فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم 11 تموز/2021 البطريرك الراعي في كنيسة الديمان ونص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة/الراعي: التكليف لا يعني تكليفا أبديا ولن نسمح بسقوط البلاد لتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة/المطران عودة:الحصانة تسقط أمام الحس بالمسؤولية الوطنية والواجب الإنساني

77

اضغط هنا لمشاهدة فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم الأحد 11 تموز/2021 البطريرك الراعي في كنيسة الديمان

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم 11 تموز/2021 البطريرك الراعي في كنيسة الديمان ونص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة/الراعي: التكليف لا يعني تكليفا أبديا ولن نسمح بسقوط البلاد لتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة/المطران عودة: الحصانة تسقط أمام الحس بالمسؤولية الوطنية والواجب الإنساني

الأحد 11 تموز 2021

المطران عودة:: الحصانة تسقط أمام الحس بالمسؤولية الوطنية والواجب الإنساني
الأحد 11 تموز 2021

الراعي: التكليف لا يعني تكليفا أبديا ولن نسمح بسقوط البلاد لتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة
الأحد 11 تموز 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه فيه المطران حنا علوان والقيم البطريركي في الديمان الأب طوني الآغا والاب شربل بيروتي وأمين سر البطريرك الأب هادي ضو. وحضر القداس وفد من مصلحة الطلاب في “القوات اللبنانية” وعدد من المؤمنين. وخدمت القداس جوقة حدشيت.
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة الأحد الثامن من زمن العنصرة بعنوان “هوذا عبدي الذي اخترته” (متى 12: 18). وقال فيها: “عبد الله، في الكتاب المقدس تشتق لفظته من فعل عبد. وبالتالي هو عابد الله المحب والحافظ رسومه ووصاياه. فيختاره الله ويرسله. عبد الله بامتياز هو يسوع المسيح الذي تنبأ عنه أشعيا النبي، وعن اختياره وإرساله لفداء العالم بآلامه. عبد الله المختار والمرسل هو كل مسيحي بحكم المعمودية والميرون، وكل كاهن وأسقف بحكم الدرجة المقدسة، وكل راهب وراهبة بحكم النذور الثلاثة: الطاعة والعفة والفقر. والكنيسة إياها، بكونها جسد المسيح السري هي أيضا عبد الله. وقياسا، نستطيع القول إن كل مسؤول في العائلة والمجتمع، والكنيسة والدولة، هو نوعا ما عبد الله لأنه مختار إما من الله كما هي الحال في العائلة والكنيسة، وإما من الشعب في المجتمع والدولة. وهو بهذه الصفة خادم الخير العام والجماعة”.
أضاف: “يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية التي نقدمها ذبيحة شكر لله على نجاح العملية الجراحية التي خضع لها في هذا الأسبوع قداسة البابا فرنسيس. ونصلي كي يستعيد كمال صحته فيواصل رسالته المقدسة على رأس الكنيسة. واذ أرحب بكم جميعا، وخاصة بالوفد من مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية، وبعائلة المرحومة أنطوانيت بيلان البيروتي: زوجها العزيز جورج، وأولادها الممثلين عزيزنا الأب شربل بيروتي، الراهب اللبناني الماروني. وقد ودعناها معهم بدموع الأسى والصلاة منذ أسبوعين، نصلي لراحة نفسها في الملكوت السماوي، ولعزاء أسرتها”.
وتابع: “يضع الله روحه على كل من هو عبد الله المحب لله الذي يختاره، ويرسله لكي يبشر الأمم بالحق، لأن في الحقيقة خير كل إنسان وسعادته وخلاصه. هذه الحقيقة مثلثة وهي حقيقة الله، وحقيقة الإنسان، وحقيقة التاريخ. وتجلت بكاملها في شخص المسيح وسلمت إلى الكنيسة لإعلانها لجميع الأمم. هذه الحقيقة المطلقة تنير كل الحقائق النسبية، وتحرر وتجمع. يصف أشعيا النبي روحانية عبد الله المرسل وفضائله وهي: المحافظة على روح الرب الذي أفيض عليه سواء بالمعمودية والميرون أو الدرجة المقدسة أو النذور الرهبانية، الهدوء والوداعة في القول والعمل: لا يصيح ولا يماحك …، الصبر ورجاء الانتظار: قصبة مرضوضة لا يكسر، وسراجا مدخنا لا يطفئ، الثبات في إعلان الحق بوجه الباطل والرفض والاضطهاد مع اليقين بأن النصرة تأتي من عند الله: يعلن الحق حتى النصر، أن يكون الرسول محط آمال الشعب وعلامة رجائهم: على اسمه تتكل الأمم”.
وقال: “في ضوء نبوءة أشعيا النبي في إنجيل اليوم لا بد من تذكير المسؤولين في الدولة عندنا وكل الذين يتعاطون الشأن السياسي، أنهم انتدبوا من الشعب من أجل توفير الخير العام، الذي منه خير الجميع وخير كل مواطن، لا لخدمة خيرهم الخاص، ومصالحهم، على حساب الدولة والشعب، كما حذرهم البابا فرنسيس في كلمته الختامية ليوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه في أول تموز الجاري. إنه لمن المخزي حقا أن يمعن هؤلاء المسؤولون عندنا في هدم الدولة ومؤسساتها وإفقار شعبها وتهجير خيرة قواها الحية، وتقويض وحدتها الداخلية، فيما حاضرة الفاتيكان والدول العربية والغربية تولي اهتماما بالغا بالقضية اللبنانية. وما زالت الدول، الحريصة على بقاء هذا الوطن المميز، تلتقي وتتشاور وتعمل معا على بلورة حل سياسي بين اللبنانيين يعالج إشكالية وجود لبنان كدولة تتعرض دوريا لخضات وأزمات وحروب بسبب تعدد ولاءات مكوناتها واختلافها على السلطة، وبسبب التدخلات الخارجية السلبية والمشاريع المذهبية التي تطوف في الشرق الأوسط وتجول. وحري بالأطراف اللبنانيين أن يلبننوا الحل الدولي بتقديم مشاريع حلول بناءة عوض الإمعان في هدم الموجود من دون تقديم بديل واقعي ينسجم مع الشراكة المسيحية ـ الإسلامية، وجوهر وجود لبنان الكبير، ودوره الحضاري في المنطقة”.
أضاف: “إننا بالامتنان نثمن المساعي التي تقوم بها هذه الدول للتخفيف من معاناة اللبنانيين، كل اللبنانيين، في مجالات الصحة والغذاء والتعليم والطاقة، ونشجع المترددين، حتى الآن، إلى مساعدة شعب لبنان، بعيدا عن أي اعتبار عقائدي أو سياسي. فلا سياسة في الحالات الإنسانية، والصديق عند الضيق”.
وتابع: “مطلوب من الدولة اللبنانية وبإلحاح ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحية والحيادية. إن العالم يكرر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكليا. فرغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصدا لتأخير تأليف الحكومة. فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدمة، ولا التكليف يعني تكليفا أبديا من دون تأليف حكومة. إن مصلحة الشعب تعلو على كل التفسيرات والاجتهادات الدستورية والحساسيات الطائفية. لن نسمح، مع ذوي الإرادة الحسنة، بسقوط البلاد بين أطراف لا تريد حكومة وأطراف أخرى لا تريد دولة”.
وقال: “إن وحدة الدولة تبقى ركيزة الوجود الوطني. فلا دولة مستقلة ومستقرة وآمنة مع تعدد السلطات فيها، فيفتح كل طرف سياسة خارجية على حسابه، وسياسة دفاعية على حسابه، ويقرر تطبيق الدستور ساعة يشاء، ويعطله متى يحلو له. إن الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجي إلى محاور عربية وإقليمية ودولية شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصي للبنان، وخصوصا أنه لا يحول دون تعزيز العلاقات مع أي دولة وتقوية الصداقة معها لمصلحة لبنان، باستثناء تلك التي لا تكف عن استعدائنا”.
أضاف: “اليوم، ونحن على عتبة السنة الأولى من مأساة تفجير مرفأ بيروت، لم تعرف بعد، بكل أسف، ملابسات هذه المجزرة المشبوهة: من تسبب بها؟ كيف حصلت؟ إننا ندعم القضاء لبلوغ الحقيقة وفق عمل نزيه ومتجرد بعيدا عن الضغوط السياسية. ونطالب الجماعة السياسية تسهيل عمل القضاء لأن الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه. ويدمي القلب أن يجعل السياسيون من رفع الحصانة عن وزراء ونواب وعسكريين استدعاهم القضاء لسماعهم، قضية تفوق ثمن دماء المايتي ضحية ودموع أهاليهم النازفة ومصيباتهم، وثمن آلام الخمسة آلاف جريح، وثمن خسارة سبعة آلاف من البيوت والمؤسسات التي تهدمت، وثمن تشريد وتهجير منطقة من بيروت، وثمن هدم المرفأ ومحتوياته هدما كاملا، وقطع هذا المرفق عن محيطه، وهو منذ سنة مائل أمام أعيننا كشبح الموت. فيا للعار! فلتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة. فلماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة”.
وختم الراعي: “نكل أمرنا اللبناني إلى العدالة الإلهية، لتنير عدالة الأرض”.

المطران عودة: الحصانة تسقط أمام الحس بالمسؤولية الوطنية والواجب الإنساني
الأحد 11 تموز 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
بعد الإنجيل، قال في عظته: “نعرف تماما أن الطمع يدمر الطبيعة. فرغبة الإنسان الدائمة في زيادة الممتلكات، وإنفاقه أضعاف ما يحتاج إليه قد أخلا بتوازن البيئة الطبيعية. لقد اعتاد البشر، كلما طرأت مشكلة ما، أن يبتدعوا نظريات فلسفية وأساليب لمواجهتها، إلا أن حل المشاكل لا يكمن في النظريات، لأنها هي أيضا تخلق المشاكل، وفيها انتهاك للحقيقة. كل نظرية إيديولوجية بشرية هي ديكتاتورية روحية تعيق رؤيتنا الواضحة للأمور. حل المشاكل يكمن في مكان آخر، أي في علاج تفكك الإنسان الداخلي الذي منه تنبع المشاكل”.
أضاف: “تدلنا قراءة إنجيل اليوم على السبب الحقيقي للشر الذي يزعزع عناصر الطبيعة: إنه قلق الإنسان من أجل الطعام واللباس، واضطرابه من السؤال: ماذا سآكل وأشرب أو ماذا سألبس؟ يتحول هذا السؤال عذابا يقض مضجع الإنسان عندما تنقسم نفسه بين الله والمال، أي عندما لا يضع كل رجائه على الله، بل يعتمد بالأكثر في حياته على الغنى، ظانا أنه ضمانة المأكل واللباس، والراحة بشكل عام. هنا لا بد من التذكير بأن المال أصبح السبب الأساسي لعدم الراحة، بعدما ضاع كل جنى عمر شعبنا بين أيدي المصارف والتجار والمحتكرين، فأصبح عنصر قلق وتشنج بدلا من الراحة. لنتدكر قول الرب: لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس وصدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا (مت 6: 19-21)”.
وتابع: “لا يستطيع أحد أن يعبد ربين كما سمعنا في الإنجيل، أو أن يكون خادما لسيدين. يوضح لنا كلام الرب أن الذين يعتمدون في حياتهم على أمور أو قوى خارجة عن الله، هم في الحقيقة بعيدون عنه جدا. ليس الله سيدهم، بل يعيشون وثنيا، لأن عبادة الأوثان في جوهرها اعتماد على المخلوقات لا على الله. هي الإلتصاق بالخليقة لا بالخالق. ألا تظنون معي أن إنجيل اليوم دينونة لكل لبناني مستميت في الدفاع عن زعيمه وتأليهه، بدلا من الإعتراف بألوهة الله فقط، وحب هذا الوطن الذي منحنا إياه، والإستماتة في الدفاع عنه، وطنا لجميع أبنائه، وليس وطنا لمن يرضى عنه الزعماء؟ الكلام الإنجيلي البسيط يبرز أمامنا مسائل صعبة الحل. نرى المسيح يربط العبودية للمال بالإنشغال من أجل الطعام والشراب واللباس. من هنا أتت الوصية: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون (مت 6: 25). هذه الأمور كلها تبحث عنها الأمم، أي الوثنيون. أما المسيحي فيعمل، متكلا على الله، ومؤمنا أنه لا يتخلى عنه طالما كان قلبه مع الله. لكن المؤسف أن الوضع الذي أوصلنا إليه المسؤولون جعل الشعب لا يفكر إلا بما يأكل ويشرب ويلبس. إنها حيل الشيطان الذي يحاول الإيقاع بنا، لكن الله معنا فلن يكون أحد علينا. المهم أن نجاهد ضد الشيطان وألاعيبه ونعمل بكد لننال الخلاص المرجو.
وسأل: “ما معنى العمل الذي هو وصية من الله؟ إن الله قبل السقوط أعطى الجنة لآدم ليعملها ويحفظها (تك 2: 15)، وبعد السقوط قال له: بعرق جبينك تأكل خبزك (3: 19). تشمل عبارة بعرق جبينك إجتهاد الإنسان من أجل توفير حاجاته. إن عرق الجبين عند البشر يأتي من التعب الجسدي، وأيضا من قلق النفس التي تواجه مشاكل المعيشة الضخمة. لافت أن الله يربط بين عرق الإنسان والموت: بعرق جبينك تأكل خبزك، حتى تعود إلى الأرض التي منها أخذت، لأنك تراب وإلى التراب تعود (3: 19). يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي إن العمل قبل السقوط كان اهتماما بالأمور الإلهية. لكن وصية لا تهتموا لا تعني لا تعملوا أو لا تهتموا بمن أنتم مسؤولون عنهم من أهل وعائلة، إذ نسمع في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس: إن كان أحد لا يعتني بخاصته… فقد أنكر الإيمان (8: 5). لكن الإهتمام لا يقف عند حدود الماديات، بل تدعونا الكنيسة في كل طلبة من أجل أن نودع أنفسنا وبعضنا بعضا للمسيح الإله، لأننا نؤمن بأن ما لا يستطيع البشر تأمينه، سيؤمنه الرب، إذا كان مناسبا، وطبعا شعرة واحدة من رؤوسنا لن تسقط من دون مشيئته. يطلب منا الرب ألا نهتم، وهو يريد أن ينتزع انتباهنا من الأشياء الخارجية، ويوجهه إلى دواخلنا، حيث ملكوته (لو 17: 21). يريد أن يعتقنا من الإضطرابات الباطلة ويكرسنا للأمور الجوهرية، وأن ننمي العمل الداخلي الذي يحركه أولا البحث عن النعمة الإلهية بالصلاة: أطلبوا أولا ملكوت الله وبره (مت 6: 33)، وسائر الأمور الأخرى ستعطى لكم بلا قلق”.
وقال: “إذا عدنا إلى البيئة التي يدمرها الإنسان بدلا من أن يحفظها بعمله، فإن هذا يحدث لأن البشر فقدوا الحس تجاهها. لقد غلظت المشاعر البشرية وأصبح الإنسان لا يرى الخليقة كعطية من الله، فصار يتمتع بثمارها إنما دون شكر. القلق من المجهول يعذب البشر بضمير مريض. فعندما ننفصل عن الرجاء الحي الذي يولده الإيمان بالله، تؤول بنا الصعوبات إلى الأنانية. لهذا، نحن اليوم نرى البشر يتقاتلون أمام الأفران والمحطات والصيدليات وشتى مصادر الخدمات، لأن مسؤولي هذا الشعب زرعوا في داخلهم القلق من المستقبل المجهول، فأماتوا الضمير الحي الذي وضعه الله داخل كل إنسان. لذلك، نسمع يوميا بأشخاص خزنوا في منازلهم المواد الغذائية، والمحروقات، والأدوية، مانعين إياها عن إخوتهم البشر. أما التجار المحتكرون، فحدثوا بلا حرج عن أفعالهم البعيدة كل البعد من الإنسانية”.
أضاف: “لكي ينهض بلدنا، يجب العمل على إعادة إحياء روح الله داخل أبنائه، مسؤولين ومواطنين، تلك الروح الإلهية-الإنسانية التي تحب الآخر حتى الموت، وبلا مقابل. إن عدم الأمان الذي يشعر به الإنسان يرميه في الإنشغال المضطرب بجمع الغنى والخيرات، وتكديسها، حتى لو كانت ستفسد، عساه يجد ما يؤمن حاجاته. يجب ألا ننسى أن الحضارات التي أقامت وثن الرفاهية المادية مكان الله فقدت الرجاء واندثرت. خلاص بلدنا الوحيد هو في العودة إلى الله، الأمر الذي أراد الإجتماع المسيحي في الفاتيكان أخيرا تذكيرنا به. الحل الوحيد للمشاكل يكمن في وصية لا تهتموا، وفي وضع رجائنا على الله فقط، لا على الرؤساء وبني البشر، الذين ليس عندهم خلاص (مز 146: 3). الكل بحاجة إلى عين بسيطة، عل الجميع يرون محبة الله وقوته في الخليقة كلها، وعنايته في أدق التفاصيل. أنظروا إلى طيور السماء فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن في الأهراء، وأبوكم السماوي يقوتها. أفلستم أنتم أفضل منها؟ (متى 6: 26)”.
وتابع: “الكل يحتاج إلى نور الإيمان بالمسيح الذي يملأ حياتنا بالرجاء. نحن لا ننتظر رجاء من زعيم أو سياسي، وقد انهار بلدنا بسبب سوء إدارتهم وفسادهم. حتى الجريمة التي أصابت عاصمتنا ما زالت غامضة الأسباب والمسببين. بعد شهر سوف نصلي معا من أجل راحة نفوس الضحايا الأبرياء، الذين سقطوا بسبب الإنفجار، وما زالت دماؤهم تستصرخ العدالة. أملنا أن يتوصل التحقيق قريبا إلى جلاء الحقيقة، كما نأمل أن يكون الجميع في خدمة العدالة لكي ينجلي الغموض القاتل الذي يلف هذه القضية، ولكي ترتاح نفوس الضحايا الذين كانوا مفعمين بالحياة ولم يشاؤوا الموت، لكن الجريمة أودت بهم ظلما وأحرقت قلوب ذويهم. هؤلاء يستحقون أن يضع الجميع أنفسهم وما يعرفون بتصرف التحقيق، ولنتذكر أن لا أحد فوق القانون. وكما قلنا سابقا البريء لا يخشى شيئا ولا يتمسك بحصانته، لأن الحصانة تسقط أمام الحس بالمسؤولية الوطنية والواجب الإنساني، ولأن الشهادة أمام القاضي ليست عيبا، إنما التهرب من الإدلاء بالشهادة مريب، والتشكيك بالتحقيق نسف للتحقيق وطعن للمظلومين. حرام بل جريمة الإستهانة بأرواح اللبنانيين ودمائهم، لذلك من واجب المعنيين عدم المماطلة أو التوقف أمام أي عائق، أو الإختباء وراء أية حجة، وعدم حماية أنفسهم على حساب دماء الضحايا وألم المصابين ودمار العاصمة”.
وقال: “أملنا أن تحظى هذه القضية بتعاون الجميع وتعاطفهم، مواطنين ومسؤولين، وأن لا تتدخل السياسة في عمل القاضي، بل أن يتعاون الجميع معه من أجل إظهار الحقيقة وإحقاق العدالة. ألا يكفي ما خلفته هذه الكارثة من ضحايا ومصابين ودمار؟ أملنا أن يكون المسؤولون قدوة في هذه القضية، وأن يضعوا الشعارات التي أطلقوها موضع التنفيذ، وأن لا يكونوا كمن يستخف بعقولنا. كما نأمل من جميع الزعماء والمسؤولين أن يكفوا عن تبادل الإتهامات، وأن يتوقفوا عن التشاتم والتذابح لأنهم بعملهم هذا يذبحون لبنان. نحن واثقون من عدالة رب السماء والأرض، الذي نقرأ في الكتاب المقدس قوله: لي النقمة، أنا أجازي يقول الرب (رو 12: 19)”.
وختم عوده: “دعوتنا اليوم ألا نفقد الأمل والرجاء، وألا نهتم بل أن نلقي أتعابنا وهمومنا على الرب وهو يعرف كيف ومتى يبلسم جراحنا. في هذا الوقت، علينا أن نعمل بكد، من أجل خلاص أنفسنا أولا، ومن أجل مساعدة إخوتنا في ظل الظروف القاسية التي تمر علينا. جاهدوا، ثابروا، اثبتوا في أرضكم، لا تدعوا أحدا يسلبكم الرجاء ولا الأرض التي أنجبتكم، لأن العدالة آتية لا محالة، والرب سيجازي كل واحد حسب أفعاله. وليتذكر كل مسؤول أن الله يجازي بعدل”.