روزانا بومنصف: أين نقاط الضعف في مواقف المعترضين/ميل خوري: معركة فرنجيه الجدّ كانت معركة أصوات ومعركة فرنجيه الحفيد هي معركة نصاب/الحريري يؤجل اعلان ترشيح فرنجية بعد اتساع الاعتراضات المسيحية/بري منزعج من رفض ترشيح مسلمين لفرنجية

293

أين نقاط الضعف في مواقف المعترضين ؟ مواجهة ترشيح فرنجيه تفترض وحدة خيارات
روزانا بومنصف/النهار/7 كانون الأول 2015
على رغم الجدية التي تتسم بها معارضة الافرقاء المسيحيين الاساسيين لترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى والتي لا يستهان بها في سياق لجم القدرة على الدفع نحو اجراء انتخابات رئاسية قريبا، يكشف فتح الاوراق بين هؤلاء الافرقاء وكيل الاتهامات الشخصية لبعضهم وراء الكواليس عن اسباب غير مقنعة على نحو كاف من اجل تسويق اعتراضهم على دعم فرنجيه لدى الخارج. فهذا الخارج يغطي وصول فرنجيه حتى لو كانت هذه التغطية من باب الرغبة في الا يستمر لبنان يشكل وجعا للرأس تحت وطأة المخاوف على استقراره وانهياره تحت وطأة دفق اللاجئين او نتيجة تحلل مؤسساته الدستورية. وهو الامر الذي لم ينطبق على الجنرال ميشال عون حين برزت فرصته قبل ما يزيد على السنة من دون ان يحظى بالتوافق الداخلي حوله. وما لم يصدر موقف مسيحي واحد يبرر المعارضة بواقعية واقناع او يحدد مطالبها بلغة موحدة كالحصول على قانون انتخاب متفق عليه في ما بينها، فان هذه المعارضة قد تنجح في عرقلة وصول فرنجيه بعض الوقت لا أكثر. فاعتراض التيار الوطني شبه محصور بالتساؤل عن سبب دعم فرنجيه وليس عون ما دام الحظر قد كسر على مرشح من قوى 8 آذار باعتباره الأحق سياسيا والاكثر تمثيلا شعبيا. فيما لا يقف الخارج تحديدا عند مطلب تلبية رغبة شخصية ما دام المنطلق تأمين انتخاب رئيس يرضي ” حزب الله” ويطمئنه، وهو التنازل الاساسي والكبير جدا الذي قدمه الرئيس سعد الحريري في مقابل تنازل شكلي الى حد كبير مطلوب من ” حزب الله” اي عدم ايصال المرشح الذي دعمه ولا يزال اي العماد عون، الذي تتم التضحية به من اجل تسوية يتنازل فيها فريق 14 آذار بنسبة كبيرة جدا. و” حزب الله” يدرك ذلك كما يدرك ان دعم ترشيح فرنجيه هو خيار لا يمكنه رفضه تحت اي ظرف فيما تقع عليه مهمة اقناع حليفه العوني بالتنازل الذي يتعين عليه ان يقدمه. ويخسر عون ازاء المنطق الخارجي لعدم امتلاكه ذرائع جدية باعتباره وفرنجيه من محور سياسي واحد مع فارق عامل العمرعلى رغم عدم اثارته في الداخل الى حد كبير الى درجة اعتباره عاملا مقررا. لكن حين اجرى زعيم التيار تعيينات داخل تياره مرتبا خلافته للوزير جبران باسيل في رئاسة التيار، اعطى مؤشرات عن رغبة في مواصلة زعامة فخرية انطلاقا من الاعتبارات التي حتمت عليه تأمين هذا الانتقال. فما ينطبق على رئاسة حزب يفترض مراقبون انه ينسحب على رئاسة الدولة وهي اهم بكثير من رئاسة التيار. اما ما يثار من ترتيب فرنجيه لمفاوضات من خلف ظهر حليفه، فهي مناوشات سياسية يرد عليها محيط فرنجيه بالتأكيد ان الوزير باسيل اعتمد الاسلوب نفسه لدى التحضير لمحاولة انتخاب العماد عون حين عقد لقاءات مع الرئيس الحريري في باريس ولم يكن سيتوقف عند ترشيحه من الرئيس الحريري وليس من القوى المسيحية، كما يتم التذرع راهنا، لو نجحت المفاوضات النهائية وادت الى انتخاب عون.
يمتلك الدكتور سمير جعجع في المقابل ذرائع سياسية اقوى انطلاقا من ان فرنجيه هو من خط سياسي مناقض للخط الذي ينتمي اليه رئيس حزب القوات اللبنانية. وحين سيعترض جعجع على دعم عون للرئاسة لاسباب سياسية معلنة (على رغم ان هناك اسبابا شخصية ايضا) لا يتوقع ان يدعم فرنجيه للاسباب المعلنة نفسها والعكس صحيح بالنسبة الى العودة الى احتمال لجوء جعجع الى دعم ترشيح عون في وجه ترشيح الحريري لفرنجيه علما ان محيط فرنجيه يكشف حوارا قام بين القوات والمردة قبل سنة تقريبا تناول من ضمن مجموعة امور احتمال وصول فرنجيه وطبيعة الضمانات التي يمكن ان يقدمها الاخير الى القوات في حال وصوله الى الرئاسة. فيما يرى هذا المحيط ان مشكلة جعجع هي مع الرئيس الحريري تحديدا في صراع لا يخفى وفق هؤلاء على صاحب كلمة السر السعودية من بينهما استنادا الى الحفاوة التي حظي بها جعجع في زياراته الاخيرة للرياض ومنافسته الحريري في السعودية نفسها. وهذا لا يعني ان ليس هناك مشكلة جدية لجعجع بوصول فرنجيه في الوقت الذي يشهد تاريخ منطقة الشمال على التنافس السياسي الحاد وربما اكثر بين زغرتا وبشري، لكنه وعلى غرار عون فان امام خيارات التصعيد من دون بدائل او افق حل مختلف عوائق كثيرة شأنه شأن العماد عون لجهة موازنة تحالفاته ومصيرها ليس للغد فحسب بل وصولا الى الانتخابات النيابية المقبلة. الا ان تزايد العصب المسيحي المعارض لاسباب موضوعية وواقعية تتعلق بالخيارات السياسية كان ليكون مؤثرا اكبر وربما ينجح في اعتراض وصول فرنجيه. لكنه امر غير محتمل حصوله بين عون وجعجع وحزب الكتائب الذي له تحفظاته ايضا على هذا الصعيد. لكن العقبة الاساسية ليست الخيارات السياسية لفرنجيه وتاليا ليس اعتراض القوات والكتائب بمقدار ما ان العقبة هو عون بحيث استمهل ” حزب الله” فرنجيه طالبا المزيد من الوقت من اجل تذليلها.

معركة فرنجيه الجدّ كانت معركة أصوات ومعركة فرنجيه الحفيد هي معركة نصاب
اميل خوري/النهار/7 كانون الأول 2015
عندما جرت الانتخابات الرئاسية بين المرشح سليمان فرنجيه (الجد) والمرشح الياس سركيس كانت المعركة معركة أصوات. وعندما استطاع فرنجيه أن يجعل نائبي الكوري ينتقلان من تأييد سركيس الى تأييده لأسباب مناطقية أكثر منها سياسية، قرر “الحلف الثلاثي” المؤلف من شمعون والجميل وإده تأييد ترشيحه لإنه بات أوفر حظاً بالفوز أكثر من أي مرشح آخر. أما معركة الانتخابات الرئاسية اليوم فقد أصبحت معركة تأمين نصاب قبل أن تكون معركة أصوات، وقد تبين أن ترشيح النائب سليمان فرنجيه هو الذي يستطيع تأمين هذا النصاب. لكن الأقطاب الموارنة الأربعة لم يفعلوا حتى الآن ما فعله أركان “الحلف الثلاثي” في الماضي بإعلان تأييدهم للمرشح سليمان فرنجيه الجد لأنهم كانوا يريدون الفوز به على مرشح النهج الشهابي الياس سركيس الذي هو أقرب بسياسته من خط “الحلف الثلاثي”. ولم يكن وارداً لدى أي حزب أو تكتل تعطيل نصاب جلسة الانتخاب كما هو وارد اليوم لدى عدد من النواب لا لشيء سوى الخوف من أن يفوز بالرئاسة مرشح من قوى 14 آذار أو من هو مدعوم منها. وهكذا مرّ على الشغور الرئاسي حتى الآن أكثر من 18 شهراً ولا الأقطاب الموارنة الأربعة اتفقوا على مرشح منهم لأن كل قطب يريد أن تكون الرئاسة له. ولا سلاح لدى معارضي انتخاب رئيس من 14 آذار سوى سلاح تعطيل نصاب الجلسات، وهو ما حصل بكل أسف وخلافاً للدستور، وكاد ينعكس ذلك سلباً على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.
والسؤال المطروح الآن هو: هل تؤيد القوى المسيحية، وتحديداً الاقطاب الموارنة، ترشيح النائب سليمان فرنجيه؟
الواقع أن هذه القوى منقسمة بين مؤيد ترشيحه لأن فرنجيه رئيساً للجمهورية قد يكون غيره كنائب، خصوصاً عندما يتغير الوضع في سوريا ويقوم حكم جديد فيها يختلف سلوكه مع الحكم في لبنان عن الماضي، وبين معارض ترشيحه أو متحفظ خشية أن تكون لفرنجيه سياسة داخلية وخارجية مختلفة عن سياسة القوى المسيحية، وتحديداً الأقطاب الموارنة، لذلك يريدون منه أن يعلن حقيقة سياسته الداخلية والخارجية ولا سيما بالنسبة الى تحييد لبنان وبالنسبة الى سلاح “حزب الله” وتدخله في أي حرب خارج لبنان بقرار منه وليس بقرار من مجلس الوزراء كما ينص الدستور.
لكن فرنجيه يرى أنه يستطيع أن يعلن الخطوط الكبرى لسياسته الداخلية والخارجية لأن رئيس الجمهورية ليس هو الحاكم المطلق بل هناك حكومة تقرر معه هذه السياسة عند وضع البيان الوزاري، وان قانون الانتخاب سيكون جزءاً منه، وهو كرئيس للجمهورية سيناقش مضمون البيان الوزاري عند طرحه على مجلس الوزراء، وهو لن يرد قانوناً عندما تصادق عليه الاكثرية النيابية المطلوبة، فالمسألة إذاً في جوهرها هي مسألة ثقة بين القوى السياسية الاساسية في البلاد، ولا سيما القوى المسيحية والمارونية تحديداً ورئيس الجمهورية. وهذا ما يجعل لبكركي دوراً في وضع هذه القوى أمام مسـؤوليـاتهــا الوطنيــة والتـاريخيــة وذلك بجمع الاقطاب الموارنة الأربعة أو ممثلين عن كل القوى السياسية المسيحية في بكركي للاتفاق على مرشح للرئاسة وعلى الثوابت الوطنية التي عليه الالتزام بها، فإذا تعذّر التوصل الى هذا الاتفاق، فليكن الاتفاق عندئذ على حضور جلسة انتخاب الرئيس وعدم التغيّب عنها بهدف تعطيلها فيستمر الشغور الرئاسي الى اجل غير معروف. وفي الجلسة يقترع النواب لمن يريدون من المرشحين المعلنين وغير المعلنين، ويعلن فوز من ينال أكثرية الأصوات المطلوبة، فيكون مجلس النواب عندئذ قد اعتمد الآلية التي نص عليها الدستور واحترم اللعبة الديموقراطية التي يجب أن تمارس داخل المجلس وليس خارجه من خلال سياسة الصفقات والمحاصصات. لذلك فإن بكركي لن تقف متفرجة وهي ترى الأخطار تحدق بلبنان، بل سوف تضع القوى السياسية، ولا سيما منها المارونية، أمام مسؤولياتها، فإما يصير اتفاق على مرشح للرئاسة يعلن من بكركي وليس من أي مكان آخر، وإما إذا تعذّر ذلك كان على النواب عندئذ أن يقرروا النزول الى المجلس للانتخاب كما تقضي الأصول، اذ أنه لم يعد مقبولاً ولا معقولاً عدم الاتفاق على مرشح لا من بين الاقطاب الموارنة الأربعة ولا من خارجهم فيصح فيهم القول للجائع: “صحيح ما تكسر ومكسور ما تاكل وكول لتشبع”…

 

الحريري يؤجل اعلان ترشيح فرنجية بعد اتساع الاعتراضات المسيحية
بيروت – «الحياة» /07 كانون الأول/15/أخذ إيقاع انجاز التسوية على خيار انتخاب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية يتجه الى التريث بفعل اعتراض 3 أحزاب مسيحية رئيسة عليه، ورجحت مصادر معنية بجملة محطات على طريق انضاج مبادرة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري بإعلان ترشيحه لفرنجية، تأخيرها، ومنها انتقال الأول الى بيروت التي كانت مقررة غداً الثلثاء، الى حين اتضاح صورة المواقف. وقالت مصادر مؤيدة لخيار فرنجية ان تفاعلات مبادرة الحريري بتأييد فرنجية للرئاسة هو ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط أدت الى خلخلة العلاقات في كل من تحالفي 14 و8 آذار أكثر من المتوقع كالآتي:
1 – ان العلاقة بين تيار «المستقبل» وبين «القوات اللبنانية» المعارضة بشدة لخيار فرنجية تدهورت الى درجة باتت معها الأخيرة تفصح عن انتقاداتها علناً، كما جاء على لسان النائب في «القوات» انطوان زهرا أمس الذي رفض مثل زعيم «التيار الوطني الحر»، العماد ميشال عون أن تبلّغ الجهات المسيحية من الجانب الإسلامي الترشيح للرئاسة. وما كان ينسب إلى مصادر «القوات» إنها قد تلجأ الى تفضيل عون، ويرى فيه فرقاء آخرون مناورة، جاهر به النائب زهرا مشيراً الى أن الأولوية لعون في المفاضلة بينه وبين فرنجية.
وقالت مصادر سياسية واكبت الخلاف ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يوجه انتقادات قاسية لزعيم «المستقبل» في مجالسه لانفراده بالاتفاق مع فرنجية، ويهاجم تصريحات الأمين العام للتيار أحمد الحريري بعد قوله إنه إذا فشلت مبادرة زعيم المستقبل هناك مخاوف من حرب أهلية ثانية.
كما ان اجتماعاً غير رسمي عقد أمس لبعض قيادات قوى 14 آذار، حضره من جانب «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ونائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان، اقتصر على الاستماع لاعتراض «القوات» على خيار فرنجية، انتهى الى بقاء الفريقين على موقفهما، لكن مصادر المجتمعين قالت لـ «الحياة» ان عدوان لم يبلغهم ان القوات ستذهب الى خيار دعم عون مقابل تأييد «المستقبل» لفرنجية، بعدما سأله السنيورة عن البديل الذي تقترحه «القوات» لفرنجية.
2 – ان تلويح جعجع بتأييد عون للرئاسة فهم من محيط فرنجية على أن هدفه استبعاده فقط، فضلاً عن ان استمرار الانتقادات من قبل أوساط عون وفي تصريحات رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل، دفع ببعض مؤيدي فرنجية الى التلميح بأنه لا مانع من خوض معركة بينه وبين عون في البرلمان، في جلسة انتخاب الرئيس في 16 الجاري. إلا أن مجرد التلويح بهذا الاندفاع أدى الى تدخل «حزب الله» لدى الحلفاء تفادياً لتطور الصراع بين الحليفين. وأدى هذا التدخل الى اصدار فرنجية تغريدته على «تويتر» بأن «أينما كنا لن نختلف مع الجنرال عون»، منعاً لأي تأويلات لموقفه.
وعلمت «الحياة» أن لقاءات جرت بين فريق من حزب الكتائب وآخر من تيار «المردة»، للبحث في الضمانات التي طلبها رئيس الكتائب سامي الجميل من فرنجية، حول مدى التزامه سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وسورية، وسلاح «حزب الله» وحصرية السلاح بيد الدولة وقانون الانتخاب، حيث يرفض الجميل اعتماد قانون الستين مجدداً. وقالت مصادر واكبت هذه الاجتماعات ان الكتائب تتوقع أجوية عن هذه العناوين خلال اليومين المقبلين، مع احتمال عقد لقاء قريب بين فرنجية والجميل.

 

بري منزعج من رفض ترشيح مسلمين لفرنجية ودعم جعجع لعون سيحرج «المستقبل»
بيروت – وليد شقير/الحياة/07 كانون الأول/15
كثر رفع السقوف وتعددت التسريبات عن مواقف الفرقاء وكذلك المناورات حول مشروع التسوية باعتماد خيار رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة، خلال الـ48 ساعة الماضية، بحيث لفّ الغموض مصير هذه التسوية، مع أن المستعجلين لإنهاء الفراغ الرئاسي ما زالوا على ثقتهم بأن الاتصالات الجارية من أجل إنضاجها متواصلة على قدم وساق. ويذهب بعض المتحمّسين لهذه التسوية إلى القول إن ما ظهر من حجم التأييد الدولي والإقليمي لها بات أكبر من اللاعبين المحليين بحيث تصعب العودة عنها، فيما يعتبر المعترضون على خيار فرنجية أن الدول التي باركت التسوية لا تستطيع فرض الاسم على فرقاء لبنانيين ليسوا في وارد البصم عليها. وفي انتظار اتصالات الساعات المقبلة وتبيان المناورات من المواقف الحقيقية، فإن الأوساط التي كانت توقعت تسريعاً لإنجاز التسوية تراقب إمكان اتضاح التوجّهات النهائية في شأنها، غير مكتفية بالتسريبات أو المواقف العلنية.
وفي سياق التعليق على اعتراض فرقاء مسيحيين، لا سيما قيادة «التيار الوطني الحر»، بأن خيار فرنجية يتم بالفرض من قبل فرقاء مسلمين، نقل زوار رئيس البرلمان نبيه بري عنه تساؤله: «لماذا يقولون إن القيادات الإسلامية فرضت ترشيح فرنجية؟ هم الذين فرضوه حين اتفقوا على وجوب أن يأتي إلى الرئاسة واحد من الأقطاب الأربعة، وفرنجية واحد منهم. فهل نكون نحن من فرضه؟ لماذا الشحن الطائفي والكلام غير الدقيق وغير الصحيح؟ وبدا وفق ما نقل زوار بري عنه أن الحديث عن فرض فرنجية أثار حفيظته فسأل: لماذا تحريك الأمور والكلام المسيء؟ هم حشرونا بين الأقطاب الأربعة وأصروا على أن الرئاسة لواحد منهم. وعلى كل حال هل يقبل الذين يقولون هذا الكلام أن نوافق على (رئيس حزب القوات اللبنانية سمير) جعجع كواحد من الأربعة، أم أنهم يريدون واحداً فقط ولا مكان للآخرين فعلياً؟
وأوضح زوار بري أنه شرح موقفه من تهمة الفرض بالقول: «ترشّح جعجع وحصل على 48 صوتاً وكذلك العماد عون وحصل على بضعة أصوات أكثر منه (52 صوتاً). ولم ينجح أي منهما. إذا لجأنا إلى اسم من أصل الأقطاب الأربعة، هل نكون نسيء إلى الطائفة المارونية؟ إلى أين يأخذون البلد بهذا الشحن الطائفي؟ وقال الزوار إن بري لفت إلى أن «البعض يتحدث الآن عن إمكان تأييد جعجع للعماد عون على قاعدة إذا لم ينجح خيارك تؤيدني. ألسنا نحن مواطنين لبنانيين لنعطي رأينا؟ ليعطني أحدهم تفسيراً لهذا الموقف وهل يُمنع علينا أن نبدي رأينا برئيس الجمهورية؟ نحن أيدنا العماد عون للرئاسة وننزل في كل جلسة إلى البرلمان لانتخاب الرئيس وسأبقى أنزل إلى كل الجلسات ومعي من يؤيدني. حددنا موعد الجلسة في 16 الجاري وإذا قالوا أنهم توافقوا على اسم الرئيس أحدّد موعداً قبل هذا التاريخ». وأضاف: «يتحدثون عن الميثاقية. وهي لا تعني أنه إذا عارض الانتخاب مكون سياسي في طائفة ما، أن يصبح الانتخاب غير ميثاقي. الميثاقية أو عدمها تطبّق عندما تعترض طائفة بأكملها». وقال الزوار إن بري كرر المثل الذي يسوقه على الدوام، عن أنه طلب من الرئيس فؤاد السنيورة (عام 2007) أن يعيّن وزيراً شيعياً ولو واحداً مكان الوزراء الشيعة الذين استقالوا في حينه لضمان ميثاقية الحكومة. وسأل: «من يستطيع التشكيك بمارونية فرنجية؟ لكن يبدو من التصريحات والمواقف المعلنة أنهم لا يريدونه».
وأشار زوار بري إلى أنه وجد في بيان مجلس المطارنة موقفاً إيجابياً، «لأن هناك فرصة إقليمية- دولية كي ننتخب رئيساً». وكانت أوساط «التيار الوطني الحر» وزعيمه العماد ميشال عون تحدثت عن رفضها ترشيح فرنجية بالشكل، بالسؤال: «لماذا يرشّحه زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط؟ وهو كلام يردد ما قاله عون نفسه في تصريح تلفزيوني الأسبوع الماضي، إذ يعتبر أنه إذا كانت هناك موافقة على مرشح من 8 آذار، فإن 8 آذار هي التي تقرّر دعم مرشّحها». ونقلت هذه الأوساط عن عون تعليقه على التسريبات بأن اتفاق الحريري وفرنجية على خيار الثاني للرئاسة شمل اتفاقاً على أن يرأس الأول الحكومة خلال عهده بالقول: «من قال إننا نريد الحريري رئيساً للحكومة؟ ثم إننا طرحنا سلّة من القضايا يجب التوافق عليها تبدأ بقانون الانتخاب الذي يضمن تصحيح التمثيل المسيحي ولا تنتهي بضمان الشراكة في الحكم. وهذا مهم في المضمون». وتقول الأوساط المحيطة بعون إن ترشيح الحريري لفرنجية «سبب رد فعل وسط الرأي العام المسيحي المؤيد لعون وأن هناك مطالبة له بألاّ يقبل بهذا الخيار. ومن يعتقدون أن ترشيح فرنجية ضربة للعماد عون سيكتشفون أنها زادت من شعبيته مسيحياً». ويضيف هؤلاء أن تخويف عون بأن الفراغ سيستمر وتنهار الدولة إذا لم يؤخذ بخيار فرنجية لا يشكل عامل ضغط على الجنرال. وليتحمّل من هم مستفيدون من الدولة مسؤولية ذلك وليستمر الفراغ، أفضل من تكرار تجارب الرؤساء الذين لا يحصّلون حقوق المسيحيين كما حصل سابقاً، وأنه لن يخضع لضغوط من البطريركية المارونية أو أي جهة خارجية.
ويؤكد المحيطون بعون أنه مطمئن إلى دعم «حزب الله» له للرئاسة لأن علاقة الحزب به استراتيجية، فالجنرال هو الذي يشكّل قيمة إضافية له، فيما فرنجية غير قادر على أن يشكّل الحماية المطلوبة للحزب، وهم يعرفون أنهم إذا بدّلوا خيارهم للرئاسة، أن العلاقة معه ستنتهي وهذا لن يكون في مصلحة الحزب. كما أن محيط عون يرى أن الاستناد إلى حوار سعودي- إيراني سيرجّح فرنجية غير منطقي، فكيف يمكن هذا الحوار أن يأخذ منحىً إيجابياً، في وقت مُنع بث قناة «المنار» التلفزيونية عبر قمر عربسات؟
وإذ تلفت أوساط عون إلى «ارتياحه الكامل» تشير إلى أن ترشيح فرنجية وضع جعجع في موقع مربك جداً، سواء أيد رئيس «المردة» أو قرر دعم ترشيح عون. وفي المقابل ينقل مؤيدو فرنجية عنه أنه مطمئن إلى التزام الحزب بتأييده في حال حصل على موافقة الحريري على دعمه.
وتقول مصادر مراقبة أن تلويح بعض أوساط «القوات» بإمكان لجوء جعجع إلى هذا الخيار يبقى حتى إشعار آخر في إطار المناورة، لأن حسابات الربح والخسارة في هذا الشأن ليست مضمونة. وهو سيقود إلى فك التحالف ضمن قوى 14 آذار مع «المستقبل»، وسيستفز السعودية، التي يعتبرها حليفه الإقليمي. هذا على رغم أن بعض قادة «المستقبل» تبلّغ بأن تأييد جعجع لعون هو من أحد خياراته لمواجهة ترشيح الحريري لفرنجية. وفي المقابل فإن بعض أوساط 14 آذار يرى أن دعم جعجع لعون سيحرج «المستقبل»، لا سيما إذا حظي هذا الدعم بموافقة حزب الكتائب، لأنه قد يدفع فرنجية إلى التسليم بخيار عون التزاماً بما اتفق عليه الزعماء الأربعة بدعم من يحصل على الأكثرية، إذا لم يتمكن من تأمين مساندة ولو من فريق مسيحي واحد من الأحزاب الثلاثة، ما يفرض على «المستقبل» أن يقبل بما يُجمع عليه المسيحيون. وهي القاعدة التي كان الحريري آلى على نفسه تطبيقها منذ حصول الشغور الرئاسي، وقبله عندما اشترط على عون اتفاقاً مسيحياً عليه، كي يؤيده، وفي هذه الحال تصبح المناورة واقعاً حقيقياً، فتنقلب على من يقوم بها. وهذا الأمر هو الذي يدفع بعض أوساط «القوات» إلى الهمس بأن معارضتها لفرنجية قد تفضي إلى تعطيل ترشيحه بحيث تتم العودة إلى خيار مرشح توافقي من خارج نادي الأقطاب الأربعة. كما أن مصادر قيادية في الكتائب تعتبر أنه إذا لم يقدّم فرنجية إليها الأجوبة عن العناوين التي طرحها رئيسها النائب سامي الجميل، وتعذّر إنجاح خياره، فإن قيادة الحزب تفضّل في هذه الحال الذهاب إلى ترشيح الرئيس أمين الجميل، وإلا اختيار مرشح توافقي من خارج الأقطاب الموارنة الأربعة. ويتساءل مؤيدو ترشيح فرنجية رداً على الحملة على تزكيته من قيادات إسلامية: لماذا كان مؤيدو عون يفاوضون قبل أشهر الحريري وهذه القيادات الإسلامية على دعم الجنرال، وهل يمكن إلغاء الحريري وجنبلاط ورئيس البرلمان نبيه بري من المعادلة كزعامات أساسية يفترض التفاوض معها على الرئاسة؟ وأثار هذا الانتقاد من عون والذي انضمت اليه «القوات اللبنانية» حفيظة الرئيس بري الذي نقل عنه زواره القول ان ترشيح فرنجية جاء بناء على اتفاق القادة الموارنة الأربعة، عون، جعجع، الرئيس أمين الجميل وفرنجية في البطريركية المارونية بأن يكون الرئيس واحداً منهم باعتبارهم أقطاب الموارنة، ورفَضَ بري الشحن الطائفي. وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بدأ زيارة إلى طرطوس في سورية أمس، أنه «بعد سنة و7 أشهر عجزت الكتل النيابية عن انتخاب رئيس بقرار من الداخل، فجاءت مبادرة جدية من الخارج، لا من شخص فرد». ودعا الكتل السياسية «الى درس جدي لهذه المبادرة بروح المسؤولية الرفيعة لانتخاب رئيس بقرار وطني موحد وشامل بحيث لا يفرض فرضاً».