوصا انه سبق للحزب ان أعلن انه قتل عناصر من التكفيريين الشهر الماضي بواسطة طائرة الدرون او انه كان وجّه أنواعا مماثلة فوق الاجواء الاسرائيلية. وثمة احتمال يتمثل في ان تعود طائرة الاستطلاع الى الجيش اللبناني انطلاقا من المعلومات التي تحدثت عن تزويده بها من الجيش الاميركي من أجل تمكينه من مراقبة الحدود مع سوريا وتتبع حركة الارهابيين المختبئين في المناطق الحدودية من اجل حمايتها، علما ان عنصر المفاجأة ثم التحقيق الذي بدأه الجيش لن يتصل عندئذ بكشف ماهية الطائرة ولمن تعود بل عن سبب سقوطها في حال كانت تعود اليه، وهو ما لم يظهر على انه كذلك.

ومع ان الامر يفترض ان يكون قيد التحقيق فانه من غير المحتمل ان يثير اي ردود فعل معينة. ثمة تبسيط مبالغ به في التعامل مع حوادث مماثلة وتبعاتها او ربما ايضا حرص على تحجيمها وعدم المبالغة بها. الا انه، في اي حال، هناك جملة ذرائع على الاقل قد يكون ابرزها ان طائرات الاستطلاع باتت امرا معهودا وشبه مسلم به في سياق ما يجري في المنطقة على نحو تستخدم الاجواء اللبنانية كما يستخدم لبنان ساحة من الساحات المكملة او الرديفة لقيادة او متابعة الوضع او الحرب في سوريا. وقد يكون ملائما عدم التعليق سلبا او ايجابا او ابداء اي رد فعل على الاطلاق بالنسبة الى الحكومة اللبنانية المحرجة اصلا من مشاركة الحزب في الحرب السورية على رغم شعارها باعتماد النأي بالنفس في حال كانت الطائرة تعود الى الحزب. لكن الثغرة تكمن في حال كانت الطائرة اسرائيلية في ظل غياب وجود مؤسسات الدولة ووقوفها على شفا الانهيار والتحلل، ولو ان البعض لا يزال يتمسك بأمل ان تستعيد الحكومة شيئا من هيبتها يوما ما في المدى المنظور بعد التعطيل القسري من جانب فريق التيار العوني وتضامن حليفه معه بحيث تعجز ان تتخذ موقفا اذا كانت اسرائيل صاحبة الطائرة او من قصفها بصاروخ منعا للحصول على معلومات اضافية او كانت هي من اسقطت الطائرة للحزب فوق الاراضي اللبنانية. وثمة من يعتبر ان استهانة اللبنانيين بانفسهم تشجع على الاستهانة والاعتداء عليهم ولا من رد فعل في حين يعتبر بعض آخر ان الامور التي على المحك هي ما يجري في سوريا بحيث قد يكون معلوما من هي بعض الجهات ممن يسير طائرات استطلاع فوقها في حين قد لا تعرف جهات اخرى كثيرة وانه ما دام الامر مرتبطا بالوضع السوري فان “حزب الله” يتعاطى مع الامور على نحو عملاني ولا يبدو مستفزا على نحو يسلط الضوء على قراره بعدم مواجهة اسرائيل في هذه المرحلة او ايضا مستفزا بضرورة ان تلتئم الحكومة من أجل ان تتخذ الموقف المناسب ضد اسرائيل ولو اعلاميا وسياسيا.

 

«حماس» نحو هدنة طويلة مع إسرائيل؟
أسعد حيدر/المستقبل/23 حزيران/15
لا توجد مواعيد مقدسة. لذلك نهاية حزيران، ليس اليوم الموعود لتوقيع الاتفاق النووي الأميركي الإيراني، للسماح بتسوية نهائية صالحة للتوقيع من الطرفين الأميركي والإيراني معاً. ليس سهلاً على الإيراني توقيع اتفاق سيقدم فيه تنازلات قاسية تتأكد يوماً بعد يوم. الشعب الإيراني يلح على انجاز الاتفاق. القيادة الإيرانية تريده لكنها تتردد حتى تنجز صياغة تبريراتها للتنازلات التي اضطرت لتقديمها، والتي لا بد أن تثير أسئلة كثيرة وصعبة على الصعيد الشعبي ومنها لماذا تأخرتم كل هذا الوقت وأجبرتم العائلات على المعاناة اليومية وقبل ذلك سخرتم كل ثرواتنا لبناء مشروع تعرفون أن «سقفه» محدود لا يمكنكم خرقه؟. هذا سؤال من فيض من الأسئلة التي ستجد مكاناً لتحديد المواقف خلال الانتخابات التشريعية ومجلس الخبراء قبل مطلع الربيع القادم. إيران ما بعد الاتفاق لن تكون إيران ما قبله. لكل حالة شروطها وأدواتها. التغيير في إيران سيطال كل حركتها في المنطقة، ليس بالضرورة أن تتخلى عن أحلامها وطموحاتها «الامبراطورية»، لكن من الآن وحتى تتوضح الاجابات والمواقف التي يمكن البناء عليها، فإن المنطقة وتحديداً «الهلال الشيعي» الممتد من حلب الى عدن، سيشهد المزيد من الحرائق والهجرات والمآسي، والتحولات التي قد تشكل مسارات خطيرة على مستقبل جميع القوى والبنى التي تشكل جغرافية المنطقة. لذلك من المستحيل، الحديث عن مستقبل سوريا والعراق واليمن وحتى لبنان السابح في الفراغ منذ أكثر من عام.
وسط هذا المجهول، يتشكل مستقبل جديد للقضية الفلسطينية، قائم على اليأس من الحاضر وعلى أمل أن يتم بناء مستقبل على يد جيل جديد استوعب كل تجارب الماضي. سواء كانت مفاوضات، أو مباحثات مباشرة أو غير مباشرة، فإنها تفتح الباب بين حركة «حماس» وإسرائيل نحو «هدنة طويلة» غير محدودة. لا شك أن «الغزاويين»، الذين أثبتوا دائماً أنهم «مصنع« للرجال، قد تعبوا من الحروب التي كانت آخرها «الجرف الصامد». تعبوا لأنها حروب بلا نتائج تستحق التضحيات والحصار، ولا هي مفتوحة على أفق يدعو الى التفاؤل والأمل.
حرب «الجرف الصامد» لن تكون آخر الحروب، لكن كما يبدو قد تكون الحرب التي تعقبها هدنة طويلة الأجل. يمكن لحركة «حماس» أن تقدم سلسلة من الأسباب التي تدفعها للتفاهم مع إسرائيل وهي التي أسقطت الوحدة الفلسطينية باسم متابعة المقاومة، وهي التي رفضت اتفاق أوسلو والدولة الفلسطينية، لأن ذلك حرام لأن فلسطين تكون، من النهر الى البحر أو لا تكون. لذلك أساءت الى الرئيس الشهيد ياسر عرفات. «حزب الله» فتح لإيران الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان. «حماس» فتحت حدود غزة أمام إيران ومنحت «خطابها المقاوم» حجة التعددية بأن طهران لا تفرق في المقاومة بين شيعي وسني. فماذا حدث حتى تنقلب «حماس» على نفسها وتقبل «هدنة مفتوحة»؟
لا شك أن «الفوضى الخلاقة» في المنطقة قد «قصقصت» أجنحة «حماس». خسرت «حماس» في مصر خسارة قاسية مع سقوط سلطة الاخوان ومحمد مرسي، ومن ثمّ «حزب النهضة» في تونس، وتراجع «العدالة والتنمية» في تركيا، الى جانب خسارة الدعم الإيراني. أكد النظام الإيراني أنه لا يرحم في تحالفاته. الالتزام والانخراط الكامل أو الانفكاك والطلاق. أقفلت طهران «حنفيتها» أمام «حماس»، أسوأ ما جرى أثناء حرب «الجرف الصامد» وما بعده، فلا سلاح للقتال ولا مال للبناء. مضى عام كامل و»الغزاويون» في العراء على مرأى منازلهم المهدمة.
ولا شك أن «حماس» التي تعرف إيران أدركت أن التغيير في الموقف الإيراني منها ليس مؤقتاً ولا محكوماً فقط بمواقفها، وإنما أيضاً لأن إيران دولة يهتف شعبها «لا غزة ولا لبنان نحن نحب إيران«. ولذلك فإن الولي الفقيه آية الله علي خامنئي وهو المقبل على عالم جديد من العلاقات، تحدث سابقاً عن «استفتاء يشترك فيه الفلسطينيون والإسرائيليون (دون أن يسميهم) لتحديد مستقبل فلسطين. فلماذا لا تبحث «حماس» المحاصرة من إسرائيل وإيران ومصر وخسائر «الإخوان المسلمين» عن حلول جديدة تحميها من نهايتها في السلطة وحتى الوجود السياسي؟ أخيراً فإن الخلاف المكشوف مع مصر أنتج عداء طال الأمن القومي المصري، ما أدى الى إغلاق المعابر والأنفاق، فتأكدت الكارثة. السؤال الكبير، هل ستتمكن «حماس» من فرض اتفاق مع إسرائيل بوجود «حركة الجهاد» و»داعش» الوليدة ؟ وهل سيؤدي ذلك الى صدامات داخلية تضطر فيها «حماس» الى طلب النجدة من «فتح» والسلطة الفسلطينية؟ كل شيء ممكن في عالم يتغير بالقوة والدماء.