حميد غريافي: التيار العوني مستاء من عدم مساندته وصول روكز لقيادة الجيش//أحمد الأسعد: مجرّد…ولاية//نديم قطيش: وداعاً اسرائيل

258

مجرّد…ولاية
أحمد الأسعد/الستشار العام لحزب الإنتماء اللبناني
22 أيار/15

سواء صدرت التصريحات الإيرانية من علي أكبر ولايتي أو من غيره، فإن مسؤولي  النظام الإيراني أصبحوا يتصرفون في لبنان وازاءه كما لو كان، في امبراطوريتهم، مجرّد… ولاية. فالمسؤولون الإيرانيون، عندما يزورون بيروت، يُجرون اجتماعات مع مسؤولين سياسيين خارج المحادثات الرسمية، ويقومون بأنشطة حزبية الطابع، ويطلقون مواقف يتدخلون من خلالها في شؤون لبنان الداخلية، أو يستخدمونه منبراً للتهجم على دول أخرى وتصفية حساباتهم معها،كما فعل ولايتي بتهجمه من بيروت على المملكة  العربية السعودية. وإذا كان النظام الإيراني يوجه رسائله العدائية من لبنان بصوت مسؤوليه أو بألسِنَة مسؤولي حزب الله الله الموالي له، فالأخطر من ذلك أنه يكتب رسائل من نوع آخر بدماء اللبنانيين الذي ينفذون أجندته في المنطقة. ويبدو أن هذا النظام لم تعد تكفيه أرواح الشباب الشيعة اللبنانيين المنتمين إلى حزب الله، الذين يُقتَلون في سوريا في سبيل تحقيق أطماعه الإقليمية، ودفاعاً عن نظام بشّار الأسد، بل يريد أيضاً أن يورّط الجيش اللبناني في هذه الحرب الوحشية، وأن ينفذ مخططاته بواسطة أرواح شباب لبنانيين أيضاً وأيضاً، ينتمون إلى الجيش اللبناني.هذا هو في الحقيقة فحوى محاولة السيد حسن نصرالله استدراج الجيش اللبناني إلى الحريق السوري، تحت طائلة أن يتولى حزب الله بنفسه المهمة، وكأن حزب الله يضع لبنان واللبنانيين أمان خيارين كارثيين: إما أن يدفع الدولة إلى فم وحش الحرب والإرهاب، أو أن …يبتلعها بنفسه. واللبنانيون، طبعاً، يرفضون الخيارين، ويتمسكون بخيار الدولة التي تتخذ قراراتها السيادية، ومنها الحرب والسلم، من خلال مؤسساتها، ووفق ما ترفضه مصلحة لبنان وشعبه.

التيار العوني مستاء من عدم مساندته وصول روكز لقيادة الجيش
حميد غريافي/السياسة/22 أيار/15

“حزب الله” ينتظر موقف قهوجي من حرب القلمون كي ينقلب نهائياً على عون في جبال القلمون بعد هجوم “حزب الله” وجيش الأسد

تمكنت مئات العناصر من ميليشيات “حزب الله” دخلت عشرات البلدات والمدن الصغيرة الشيعية في جنوب لبنان وبقاعيه الاوسط والشمالي, من حمل أكثر من 550 شاباً تتراوح اعمار معظمهم ما بين السادسة عشرة والرابعة والعشرين على رمي كتبهم أو معاولهم أو تأشيرات سفرهم التي حصلوا عليها بشق النفس جانباً, والالتحاق غصباً عن معظمهم بـ”متسلقي الجبال في مرتفعات القلمون وقفارها القاحلة”, حسب أحد نواب تكتل “التغيير والإصلاح” برئاسة ميشال عون, ممن بدأوا يتأففون علناً من شراكتهم مع “حزب الله” وجرائمه وتهديمه المبرمج للكيان اللبناني.

وقال النائب العوني لـ”السياسة” في باريس “لقد طفح بنا الكيل للاستمرار من تحمل تبعات اقترافات “حزب الله” في الداخل والخارج, وبتنا نشعر بأن مكاني تيارنا ورئيسه في ورقة التفاهم مع حسن نصرالله اهتزا بعنف منذ منتصف العام الماضي, بحيث باشرنا الابتعاد عن ذلك التفاهم الذي لم يعن لمرة واحدة منذ توقيعه لنا أكثر من السير في مقدمة العصابات الايرانية المحلية لتمهيد الطريق أمامها لارتكاب المزيد من الجرائم ومحاولات تفكيك النظام الديمقراطي اللبناني الحر الذي لم يعد باقياً منه سوى شعارات لا فائدة منها ولاختراق المجتمع المسيحي الصلب الذي لم يتمكن نصرالله وأشباهه من اختراقه في اي وقت”.

وأكد النائب القريب أيضاً من البطريركية المارونية في بكركي ان “مشكلة نأي حسن نصرالله بنفسه عن مساندة صهر ميشال عون العميد شامل روكز لموقع قائد الجيش الجديد خلفاً للعماد جان قهوجي, تعتبر الآن أكثر المشكلات حدة وتعقيداً بين الحزب الإيراني والتيار العوني الذي لا يستطيع أن يفهم لماذا لا تتم فعلاً تلك المساندة, بحيث يصبح أهم موقعين في الدولة هما موقع رئاسة الجمهورية التي ينوي عون احتلاله “مهما كلف الامر” وموقع قيادة الجيش لصهره, كلاهما لحزب الله ايضا, وربما في ما بعد اقتناص وزارة الدفاع الى ابن شقيقه آلان عون بعد احتلال صهره جبران باسيل وزارة الخارجية, وربما أيضاً اجتياح وزارتي الداخلية والمالية وتجييرها الى آل عون في كسروان وزحلة”.

من جهته, أبدى أحد قياديي “حركة أمل” الشيعية لـ”السياسة” شكوكاً في أن يصل عون في نهاية المطاف الى رئاسة الجمهورية, كاشفاً أن “حسن نصرالله يراقب وينتظر مواقف العماد جان قهوجي قائد الجيش من حرب القلمون ومسافة نأيه أو اقترابه منها ومن الاشتراك فيها تحديداً في عرسال, كي يبني على تلك المواقف مقتضى استبدال عون بقهوجي على كرسي الرئاسة, فيما قائد الجيش الذي يمارس هواية الضرب على المسمار والحافر في وقت واحد لم يخرج حتى الآن من قبعته الارانب المطلوبة, إمعاناً منه في تضخيم حاجة “حزب الله” الملحة والمستميتة في نهاية المطاف الى دور ايجابي لجيشه في مرتفعات عرسال وبلدتها وفي بعض القرى والبلدات اللبنانية, خصوصاً الشيعية المنتشرة على حدود الجبل الشرقي اللبناني مع سورية”.

وأكد القيادي أن “جبهة النصرة” وعدداً من قياديي “الجيش السوري الحر” كلفوا محاميا وصحافيا سوريين من مناصريهما في ريف دمشق الجنوبي, بالاتصال ببعض معاوني قهوجي, لينقلا إليه “وعوداً من الثوار السوريين بعدم الاقتراب من القرى المسيحية على الحدود الشرقية اللبنانية مع سورية مثل رأس بعلبك وطليا والقاع ودير الاحمر وشليفة وسواها من المنتشرة في شمال البقاع, مقابل تحييد الجيش في عرسال” وعدم مشاركة “حزب الله” عمليات القصف الارضية الكثيفة التي تعاظمت أخيراً بوصول الأسلحة الأميركية والفرنسية إلى المؤسسة العسكرية خلال الشهرين الماضيين.

وقال القيادي ان “ضربة الحافر وضربة المسمار” التي بدأ قهوجي فعلاً ممارستها في دعم ميليشيات “حزب الله” في المرتفعات الجبلية “لا تشمل من جهة أخرى بلدة عرسال نفسها وتكرار اجراءات الجيش المدمرة التي مارسها في السابق ضد السكان السنة واللاجئين السوريين المعارضين لبشار الأسد, وإنما تتوقف مفاعيلها على ابواب تلك المنطقة لحمايتها في الوقت نفسه من غزوة التكفيريين والعصابات الايرانية التابعة لحزب الله لها”.

وكشف قيادي “أمل” عن أن أحد جوانب مساعدات الجيش ل¯”حزب الله” في ما يدور حالياً في المرتفعات “يكمن في سماح الجيش له بإرسال آليات ومدافع ثقيلة وصواريخ قصيرة المديات وعناصر متطوعة جديدة الى داخل أراضي سورية¯ والعودة منها الى لبنان, وكذلك في تزويد تلك الآليات التي زودته بها سورية (دبابات وشاحنات وجيبات) الوقود وبعض الذخائر والقذائف المدفعية عند الحاجة”.

وبحسب القيادي, فإن “الاستخبارات العسكرية اللبنانية قد تكون حصلت من عملائها في القلمون وأرياف دمشق وحمص بالذات على معلومات تتحدث عن حصول “حزب الله” على كميات كبيرة من الاسلحة الكيماوية من مخازن سورية قرب مطار المزة ومرتفعات جبل قاسيون فوق دمشق, ونقلها الى بلدات شيعية متداخلة مع الاراضي السورية والى بلدات الهرمل وبريتال وسرعين الفوقا وبعلبك والقرى المحيطة بها”.

وداعاً اسرائيل
نديم قطيش/المدن/22 أيار/15

مواضع كثيرة تحدث فيها امين عام حزب الله حسن نصرالله في كلمته الاخيرة، عن اسرائيل، من زاوية غير مطروقة في وضوحها وعلنيتها، لا سيما انه يتحدث في ذكرى النكبة الفلسطينية ١٩٤٨. فهذا تاريخ يستدعي، بحسب سوابق الحزب، التعبئة وشحذ الهمم وتجديد العداء لإسرائيل. الا ان ما ذهب اليه نصرالله خرج عن هذا السياق. في يوم النكبة قال الرجل “نحن أمام نكبة جديدة أكبر وأخطر هي نكبة المشروع التكفيري”، وأكد ان هذه النكبة الجديدة “أخطر وأكبر بكثير من النكبة التي نحتفل حزنا بذكراها ال67” موضحاً لجمهوره ان “النكبة الجديدة التي يصنعها التكفيريون في هذه الامة ستُضيع القضية الفلسطينية وستُضيع المقدسات، والأخطر من ذلك ستُضيع دولاً وشعوباً بكاملها”. وفي يوم التعبئة المفترض لفلسطين دعا نصرالله جمهوره الى تحمل “المسؤولية في مواجهة هذا المشروع الأمريكي التكفيري الذي يريد أن يصنع نكبةً أعظم، تطيح بالدول وبالشعوب وبالجيوش وبالمقدسات أيضاً”. غابت فلسطين في يوم نكبتها. أحالها نصرالله على التقاعد لصالح “النكبة الجديدة”. من يشك في ان نصرالله يحضر جمهوره للانتقال من ثقافة “ما بعد بعد حيفا” الى مرحلة  “ما بعد بعد اسرائيل”، كقضية مركزية في خطابه وعنوان أساسي لعقيدته، سيجد في الكلمة الاخيرة المزيد من الأدلة. تأسف نصرالله في كلمته اسفاً شديداً لاضطراره الى اجراء مقارنة مع اسرائيل. وكان من الممكن عذره لو ان المقارنة جاءت في سياق مثل واحد، للاستدلال بطريقة المبالغة. لكن مقارنته جاءت بمثابة صك براءة لإسرائيل من جرائم نسبها الى المملكة العربية السعودية في اليمن.

فإسرائيل لم تقصف “لا أضرحة ولا مقامات” بينما فعلها السعوديون. وإسرائيل، نادراً ما قصفت مستشفيات، لكن ما قصفته السعودية من مستشفيات لا عد له. ليست المقارنة هنا مقارنة وحسب، وليست مقاربة منطقية للاستدلال والمحاججة، بل تحمل، كما المقارنة السابقة بين نكبتين، جديدة وقديمة، تبرئة ضمنية لإسرائيل، او بالحد الأدنى تجاوزاً لجرائمها نحو جرائم اكبر، تقزم الجريمة الإسرائيلية. المفارقة ان نصرالله لا يسقط فقط اسرائيل من خانة صدارة الأعداء والمجرمين، بحسب ما يفترض ان تمليه عقيدته، بل هو يسقط ركناً مهماً من أركان دعايته السياسية. فكيف تستقيم تبرئة اسرائيل من هدم الأضرحة والمقامات، وهي بحسب نصرالله، القوة الخفية الاولى التي تقف خلف داعش، هادمة الأضرحة والمقامات. اليست دعاية نصرالله تقوم بمجملها على افتراض ان اسرائيل تقف خلف كل شر يصيب عالمنا؟

بكل الأحوال ما عادت مهمة هذه التناقضات في خطابات نصرالله. فنحن ازاء نصه، لسنا في مبارزة في علم المنطق، بل امام نص يؤشر الى تحولات استراتيجية في وجهة الصراع وكيفية توظيف الأيديولوجيا. وما انطوت عليه الكلمة الاخيرة، هو استراتيجية معدة بعناية، لتعديل الوعي الصراعي لدى جمهور حزب الله وتحضيره للمهمات الجديدة التي تمليها التغييرات الناتجة عن اتفاق نووي مرجح بين ايران والولايات المتحدة. يعلم نصرالله قبل غيره ان مثل هذا الاتفاق لا ينفصل عن ضمان أمن اسرائيل، وبموافقة ايران، مع ما يعنيه ذلك من إنهاء وظيفة حزب الله ببعدها الصراعي المسلح مع اسرائيل. يستلزم هذا التحول عنواناً جديدا للتعبئة، هو النكبة التكفيرية الأكبر من نكبة فلسطين، وعدواً جديداً هو السعودية. وعليه سيمضي نصرالله في هذا الخطاب في ما يأتي من إطلالات، محيلاً القضية الفلسطينية على التقاعد، ومزيناً لجمهوره طريقاً جديداً الى الجنة… وللبقية طريقاً جديداً الى الجحيم.