المحامي عبد الحميد الأحدب: أين البديل عن ريمون اده، بشير الجميل، فؤاد شهاب، صائب سلام ورياض الصلح؟ ما هذا الفراغ والجبن والخنوع المنتشر هذه الأيام؟

110

من الشيخ حسين هولاكو الى محمد بشير جعجع
المحامي عبد الحميد الأحدب/الاثنين 25 تشرين الأول 2021

نجيب ميقاتي كان أمام قاضي التحقيق منذ ثلاثة أشهر، وجاء اليوم رجل “إصلاح”، على من يضحكون؟؟ وتردده في دعوة مجلس الوزراء دليل على معدنه، اصله مخابرات علوية ماليّاً وسياسياً وهو مكمل لميشال عون وحزب الله، وهو تحقير للمسلمين السنة!

اين انتم يا رجال الأمس؟ أين البديل عن: ريمون اده، بشير الجميل، فؤاد شهاب، صائب سلام ورياض الصلح…؟ ما هذا الفراغ والجبن والخنوع المنتشر هذه الأيام؟ ما هذا التسكّع، والبلد يغرق ويغرق، وهو اذا استمرّ على هذه الحال، الى الزوال. لقد ظهر أمثال اشرف ريفي وهو لقمان سليم، فقتله حزب الله. حافظوا على أشرف ريفي واحموه برموش عيونكم، فهو أول أملٍ ينبع ليشقّ الطريق. حافظوا على أشرف ريفي ومدرسته وثقافته ووطنيته. من هنا البداية، ومن هنا الخلاص.

الى أين؟
كل الإحتمالات واردة، ولكن الثابت أن الأوضاع لا يمكن ان تبقى على ما هي عليه! وما هي عليه لم يشهدها تاريخ الإنسانية وليس تاريخ لبنان. حين سألوا على التلفزيون مجموعة من الشبان عن ميشال عون قالوا: ليس أسوأ رئيس عرفه لبنان ولكنه اسوأ رئيس عرفه التاريخ، مع أن التاريخ شهد هتلر وموسوليني وفرنكو ونيرون، يُضاف اليهم الحكّام الزنوج الأفريقيين البرابرة الذين يضعون ثروات بلادهم بتصرّف الدول الأوروبية، و… و… ونحن ابتلينا بالأسوا! ومع ذلك فإن الأكثرية العظمى من اللبنانيين تعتبره هو وصهره الشرير الأسوأ في التاريخ، لبلده لبنان طبعاً! ولكن الصورة الحقيقية ان ميشال عون ليس هو الحاكم الفعلي، بل الحاكم الفعلي اليوم للبنان هو “حزب الله”. والحاكم الفعلي للبنان، الذي هو حزب الله، هو اول ميليشيا في التاريخ ممولة مسلحة كما تقول عن نفسها من ايران، بلد غير صديق للمصالح وللحقوق اللبنانية، يرأسها شيخ ديني ولاؤه المطلق لإيران، ويؤمن دينياً بولاية الفقيه، ويتحدث كثيراً “بإصبعه” وبالتهديد ثم يقول ان لديه مئة الف مسلح – تمويل وتسليح ايراني- وانهم جاهزون! جاهزون لماذا؟ في بلد طائفي مذهبي لا يُفهم هذا التهديد سوى بأنه موجّه للمسيحيين!

وهذه مصيبة! وبنفس الوقت يشدّ ويستفز العصب المذهبي الشيعي الى درجة خطيرة، حتى اصبحنا نرى ملسحي حزب الله في كل مرة يقفون متصدّين للفرق الثورية المتناقضة والتي لم تعرف لا التوحيد ولا وضع برنامج لها!!! أصبحنا نراهم يقفون مسلحين يهتفون: “شيعة… شيعة… شيعة!”.

ولما يقترب القاضي الجريء النزيه من شبهات تحوم حولهم في انفجار المرفأ، ينظمون مسيرة يسمونها سلمية اي بقصدهم ليس فيها دبابات ولا مدافع، بل فيها بنادق قنص وقتل، هذا هو مفهوم السلمية عندهم، تدخل هذه المسيرة الزواريب المسيحية في الطيونة وتطلق السلاح “السلمي” على الأهالي!

لهذا سمى كثيرون السيد حسن نصرالله هولاكو، لأن هذا ما حصل في بغداد حين احتلها المغول! وحين هدد الشيخ حسين هولاكو رئيس القوات اللبنانية محمد بشير جعجع ليكرسه زعيماً للمسيحيين وربما للمسلمين السنة بحكم الفراغ في الزعامة السنية وخليفة لبشير الجميل.
قيل وقتها ان محمد بشير جعجع سيكون آخر لبناني في التاريخ!

كل الدول العربية تتهاوى، بعضها ضد بعض، وبعضها فوق بعض!! عاشت القرون العثمانية في البراد الفكري والثقافي والديني والعلمي والخلقي، وما كاد العثمانيون يرحلون حتى انفجرت قضية فلسطين، فجاءت بالجيوش العربية الى السلطة، وهي جيوش ليست مصنوعة للحرب بل للحفاظ على النظام في بلادها! ولم تُصنع لبناء دولة ولا للحوكمة، فصارت الدول العربية كلها متخلفة، خدمات الدولة فيها معدومة، تحنّ الى ايام الإنتداب لأن خدمات الدولة فيها وانتشار الفساد جعلها في الحضيض!

لبنان تأخر في الإنزلاق الى الويلات التي يعيشها اليوم، لأن المسيحيين حين حكموه، مع وبعد الفرنسيين، جعلوه اكثر تحضّراً، واستفاد المسلمون من ذلك، وهم يكفرون بهذا اللبنان، الى أن قتل حزب الله والمخابرات العلوية رفيق الحريري، وجاء حكم المحكمة الدولية جباناً قريب من احكام حوادث السير ولكنه بين السطور وضّح ان حزب الله هو الذي ارتكب الجريمة، فارتفع صوت المسلمين السنة يقول: “أمان” ويقول “لبنان اولاً”.

ومصر قبل عبد الناصر كانت فيها ظلال من الديمقراطية بحكم الإنكليز وليس الاقباط، ولكن ذلك ذهب ادراج الرياح مع عبد الناصر! ولبنان ظل معافى الى حدٍّ ما حتى “بوسطة عين الرمانة”، قبلها عصفت به رياح سنة 1958 ايام حلف بغداد ولكن نصيبه كان كبيراً، بالإنقلاب العراقي الذي أطاح بحلف بغداد، فجاء رجل الدولة فؤاد شهاب وبنى دولة، وكان يجب ان يُكمله ريمون اده عملاق يصنع مونت كارلو، ولكن بوسطة عين الرمانة اوقعت الحرب الأهلية، وكانت المرحلة لبشير الجميل، ولو عاش لاستطاع ان ينهيها، ولكنهم قتلوه لنصل اليوم الى جحيم ميشال عون وصهره الشرير وحزب الله!

كل انسان، وكل لبناني لديه كتاب نائم في موضوع في ذاكرته، ولو انه فكّر وراجع بطريقة جدية، لعثر على موضوعه! ولو أنه عرف كيف يقترب منه لوجد عنده بالفعل شيئاً يستحق ان يُقال، ويستحق ان يُقبل الناس على قراءته! ان كل تجربة انسانية قصة كاملة في شكل كتاب، والشيخ حسين هولاكو، كما محمد سمير جعجع، هذا الشيخ من الجامع المهمش الى حكم لبنان، وذاك المقاتل من السجن والتعذيب الى الزعامة المسيحية وربما اصبحت سنية! والحريري نقطة فاصلة في لبنان، لم نسمع صوت سعد الحريري يعترض على حكم المحكمة الدولية للسير التي أظهرت ان حزب الله هو قاتل أبيه، فهناك حريريّان، الأول نجح ودفع ثمن حياته ثمناً لزعامته ونجاحه، وجاء الحكم سياسياً أبعد ما يكون عن القضاء، جاء جباناً قريب من حوادث السير، وهو الحريري الأول، اما الحريري الثاني أي سعد الحريري، فقد فشل على كل صعيد، وُلد متعجرفاً متغطرساً عديم الذكاء لأنه ورث الزعامة ولم يصنعها ولا أتقن فنونها فاختلف مع السعوديين وافلس على الصعيد المالي والسياسي، ورجّح انتخاب ميشال عون رئيساً خلافاً لرأي كل مجتمعه لكي ينعم بوعد رئاسة الوزارة، وهو خاضع باعترافه لوصاية حزب الله، وصار الشيعة بزعامة هولاكية. المسيحيون منقسمون، فراغ في الزعامة وانقسامات وليس هناك ابطال شجعان كما ريمون اده وبشير الجميل وفؤاد شهاب.

هل انتهى الكتاب؟ بالتأكيد انتهى!
والأحلام التي حلم بها العرب يمثلها هذا الحديث بين ملك اسبانيا السابق ومحمد حسنين هيكل. يقول هيكل اننا نبحث عن العصر الحديث، مجتمعنا جاهز، بعضه على الأقل، جاهز للانتقال الى عصر من المشاركة في القرار مقدمة ومدخلاً الى الديمقراطية ولكننا نبحث عنها! فقال الملك الإسباني بدهشة: تبحثون عنها… عن الديمقراطية؟ فقال هيكل: “ليس بعد… التي نبحث عنها الآن هي اليزابيت”. وجلجلت ضحكة طويلة هذه المرة، ثم ردد الملك الإسباني: “تبحثون عن اليزابيت!!!”. ثم يضيف هيكل ان الملك صافحه مودعاً وهو يقول: “اذاً فأنتم تبحثون عن اليزابيت”. ثم يختم هيكل قائلاً: ولم أسأله ماذا فهم؟ ولم يسألني ماذا أقصد؟

وسط هذا الرعد والبرق ظهر لأول مرة في هذه الفترة العصيبة زعيم للسنة من معدن صائب سلام ورياض الصلح هو أشرف ريفي، وأخذ يملأ الفراغ في الزعامة السنية، وحين أطل منذ ايام من معراب قال الخطاب الذي يردده السنة بجرأة وشجاعة. اطلالة أشرف ريفي ليست اطلالة من معراب، ليست اطلالة رجل سياسة، بل هي اطلالة رياض الصلح وصمود صائب سلام في 1958، اطلالة بطل يملأ الفراغ المخيف ويقول بكل جرأة وتحدٍّ كلمة الحق الوطنية التي تنبع من ضمير وسياسة وفكر وعقل السنة هذه الأيام، ولكن الأقزام الصعالقة لا يجرؤون على قول كلمة الحق. نجيب ميقاتي كان أمام قاضي التحقيق منذ ثلاثة أشهر، وجاء اليوم رجل “إصلاح”، على من يضحكون؟؟ وتردده في دعوة مجلس الوزراء دليل على معدنه، اصله مخابرات علوية ماليّاً وسياسياً وهو مكمل لميشال عون وحزب الله، وهو تحقير للمسلمين السنة! وأشرف ريفي هو الزعيم الوحيد الذي يمكن ان يملأ فراغ الزعامة السنية في هذه المرحلة الخطيرة التي نمر بها. من هذا المعدن يكون الزعماء وليس من معدن نجيب ميقاتي ورفاقه الصعاليق الجبناء.

لبنان يعيش اليوم في اليتم، حتى فرنسا تخلّت عنه رغم المسرحيات الهزلية لماكرون وسفيرته في بيروت التي اصبحت لا تفارق جبران باسيل، لأن ماكرون الذي لم يفارق حزب الله يوماً، ليس معدنه معدن الأبطال كما كليمنصو في الحرب العالمية الأولى وكما ديغول في الحرب العالمية الثانية، بل هو مجرّد مدقق حسابات، راقص، باع لبنان لإيران مقابل صفقة “رينو”. والمصيبة الأكبر ان لبنان في عزلة عربية، فقد جعلته الطبقة السياسية في عداءٍ مع البلاد العربية التي عاداها بحكم سيطرة حزب الله على سياسته، البلاد العربية تُقاطعه! ولم يبقَ له سوى ملالي ايران وحزبها الفاشستي الذي يضع نفسه مكان الله، وايران لا تبحث عن ضمّ لبنان فحسب، بل عن إزالته من الوجود.

اين انتم يا رجال الأمس؟ أين البديل عن: ريمون اده، بشير الجميل، فؤاد شهاب، صائب سلام ورياض الصلح…؟ ما هذا الفراغ والجبن والخنوع المنتشر هذه الأيام؟ ما هذا التسكّع، والبلد يغرق ويغرق، وهو اذا استمرّ على هذه الحال، الى الزوال. لقد ظهر أمثال اشرف ريفي وهو لقمان سليم، فقتله حزب الله. حافظوا على أشرف ريفي واحموه برموش عيونكم، فهو أول أملٍ ينبع ليشقّ الطريق. حافظوا على أشرف ريفي ومدرسته وثقافته ووطنيته. من هنا البداية، ومن هنا الخلاص.