منير الربيع/الهيكل المهترئ: الحريري يخسر جمهوره ويلجأ لنصرالله وعون/النظام يتحول عاراً والانتفاضة باتت نمط حياة يومية/مع رزمة من التقارير التي تغطي ثورة شعب لبنان العظيم

116

الهيكل المهترئ: الحريري يخسر جمهوره ويلجأ لنصرالله وعون
منير الربيع/المدن/23 تشرين الأول/2019

النظام يتحول عاراً.. والانتفاضة باتت نمط حياة يومية
المدن/23 تشرين الأول/2019

العونيون يتآمرون لتوريط الجيش.. والقيادة ترفض
منير الربيع/المدن/23 تشرين الأول/2019

المشاهير في الساحات..والسوشيل ميديا خرقت هواتفنا!
عبير بركات/الكلمة اونلاين/23 تشرين الأول/2019

بالفيديو من النبطية: “شبيحة النظام” يعتدون على المتظاهرين والإعلاميين
المدن/الأربعاء23/10/2019/اضغط هنا

حزبيو النبطية يتظاهرون ليلاً إخفاءً لوجوههم
زينب كنعان/المدن/23 تشرين الأول/2019

الفيديو – اعتداء على المتظاهرين بالعصي بالنبطية… “انتو بتعرفوا الحسين”؟!
الكلمة اونلاين/23 تشرين الأول/2019/اضغط هنا

قاشوش طرابلس: خلصت سيرة بَيّ الكل
بتول خليل/المدن/الأربعاء23/10/2019/اضغط هنا

تسجيل لمقاتل من حزب الله عن الانتفاضة: سنحتل الساحتين
المدن/23 تشرين الأول/2019/اضغط هنا

“شبيحة” حزب الله وأمل بلباس شرطة البلدية يهاجمون النبطية
المدن/الأربعاء23/10/2019

====

الهيكل المهترئ: الحريري يخسر جمهوره ويلجأ لنصرالله وعون
منير الربيع/المدن/23 تشرين الأول/2019
كل ما تقوم به الحكومة وأركان التسوية، يندرج في إطار المكابرة والهروب إلى الأمام. الحكومة قابلة للانفجار من الداخل.
الحريري المطيع لباسيل
في وقت اشتداد التظاهرات واتساعها، عندما كانت الحكومة منعقدة لإقرار خطّة الإصلاحات، كان الوزير جبران باسيل مصرّاً على تمرير كل ما يريده فيها. والأخطر أن الرئيس سعد الحريري كان يسلّف باسيل كل ما يريده: من تعيين بديل من مديرة الوكالة الوطنية للإعلام، إلى خطة الكهرباء والهيئة الناظمة، التي ستكون بلا أي صلاحيات، وصولاً إلى تدخل باسيل بالاسم الدرزي في هيئة إدارة البترول، ما أدى إلى حصول الإشكال مع الاشتراكي.
وتحت جانح نصرالله
تسليم الحريري لباسيل بكل ما يريده، هو ركن أساس عميق في الأزمة القائمة. وصورته في الشارع لم تعد كما كانت في بداية الانتفاضة. لقد تحوّلت في غمرة توسعها: من يصرّ على بقاء الحكومة، يمنح الغطاء لباسيل والعهد وحزب الله. أكثر من ذلك: بقاء الحريري في موقعه، يعني أنه يحتمي بلاءات حسن نصرالله، وقد يحاول الدخول على خطّ الساحات المضادة لدعم بقاء الحكومة، وحماية حزب الله من جمهوره، والعهد من الجمهور المسيحي المتكاثر في ساحات مناطقه.
… والسفراء
في هذا السياق، وبمخاطبته الشارع بتودد، عمل الحريري على تعويم نفسه دولياً. فالتقى مجموعة من السفراء، وعرض عليهم الورقة الإصلاحية للحصول على تأييدهم ودعمهم.
وهو في هذا استند إلى تجربة والده: عندما قدّم استقالته، وفي الأزمات الحقيقية، كان يعتكف في منزله ويبدأ السفراء في زيارته. وهذا ما يمنحه قيمة معنوية في موقعه، ويعزز صورته.
تضييع الفرص
هذا الهروب إلى الأمام، الذي يلجأ إليه الحريري للبقاء رئيساً للحكومة، مديراً ظهره لصرخات الناس، يقيم سداً بينه وبين الشارع، ويقترب من أن يكون كغيره في الحكومة. على الرغم من احتمال أن يكون قلبه مع الناس التي دعاها إلى الاستمرار في التظاهر. تساؤلات كثيرة طرحت حول ما يقصده الحريري من هذا الموقف: هل يريد فعلاً بقاء الناس في الشارع؟ لعلّ ذلك يسمح له بتعزيز موقعه في التسوية، وفرض بعض شروطه، على ما قال بنفسه. فبسبب التظاهرات تمكن من إقرار الورقة التي سعى إلى إقرارها منذ سنوات.
قد يكون هذا صحيحاً في حسابات الحريري، لكنه في الحقيقة مناف للواقع، نظراً إلى مجريات جلسة الحكومة وتمكن التيار الوطني الحرّ من فرض ما يريده فيها. وهذا يعني أن الحريري لم يحسن التقاط اللحظة لتحسين موقعه السياسي. خصوصاً أن ما قاله بعد جلسة الحكومة، يشير إلى إن عمله كان معطّلاً. وكأنه نطق بما كانت الناس تقوله: لم يكن الرئيس الحقيقي للحكومة، بل باسيل هو الذي كان يقودها ويعرقلها.
صورة الحريري في شارعه كارثية. يكفي النظر إلى طرابلس. وفي وقت محاولته البحث عن مخارج بتعديل حكومي، استمرت بعبدا وباسيل في تطويقه أكثر، وعصره إلى حدّ استنزافه نهائياً.
فإذ كانت مصادر بعبدا تتحدّث عن أنه لا يزال من المبكر الحديث عن تعديل وزاري، فإن فريق الحريري هو من تحدث عن تعديل وزاري. وعادت مصادر الحريري وتراجعت عن موقفها خدمةً لبعبدا. إنه تسليم الحريري الكامل لعون وباسيل. تم استمرت بعبدا بالهجوم على الحزب التقدمي الاشتراكي وطروحاته ومواقفه، على الرغم من وقوف جنبلاط إلى جانب الحريري. لكن من الواضح أن عون وباسيل لا يريدان جنبلاط ولا ملاحظاته. وهذا يضعف رئيس الحكومة أكثر فأكثر.
جنبلاط المتناقض
على الرغم من بقائه في الحكومة، يتخذ جنبلاط مواقف اعتراضية تظهره متناقضاً. وهذا مثال على حال الحكومة المتفجرة من داخلها. جنبلاط لا يريد ترك الحريري وحيداً. ولكنه بلا شك يريده أن يقدم على الاستقالة. وهذا ما يعنيه القول إن الوقت حان للخروج من هذه التسوية المكلفة. ومن جهة أخرى لا يريد جنبلاط أن يردّ طلباً لرئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي يحرص على بقاء الحكومة. فبرّي كان قد سلّف جنبلاط مواقف كثيرة خلال أحداث قبرشمون، قبلها وبعدها.
وزير واحد وتنهار
نفي الحديث عن “التعديل الحكومي” هدفه أساسي: عدم رفع معنويات المتظاهرين، الذين يعتبرون أنهم استطاعوا خلخلة الحكومة، ويبقون في الشوارع مطالبين باستقالتها كاملة، وبتنحي رئيس الجمهورية. يعرف أركان الحكومة أن أي تعديل حكومي لن يكون كافياً لإقناع الناس، بل مقدّمة لاستقالة الحكومة كاملة. لكن بشرط الاتفاق المسبق على كيفية إعادة تكليف رئيس الحكومة وتشكيلها.
هناك من يروّج لمبدأ تشكيل حكومة تكنوقراط، تضم بعض العسكريين، وخصوصاً بعد موقف الجيش اللبناني في حمايته المتظاهرين من شبيحة حركة أمل وحزب الله على دراجاتهم النارية، وامتناعه عن استخدام القوة لفض التظاهرات. الجهات المؤيدة لهذا الخيار، تعتبر أنها حققت الخلاص من التسوية الرئاسية، واستطاعت فرض الأمن والتغيير الحكومي النوعي، واستعادة الاستقرار. وهذا نموذج قد يحاكي جزءاً مما حصل في المنطقة.

النظام يتحول عاراً.. والانتفاضة باتت نمط حياة يومية
المدن/23 تشرين الأول/2019
يمكن الشعور بالغيظ والحنق مهيمناً على أركان النظام. صمتهم يكاد يكسّر أسنانهم كظماً وقهراً. غيابهم عن الصورة، عن الكاميرات والميكروفونات بل عن أي بيان مكتوب، يكاد يجعلهم ينهارون كمداً وكآبة. محاصرون في بيوتهم أو مقراتهم الخاصة، يتنقلون خفية.
هذا بالضبط حال رجال النظام اللبناني يوم الثلاثاء 22 تشرين الأول، الذين كانوا يعوّلون على الإثنين فخذلهم. راهنوا على الثلاثاء ففاجأهم. ورقة التين “الإصلاحية” لم تستر العورة الفاحشة لفسادهم والعري المخزي لانحطاطهم.
كان صباح الثلاثاء يحمل أيضاً في نفوس اللبنانيين كآبة ما اكتشفوه، على قدر ما كان يتجدد فيهم قرفهم وسخطهم وخيبتهم التامة من دولتهم “الديموقراطية”، التي لم تُظهر ولو الحد الأدنى من احترامها لعقول مواطنيها. غباء السلطة تحول ما يشبه العار.
اكتشف اللبنانيون نهار الثلاثاء أن قلة الاحترام التي أبدتها السلطة نابعة من خبث أيضاً، وأنها تحاول خداعهم وتشتيتهم، طمعاً بإعادتهم إلى حظيرة “الحياة الطبيعية” وكأن شيئاً لم يكن. هذا ما أوحت به حركة كواليس الحكم طوال النهار وحتى المساء.
النشاط هناك في قصر بعبدا. رئيس جمهورية يتواصل مع مدراء وأصحاب التلفزيونات كي يحجبوا صورة الحشود ويوقفوا بث صرخاتهم. أي بؤس هذا؟
علاوة على ذلك، الاستنجاد بالمرجعية الدينية، البطريركية المارونية من أجل أن تمنح الحصانة للرئاسة بوجه الشارع. يا لمفارقة إميل لحود المتجددة، الرئيس الذي بات يعرف أن عهده مستمر رغماً عن أي معيار لشرعية شعبية.
والأسوأ كان مع تيار الرئيس القوي، الذي بدا واهناً ضعيفاً كقط مبلول في عز برد كانون. تيار يرتجف من مواطنين يحملون أعلاماً لبنانية. بدا التيار البرتقالي يحاول بلا أي مخيلة أن يصير “أصفر” أو “أخضر” من غير شكيمة ولا سلاح. مشهد التظاهرة الكاريكاتورية في بلدة الحدت، الذي تناقلته صفحات التواصل الاجتماعي على سبيل التندر والفكاهة، أظهرت أن تيار باسيل في حضيض الوجوم والصدمة والعماء.
الإشارة المخيفة فقط أتت من أقصى الجنوب، من “عاصمة المقاومة” بنت جبيل، البعيدة عن الكاميرات والتلفزيونات، حين استفرد بها قطعان الشبيحة، الذين انهالوا على المدنيين المعتصمين بالضرب، هم الذي تحدوا حادثة الطعن لأحدهم قبل ليلتين، واختبروا شتى أنواع التهم ومحاولات النبذ والتخويف. إذاً، بقدر ما هي مضيئة انتفاضة الجنوب وملهمة وباعثة على الأمل في نفوس كل اللبنانيين، هي أيضاً مطرح رهبة “الجوار المخيف”، التهديد الذي نحاول إشاحته من مخيلتنا. ذاك الذي نعرفه في شوارع بيروت في العام 2008 ويعرفه السوريون طوال السنوات الثماني المنقضية.
التحدي الذي واجهته روح الانتفاضة، شبابها، ذاك “الأمر” الذي أتاهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة. وكان الجواب واضحاً: الإضراب. جواب أكده أساتذة الجامعة اللبنانية، وبيان أساتذة الجامعة الأميركية، وإعلان الجامعتين اليسوعية والعربية عن الاستمرار بالإقفال. هكذا فشلت وزارة التربية وإدارة الجامعة اللبنانية في مناورتهما المكشوفة.
مقابل ذلك، بدأت تشعر الحشود أن لا بد من حد أدنى من التعبير السياسي، من تنضيد عبارة سياسية متماسكة. مسودات البيانات المكتوبة من مجموعات عدة لم تصل بعد إلى نصها الجامع.. وهذا بديهي بل ومبكر.
على هذا المنوال عقدت أكثر من 15 مجموعة من الحراك وبعض القوى السياسية مؤتمراً صحافياً في ساحة الشهداء للرد على ورقة الحكومة الاقتصادية وتحديد خطوات المواجهة، وأكدت فيه “استمرار التظاهرات إلى حين تحقيق المطالب. البيان الذي تلاه العميد المتقاعد جورج نادر لفت إلى أن اللبنانيين انتفضوا ثأراً بعدما أغرقتهم ممارسات السلطة في الظلام والطعام الملوّث والمياه الملوثة والأقساط المرتفعة والبطالة والفقر. كما انتفضوا رفضاً لإمعان السلطة في إذلالهم وتقاسم الحصص، بدلاً من معالجة المطالب المحقة وثأرا لكرامتهم المهدورة.
وأكد بيان الحراك أن الشارع أسقط الشرعية والسلطة الحاكمة. واستجابة للانتفاضة الشريفة نعلن نحن “هيئة تنسيق الثورة” أننا سنقوم بالاتصال بالمجموعات ونبقي أبوابنا مفتوحة للجميع لإنشاء تجمّع من قوى الإعتراض.
وطالبوا باستقالة الحكومة فوراً وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة، تكون مهامها محددة باسترداد الأموال المنهوبة من قبل كلّ من تولّى السلطة من 1990 حتى اليوم. ومنعهم من مغادرة البلاد، ومحاسبتهم، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق نظام انتخابي جديد في مهلة أقصاها 6 أشهر”.
وطلبوا من المواطنين الاستمرار في التظاهر والاحتجاجات في العاصمة والمناطق حتى تحقيق المطالب. كما دعوا القوات المسلحة وعلى رأسها الجيش الوطني إلى حماية المتظاهرين في كلّ المناطق والأشخاص الذين تعرضوا للتهديد في أماكن سكنهم.
سرعان ما تبين أن مجموعات أخرى متوجسة من أن يتولى عسكري متقاعد تلاوة البيان أو أن يبدو قائداً للحراك، تخوفاً من أي ميول عسكريتاريا شعبوية تطغى على مزاج الحراك وخطابه. لذا، كان هناك نوع من التخلي عن البيان والشروع في مشاورات أوسع، خصوصاً أن المطلب ليس فقط إسقاط الحكومة دون باقي أركان النظام، وبالأخص رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان أيضاً وسوية. لكن أهم ما أظهره يوم الثلاثاء وما فاجأ السلطة والناشطين معاً، هو هذا العناد العمومي والشعبي، الذي بات “يهندس” ويرتب يومه على إيقاع الإنتفاضة: قبل الظهر لقضاء الحاجيات وإنجاز الأعمال الضرورية. وابتداء من بعد الظهر وحتى ما بعد منتصف الليل يكون الانخراط في التظاهرات والسهر في الساحات.
الانتفاضة باتت نمط حياة.

العونيون يتآمرون لتوريط الجيش.. والقيادة ترفض
منير الربيع/المدن/23 تشرين الأول/2019
أسهمت ممارسات جيوش الأنظمة العربية، بزرع العداوة بينها وبين المواطنين. ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي، كانت الجيوش إما العصا الغليظة للأنظمة كما هو الحال في سوريا، وإما صاحبة “الانقلاب” (الثورة المضادة) في استلام السلطة، كما حصل في مصر وغيرها.
هذه الجيوش نفسها عن مهمتها الأساسية في حماية البلاد والسكان، وشاركت إما ببطشها وسحقها، أو بضرب أي مشروع سياسي مدني، بهدف إلى إعادة ترسيخ الأنظمة العسكرية. بين 2008 و2015. الجيش اللبناني مختلف عن هذه الجيوش، فهو المؤسسة التي تحظى باجماع كل اللبنانيين، وفي الوقت نفسه تلقّت انتقادات من مختلف اللبنانيين حسب الظروف السياسية. فمثلاً، في أحداث السابع من أيار 2008، نقمت فئة واسعة من الشعب اللبناني على الجيش لعدم تدخله وحمايتهم من هجوم حزب الله واجتياحه لبيروت. قبل ذلك، كان الجيش يحظى بالدعم والتعاطف الهائل من الفئة ذاتها في أحداث نهر البارد عام 2007. وبعد دخول الجيش في مواجهة الإرهاب، كان يحظى بدعم وطني وسياسي شامل. وحاولت أطراف سياسية عديدة، خصوصاً التيار الوطني الحرّ، الاستثمار بموقف الجيش، لتحقيق مكاسب سياسية على حساب خصومها، من خلال المزايدة في دعم الجيش. لكن هذا الطرف ذاته لم يتوان عن مهاجمة الجيش وقيادته، حين كان جان قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية. وبالعودة بالذاكرة إلى العام 2015، نستعيد تحركات التيار الوطني الحرّ في الشارع التي كانت تستهدف الجيش وقيادته في تلك المرحلة، لأن التيار كان يسعى لتعيين العميد آنذاك شامل روكز قائداً للجيش. وحينها شنّ التيار هجوماً عنيفاً على المؤسسة العسكرية وقيادتها. اليوم، يحاول التيار الوطني الحرّ وضع الجيش في مواجهة المواطنين والمتظاهرين. كل المعلومات تؤكد حجم الضغوط التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية، للتدخل وفض التظاهرات وفتح الطرقات ولو بالقوة. لكن الجيش اتخذ قراراً واضحاً بعدم التدخل والاصطدام مع المتظاهرين. وهذا مؤشر كبير على قرار الجيش بعدم مخاصمة الشارع لحساب السلطة السياسية. واستمرت محاولات استدراج الجيش، أولاً من خلال عملية جس النبض عبر حملة الدراجات النارية الفاشلة التي جابت بيروت وتصدى لها الجيش، وثانياً من خلال ضغط التيار الوطني الحرّ والتهديد بالنزول إلى الشارع واصطناع ساحات مضادة. ولو اصطنعت فستؤدي حكماً إلى صدامات وتوترات. نية التيار هي بوضوح استدراج الجيش للتدخل، لكن ذلك لم ينجح أيضاً. “مؤامرة” فجر الأربعاء تفشل

المشاهير في الساحات..والسوشيل ميديا خرقت هواتفنا!
عبير بركات/الكلمة اونلاين/23 تشرين الأول/2019
وفي اليوم السابع، يستمر الشعب اللبناني بالاحتجاج على الورقة الاصلاحية التي أعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري نهار الأثنين، والشعب مستمر في تظاهراته الى حين اسقاط الحكومة التي تصر على عدم سماع صرخته ووجعه وألامه..
شائعات كثيرة تطال الزعماء والسياسيين والقضاة، فبركات السوشيل ميديا تطيح بهواتفنا دون استأذان.. انها ثورة الهواتف الذكية.. يستغرق فبركة خبر ثلاثين ثانية لينتقل بسرعة البرق الى مليون لبناني على الأقل عبر غروبات الواتساب.. لذلك من الضروري توخي الحذر عند ارسال أخبار مشبوهة والتأكد منها قبل توزيعها.. وفي الوقت ذاته، ساعد تطبيق الواتساب والفايسبوك والانستغرام بانتشار أخبار ثورة لبنان في كافة انحاء العالم، فاستفاق شعور الوطنية عند اللبنانيين الذين غدرهم بلدهم وحلموا بالعودة اليه لانه اجمل بلد في العالم، ولان شعبنا هو من اذكى وارقى شعوب العالم، ولكن سياساتنا وحكوماتنا عبر التاريخ هي التي زرعت فينا الطائفية والحقد.. انها ثورة الفيديوهات.. طريقة بسيطة وسهلة تدخل هواتفنا وتطبيقاتنا فنستمع الى صرخة أشخاص عاديين احيانا يوجهون رسائل للزعماء علهم يسمعونهم، وأيضا ينتقل الفيديو بلحظات الى هواتف كم كبير من اللبنانيين.. انها ثورة الفنانين اللذين هم من هذا الشعب وهمومهم هي نفسها هموم الشعب ولو كانوا وجوها معروفة لانهم يمثلون او يغنون.. وعلى وقع استمرار الانتفاضة الشعبية في جميع المناطق اللبنانية حصلت اليوم مواجهة بين الجيش اللبناني والمتظاهرين واثبت المواطن اللبناني أنه مُصر على الانتفاضة والبقاء في الشارع رغم كل الظروف ومصر على حماية واحترام الجيش اللبناني الذي ربما يكون فردا من عائلته..ينتظر اللبنانيون من الحكومة اللبنانية ان تتنحى رغم محاولاتها تجنب دفع الثمن سياسياً إلا أن ذلك سيحدث عاجلا ام اجلا.. وبرز اليوم موقف للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي والمطران الياس عودة الذين ساندوا الاحتجاجات والمتظاهرين. يبقى الترقب سيد الموقف.. نعيش الساعة بالساعة منتظرين اي خبر نبني عليه أمالنا.. على امل ان نحل مشاكلنا بنفسنا ولو لمرة دون تدخل الخارج لحلها قبل فوات الاوان.

بالفيديو من النبطية: “شبيحة النظام” يعتدون على المتظاهرين والإعلاميين
المدن/الأربعاء23/10/2019/اضغط هنا
نشر ناشطون في مواقع التواصل مقطع فيديو يوثّق الاعتداء على المتظاهرين في منطقة النبطية، من قبل من أسموهم “شبيحة النظام”، حيث ظهر واضحاً تعرّض العديد من الشبان والشابات إلى الهجوم والضرب، في محاولة لفضّ الاعتصام من أمام سراي النبطية.
ويُسمع في الفيديو صوت أحد المتظاهرين وهو يقول إنهم في النبطية يتعرضون للتعنيف والترهيب، حيث تقوم شرطة البلدية بمحاولة فضّ اعتصامهم بالقوّة وطردهم من ساحة التظاهر. وقال ناشطون في “تويتر” إنّ عناصر شرطة البلدية، المدعومين من “حركة أمل”، قاموا بالاعتداء على المتظاهرين، في حين أفاد آخرون عن وجود عشرات الجرحي، الذين نقلوا إلى مستشفيات المنطقة. إلى ذلك، أفادت مراسلة قناة “إل بي سي” في النبطية، رنا جوني، عن تعرّض الفريق إلى الاعتداء وتكسير الهاتف الذي كانوا يصورون به. كما أصيب مصوّر تلفزيون “الجديد”، وتوقّف بثّ المحطّة في المنطقة.

حزبيو النبطية يتظاهرون ليلاً إخفاءً لوجوههم
زينب كنعان/المدن/23 تشرين الأول/2019
علا صوت الثورة في جميع المناطق اللبنانية، وطغت صرخة الوجع الناطقة بمطالب اللبنانيين التي لا تعد ولا تحصى من فرط فساد الحكّام، فكان صوت الوحدة جسرًا وطيدًا يجمع اللبنانيين كافة.
أغاني “الطّفار” البعلبكية
يطلق عليها البعض “مدينة الإمام الحسين”، أو مدينة المشهد الحسيني في العاشر من محرم. لأنها هي التي تشهد كل عام إحياء مراسم عاشوراء بأعداد كبيرة، وتسهر شوارعها ليلًا وترتدي السواد من أجل قضية الحسين. لكن أهلها اليوم، أي أهل مدينة النبطية، عاصمة جبل عامل، رفعت صوت “الطفّار”. وهذا اسم الفرقة الموسيقية البعلبكية التي انعقدت على إيقاعها في النبطية حلقات الدبكة، أمام السرايا الحكومية، إضافة إلى أغاني جوليا، وسواها من الأغاني الثورية. واتسمت المبادرات الاحتجاجية التي شهدتها النبطية بالطابع الفردي. ناشطون كثيرون رفعوا صوت الثورة بمبادراتهم. والمبادرات هذه ألغت أصوات المشككين في صدق أوجاع وآلام أهالي النبطية، وسواها من أصوات الشعب اللبناني الذي نسبت الشائعات تحركاته الاحتجاجية إلى سفارات أجنبية. وجاء الجواب على ذلك من شباب النبطية الذين نزلوا إلى الشوارع. أحمد هو من الأوائل الذين شاركوا في قطع الطريق المؤدية إلى النبطية. وها هو يخبرنا أن منسّق أغاني احتجاجات ساحة النبطية، أو (الدي جي) هو من أبناء المدينة، لا يتلّقى إلا القليل في مقابل تقديمه مكبّرات الصوت. والمبلغ يُجمع من الشباب أنفسهم، ألف ل.ل من هنا و500 ل.ل من هناك. ليس المبلغ كبيراً، لكنه يكفي لدفع ثمن البنزين للمنسّق (الدي جي) فقط.
لتعود النبطية أجمل
أمام السرايا افترشت الأرض يافطة بيضاء حملت تواقيع بعض الأشخاص وعبارات أخرى مثل “كلن يعني كلن”، “ثورتنا سلمية من قلب النبطية”، “بإصرارنا سيرجع لبنان أجمل”. وشاركت في المبادرات التي أطلقت النشاطات الأولى فرقة “زفة” التي تقيم أنشطة فنيّة في النبطية. وهدف الفرقة كسر الصمت الذي فُرض على البعض مخافةً من بطش المنتمين إلى الأحزاب في المنطقة. والفرقة ساهمت في حشد الناس، فشاركوا النشاطات الاحتجاجية لحركة الثورة السلمية. وتولت الفرقة تنشيط حلقات الدبكة وتنظيمها أمام السرايا، فاحتشدت الجموع للمشاركة.
الليل وعلاقات جديدة
ويرى علي أن أجواء الاحتجاج الجديدة خرجت على الجو المعتاد في النبطية. فساحة السرايا في النبطية لم تشهد حلقات رقص ودبكة من قبل، بل كان يطغى عليها دوماً طابع الالتزام الديني. البعض احتج على هذه الظاهرة الجديدة، معتبراً أن الأغاني الثورية لا بأس بها. أما المحتجون فالأهم عندهم اليوم هو الاستماع إلى صوت الناس ومطالبهم. واللافت في أحاديث الشبان هو كلامهم عن الفرص التي أتاحها لهم التظاهر للتعرف إلى وجوه جديدة من مناطق مجاورة، ومن داخل النبطية حتى. فأحد الشبان لم يكن يتصوّر يومًا أن يكوّن علاقة صداقة مع بعض الأشخاص، نظرًا لاختلاف توجهاتهم السياسية. فبعض المنتمين للأحزاب شاركوا في الاعتصام، محتاطين خائفين من أن تظهر وجوههم واضحة في الواقع وفي الصور. وعلى الرغم من الحذر، فإن كثيرين تجرؤوا وشاركوا. وهذا ما تكاثر ليلاً. لذا تكون التظاهرات والاعتصامات الليلية أوسع وأقوى وأمتع من النهارية. وعلى الرغم من أن البعض قد فتحوا متاجرهم، ونسبة من الطلّاب عاشت يومًا مدرسيًا عاديًا، لكن الناس ما زالوا يتوافدون إلى الاعتصام أمام السراي لرفع راية لبنان: علمه الرمز الذي يُفرح الأهالي تلويحهم به في الساحة، كأنهم بذلك يؤكدون انتماءهم إلى لبنان.

الفيديو – اعتداء على المتظاهرين بالعصي بالنبطية… “انتو بتعرفوا الحسين”؟!
الكلمة اونلاين/23 تشرين الأول/2019/اضغط هنا
رغم حشد حزب الله وحركة أمل لمحازبيهم بوجه المعتصمين أمام سراي النبطية وقيامهم بمنع التصوير والنقل المباشر في محاولة للتعتيم الإعلامي على ما يجري في النبطية عاد الآن المتظاهرون واحتشدوا بكثافة وبازدياد أمام السراي وحناجرهم تصدح بصوت عال بشعارات الثورة متحدّين محاولات القمع وفض الإعتصام ووقفت قوة من الجيش حائلاً بين المتظاهرين والمعتدين وهناك استياء شعبي بدا واضحاً على ما أقدم عليه محازبو حزب الله وحركة أمل. وعلى الاثر، أقدم محازبي حركة أمل وحزب الله بتحطيم وانتزاع هواتف عدد من المتظاهرين. في غضون ذلك، تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي فيديوهات تظهر تعرّض المتظاهرين في مدينة النبطية للإعتداء بالعصي، فيما مُنع الصحافيون من التصوير وتم قطع البث المباشر لقناة “الجديد”. التوتر هذا دفع الجيش إلى التدخل بعد مناشدات الأهالي لفض الاشكال، الذي أسفر عن تسجيل إصابات بين المتظاهرين وشرطة البلدية أمام سراي النبطية.
هذا وتوجّهت إحدى المتظاهرات لعناصر البلدية بالقول: هيك بقلكن الحسين تعملوا؟”.

تسجيل لمقاتل من حزب الله عن الانتفاضة: سنحتل الساحتين
المدن/23 تشرين الأول/2019/اضغط هنا
تعيش بيئة حزب الله استنفاراً سياسياً وتوجساً كبيراً من خروج اللبنانيين ضد المنظمة السياسية الحاكمة والتي يرعاها ويحميها حزب الله. عدا عن خطاب نصرالله الأخير الذي أعلن فيه رفض إسقاط الحكومة والعهد، تبث وسائل إعلام الحزب خطاباً تعبوياً ضد جمهور الانتفاضة.
إن التسجيل المثبت أدناه، هو عينة مثالية على نمط تفكير أتباع الحزب ومناصريه. عضو من حزب الله توجّه إلى رفيق له اسمه حسين ما زال مصراً على المشاركة في التظاهرات، متمرداً على الانضباط الحزبي. “يا حسين توصل بالسلامة. لكن بعد يومين أو ثلاثة أيام إن شاء الله ستصل ولا ترى أي شخص تحت (ساحتا الشهداء ورياض الصلح). وفي حال وجدت أحد، سترانا نحن ممسكين بالساحتين. يبدو أنك غير مقتنع بما أقول، أو إنك تتقصد عدم فهم الوضع على الأرض، أو إنه مضلل بك مثل الذين يهتفون. غداً سترى يا حسين وستقول أبو رعد قال. إذا ما فاقوا عا حالن وعادوا إلى بيوتهم متل الشاطرين، لأن رح تتحقق مطالبهم، لكن من دون سقوط الحكومة. فسقوط الحكومة والعهد يا حسين هو ضربة لمحور المقاومة وللسيد حسن شخصياً. ولو كانت الأمور غير ذلك لما قال السيد حسن ممنوع سقوط العهد. نحن يا صديقي أصحاب الولاية نتعبّد بالتكليف وبكلام السيد حسن. لسنا من الذين يحبون السيد حسن ويتظاهرون ضد السيد حسن فهو ليس ضد أي لقمة عيش. هل أنا لست لبنانيا يعيش مثل بقية اللبنانيين الذين تفرض عليهم الضرائب ويدفعون فاتورة الكهرباء والماء مرتين؟ كلنا في الهواء سواء. اقسم بالحسين أنني لم أجد حتى ألف ليرة في بيتي البارحة. وهل تظن أن الجوع لم يضربني مثل غيري؟ لكن هناك تقدير للموقف. عندما يخرج كبيرنا ويقول ليس لنا مصلحة في التظاهرات، كما تبلغنا، كون ركب عليها الإسرائيلي والأميركاني والسعودي، والإماراتي. فكيف تريدني أن انزل وأصرخ في هذه التظاهرات؟ كيف تريدني أن اسقط العهد، الذي تريد إسرائيل وأميركا اسقاطه؟ كيف تقبل على نفسك النزول إلى تظاهرة باركتها إسرائيل. أنظر إلى الإعلام الإسرائيلي وماذا قال مهللا لها ومروجا وفرحا لها (تظاهرة بيروت). ألم تسمع اليوم بتغريدة ترامب التي انتشرت على التلفزيونات والتي قال فيها أنه من هذه التظاهرات سننتصر على حزب الله؟
يبدو أنك في الأساس غير مقتنع أن التظاهرات ممولة من السفارة الأمريكانية والإماراتية، فكيف تريدني أن اقنعك؟ لقد شاهدنا الشيخ وهو يوزّع أربعة ملايين دولار ونصف على الناس في قلب التظاهرة. وشاهدنا الطاعم الذي يوزع ومحطة الواي فاي التي تم تركيبها. لم يحصل من قبل في التاريخ تظاهرة ينزل إليها مليون شخص، لكن قبل، انتظر ليس صحيحاً العدد. السيد حسن ترك الأمور ليرى رزمة الإصلاحات، فعندما يبدأون بتنفيذها سيقول للناس تفضلوا وعودوا إلى بيوتكم، ونحن سنكمل الطريق وسنحارب الفساد. وحينها عندما يرفضون الخروج من ساحة الشهداء، السيد قال سنقلب المعادلة وننزل ونملأ الساحتين بوقت واحد، اسمع يا حسين. فهمت يا حبيبي، نحن أصحاب الولاية وما يقوله السيد حسن سنمشي به. وإذا جعنا معليش يا حسين، حزب الله أشبعنا كرامة وعزّة.
WhatsApp Audio 2019-10-23 at 1.32.20 AM.mp4

قاشوش طرابلس: خلصت سيرة بَيّ الكل
بتول خليل/المدن/الأربعاء23/10/2019/اضغط هنا
على طريقة أيقونة الثورة السورية الذي عُرف باسم ابراهيم القاشوش، واشتهر بقيادة التظاهرات التي هتفت بإسقاط النظام، وصاحب الحنجرة التي اقتلعها النظام الفاشي في سوريا، ولا تزال تصدح في ساحات الحرية عالياً ضدّ الظلم والفساد والتوريث وحملات التخوين، يقف مواطن طرابلسي أمام الحشود التي ملأت ساحة النور، هاتفاً بعبارات استلهمها من أشهر أنشودات القاشوش “يلا إرحل يا بشار”، والتي كان المتظاهرون في حماة يرددونها خلال بدايات الثورة السورية العام 2011. يهتف الرجل أمام آلاف الطرابلسيين المحتشدين، بالدعوة إلى رحيل رأس النظام اللبناني، الرئيس ميشال عون وصهره، وزير الخارجية جبران باسيل، قائلاً: “ميشال عون ويلا فل، خلصت سيرة بيّ الكل، عهدك كلو عهد الذل، ويلا ارحل ميشال عون”، مضيفاً: “صهرك حكمتو فينا، نحملكم ما عاد فينا، فينا نكحشكم فينا، ويلا ارحل ميشال عون”، و”يا جبران ويا قاشوش، انت حقك خمس قروش، الشعب فيكن كان مغشوش، ويلا ارحل يا جبران..”.
لا تحمل أي من تلك الهتافات، التي تفاعل معها المحتشدون في الساحة الطرابلسية بحماسة شديدة، أياً من الابتكار أو البصمة الخاصة، فهي ليست سوى استقطاب واستجلاب لشعارات التمرّد التي حرّكت جموح الشعب السوري مطلع الثورة السورية. وبالرغم من أن ترداد شعارات تلك الثورة سُجّل في التظاهرات التي شهدتها مناطق لبنانية أخرى، إلا أن استقطابها في طرابلس يحمل رمزية ومعنى مختلفين، بالنظر إلى هوية المدينة وتاريخ صراعاتها وطبيعة مسار الأحداث الأمنية والسياسية التي تشهدها منذ سنوات. ولطالما كانت عاصمة الشمال اللبناني وأهلها على التئام كبير مع الثورة السورية، فهم تشرّبوا أحداثها بشكل يومي وبطرق عديدة، سواء من خلال الأخبار أو مشاركة العديد من أبنائها في القتال أو التصاقهم بقضية اللاجئين السوريين الذين تتواجد نسبة كبيرة منهم في المدينة ومحيطها، ما جعلهم في قلب الحدث وتطوراته على الدوام.
ولا يبدو مستغرباً يستلهم أهل المدينة شعارات الثورة السورية المستمرة منذ ثماني سنوات لانتفاضتهم الراهنة والمستمرة، إذ إن ما حصل ويحصل فاجأ الجميع. فالانتفاضة الحالية مذهلة بشكل كامل، والمشهد الذي قدّمته المدينة كان قبل أيام مجرّد حلم أو ضرباً من الخيال. لم يتوقع أحد أن تجمع طرابلس الموزاييك اللبناني من جميع المناطق المحيطة بها. تلك المناطق التي لطالما كانت مفككة بفعل الانقسام السياسي والتوتر الطائفي، جمعتها طرابلس موحدّة يداً بيد، وهو مشهد لم تألفه المدينة ولا ناسها، الذين اعتادوا التظاهرات المؤيدة للزعماء أو التحركات المطلبية المتبوعة بالعنف والقوة أكثر من تلك الموسومة بالديموقراطية والفرح والأهازيج. ولا شكّ أن التجربة الحديثة التي تُعايشها المدينة اليوم، استلهمت مظاهرها أيضاً من المشاهد الاحتفالية لانتفاضة الاستقلال في 14 آذار 2005، بعد 30 عاماً من الوصاية السورية على لبنان، والتي كانت لطرابلس حصّة المعاناة الأكبر منها، بالإفقار وانعدام السياسات التنموية، ثم بالترويع والترهيب والقمع وصولاً إلى القتل والإجرام. فكان للثورة السورية لاحقاً الوقع القوي في نفوس الطرابلسيين، الذين استشعروا بأنها ثورتهم أيضاً على الظلم والطغيان، حتى أن المدينة لم تسلم، لشدّة التحامها بالثورة، من دفع الثمن بتعرضها لهزّات أمنية على طول السنوات الماضية، سواء من خلال الاشتباكات العنيفة مع جبل محسن أو حادثة تفجير مسجدي السلام والتقوى وغيرها. كما أن المدينة التي ناءت طويلاً تحت وطأة الفقر والحرمان، والتي لم يوفّر العهد الجديد جهداً في نبذها ووصمها من قبل رموزه بالإرهاب والداعشية، مثلما سبق لبشار الأسد أنّ خوّن المدن التي ثارت عليه وانتفضت ضدّه، يُصبح مفهوماً اليوم تبنّيها وتردادها للشعارات المناوئة نفسها، حيث أنّ “يلا إرحل ميشال عون” و”يلا إرحل يا جبران”، ليست سوى نوع من الثأر الذي تحمّس إليه الطرابلسيون تجاه الرئيس عون وصهره، تماهياً مع الغضب الذي فاض في نفوس السوريين تجاه الأسد وحلفائه وأتباعه.

“شبيحة” حزب الله وأمل بلباس شرطة البلدية يهاجمون النبطية
المدن/الأربعاء23/10/2019
كانت ليلة الثلاثاء الأربعاء توحي أن غليان حركة امل وحزب الله قد وصل إلى الذروة، ولم تشف غليلهم رسائل “الواتس آب” المعممة، والمدافعة عن رمزيهما الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، فعمدوا إلى الضغط على الجيش لفتح كل الطرقات، وهو ما حدث في كل مناطق الجنوب، باستثناء دوار كفرمان في منطقة النبطية، الذي استمر إلى ما بعد الظهر. لم يخف الطرفان (حركة وحزب الله ) الممسكان بكل مفاصل الحياة في الجنوب غضبهما الكبير من ما وصفاه “النيل من مقدساتهما” ورموزهما، بعدما لمسا اهتزازاً لم يسبق له مثيل منذ النشأة، خصوصاً حركة أمل التي لم “تبلع” ما يحدث منذ اليوم الأول.
قمع وضرب “بلدي”
هذه القوى الحزبية عبرت عن استيائها بوضوح في صور من خلال ظهورها المسلح الكثيف والاعتداء على مجموعة من المتظاهرات والمتظاهرين والإعلاميين. فحزب الله الذي كان يتحضر للنزول إلى الشارع لتعطيل مفاعيل الاحتجاجات غير المسبوقة تراجع عن هذه الخطوة قبل ثلاثة أيام، بعدما كان أبلغ عناصره بالاستعداد للنزول إلى الشارع عبر “الواتس آب”، برسائل تم تسريبها، عاد ونفذ ذلك بطريقة غير مباشرة، أي عبر شرطة بلدية النبطية المحسوبة بالكامل على حزب الله، التي عمل عناصرها بلباسهم العسكري على مطاردة المحتجين، الذين سقط منهم عدد كبير من الجرحى والاعتداء على فريق “قناة الجديد”، ولا سيما مصور القناة، الذي كان يتولى النقل المباشر وسط مدينة النبطية، مع مراسل المحطة الزميل هادي الأمين، وذلك بمؤازرة من شبان كانوا يهتفون “لبيك يا نصر الله” و”لبيك يا حسين” على مرآى من القوى الأمنية اللبنانية، فيما كانت تردد متظاهرات أصابهن الهلع “هل يقبل بذلك الإمام الحسين الذي كان نصير الفقراء والمظلومين؟”
صمود دوّار كفررمان
ورغم كل ما حصل من ترهيب وضرب لم يغادر عدد كبير من المعتصمين الشباب الساحة، وفصل بينهم وبين عناصر شرطة النبطية عناصرٌ من الجيش اللبناني. وأشار الزميل هادي الأمين توضيحاً لما حدث، باتصال مع “المدن”: “هناك قرار اتخذته حركة أمل وحزب الله بفض الاعتصام، وابلغ رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل (ينتمي الى حزب الله) المنظمين بضرورة فك الاعتصام. وسرعان ما هاجم عناصر الشرطة بلباسهم العسكري المعتصمين بشكل عنيف، وكسروا كاميرا تلفزيون الجديد وتعرضوا لمصورها، الذي كان يتولى النقل المباشر”. وفي هذا الوقت كان المتظاهرون عند دوار كفرمان على المدخل الشمالي للنبطية يواصلون اعتصامهم، بعدما فشلت كل محاولات ثنيهم على فتح الطريق، ورغم تهديدهم بمواكب سيّارة تتقدمه جرافة بهدف الضغط والتهويل. يقول أحد قادة الحراك في منطقة النبطية الدكتور علي الحاج علي (حزب شيوعي): إننا مصرون على المضي بتحركنا السلمي حتى تحقيق المطالب المرفوعة على امتداد الوطن، باسقاط نظام الفساد والمحاصصة وقمع الحريات. وأضاف أن عدداً كبيراً من معتصمي النبطية، الذين طاولهم اعتداء شرطة بلدية النبطية، انضموا إلى المعتصمين منذ أيام عند دوار كفرمان، مؤكداً أن المحتجين في المنطقة لن يخلوا الساحة دفاعاً عن حقوقهم وكراماتهم، ومواجهة الإفقار والحرمان التي تنتهجها السلطة بكل مكوناتها.
إعادة صورة برّي
جنوباً استمر الحراك الشعبي في مدينة صور، حيث توافد إلى ساحة دوار العلم على مدخل صور الشرقي المئات من أبناء المدينة والقرى المجاورة. وساروا في تظاهرة هادئة، وسط الهتافات المنددة بأركان السلطة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نحو فرع مصرف لبنان في منطقة البوابة، بمواكبة من عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بينما كان رجال حركة أمل منشغلين في رفع صورة عملاقة للرئيس بري، تم استبدالها بعدما كان أقدم متظاهرون على إحراق جزء منها على أحد المباني المقابلة للاعتصام.