لبنان.. بين جنرالين:وليد أبي مرشد/علي الحسيني/عندما يُحيل حزب الله الشيطان الأكبر على التقاعد//إيلـي فــواز: حقوق المسيحيين

362

لبنان.. بين جنرالين
وليد أبي مرشد/الشرق الأوسط/16 تموز/15

لو كانت أحزاب لبنان سياسية وعقائدية – لا مذهبية أو «زعامتلكية عائلية»، ولو لم تكن شريحة واسعة من اللبنانيين تلتزم إلى حد التبعية برأي زعيمها في الخيارات السياسية… لجازت المطالبة اليوم باستفتاء «حر» للرأي العام حول أي لبنان يريدون: لبنان الكبير أم لبنان المتصرفية، لبنان الموحد أم لبنان الفيدرالي؟ هذا لا يحول دون التساؤل عما إذا كان «معقولاً»، في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة من أوضاع المنطقة وأوضاع لبنان معًا، أن يبقى الكيان الجغرافي الذي فصّله عام 1920 المندوب السامي الفرنسي، الجنرال هنري غورو، على مقاس طموحات بطريرك الموارنة آنذاك، إلياس بطرس الحويك، موضع خلاف لدى الجيل الراهن من اللبنانيين خصوصًا بعد تكريسه «وطنًا نهائيًا» للبنانيين في اتفاق الطائف. ولكن أن يستمر الخلاف على صيغة «لبنان الكبير» السياسية نحو قرن من الزمن – أي منذ زمن الجنرال هنري غورو إلى أيام الجنرال ميشال عون – مؤشر كاف، بحد ذاته، على فشل مؤسسة «الدولة» في هذه الفسحة الجغرافية الصغيرة من الشرق الأوسط. «وقد لا تكون مجرد صدفة أن يكرر اللبنانيون في تبريرهم لأزماتهم المستعصية مقولة: (ما في دولة بلبنان)».

يصعب الادعاء بأن ديمقراطية لبنان الهشة نظام سياسي يحتذى في عصره – ولكنه يبقى نظامًا رائدًا في موقعه الجغرافي. وطالما بقي على ريادته في منطقة تتعرض مجتمعاتها التعددية للإلغاء، يبقى نظامًا يستحق الاستظلال به إلى أن تهب رياح الحرية من جديد على منطقته.

مع ذلك، لا بد من التنويه بأن الجدل العلني الذي أطلقه تلويح رئيس كتلة الإصلاح والتغيير، الجنرال عون، بالفيدرالية نظامًا سياسيًا بديلاً للبنان، قدّم لـ«لبنان الكبير» شهادة لم يحلم الجنرال غورو بها عام 1920: تمسك كل الأحزاب والتيارات والقيادات اللبنانية الأخرى بوحدة لبنان السياسية ورفضها التفريط فيها حتى في إطار نظام فيدرالي. أهي بداية فعل إيمان، وإن متأخرًا، بكيان «لبنان الكبير» أم اعتراف اضطراري بجدواه كملجأ أخير للأقليات الإثنية والدينية في منطقة تدفعها الأحداث دفعًا نحو ذهنية القرون الوسطى وعصرها؟

صحيح أن مفهوم لبنان «الملجأ» – خصوصًا للمسيحيين – لم يكن دافع الجنرال غورو الوحيد لتحقيق مشروع «اقتطاع» كيان لبناني «كبير» في الشرق الأوسط عام 1920 (وربما الدافع الثاني بعد تحويله إلى موطئ قدم للنفوذ الفرنسي في شرق البحر المتوسط). ولكن أن يلقى هذا الكيان، عام 2015، قبولاً «وطنيًا» يتعدى انتماءات اللبنانيين المذهبية وولاءاتهم الحزبية، ظاهرة قد يصح اعتبارها تاريخية، فالقرن الذي مضى على «إعلان غورو»، قرن تبدلت فيه موازين القوى الدولية والإقليمية وبموازاتها الخريطة الديموغرافية للبنان وتمزقت خلالها، ميدانيًا، خريطة سايكس – بيكو بأكملها.

عوامل سياسية وأمنية كهذه تبرر، مبدئيًا على الأقل، إعادة النظر في نظام لبنان السياسي إن لم يكن في «علة وجوده». من هذا المنظور يمكن تفهم طرح الجنرال عون لمشروع نظام سياسي جديد للبنان. ولكن، لو جاز استبعاد الخلفية السياسية الشخصية لمطالبة عون بالفيدرالية في هذا الظرف بالذات، لصح إدراجها في خانة السعي لتأسيس لبنان أفضل. ولكن ملاحظته أن الفيدرالية «حل» يصبح ممكنًا «عندما تسد الأمور بوجهي» – أي عندما تُقطع عليه طريق قصر الرئاسة في بعبدا – ملاحظة تجعل طرحه للفيدرالية أقرب إلى المناورة السياسية منه إلى مشروع صياغة نظام سياسي بديل للبنان. مع ذلك يبقى لطرح عون مأثرة سياسية: شبه الإجماع الذي أثارته بين اللبنانيين في رفضهم للفيدرالية، وهو إجماع يوحي بأن التبدل العددي في خريطة لبنان الديموغرافية لغير صالح المسيحيين عوّضه تنامي حسّ كل طوائفه، وليس المسيحيين فقط، لمخاطر تعرضها لأوتوقراطية معتقدية وديكتاتورية فكرية تفرض عليها بالقوة يكون من شأنها، في حال استمر تهديد «الداعشيين» لحدودهم الشرقية، القضاء على مجتمعها التعددي. لا غرابة أن تكون كل طوائف لبنان اليوم «أقليات» في مواجهتها مخاطر فقدان حريتها وهويتها وأن تكون اليوم كلها «لبنانية» – بمفهوم الجنرال غورو للبنان الملجأ – في تمسكها بهويتها وخاصيتها.

حقوق المسيحيين
إيلـي فــواز/لبنان الآن/15 تموز/15

حفوق المسيحيين أصبحت فجأة حديث الساعة. الناس في لقاءاتها، والشارع في دردشاته، كما الإعلام في تغطيته لشغب العونيين وصراخهم من على المنابر، الجميع يتحدثون عن “حقوق المسيحيين” المسلوبة، حتى ليخال الذي يستمع لميشال عون او لصهره جبران باسيل او لجمهرة الملحقين من قياداته، ان المسيحيين يُنحَرون على عتبات بيوتهم، او يُجبَرون على دفع “الجزية” لتيار المستقبل، او يُمنعَون من الصلاة في كنائسهم، او يجبرون على السير على “الشمال” للتأكيد على “ذمّيتهم”. هذا التوتر لا شك مفتعل من قبل عون. وهو مدفوع اليه من قبل حلفائه، بما انه على علاقة مباشرة بالصراع القائم في المنطقة. حملة عون ليس لها أي علاقة بحقوق المسيحيين، لأن ما يريده المسيحيون – والأمل أنهم أكثرية- من لبنان هو استقرار سياسي وأمني، واقتصاد منتعش وحريات عامة مصانة. وفي كلّ ذلك فإن المنطقي، وبعكس توجهات زعيم التيار العوني، ان يكون حليف المسيحيين الطبيعي تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري، لا حزب الله.

لذا حملة عون على تيار المستقبل واتهامه بأنه داعشي إنما جزء من الحرب التي تقودها إيران في المنطقة ضد العرب والسنّة تحديداً. يتشدّد عون ضد مواطنيه السنّة في الوطن على أساس أن الآتي من الأيام – حسب تحليله – ستشهد لانتصار إيراني موصوف بعد الاتفاق النووي وتقارب طهران مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبالتالي استسلام عربي سنّي لواقع الحال. عون، حليف حزب الله وإيران، وحليف بشار الأسد والحوثيين والحشد الشعبي، وحليف القمع السوري والعراقي واليمني، يريد أن يصبح ببساطة رئيساً للجمهورية من دون أن يكون للفريق الآخر في لبنان السنّي تحديداً المعادي للنهج الذي تقوده إيران، أي رأي في هذا الأمر. فأي اعتراض من قبل تيار المستقبل او الجمهور السنّي على عون رئيساً يوضع تلقائياً في خانة التعدي وهدر حقوق المسيحيين.

المشكلة أن عون يبني على انتصار ايران في المنطقة، ويتجاهل ثلاثة أمور أساسية تعترض مطالبه في قضية “حقوق المسيحيين”. أولهم داخلي يتجلى بتضاءل اعداد المسيحيين بشكل دراماتيكي، بعد محطات ثلاث قضت بتهجيرهم إبان الحرب الاهلية، وأيام الوصاية السورية، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. كل الارقام تدل على ان عديدهم لا يتخطى 27 بالمئة من المقيمين اللبنانيين، ما يعني حكما انه في اي استحقاق انتخابي وفي مناطق كانت مختلطة قبل الحرب الأهلية، كلمة الفصل ستكون للمسلمين. وهذا امر لا يمكن تغييره، لا بقانون ارثوذكسي او غيره، لأنه عندها يكون عون يجنح نحو فرض ديكتاتورية الاقليات على الاكثرية. وهذا لا يمكن ان يمر. هذه المشكلة لا حل لها إلا بتقبّل عون ومن معه الواقع الديمغرافي المستجد، وبالتالي التكيف معه والتقاط مبادرات الرئيس سعد الحريري الذي ما انفك يطالب بالعيش المشترك ويطلق مبادرات تطمئن الوجود المسيحي القلق. الأمر الثاني الدي يتجاهله عون عن قصد او عن جهل، هو الوضع الاقليمي الذي يشهد لحرب سنية شيعية، او ايرانية عربية، يرجح ان تتمد لسنوات، خاصة وان الرئيس اوباما رفع العقوبات عن قاسم سليماني قائد الحرس الثوري من ضمن بنود الاتفاق النووي. وفي حين ايران تريد فرض هيمنتها على المناطق العربية خاصة تلك التي فيها سكان شيعة كما لبنان او العراق، يحاول العرب رد هذه الهيمنة عنهم. وبين هذه و تلك لا مكان للأقليات سوى بقدرتها على الالتصاق بمحيطها لا التمرد عليه. ثالث أمر يتجاهله عون هو عدم اكتراث الأميركيين يمصير الاقليات في العالم العربي. فالمسيحيون في العراق ذبحوا على مرأى و مسمع بول بريمر من دون اعتراض. لا بل هناك اكثرية سنّية تباد في سوريا بموافقة الرئيس اوباما، فما بالك بالمسيحيين؟ وفي غمرة الفوران العوني هذا، قد يتحسر المسيحيون على اتفاق الطائف وراعيه. فعون يراهن على انتصار ايران، وهو امر صار شبه مستحيل كما يشي به الواقع على الارض. ففي سوريا بات بشار الاسد وكل من معه يحتمون وراء الخطوط الحمر المرسومة من قبل ادارة الرئيس اوباما للثوار، والتي تمتد ما بين الشام والساحل. في العراق وقبل تدخل الاميركيين لصالح سليماني، تم تقدير خسائر ايران في تكريت بـ6000 الاف عنصر. في اليمن قضي على كل خطر يمكن ان يهدد امن الخليج القومي، لا بل توقف المد الحوثيي المدعوم ايرانياً. انتصار ايران اسطورة. وحدهم الجهال قد يبنون عليها لرسم استراتيجية سياسية. هي ببساطة وصفة للانتحار.

عندما يُحيل حزب الله «الشيطان الأكبر».. على التقاعد
علي الحسيني/المستقبل/16 تموز/15

بصرف النظر عن تأثير الإتفاق النووي الموقّع بين إيران والدول الست بقيادة الولايات المتحدة، على مستقبل «حزب الله»، من المؤكد أن مرحلة جديدة سيخوضها الحزب يُمكن أن يبني عليها نوعيّة الخطاب الذي سيعتمده من الآن وصاعداً أقلّه أمام جمهور زرع في عقله ثقافة حرق الاعلام وتحديدا علم أميركا «الشيطان الأكبر» في كل مناسبة وإطلاق شعارات «الموت لأمريكا» والتظاهر أمام سفارتها، يُضاف اليها دعوات المقاطعة لبضائعها عبر فتاوى تحريم كانت تنتهي مع إنتهاء أسباب إطلاقها.

لم تكن قد مضت ساعات قليلة على إعلان توقيع الإتفاق، حتى بدأت الأنظار تتجه إلى «حزب الله» لترسم علامات إستفهام حول مُستقبله في ظل المستجدات التي طرأت على الملف بعد سنوات من المد والجزر تأرجح الحزب خلالها على خيوط «اللعبة» الدولية قبل أن يُظهر نفسه في موقع المنتصر من خلال توزيعه «البقلاوة» الممارسة العلنية الثانية الأحب إلى قلوب عناصر الحزب بعد ممارسة إطلاق الرصاص والقذائف الصاروخية في الهواء تعبيراً عن أحزانهم وأفراحهم.

عن أي «شيطان» سيُحدّث «حزب الله» جمهوره بعد اليوم، وعلم أي بلد سيكون ضحية المناسبات والإحتفالات بالنصر؟ لكن لا خوف على قيادة الحزب في هذا الأمر وهي القادرة على «شيطنة» أي عدو يُمكن ان يقف في وجه المشروع الذي تنتمي اليه، فها هو الحرس الثوري في إيران سبقها قبل اسبوعين من الإتفاق النووي، في استبدال شعار «الموت لأمريكا» بشعار ينادي بالموت لبلد عربي قرر أن يوقف المد الإيراني في المنطقة. فهل يلجأ «عُمدة« الضاحية الجنوبية قريباً إلى إصدار قرار يُغازل فيه «عمدة« طهران الذي قرر التخلي عن الملصقات واللوحات الإعلانية التي تُشيطن أميركا؟ إجماع عدد من اللبنانيين على أنه ما زال من المبكر الحديث عن تغيّرات قد تطرأ على خطاب «حزب الله» بعد الإتفاق المذكور أو على سلوكه السياسي لجهة تعاطيه مع بيئته أو شركائه في الوطن، تقابله شكوك في إمكانية بقاء الحزب على وتيرة العداء نفسها التي رافقته منذ نشأته تجاه أميركا، إضافة إلى إستحالة إعتماده الخطاب التحريضي نفسه الذي كان يُزيّن مناسبات وخطابات قياداته ويؤدي إلى تأجيج جمهوره وبث الحماسة فيه على وقع شعار «الموت لأمريكا»، «الموت لإسرائيل».

الأستاذة في قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض تعتبر أن «المنطقة في سباق تسلح نووي، ونحن في المرحلة المقبلة سنكون بإنتظار المزاج الإيراني لنعرف كيف يمكن ان تسير الأمور بعد الإتفاق. لكن مع هذا، لا أعتقد أن تغيّراً أو تطوّراً سيطرأ على خطابات «حزب الله» ما عدا الشق المتعلق بإسرائيل، وهنا أتحدث عن الخطاب فقط، لأنه يبدو أن هناك مؤشراً مستقبلياً يدل على رؤية موحدة بينهما هي «محاربة الإرهاب»، خصوصاً وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الأقل قبولاً بالإتفاق النووي بين إيران وأميركا».وتقول فياض إن «خطاب إيران أو حزب الله، لن يُكشف عن زيفه إلّا في حال حصول أمر ما على الارض، وسنرى منذ الآن، إذا كان هناك حدث ما سيحصل مع اسرائيل مثل حرب أو اشتباكات محدودة. كما اعتقد أن خطاب الحزب المقبل، سيكون تحت عنوان النصر وكسر إسرائيل اقله في العلن، وليس بالضرورة أن تبقى أميركا الشيطان الاكبر في خطابات الحزب رغم أنه لا مشكلة لديها مع أوصاف كهذه. وقد يتضمن الإتفاق تهدئة بين الحزب وأميركا وهذا امر وارد أيضاً».

وعن الإحراج الذي يُمكن أن يتسبّب به الإتفاق داخل بيئة «حزب الله» خصوصاً وأن هناك آلاف الشهداء الذين سقطوا تحت شعار محاربة أميركا وإسرائيل، تعتبر فياض أن» جزءا من بيئة الحزب سيعتبر نفسه منتصرا، وآخر قد يعتبر أنه دفع من دمه مقابل هذا الإتفاق. لكن المشكلة الاكبر هي أن الجزء الأكبر يشعر بأنه إيراني وليس لبنانياً أو عربياً نتيجة عملية غسل العقول المستمرة منذ ثلاثين عاما».

وبرأيها أن «الحزب قلق على وضعه رغم أنه هو من سمح لإيران بالوصول إلى هذه التسوية، فمن دونه لما امتلكت إيران كل هذا النفوذ في المنطقة ولما كانت تمكنت من تحقيق هذه النتائج. اما في الداخل اللبناني، فسيبحث الحزب عن أيديولوجيا جديدة في طريقة تعاطيه مع باقي الأطراف، والخطاب اصلا جاهز منذ هذه اللحظة وهو، أنه لم يكن راضياً عن الحرب في سوريا، لكنه كان مضطرا للدفاع عن نفسه وبأنه مع الاعتدال ومع الحكومة وحل مسألة الفراغ الرئاسي».

الصحافي علي الأمين يعتبر من جهته أنه «من المبكر الحديث عن إنعكاسات الإتفاق لأنه يحتاج لوقت طويل حتى تتبلور الصورة أو وجهته». لكنه يعتقد أن هناك مرحلة جديدة على حد قول رئيس مجلس النواب نبيه بري «ما قبل الإتفاق لن يكون كما بعده». ويرى أن «الإتفاق يُدخل إيران بمرحلة جديدة عنوانها الإنتقال من العداء الإيديولوجي والبنية التي كانت قائمة على مواجهة الاستكبار العالمي والشيطان الاكبر وغيرها من الشعارات، إلى مرحلة اكثر تطوراً. على سبيل المثال، إذا كانت في مرحلة سابقة إختارت نموذج رئيس لجنة الإرتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا كرجل أمني، فهي غدا ستبحث عن نموذج رجل أعمال؟«.

ويُتابع: «قد يكون للحزب دور من الخلف بقيادة أميركا وإيران في مشروع محاربة الإرهاب، وهنا يبرز السكوت وعدم الإعتراض الغربي على تدخله في سوريا، وسيُلاحظ لاحقاً مدى التخفيف من ضغطه على اسرائيل بعدما يكون قد انتقل إلى مهام اخرى. لكن من المؤسف أنه لا توجد عقلانية كبيرة داخل البيئة الشيعية وتحديدا بيئة الحزب في ما خص التوجه الإيراني الجديد لأن عملية الولاء والعصبية أصبحت هي الاساس، والحزب مستمر في تخويف جماعاته للقبض عليهم واخضاعهم».

وينهي حديثه: «يجب ألا نُعطي حزب الله في موضوع الإتفاق النووي أكثر من حجمه، هو يقول إنه اداة إيرانية وقائده الخامنئي، وعندما يقول الوليّ الفقيه ان الإتفاق جيّد، على الحزب أن يُصفّق له، اذ لا يجوز له بقناعته وعقيدته وتربيته أن يُخالف الوليّ ورأيه ولو كان يذبح الحزب، وإلا فالخروج عن الطاعة الدينية يؤدي إلى النار والحزب لا يجرؤ حتى على مخالفة كهذه».

رئيس مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق في لبنان لقمان سليم يقول: «إن ربط التأثير على حزب الله في توقيع الإتفاق النووي، فيه مغالطة كبيرة، لأننا رأينا كيف تغض أميركا النظر منذ سنوات طويلة عن سلوك الحزب نيابة عن إيران في سوريا. ليس الإتفاق هو الذي سيأتي بجديد، بل هو إستكمال لحالة تفاهم إيراني – أميركي بشأن لبنان»، مشيراً إلى أن «حزب الله ليس حرا في أي قرار يتخذه ولا حتى في اي سكنة أو كلمة يقولها. سلوك الحزب لن يكون إلا إنعكاساً للمصالح الإيرانية، بمعنى ان يكون الإيراني في موقع التفاوض ويطلق العنان للحزب في لبنان أو أي ذراع له في مكان آخر ليتصرّف على هواه من تحت الطاولة».

ويشير إلى «أننا كلبنانيين يُمكن أن يؤثّر سلوك الحزب كثيرا علينا، ولكن لا يمكن الإعتداد به إلّأ كجزء من الأدوات الإيرانية سواء كانت أدوات نثر الورد والأرز كما رأينا بإعلام الحزب، أو أدوات تُهدّد وتُصعّد وتشتم وتخوّن«، موضحاً أن «أميركا لم تعد الشيطان الاكبر في نظر الحزب تحديدا منذ غارة القنيطرة التي سقط فيها جهاد مغنية، يومها لم يهتف جمهوره بشعار الموت لأمريكا على تلفزيون المنار سوى مرة واحدة«. بدوره يرى عضو هيئة التنسيق في «تجمع لبنان المدني» الدكتور حارث سليمان أن «حزب الله يُشكّل إتجاهاً داخل إيران مع الحرس الثوري الإيراني، ففي اللغة ليس من الضرورة أن تبقى شعارات الحزب على حالها وليس من الضرورة ان تختفي، فالسياسة الفعلية لإيران يقودها «الوليّ الفقيه» والحزب جزء من هذه الولاية بإعتراف نصرالله نفسه»، مشيراً إلى أن «الإتفاق أحرج الحزب لأنه لا ينتمي إلى المدرسة التي تقول إن إيران جزء من العالم، بل هو مرتبط بجهاز الحرس الثوري الذي يدعو إلى حرب مفتوحة، ولكن هذا لا يعني أن الحزب لن يتكيّف مع وضعه الجديد في حال أمر الخامنئي بذلك». ويقول: « عناصر حزب الله الذين ماتوا، كانوا يظنون أنهم سيدخلون الجنة، لكن عمليا هم ماتوا لأجل المشروع الإيراني. الحال هو اليوم أن إيران تسترد ملياراتها من الغرب بينما الأمهات الشيعيات في لبنان يسترددن جثث ابنائهن من سوريا».