الدكتورة رندا ماروني: الأسد يتفهم موقف باسيل إنما يفضل موقف بري

385

الأسد يتفهم موقف باسيل إنما يفضل موقف بري
الدكتورة رندا ماروني/14 كانون الثاني/19

الخطر الوجودي بات يطرق على الأبواب، إنه شعور كل مواطن لبناني حريص على الدولة وعلى سلامة الكيان اللبناني، فكيف بالحري الصرح الذي أعطي له مجد لبنان.

لقد دُق ناقوس الخطر متأخرا من قبل البطريركية المارونية ليحدد يوم الأربعاء المقبل يوم لإجتماع تشاوري، دعي إليه أصحاب المعالي والسعادة ورؤساء الكتل النيابية والنواب الموارنة، فلقد وجه غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوة إلى إجتماع تشاوري وجداني يعقد في الصرح البطريركي في بكركي في السادس عشر من شهر كانون الثاني عند الساعة العاشرة صباحا وذلك للتداول في دور الموارنة بمواجهة الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وما بلغت إليه من ترد على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وما تقتضيه من مبادرات ومقاصد تنسجم وواجبهم في الحفاظ على دولة لبنان التي كانوا في أساس قيامها وقدموا المئات من الشهداء في سبيل بقائها.

لقد أتت الدعوة متأخرة بعد أن إلتمس غبطته إستحالة تشكيل حكومة لتسيير شؤون الدولة في ظل الضغوطات الإقليمية وإرتفاع سقف المطالب وإختلاق العقد والعراقيل، الأمر الذي أوحى بوجود قطب مخفية تأخر التشكيل عمدا وتستهدف الأعراف المتبعة والنظام برمته لغاية في نفس يعقوب، غاية يتم التداول بها منذ فترة طويلة ولربما اليوم قد حان موعد القطاف.

الأمر الذي يهدد إستمرار تسوية مهدت لها ورقة تفاهم ظن أحد أطرافها أنها ذات صلاحية طويلة الأجل فيما هي في الحقيقة قد أدت الوظيفة المطلوبة منها وإقتربت سلامة صلاحيتها على الإنتهاء إذا لم نقل أنها إنتهت فعلا ومنذ إعلان قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إنتصار هذا المحور في لبنان بعد إنتهاء العملية الإنتخابية النيابية مباشرة.

فالاهداف المتناقضة لأطراف التسوية ظهرت وطافت على سطح الإناء بعد أن تناغمت لفترة، فهدف حزب الله ومن وراءه سوريا وإيران على المدى الطويل كان ليس فقط التناغم، تناغم المصالح، إنما إدماج الطرف المتناغم معه حد الذوبان مما يشكل إنصهارا وخطر وجودي على الكيان اللبناني برمته لا ندري لما اليوم فقط تم إلتماس هذا الخطر وقرع جرس الإنذار مع أن الأمر كان جلي منذ البداية.

وللتاريخ عيون تشهد مدى معاناة اللبنانيين من أطماع النظام السوري في الكيان اللبناني ومحاولة إخضاعه بشتى الوسائل العسكرية والاقتصادية والترهيبية والتزويرية في الحقائق التاريخية وإختراع مفاهيم أيديولوجية لا تمت إلى الحقيقة بصلة، كما بات مستوى الهذيان الفارسي في إستعادة إمبراطورية الأحلام على أنقاض الدول العربية معروفة من الجميع.

إن إلتزام بنود التسوية ما زال أولوية لدى التيار الوطني الحر طالما أن هذه التسوية تؤمن إستمرارية مصالح التيار في الحكم والحكومة وعلى مستوى رئاسة الجمهورية، الأمر الذي لم يعد ليشكل أولوية لدى الطرف الآخر للتسوية في ظل التمايز في الأهداف والأولويات، ودعوة باسيل لبري بعدم المزايدة في التناغم مع النظام السوري لم تعد لتجدي نفعا، فبالرغم من أن الرئيس الأسد أعلن أنه يتفهم موقف التيار من القمة، إلا أنه يفضل موقف الرئيس بري الذي طالب وأصر على الحكومة اللبنانية توجيه الدعوة للنظام السوري للمشاركة في القمة الإقتصادية العربية في بيروت، كما دعى إلى تأجيل هذه القمة بحجة عدم وجود حكومة أصيلة لتواكب هذا الحدث بعد أن لمس إصرار رئيس الجمهورية بالسير قدما بالقمة بحكومة تصريف الأعمال، ثم بعدها صوب الرئيس بري على دعوة ليبيا لحضور القمة مستحضرا قضية الإمام المغيب موسى الصدر وتحقق تأمين الغطاء الشرعي لمطلبه من خلال إلتئام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي جدد مطالب الرئيس في بيان تحذيري إضافة إلى تحريك الشارع في موجات هستيرية هاتفة “بالروح بالدم نفديك يا نبيه” بالإضافة إلى حركات مطلبية زامنت تاريخ تحركاتها الأساسية في العشرين من الجاري مكان وموعد إنعقاد القمة العربية في بيروت.

ما وراء موقف الرئيس بري الصارم ما زال يدور في إطار التحليل، إلا أنه يصب في تعويم النظام السوري ومحاولة إستعادت دوره كطرف مؤثر في الداخل اللبناني، وفرض خطة سياسية للبنان الدولة تنسجم مع الأهداف الإيرانية والتطلعات السورية تلزم لبنان في سياساته الخارجية إقليما ودوليا وتفرض فيتو على كل محاولة سياسية مناقضة لهذه الخطة لا مانع فيها من أن يصل لبنان حد الإنهيار الكلي إتماما للسيطرة الكاملة، كما أن ما يدور اليوم يذكرنا بالعام ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ من ناحية ممارسة الضغوط التصاعدية التي قد تتكرر في موجة جديدة من الإغتيالات حتى إتمام المهمة.

فنظام الأسد يتفهم أكيد موقف التيار الوطني الحر من القمة، إلا أنه يفضل موقف الرئيس بري الضاغط لإستعادة الدور السوري وتثبيت محور إيران وإلزام لبنان الدولة والشعب الخضوع لهذا المحور..

فهل في الدعوة لإجتماع الأربعاء المقبل من قبل البطريركية المارونية إستشعارا حقيقيا لدقة المرحلة تتجسد في مواقف تعيد الامور إلى نصابها، أم لا زال السبات عميق والخطر الوجودي بات يطرق على الأبواب؟
خطر وجودي
على الأبواب
دق الناقوس
بعد غياب
طال زمانه
حتى إستجاب
غاب دهرا
صال وجال
خلف السحاب
لاحظ فجأة
عود ثقاب
استشعر خطرا
عاش اضطراب
دعا لقاءا
دون إنسحاب
لحشد جامع
كامل النصاب
لعل قرارا
يحدث إنقلاب
ويعيد السيادة
بعد إنتداب
ويضع حدا
لقانون الغاب
وخضوع مبرمج
لأنياب الذئاب
خطر وجودي
على الأبواب
دق الناقوس
بعد غياب.