ثريا شاهين: قلق دولي من انعكاس تجميد عمل الحكومة على الجيش//علي نون: أصابع الشرير

267

قلق دولي من انعكاس «تجميد» عمل الحكومة على الجيش
ثريا شاهين/المستقبل/12 حزيران/15

هناك العديد من المواضيع التي بدأت تقلق المجتمع الدولي حيال الوضع اللبناني لعل أبرزها، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، ما يلي:

ـ التصعيد الخطابي والتخوّف من أن يؤدي ذلك إلى تجميد عمل الحكومة، الأمر الذي يشل الجيش، إذا ما أربكت القيادة السياسية في البلاد، أي الحكومة، مع أنه توافر للجيش مجدداً الغطاء السياسي في حماية عرسال ومحيطها.

ـ هناك قلق من المعطيات لدى مسؤولين لبنانيين حول عودة التفجيرات.

ـ قلق من الأوضاع على الحدود اللبنانية الشرقية ومن تفاقم أوضاعها. وبالتالي، يجب على لبنان انتخاب رئيس للجمهورية قبل أن يحصل اي تفاقم محتمل. وفي ظل التفاهم بين حزب «القوات اللبنانية» والتيار «الوطني الحر»، من الممكن أن يشكل ذلك مدخلاً لتفاهم وطني حول الرئيس المقبل. مع أن المصادر، تشير إلى إيجابية هذه الخطوة، وإلى أنها ستخفف الاحتقان المسيحي، لكن من الصعب حسم ما إذا كانت ستؤدي حتماً إلى انتخاب رئيس أم لا. هناك شكوك غربية حول ذلك، لأن ورقة التفاهم واضحة بالنسبة إلى سقفها السياسي. إنما الهدف هو التهدئة، لأن الانفلات الأمني ممنوع وكذلك السياسي، كون ذلك مكلفاً للجميع. وهناك شكوك أيضاً بأن يكون التفاهم مؤثراً في تعيين العميد شامل روكز في منصب قائد الجيش.

ـ وجود قلق غربي من إمكان حصول أي تطور على الحدود الشرقية مع سوريا في ظل المعارك هناك، بحيث يجد لبنان نفسه أمام أعداد أخرى من اللاجئين السوريين، علماً أنه أقفل حدوده، لكن في حال حصول معركة كبرى، ماذا يفعل لبنان، إذا لجأ إليه السوريون مجدداً؟ المجتمع الدولي يجد في استقبال لبنان للسوريين وهو لا يزال يشجع عليه، باباً لحماية نفسه من خطر الهجرة غير الشرعية كلما تفاقم الوضع السوري. إلا أن لبنان يرد بأنه إذا كانت الدول مهتمة بهؤلاء، فيجب عليها استقبالهم، وليست مشكلته، إذا كانت دول أوروبية أعضاء في الاتحاد الأوروبي عارضت السياسة التي وضعت من الاتحاد حول استقبال اللاجئين السوريين، وسقطت الخطة بالتالي.

وتؤكد المصادر، أنه في هذه المرحلة ليس هناك من مبادرات خارجية حول الملف الرئاسي، الفاتيكان مهتم لإنجاز هذا الاستحقاق، وكذلك فرنسا من خلال زيارة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرنسوا جيرو للمسؤولين لمناسبة وجوده في بيروت من أجل ترؤس اجتماع لسفراء فرنسا في المنطقة. وحاول الاستفسار عن آخر المواقف الداخلية من الاستحقاق. وتستبعد المصادر أن يقوم أي طرف خارجي بمبادرة متكاملة قبل استحقاق نهاية حزيران موعد التوقيع على الاتفاق النووي بين الغرب وإيران. في هذه المرحلة نصح الموفدون الدوليون لبنان بأنه يجب على اللبنانيين أن يجلسوا ويتفقوا حول الاستحقاق. وأن دخول عوامل جديدة مثل مسألة الحدود الشرقية أو معارك قريبة من حدوده داخل سوريا قد تؤخر الاتفاق حول الاستحقاق. حتى الآن لبنان ليس أولوية بالنسبة إلى القوى الدولية والإقليمية المتصارعة، لكن على الرغم من ذلك، ليس هناك من جهة خارجية تريد أن يسقط لبنان في الفوضى والخراب، وأن هناك حرصاً على استقراره، إنما ملفاته لا تشكل اولوية في أجندات هذه الجهات. والولايات المتحدة تطالب بانتخاب رئيس من دون التدخل في الشؤون الداخلية، من أجل إعادة تنشيط الحياة السياسية وعودتها إلى طبيعتها، وموقف واشنطن داعم للرئيس تمام سلام.

هناك دعوة دولية لكي يهتم لبنان بقضاياه ولكي لا يعتبر نفسه في صدارة الاهتمام الخارجي، ويتبين من تقارير ديبلوماسية، أن إيران لديها الموقف نفسه بالنسبة إلى لبنان. وتشير هذه التقارير إلى أن إيران لا تنظر إلى لبنان فقط من زاوية ملف رئاسة الجمهورية، بل هناك القرار 1701، كما أنها ترى أن وضعه لا ينفصل عن الوضع في سوريا، ولا عن مسار الربيع العربي. كما تنظر إليه انطلاقاً من الدينامية الخاصة به ومن مسألة انتظام عمل المؤسسات، واحترام الاستحقاقات النيابية.

وتلفت المصادر إلى أن لبنان إذا لم يعمل على انتخاب الرئيس، فلن يسبقه أي طرف خارجي في الطروح حول ذلك. والجميع متفق حول أنه إذا وجد المسيحيون حلاً توافقياً، فإن الخارج سيباركه، الخارج يدعو إلى التوافق حول ملف الرئاسة وإلى أن يكون اللبنانيون حريصين على أن عدم القيام بالاستحقاقات الدستورية ومن ضمنها انتخاب رئيس، سيتأثر الداخل اللبناني بالأمر قبل كل شيء. وتكشف المصادر أن مجموعة الدعم الدولية الخاصة بالاهتمام بلبنان، قد لا تنعقد في أيلول المقبل في نيويورك إذا بقي لبنان من دون رئيس للجمهورية. ويشار إلى أن هذه المجموعة كانت قد انعقدت مرتين في نيويورك على هامش أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة على مدى السنتين الماضيتين.

أصابع الشرير
علي نون/المستقبل/12 حزيران/15

لم تكذّب بقايا السلطة الأسدية خبراً قبل الآن، ولن تفعل الآن. بل بالأحرى والأصح، ستكثّف في آخر ايامها ما كانت تفعله في بدايات الثورة الشاملة عليها، وستذهب في اعتماد التخريب العدمي الممنهج، إلى أماكن، ما كان في ظنّ أحد، انها لا تزال مرتعاً للطغاة الآتين من القرون الوسطى، في الربع الاول من القرن الحادي والعشرين. هذه سلطة لا تضع أي سقف لممارساتها المخزية. ولا تتورع عن القيام بأي شيء، أي شيء، مهما كان حيوانياً وشيطانياً وعبثياً، من أجل محاولة إنقاذ نفسها، وتأكيد مقولة «الأسد أو نحرق البلد».. أو تنفيذ ذلك الوعيد الشهير الذي نُقل عن لسان رأس السلطة بعد فترة وجيزة من اندلاع الثورة في درعا وتمددها إلى مناطق أخرى، والذي قال فيه ما معناه، ان محاولة اسقاطه ستعني إشعال المنطقة (بالحرب المذهبية) من البحر المتوسط إلى بحر قزوين!

وضربٌ من العبث وتضييع الوقت، صار النقاش عن البذرة التي أنتجت «داعش»، أو عن اسباب ذلك الانفجار الواسع للجماعات التكفيرية الارهابية في العراق وسوريا.. أو ملاحقة التفاصيل المتفرقة التي تراكمت منذ «سقوط» الموصل في حزيران الماضي، وكيف قفز «داعش» إلى الواجهة بلمحة بصر. وكيف غنم ما غنمه من سلاح وعتاد يكفي جيشاً (هو الجيش العراقي!) وكيف وصل بسرعة البرق إلى الرقّة، وكيف غاب ثم عاد وأخذ تدمر بكل ما فيها من عتاد حربي تركه خلفه (أيضاً) جيش الأسد عندما انسحب من المدينة التاريخية وسلّمها باليد! وكيف ان كل معارك هذا التنظيم «الأسطوري» لا تُخاض إلا ضد قوى المعارضة السورية، وكيف انه لا يفتك فتك الوحوش الا بالمكوّن السني، وكيف انه (على سبيل المثال) لم يتعرض لغير الأقلية الايزيدية الصغيرة والمستورة.. وليس بهدف التنكيل «الجهادي» بها، بل بهدف جعلها أمثولة لرعب، مطلوب أن يُعمّم على العالم لوضعه وجهاً لوجه أمام قصة البديل الأكثر رعباً من الأسد المرعب! وكيف انه تمدّد في المناطق المفتوحة شمالاً وشرقاً، وعجز عن أخذ موطئ قدم في المنطقة الجنوبية المغلقة، قبل ان يتبيّن في هذه الايام، ان له مجموعات تستعد للعمل في المناطق المحاذية لجبل العرب! وكيف ان الوثائق التي عُثر عليها في احدى القرى في ريف حلب تكشف عن هيكلية تنظيمية منسوخة عن هيكلية اجهزة الاستخبارات السورية والبعثية العراقية.. وكيف انه تمكن من اختراق بعض فصائل المعارضة في ادق مفاصلها ومراتبها وبنيتها. وكيف أنه، في البداية والنهاية، لم يخض معركة حقيقية وفعلية واحدة ضد قوات الأسد وملحقاتها وصولاً إلى جرود القلمون المحاذية للحدود الشرقية اللبنانية!

وضربٌ من العبث، المحاججة في ما إذا كانت سلطة الأسد، باعتبارها صارت جزءاً من القوس الإيراني وتخضع لمتطلبات أصحابه في طهران، تضع أي لجام يمنعها من العمل حيث لا تزال قادرة، ومن التخطيط الفتنوي المستمر وترك التنفيذ لأدواتها حيث لا تكون موجودة مباشرة، من اجل إحراق ما بقي من أخضر سوريا، أو مد الحريق إلى لبنان، أو التآمر التخريبي على الأردن، أو محاولة المسّ بالأمن القومي التركي، أو تنسيق الارهاب الذي يطال دول الخليج العربي.

من لا يكذّب خبراً من ذلك كله، لن يكون غريباً عن مجزرة «قلب لوزة» في ريف إدلب، ولا عن توقيتها المريب، ولا عن كونها تخدم نهجه التخريبي الفتنوي العام، وسعيه إلى «الردّ» على اسقاط «اللواء 52» وتنامي الوعي عند الموحّدين الدروز باتجاه الابتعاد عنه وعن مصائبه وارتكاباته وجرائمه! مجزرة «قلب لوزة» أصولية الشكل، أسدية المضمون والهدف!