ايلي صليبي/رئيس قويّ لوطن ضعيفأم رئيس ضعيف لوطن قويّ؟

336

رئيس قويّ لوطن ضعيفأم رئيس ضعيف لوطن قويّ؟
ايلي صليبي/مجلة “أسواق العرب
14 كانون الثاني/15
http://www.asswak-alarab.com/archives/7424

عندما استبدل جهابذة العلوم السياسيَّة، (بالسليقة وليس بالتحصيل الجامعيّ)، كلمة “فراغ” بكلمة “شغور”، شدّوا من عصب قوّة الدولة على الاستمرار، وأوحوا بالاصرار على تجنيب لبنان تجربة العيش بلا رأس.

وعندما وصفوا إحدى المراحل السابقة من محاولة إعادة تركيب الرأس على الجسم اللبناني المتهالك، بالسانحة الفريدة ــــ اليتيمة التي تتيح انتخاب رئيس من دون تدخّل خارجيّ، بالفرصة التاريخيّة غير المسبوقة، وربما غير الملحوقة، انقضَّت “النعاج على الذئاب”، فاختلَّ توازن “قانون الغاب”، وكادت “النواطير” تفقد السيطرة على حراسة الكروم السائبة أصلًا والقائمة على “تعليم الناس الحرام”.

وعندما رجعت “حليمة إلى عادتها القديمة”، وأمسك الخارج بمفاتيح قصر بعبدا، عاد اللَّغو على مواصفات الرئيس، وكأنّ نظامنا “رئاسيّ”.

رحم الله الرئيس شارل حلو صاحب نظريَّة “الضرب بيد من قطن”، فالرئيس القويّ ــــ بحسب رأيه ــــ هو من يستطيع تأجيل الانفجار إلى ولاية خليفته.

ورحم الله الرئيس كميل شمعون صاحب نظريَّة “لبنان لا يصنع الرئيس بل الرئيس يصنع لبنان”، فالرئيس القويّ ــــ بحسب رأيه ــــ هو من لا يقطع رأس اللاعب على الحبليْن، بل يقطع الحبليْن”.

المهم ــــ بحسب رأي البعض ــــ أن يكون هناك رئيس للجمهوريّة لتبقى الجمهورية.

والأهم ــــ بحسب رأي بعض آخر ــــ أن يكون هناك رئيس قويّ ليعيد الجمهوريّة إلى الحياة.

ولكن، ما من تعريف صريح ومقنع ،بعد، للجمهوريّة اللبنانيّة ولا للرئيس القويّ، إلا في المطلق وبالمعميّات.

ألهذا الدرك من تتفيه الوطن وتسخيف الاستحقاق بعد وفاته على يد “الأقوياء” هبط منسوب الصراع على السلطة؟ وأي سلطة؟

من يقنعنا بأنّ اتفاق الطائف أبقى للرئيس سلطة؟ وبأنّ سلطة الأمر الواقع تترك ما بقي من ملامح الجمهوريّة ورئيسها ما يتيح لقصر بعبدا الحراك والتنفّس الطبيعي؟

ومن يقنعنا بأنّ الحرب في لبنان انتهت “بالتويس” وليس بوضع نهاية لبلد ادّعى السيادة والحريّة والاستقلال، فساده الفساد، وخنقتنه حريّة الانتماءات، واستقلّ عن العقل والمنطق والحداثة.

ومن يقنع مدّعي القوّة بأنّهم راهنوا على الكرسيّ فـ”خلخلوه” و”حبسوه”؟

ومن يقنع المعتدلين بأنّ الفاتر يتقيّأه التاريخ، وبأنّ الوسط كالوسيط بين متضاربيْن وله “ثلثا القَتْلَة”؟

ما الحلُّ إذن؟

يرى مهندس معماري أنّ كلفة الترميم تفوق كلفة الهدم وإعادة البناء.

ويرى حلاق أن “قصّ” الشعر يستغرق عشرين دقيقة لأنّ الوقت يُهدر في عشرين ضربة خارج الشعر وضربة فيه.

ويرى طبيب متقاعد أن تزايد عدد الوفيّات حصل بعد انتقال الفحص من جسّ الجسم بالأصابع إلى الأشعة و”الناضور”.

فما علاقة المهندس والحلّاق والطبيب بانتخاب رئيس للجمهوريّة؟

ولعل الأصحّ طرح السؤال: ما الأجدى لو انتخب واحد منهم على ضعفه في السياسة بدل انتخاب رئيس “قويّ” لجمهوريّة مرشّحة للانقراض؟

فالمهندس يهدم ثم يبني.

والحلّاق يقص الشعر بدل زرعه.

والطبيب المتقاعد لا يعالج الفالج.