نبيل بومنصف/المحليّون والخارجيّون… ننتظر أهل الانتظار

48

المحليّون والخارجيّون… ننتظر “أهل الانتظار”!
نبيل بومنصف/لنهار/25 آذار/2024

ربما بكثير من السخرية ، ولا شيء غيرها ، يتعين على اللبنانيين ان يتساءلوا عن “فن الانتظار” وملء الزمن الضائع الذي يتناوب الوسط السياسي الداخلي والدول المصنفة انها معنية بأزمة الرئاسة اللبنانية بل بمصير الجمهورية برمتها على استهلاكه سواء بسواء . مع انصرام سنة وخمسة اشهر في نهاية آذار الحالي على شغور قصر بعبدا من رئيس للجمهورية ، ترتسم لوحة عبثية كاملة المواصفات فوق الواقع اللبناني ليس بفعل تقادم الازمة شهرا بعد شهر بما يجعلها “تتأهل” لمنافسة الرقم القياسي لازمة الفراغ السابقة التي سبقت انتخاب الرئيس ميشال عون واستطالت مدة سنتين ونصف السنة فقط وإنما الأخطر لان الوضوح الوحيد والحقيقي الذي يحوط بهذه الازمة يختصر بانها متروكة للانتظار وحده ولا شيء سواه . وليس من مغالاة ان تخوفنا لهذه الجهة من تشابه “دول لبنان” مع الدول الخمس الكبرى الغربية والعربية التي تنخرط في نادي “المجموعة الخماسية” من حيث إسلاس القياد للانتظار أسلوب “إدارة للازمة” بلا أي أوهام في ان الآتي من الزمن سيدفع قدما بجهود استعجال أي مخرج لازمة باتت مستعصية على المخارج حتى تقوم في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة معالم ترتيب تسويات او صفقات كبيرة. نقول “دول لبنان” لان التعطيل المتمادي للانتخابات الرئاسية أعاد من بابه الخلفي استحضار عامل الفيتو الذي يغدو في ظله كل فريق حزبي وسياسي بمثابة دولة في بلد انهارت فيه انهيارا كاملا معالم الدولة عندما امتهن الدستور واصول التناوب على السلطة الى حدود باتت تتهدد الميثاق الوطني بجوهره على نحو لم يحصل مرة سابقا بهذه الخطورة . ومع انه لا يحق للبنانيين التبرم او التشكك في “نوايا” وأساليب وطرائق المجموعة الخماسية في معالجة ومقاربة الأزمة لأننا لا نملك من أولويات العالم المضطرب في هذا الزمن من يلتفت الينا غير هذه المجموعة “المرموقة” من الدول الغربية والعربية الكبرى صاحبة العلاقات العريقة جميعها مع لبنان ، فان ذلك لا يحجب وجوب ان ندرك حقيقة لا يرقى اليها شك وهي أننا لسنا أولوية ابدا لدى أي من الدول الخمس منفردة ام مجتمعة ، وحتى لو كانت متوافقة على المضي في وساطتها الحميدة تجاه بلد لا مصلحة لاي منها في رؤيته يتحول الى بؤرة متفجرة داخليا وإقليميا .

لعل الواقعية القاسية تدفعنا الى معاينة “اهل الانتظار” في الداخل والخارج ، أي الطبقة السياسية اللبنانية باختلاف توجهاتها ومواقعها ، والدول الخمس التي تختصر موقع لبنان لدى المجتمع الدولي من منطلق ان “المحليين” يتقاذفون الكرة مع “الخارجيين” في معادلة الانتظار ولا يملك احد من “الفريقين” ما يمكنه بعد من دفع الازمة الى مخرج ما دام زمن التسويات والصفقات المحلية الصرفة او الخارجية الصرفة لم يحن بعد . يثير ذلك الخوف الأعظم من محظورين الأول ان يكون “رئيس لبنان” التسووي الافتراضي بعد كل هذا المخاض صنيعة بشاعة تاريخيّة مستعادة بسبب صفقة تتحكم فيها ظروف الامر الواقع ولا يكون بمستوى أهوال الكوارث التي ضربت وتضرب لبنان . والثاني ان يستعصي الحل الى درجة تفكك لبنان تفككا وجوديا كدولة وهيكليات مؤسسات اذا تجاوز الفراغ استحقاقات زمنية باتت تضرب لنهايته من مثل ان يحصل انتخاب رئيس للبنان قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية على غرار ما حصل في تجربة انتخاب الرئيس عون عشية انتخاب دونالد ترامب… وفي مطلق الأحوال ترانا أسرى الانتظار العبثي ومحترفي ملء الزمن بالرهانات والسيناريوات الأشبه بوصفات التخدير !