تحقيق لعلي الحسيني في الراي/لقمان سليم، ومصطفى فحص، وعلي الأمين، ومالك مروّة، ومنى فياض يقرأون في مغزى وتبعات كلام نصرالله عن شيعة السفارة

420

علي الحسيني في الراي/لقمان سليم، ومصطفى فحص، وعلي الأمين، ومالك مروّة، ومنى فياض يقرأون في مغزى وتبعات كلام نصرالله عن شيعة السفارة
شيعة السفارة الأميركية» … فتوى مجانية لإهدار دم المخالفين عندما «تنفلت» الغرائز

02 حزيران/15//الراي/بيروت – من علي الحسيني

• مصطفى فحص: «حزب الله» ليس بحاجة لمَن يشوّه صورته… فما يقوم به في سورية كفيل وحده بتهشيم صورته لقرون عدة

• لقمان سليم: الهزائم المتتالية لـ«حزب الله»لا تدع له إلّاأن يرتدّ على خصومه الداخليين مستعرضاً عضلاته

• علي الأمين: هناك مُشكلة عميقة يواجهها نصرالله وتوصيف «شيعة السفارة» من باب «فشّة الخلق» نظراً للمأزق الذي فيه «حزب الله»

• مالك مروّة: «حزب الله» ومَن معه يحاولون إسكات أي شخصيّة شيعية تختلف بالرأي معهم من خلال هذا التوصيف الفارغ القيمة

• منى فياض: نصرالله يخيف جمهوره و«يحلّل» دم الشيعة المناهضين لخياراته على طريقة «أحاكي الكنّة كي تسمع الجارة»

… في موقفٍ غير مألوف، استعان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بتوصيف صحافي مثير للجدل عندما خرج على الملأ، وعلى نحو لم يتعوّده ليعلن «أن شيعة السفارة الأميركية عملاء وخونة وأغبياء».

لم يكن السيد نصرالله يعير وزناً ولا اهتماماً للشخصيات الشيعية اللبنانية المناهِضة لخيارات حزبه، وبينهم رجال دين وسياسيون ومثقفون وصحافيون، أي أنهم لا يملكون إلا «سلاح الموقف».

ومنذ اللحظة التي خاطب نصرالله هؤلاء على أنهم «عملاء وخونة وأغبياء»، ساد جو من الاستهجان لبلوغ الأمين العام لـ «حزب الله» هذا المستوى من التوصيف لشريحة تتمايز عنه في الخيارات لا أكثر ولا أقلّ.

البعض رأى أن في الأمر تعبيراً عن أزمة عميقة يستشعرها «حزب الله»، والبعض الآخر قال إن هذه اللغة المشحونة دليل على تململٍ في بيئة «حزب الله» من خياراته المأسوية، وهكذا كرّت سبحة التأويلات.

وثمة مَن وجد في تخوين تلك الشخصيات الشيعية إهداراً لدمها في لحظة انفلات الغرائز، وخصوصاً أن كلام نصرالله انطوى على أوصاف خطرة كـ «العمالة والخيانة» في لحظةٍ بالغة التوتر.

ولم يكن جفّ حبر الكلام عن «شيعة السفارة الأميركية» حتى جاء الرد بمثله عبر القول لـ «حزب الله» إنكم أنتم «شيعة السفارة الإيرانية»، وكتب ناشط معارض للحزب قائلاً «إننا شيعة السفارة اللبنانية في دويلة حزب الله»… و«هكذا دواليك».

«الراي» قصدت شخصيات شيعية معارِضة لـ «حزب الله» للوقوف على رأيها في مغزى كلام نصرالله ودلالاته و… تَبِعاته ايضاً.

أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فيّاض علّقت على كلام نصرالله بالقول: «يا ليت هناك تعاون وتنسيق ليس بين (شيعة السفارة) وحدهم وبين واشنطن، لكن بين واشنطن ومكوّنات قوى (14 مارس) بشكل عام، أو بين واشنطن وحلفائها التقليديين من دول الخليج. لكن من الواضح لكل ذي نظر أن إدارة أوباما كما صار معلوماً لا تُنسّق إلّا مع إيران وحلفائها و(أذنابها) لغايةٍ في نفس أوباما شخصياً الذي يعتقد نفسه المختار (زوراً بالطبع) على شاكلة نيو (NEO) بطل فيلم (ماتريكس). لكن بالطبع ليس خارج سياق السياسة الأميركية العامة في الاستدارة نحو الشرق الأقصى والانسحاب من هذه المنطقة، إنّما عبر اعتماد (وكلاء موثوقين) يلعبون دور شرطي المنطقة الموعز في شرذمتها وتقسيمها لاستغلال ثرواتها، وجعلهم حرّاساً للوضع الآمن الذي حصلت عليه إسرائيل بعد تطبيق القرار 1701».

ومن باب «إثباتها» ما تقدّمت به، تُشير فيّاض إلى أن «الدليل على ذلك مناوشات رسم الحدود والخطوط الحمر في الجولان إثر اغتيال مغنية الابن (جهاد عماد مغنية) والقيادات الإيرانية التي كانت موجودة، والقصف الذي لا يلقى أي رد والذي يطول السلاح الموضوع تحت نقله إلى لبنان خط أحمر. ويتجلى ذلك في ترك إيران تصول وتجول على هواها في المنطقة وفي عدم إدراج اسم (حزب الله) أخيراً في لائحة المُنظّمات الإرهابية وفي تغاضي الإدارة الأميركية عن تدخّله في سورية بهذا الشكل، وفي تغطيتها لنظام الأسد. على كل حال كنا نسمع منذ فترة على ألسنة المناصرين لـ(حزب الله) شماتة بـ (شيعة السفارة) وبـ 14 مارس عموماً، مثل قول إن أميركا تخلت أو ستتخلى عنهم، ويبدو أنهم كانوا على حق».

وعن الذي حمل السيد نصرالله وعلى غير عادة على القول «إن شيعة السفارة الأميركية أغبياء وعملاء وخونة؟»، تعتبر فيّاض أن السبب هو «خوفه من أن يبدأ جمهوره بالتساؤل: هل حقاً علينا استغباء الشيعة المعارضين لـ (حزب الله) وعدم الاستماع إليهم؟ لا بد أن نصرالله يستشعر بدايات تململ وربما أكثر من التململ لدى جمهوره الذي قد يكون بدأ بالفعل يتساءل عن جدوى سياسات الحزب وعن ضريبة الدم التي تطال الأطفال، فيكون هذا تحذيراً للطرفين. لجمهوره كي لا يلتفت إلى أقوال (أغبياء) و(خونة) و(عملاء)، وهذا يعني فيما يعنيه تحليل دم هؤلاء ومَن يجاريهم، أي أن نصر الله يخيف الطرفين على طريقة (أحاكي الكنّة كي تسمع الجارة)، وهذا جديد، فهم لم يكونوا يلتفتون إلى ما يقوله شيعة السفارة ولا يعيرونه أي اهتمام، لأن جمهورهم لم يكن يسمع أو يقرأ أو يشاهد سوى الإعلام الممانع. وهذا دليل على التغيّر على أرضية السيّد نفسه، إذ لا جديد عند هؤلاء (العملاء الشيعة)، فحديثهم وتوجههم هو نفسه. لكن وضعه هو الذي لم يعد نفسه».

دعوة نصرالله «شيعة السفارة» إلى التبصّر ومواجهة الخطر الوجودي الذي يتهدّدهم أيضاً تضعها فيّاض في خانة «استنهاض العصبية الشيعية عند حزبه وبيئته أو عند بعضهم على الأٌقل، فما يقوم به (حزب الله) يُشكّل خطراً وجودياً عليهم في بلدانهم العربية، وسبق وقلت إن دخول (حزب الله) سورية وسياساته تجعل من الشيعة العرب عملاء في أوطانهم، الأمر الذي يثير تجاههم عداء مواطنيهم من الجماهير العادية، في حين تساهم ممارسات إيران من ناحية وانطلاق العصبيات السُنيّة عند البعض من ناحية أخرى في إذكاء هذا العداء».

وتختم بالقول: «أما عن خيارات الشيعة المعارضين للحزب وتحذيره لهم فهو أيضاً تبخيس لهذه الخيارات التي يعرف تماماً أنها صمام أمان صغير ربما يساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن يحصل طوفان الخسارات المصيرية لإيران وسياساتها ولجميع مَن اختارها كحليف. وهنا أقصد المأزق الذي ينتظر شيعة (سفارة إيران)، الدولة المعادية لكل ما هو عربي والباحثة عن وهم استعادة امبراطورية فارسية في زمن العولمة وفي زمن سقوط الامبراطوريات واستبدادها وتَسلُّطها».

ويعود الصحافي والكاتب مالك مرّوة إلى بداية توصيف «شيعة السفارة الأميركية» ليقول «إنّ هذا الوصف كانت طرحته إحدى وسائل الإعلام، وهو توصيف سخيف يحاول تخوين كل مَن يختلف بالرأي مع (حزب الله)، وهو بالإضافة إلى عدم دقّته نجد أن لا قيمة له أيضاً، فـ(حزب الله) ومَن معه يحاولون إسكات أي شخصيّة شيعية تختلف بالرأي معهم من خلال هذا التوصيف الفارغ القيمة».

ويؤكد مرّوة «أنّنا لسنا بخلاف مع (حزب الله) بل باختلاف معه، فنحن نعتبر الحزب من أبنائنا وأخوتنا، واختلفنا معه بالرأي لأنّنا رأينا كيف أنتج سياسة تفرّق ولا تجمع بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب في العام 2000، وقد عبرّنا أيضاً عن موقفنا يوم ارتدّ عسكريّاً إلى الداخل اللبناني في مايو 2008. واليوم نعارض تدخّله العسكري في سورية لأنّنا ما زلنا نعتبر أنفسنا مع الثورة السورية ونتمنى خواتيم تفضي إلى قيام دولة مدنية يعيش فيها كل أهلنا السوريين».

ويضيف: «التدخّل في سورية كان خطيئة بحق لبنان وبحقّ الشيعة في لبنان. إنّها خطيئة الألف سنة. وفي رأيي منذ شهرين كانت المبادرة في سورية بيد النظام السوري و(حزب الله) لكن اليوم تغيّرت وأصبحت بيد الثوار وقد اصطدم النظام والحزب بعدم تحقيق أي انتصار على عكس ما كان يَعِد نصرالله أنصاره الذين يشعرون بواقع نجاح الثورة السورية وبالعداء الموجود الذي سيدوم لفترة طويلة وسيكون له انعكاس على (حزب الله) أولاً وعلى الشيعة ثانياً ولبنان أولاً وأخيراً».

وبحسب مرّوة فإن خطر «داعش» يهدّد السنة المعتدلين الذين يشكّلون أكثريّة الشعب السوري «ولذلك الأجدى بالاعتدال السُنّي أن يواجه هذا الوحش لأنّه موجّه ضدّه قبل أي آخر، لا أن نُسعّر النار لأنّنا غير مُهيّئين»، مضيفاً: «أمّا في دعوة نصرالله لإعادة النظر في مواقف من أسماهم بـ(شيعة السفارة)، فمن جهتي لن أعيد النظر في موقفي من سياسة (حزب الله) إلاّ مع خروجه من سورية وتسليم سلاحه للدولة وأن نترك (داعش) للاعتدال السُنّي».

ويشير الصحافي علي الأمين إلى أن مُصطلح «شيعة السفارة الأميركية» هو «مفهوم واضح وإشارة إلى كل مَن يختلف مع السيد نصرالله أو توجّهات حزبه وخياراته كافّة، وهو بالتالي يوجّه رسالة بأنه لن يسمح لأيّ من الداخل الشيعي بمعارضته، ومن هنا وصْفهم بالعملاء والخونة. كما أنّ هذه النزعة التي تحدّث بها نصرالله تعكس نوعاً من حال الانفعال والتوتّر ولا سيما أن غالبية الذين اختلفوا مع السيد نصرالله إن لم نقل جميعهم، كانوا يقولون له انك ذاهب الى سورية وانت تفتعل مشكلة كبيرة سيدفع لبنان ثمنها وستدفع الطائفة الشيعية ايضا ثمنها وسندخل في فتنة مذهبية».

وفي رأي الامين أنّه «كان على نصرالله أن يشكر مَن أسماهم بـ (شيعة السفارة) لا ان يُخوّنهم، باعتبار أنّهم هم من حذّروه مما يحصل اليوم، ولذلك المطلوب منه أن يجلس معهم للتفكير في كيفيّة الخروج من المأزق، لكن مشكلة العقل عند (حزب الله) أنه دائماً يقوم بخياراته وقراراته ولا ينظر إلى الوراء. المشكلة مع (حزب الله) أنّه يُصرّ على أن دخوله إلى سورية هو خيار صحيح رغم أنه وعد نصف جمهوره بالقتل، فما هذا الوعد الذي يُبشّر به قائدٌ جمهوره. هذا يدلّ على أن هناك مُشكلة عميقة يواجهها الحزب وربما يكون توصيفه بـ (شيعة السفارة) هو من باب (فشّة الخلق) نظراً للمأزق الذي هو فيه».

وفي معرض دفاعه عمن أسماهم نصر الله «شيعة السفارة»، يُشير الأمين إلى أن هؤلاء «ليسوا تنظيمات مُسلّحة ولا مجموعات أمنيّة، بل هم يقولون رأيهم في السياسة. أمّا التوصيف بالخونة فهو كلام واضح لأي مراقب بأنّه نوع من التهديد وإن لم يكن بشكل مباشر لكنّه يُعطي ضوءاً أخضر رُبّما لمن يُحاول أو يرغب بالتعرّض أو بتوجيه إساءة لهؤلاء. ورغم أنه يجب عدم الاستهانة بكلام نصر الله، لكن في تقديري أن فيه شيئاً من التهويل أكثر من الجديّة لإسكات جهة تُعبّر عن مواقفها من دون أي حرج أو خوف».

ويضيف: «ما أؤكده في حال كنتُ معنيّاً بهذا التوصيف، أن دورنا سنظل نقوم به ولن ينفع معنا التهويل وخصوصاً أنّنا معنيون بالدفاع عن موقفنا ما دمنا لا نستخدم وسائل عسكرية أو أمنية».

وعن الدعوة إلى إعادة النظر في المواقف يقول: «كُنّا سبّاقين في ما خص التحذير من الدخول إلى سورية والتورط في القتال هناك، وكنّا نعلم انّه سيؤدي إلى الأزمة التي نعيشها اليوم، ولذلك دعوناه مراراً وتكراراً إلى عدم التورّط، واليوم ندعوه للانسحاب. ومن هنا نقول إنّ على الحزب التنبّه إلى أن في لبنان وداخل الطائفة الشيعية أناساً مختلفين عنه وأن الخيارات التي يتخذها تعنيهم أيضاً. وما دامت كذلك، فعلى السيد نصرالله أن يتنازل في هذا الموضوع لأننا معنيون مثله ونرى أن أول خطوة لمواجهة هذا الإرهاب التكفيري الذي حذّرنا منه تكون بانسحابه من سورية».

ويختم الأمين: «ليس هدفنا مواجهة (حزب الله) الذي فيه أقاربنا وأهلنا وبيئتنا، بل تصويب الخيارات الخاطئة التي يتّخذها. هذه هي حدود مواقفنا».

أمّا مدير مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق في لبنان لقمان سليم، فيقول: «يدهشني أن يتوسّل الأمين العام لتنظيم (حزب الله) بهذا التوصيف وبما يعادله من توصيفات أقلّ ما يقال فيها إنها مبتذلة بمعنى أنها فاقدة لأي قيمة شرائية. وألا يجد نصر الله إلا أن يُعيد تدوير (نفايات) إعلام (الممانعة) خير دليل على المأزق الكبير الذي يعانيه هو وتنظيمه وحلفاؤه والمحور الذي ينسب نفسه إليه. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الهزائم المتتالية التي يمنى بها (حزب الله) ومحوره سواء في الميادين أو على مستوى المشروع السياسي لا تدع له إلّا أن يرتدّ على خصومه الداخليين مستقوياً عليهم ومستعرضاً عضلاته. لكن في المقابل لا يضير اللبنانيين المخالفين للحزب، لا سيما الشيعة منهم، ألا يملكوا القوّة المادية التي يملكها (حزب الله) ما دامت حجتهم هي الأقوى. وهي الأقوى لأنها لسان حال الكثرة الكاثرة من اللبنانيين».

وفي رأي سليم أن اتهام نصرالله كل من يُخالف خياراته وخيارات حزبه ومحوره بـ «الغباء» و«الخيانة» و«العمالة» هو أولاً «بمثابة فتوى مجانيّة بإهدار دماء هؤلاء. ولعله كان من الأوْلى به قبل أن يتلفّظ بمثل هذه الكلمات أن يتحقّق كم يحتاط فُقهاء الشيعة في مسائل الدم»، لافتاً الى أن «التوسّل بمفردات من هذا القبيل دليل ساطع على عجز كامل عن تأليف جملة مفيدة. نعم (حزب الله) لا يملك اليوم جملة مفيدة يخاطب بها اللبنانيين، وأخص منهم اللبنانيين الشيعة الذين يهدر دماءهم في مواجهات عبثية، وتؤسَّس بينهم وبين مواطنيهم اللبنانيين وجيرانهم السوريين والعالم العربي عداوات دهرية. بهذا المعنى، الحزب ليس مسؤولاً عن الدماء التي تسال اليوم فقط ولكنه يضع نفسه في موقع المسؤول عن دماء أجيال قادمة. وعندما يأخذ الخطيب دور عريف الاحتفال، فمفاد ذلك أن خللاً كبيراً يعتو المنظومة بأسرها».

ويرى أن «نصرالله يدعو إلى مواجهة ما يسميه الخطر الوجودي أي تنظيم (داعش)، بمفردات (داعش) وبمنطق (داعش) أي أنه عمليّاً يدعو الى إعادة إنتاج (داعش) على قياس المشروع الذي يُجنّد نفسه لخدمته والذي يحاول أن يجرّ اللبنانيين اليه»، مضيفاً: «قبل ابتزاز اللبنانيين بهذا الخطر الوجودي أو ذاك، لا بد من مساءلة نصر الله ومَن معه عن دورهم في إنتاج هذا الخطر من خلال تبنّيهم لسياسات قدّمت الرابط المذهبي الشيعي على كل الروابط الأخرى، الوطنية منها والقومية. والمشروع الإيراني مسؤول عن إنتاج هذا الخطر، وهو يدعو اليوم إلى الوقوف خلفه لمواجهة هذا الخطر نفسه».

من جهته، اعتبر الصحافي مصطفى فحص أنّ «تصويب السيد نصرالله نحو الداخل الشيعي في هذه اللحظة المصيرية والدقيقة من تاريخ الصراع السوري يدل على أن هناك خطراً سيواجهه وهو يحاول جمع الصف الشيعي من أجل مواجهة يصفها بالوجودية».

ويقول: «بالطبع هذا التوصيف الوجودي يدل على حجم مصالح نصرالله وارتباطاته الخارجية ولذلك هو يواجه مَن يحاول أن يرفع الصوت داخل الطائفة الشيعية ليس فقط ممن وصفهم بـ(شيعة السفارة) بل أفرقاء آخرين قد تكون لهم وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظره في ما خصّ مستقبل النزاع السوري والعلاقة مع سورية ما بعد الرئيس بشّارالأسد والتي باتت شبه قريبة».

ويضيف فحص: «الاتهامات التي كالها نصر الله لهذه المجموعة المليئة بالكفاءات والتي وصفها بـ(الخونة والأغبياء والعملاء) أراد من خلالها أن يّحرّض على عدم سماعهم وأن يصمّ آذان الشيعة الآخرين عنهم، مع العلم ان (حزب الله) ليس بحاجة إلى هؤلاء الأشخاص ليشوّهوا صورته، لأن ما يقوم به في الداخل السوري كفيل وحده بتشويه صورته لقرون عدة وليس لشهور أو أسابيع أو أيام. أيضاّ هناك مفارقة كبيرة إذ إن (شيعة السفارة) لم ترسل أميركا معهم عبوات ناسفة كما حليف نصرالله الوزير السابق ميشال سماحة، ولم نسمع أيضاً أن أحداً منهم ارتبط بعمالة أو خيانة في حين أن غالبية العملاء الذين تم اكتشافهم في الأعوام الأخيرة هم من داخل بيئة الحزب. كما أن لا أحد من (شيعة السفارة) يمكن أن تجد له صورة يستقبل الجيش الإسرائيلي على المتحف كما فعل حليفه النائب ميشال عون العام 1982، فهؤلاء بغالبيتهم من النخب الذين يتعاطون بنبل مع كل المواقف ولا يجوز لنصرالله أن يتهمهم بالعمالة ولا توصيفهم على أنهم شيعة السفارة».

ويعتبر أن «من المفارقة اتهام هذه المجموعة الشيعيّة المُستقّلة بالتبعية أو الخيانة أو الغباء في اللحظة التي تُحاول إيران برأس ديبلوماسيتها محمد جواد ظريف أن تبني أفضل العلاقات مع أميركا وقد بدأت فعلاً بإزالة شعارات (الشيطان الأكبر) من شوارع طهران ومدن إيرانية أخرى استعداداً لتوقيع الاتفاق النووي قريباً. والسؤال: هل يجوز لظريف أن يسير معا مع نظيره الأميركي في أزقة فيّينا وجنيف ولا يجوز لآخرين التعاطي مع جهات خارجية ديبلوماسيةً كانت أم ثقافية أو إعلامية؟ لماذا الكيل بمكيالين؟ إيران اليوم تتحوّل ولكن يبدو أن أحداً في لبنان لا يُريد أن يتحوّل بدوره، فالعالم يتغيّر بسرعة وعلينا أن نواكب هذه المتغيّرات وأن نكفّ عن توجيه الاتهامات لبعضنا بعضا».