الدكتورة رندة ماروني: أسياد وعبيد

406

أسياد وعبيد
الدكتورة رندة ماروني/26 أيار/2019

إذا كان إقرار الموازنة التقشفية شرطا أساسيا من شروط “سيدر” للحصول على القروض المالية، فإنها أيضا على ما يبدو شرطا أساسيا من شروط الإنقلاب على السلطة وعلى النظام برمته.
إنقضاض على السلطة كردة فعل طبيعية نتيجة لما ستخلفه مد اليد على الحقوق المكتسبة العائدة لمختلف القطاعات العامة بغض النظر عن تفاوتها بين قطاع وآخر، حيث أن ما فرقته الطائفية جمعته الجيوب ولقمة العيش في كل قطاع على حدا من القطاعات العامة، وخصوصا في تلك التي ما زالت نوعا ما يتصف عملها النقابي بالاستقلالية بحدها الأدنى.
وبالرغم من التفاوت في الرؤيا بين القطاع العام والقطاع الخاص، الا انه لم يسلم ايضا من يد الغدر الغير مباشرة على لقمة عيشه نتيجة حتمية لرفع الضرائب على البضائع المستوردة والتي تطال العديد من السلع الإستهلاكية الضرورية مقابل انخفاض القدرة الشرائية.
كما هي (إقرار الموازنة التقشفية) شرطا للانقضاض على النظام برمته بعد إظهاره عاجزا رثا لا خير فيه نتيجة لمحاصصة مصاصي الدماء والتي أوصلت النظام اللبناني في صيغته التوافقية.
إلى هذا الدرك من الانحطاط والفوضى، فهل كل ما نشهده اليوم من تقلبات هو مدبر، أم بريء وهو نتيجة حتمية وتطور طبيعي لصيغة النظام التوافقي كما يحلو للبعض أن يفسر ويحلل؟
التوافقية تعكس الطبيعة التعددية للمجتمع اللبناني وهي براء من أفعال اللصوص، وميثاق رياض الصلح وبشارة الخوري يئن من نهم جياع لم يشبعها الغرف من المال العام لتملأ به بنوك أوروبا وتغرق الأجيال بالديون لعصور قادمة.
فبعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، والانسحاب السوري من لبنان كافة، ذهب إحتلال ليتصدر على قلوب اللبنانيين إحتلال آخر، إحتلال يشل الدولة والمؤسسات ويغير معالم اللعبة السياسية وينهي معادلة الأرض والشعب والمؤسسات، المعادلة الطبيعية لأي دولة في العالم، ليضع مكانها معادلة فوقية لا تعرفها وتتبجح بها سوى الأنظمة الديكتاتورية والمتخلفة، سميت بالثلاثية الذهبية الا وهي شعب جيش، مقاومة، ما زالت تحتفل بتصدرها في الخامس والعشرين من أيار من كل عام لتعيد على أسماعنا نفس الأسطوانة من عبارات الشكر والإمتنان لنظام بائس أقل ما يقال فيه بأنه نظام مجرم، هدف لتصفية الكيان اللبناني وإعادة صياغته على هواه الإيديولوجي المختلق المزور.
وبالتوازي مع الفوضى الحالية القائمة والتخبط الإقتصادي المفتعل نتيجة للاحتلال، إحتلال الدولة، وتغييب المؤسسات وإنصهار طاقمها بتسوية مارقة تعيق مفهوم المحاسبة والرقابة المالية على اللصوص وتشرع تقاسم الصفقات المشبوهة والسرقات وتشرع كافة الأبواب والمعابر البرية والبحرية للسياسات الإغراقية، تسوية لا تعرف ثباتا بين أطرافها بل إنزلاقا تدريجيا لكافة القوى التي ارتضت بها بديلا عن الدولة.
تسوية لا تعرف ولاءا ولا تضامنا، إنما تحاك المؤامرات والانقلابات بين أطرافها، فنرى من يتواجد داخلها وفي نفس الوقت في الخارج وفي الشارع داعما ومحركا وفاعلا.
وبالتوازي فإن طبخة تغيير أسس النظام برمته تحضر على نار هادئة، وتحضر الدائرة الواحدة بحماية السلاح، فمن وقع تسوية لتغيير معادلة الدولة بمعادلة مشبوهة ليس غريبا ولا مستبعدا عليه أن يكمل كما بدأ سائر بعزم إنما إلى الهاوية دون إدراك إلا لغاية واحدة تدور في رأسه، تثبيت الملك والتربع على العرش، لتخليد إمبراطورية الأسياد على شعب أرادوه عبيد.
أسياد عبيد
وتشويه نظام
حلم وضيع
يراود أقزام
دخلوا تسوية
أقدموا إقدام
خطوا الخطوط
بأحقر الأقلام
حددوا اهدافا
صوبوا سهام
إغتالوا نوره
حيكوا الظلام
زرعوا فيه
حقول ألغام
نفثوا سمومهم
دون احجام
ارادوه مريضا
بأخبث الأورام
أسياد عبيد
وتشويه نظام
حلم وضيع
يراود أقزام.