عبدو شامي/لبنان في قاعة انتظار عقد مؤتمره التأسيسي

473

لبنان في قاعة انتظار عقد مؤتمره التأسيسي
عبدو شامي

14 حزيران/15

الحدث المحوري الأساس هو الثورة السورية، فمنذ انطلاقتها ولبنان موضوع في قاعة الانتظار مصيره معلّق بمصيرها، كل ما يجري في سياسته الداخلية الدَجَليّة بجدارة والشعبوية بامتياز ما هو إلا تضييع وقت لا يقدّم ولا يؤخِّر في مستقبله المتوقف على الحدث السوري الحتمي، أي موعد فرار الأسد الى روسيا أو إيران.

فبقرار دولي، الحرب ممنوعة في لبنان المحتل من العدو الإيراني على الأقل حتى انتهاء النزاع السوري، ووظيفته لا تعدو اليوم عن مخيِّم لاجئين عشوائي الانتشار وعملاق المساحة، 10452 كلم2 مخصصة لإيواء الفارِّين من البلدان المنكوبة في المنطقة على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم وأعراقهم واللبنانيون بينهم هم الأقليّة!

وفيما ثوار سوريا المتخمون بالخذلان العالمي وبالطعنات الأسدية والإيرانية والداعشية يقتربون من رقبة “بشار”، يمضي لبنان أوقاته في قاعة الانتظار يمرّر أوقات الملل بحوارات عبثية، أوّلها إذلالي ومستمر رغم كل الإهانات والتهديدات المباشرة بين رمز الانبطاحية الأزرق ورمز الإرهاب الأصفر، وثانيها حوار الجنرال والحكيم تمخّض عن زيارة الأخير المفاجئة للرابية في 2 حزيران للتوقيع على ورقة إعلان نوايا بين الرجلّين رسمت علامات استفهام كثيرة، فالنوايا التي تضمّنتها عبارة عن حَشْوٍ وبديهيات ولزوم ما لا يلزم، لا يُعَوَّل عليها في شيء لأن عون وجعجع ضدان لا يلتقيان إلا إذا ذهب الحكيم الى إيران أو عاد الجنرال الى لبنان، وطالما أن أيًا من الشرطين لم يحدث وطالما أن الجنرال لا همّ له سوى توزيع مناصب الدولة على أفراد عائلته في “الجمهورية العونية الإيرانية” أيًا كان الثمن… لا يسعنا إلا أن نعتذر من جميع المهلّيلين لتلك النوايا والمعوِّلين عليها فهي جزء لا يتجزّأ من تضييع الوقت الذي يبقى سيّد الموقف.

من جهته بطريرك الموارنة الذي يتحمل مع الحزب الإرهابي و”عَونه” مسؤولية الفراغ الرئاسي… ماض في ترجمة “الشركة والمحبة” بأرقى معانيها وهذه المرة عبر تمضية “ويك أند” دعائي لسفّاح العصر “بشار الأسد” في دمشق المحتلة يُستخدم فيه المسيحيون أداة لتليمع صورة مضطهد البشرية الأول في قمّة مسيحية لبحث أوضاع المسيحيين في الشرق… كل ذلك وسط صمت معيب وتبرير مرفوض من ساسة 14 آذار لاسيما الموارنة منهم!

بدوره، الحزب الإرهابي ماض في عملياته الفتنوية، وآخرها الإعلان عن تشكيل “لواء القلعة” في البقاع الشمالي تحت قيادة تاجر المخدرات الشهير “نوح زعيتر” بذريعة قتال التكفيريين وحماية بعلبك والقرى الشيعية، الأمر الذي أعاد نبش حقبة سوداء في التاريخ الإسلامي شهدت تأسيس فرقة “الحشّاشين” الاسماعيلية الشيعية على يد الحسن بن الصباح الذي اتخذ من “قلعة الموت” في بلاد فارس سنة 1090م مركزًا لنشر دعوته الضالة وغسل أدمغة أتباعه عبر مخدّر “الحشيشة” وترسيخ أركان دولته. توسّل الحشاشون أساليب احتراف القتل والاغتيال لأسباب سياسية ودينية متعصبة (ومن تسميتهم أخذ الأوروبيون كلمة assassin  للدلالة على القاتل المحترف المأجور أو القتل خلسة وغدرا). فهل من رابط بين تسمية “لواء القلعة” و”قلعة الموت” معقل الحشاشين في فارس؟!

سنة على شغور منصب رئاسة الجمهورية، مجلس نيابي مشلول ومخطوف، حكومة معطلة، تناحر على التعيينات الأمنية والادارية، تناتش على الحصص والمحاصصة، تعدٍ وتسلبط من خاطفي الطائفة الشيعية على مناصب من حصة المسيحيين والسنة، تمديد لمجلس النواب عند كل استحقاق انتخابي، وتمديد آخر للمناصب الأمنية الحساسة لتعذّر التوافق على تعيينات… والسؤال ماذا بقي من الديمقراطية، وماذا بقي من دستور الطائف؟!

الحزب الإرهابي يمضي اليوم آخر أيامه الدموية في سوريا، وهو لا شك عائد الى لبنان صاغرًا مهزومًا مدحورًا بما تبقى له من إرهابيين لم توفّق الإنسانية بالارتياح منهم هناك، ولا شك أن الحزب سيبحث عن تعويض عن خسارته سوريا الأسد من خلال وضع إمكاناته الإجرامية كافة في سبيل جلب جميع مكونات لبنان نحو مؤتمر تأسيسي ينال فيه بعضًا مما يُرضيه ويُعزّيه وبعضًا مما كان يضطر الى فرضه بقوة السلاح…

والى ذلك الحين لبنان في قاعة الانتظار مهما أعلن ببغاوات 14 آذار رفضهم القاطع للتخلي عن الطائف متسائلين بسجاجة: كيف نتخلى عن الطائف فيما دول المنطقة تبحث لها عن طائف مماثل ينظم شؤونها؟

ففي نهاية المطاف الأمر الواقع سيفرض نفسه وكما وافق الموارنة بعد الطائف على ما كانوا رافضين إياه قبل ذلك… ستوافق اليوم جميع الطوائف على ما سيتم جرّها إليه، جميعها بما في ذلك الطائفة الشيعية المخطوفة من الحزب الإيراني بالتعاون مع 14آذار الشريكة في الجُرم من خلال التودُّد والتقرُّب من “نبيه بري” وتهميش المعارضين الشيعة الأحرار الذين بيدهم وحدهم إنقاذ لبنان وقلب المعادلة بالثورة على الحزب الإرهابي.