يوسف رامي فاضل/من يريد انتظار عدالة السماء، فلينتظرها في كنيسته أو في مسجده وخلوته، أما نحن فنريد العدالة لشعبنا على أرضنا! أما في السماء ف “ليَصطَفِل” الله

47

من يريد انتظار عدالة السماء، فلينتظرها في كنيسته أو في مسجده وخلوته، أما نحن فنريد العدالة لشعبنا على أرضنا! أما في السماء ف “ليَصطَفِل” الله!…
يوسف رامي فاضل/04 تشرين الأول/2021

“سُرِقنا بشراهة، قُتِلنا بوحشية، هُجِّرنا بكلِّ همجيّة، ثمّ وفي الرابع من آب فُجِّرنا ببرودة أعصاب القاتل المحترف الذي تمتد عباءته السوداء الصفراء من طهران إلى بيروت…
وحتى هذه اللحظة : لا عدالة!
ولكن… ألسنا في جريمة قتلنا شركاء؟”
أما البكوات والمشايخ والأمراء الذين سلبوا منازل الفقراء وأرزاقهم مقابل رغيف خبز أو حفنة طحين ثم تركوا ثلث شعبنا للموت جوعًا في الحرب العالمية الأولى فلم تدركهم العدالة ولم يصلهم اي انتقام من ذوي الشهداء…
هم نفسهم من حملوا ألقاب الوجاهة والسعادة والمعالي دون أي محاسبة ليستمر اقطاعهم حتى هذا اليوم!
لتمرّ علينا سلسلة جرائم وفظاعات بعد هذا التاريخ من الجرائم المرتكبة في ظلّ الإنتداب الفرنسي وصولًا إلى جرائم ثورة ال ٥٨ دون أن تنتهي بأحداث ال ٦٧ وال ٧٢، دون أن ننسى “الجرائم الناعمة” المتمثلة بالظلم الإجتماعي وبكل العفونة التي أنتجها نظام المحاصصة الطائفية… كل هذه الجرائم مرّت دون حساب ودون عقاب…
أما المهزلة الأكبر فهي قانون العفو بعد الحرب اللبنانية الذي استباح دماء كل الذين سقطوا طوال ١٥ عامًا، فأهدى البراءة لأمراء الحرب وأجلسهم حكّامًا على أقدار ذوي القتلى، دون أي مسعى لكشف حقائق أخطر مرحلة في تاريخنا الحديث، ودون أي اعتبار للعدالة…
واستمرت هذه الملحمة التراجيدية بعد اتفاق الطائف إذ ارتكب عملاء البعث أفظع الجرائم بحق اخوتهم وأخواتهم، لتستكمل أيادي الغدر الصفراء مسلسل اغتيالات لم ينته مع لقمان سليم ولا مع جو بجاني دون أن نقترب من العدل الذي كُسِر ميزانه في بلدنا منذ أمدٍ بعيد…
سُرِقنا بشراهة، قُتِلنا بوحشية، هُجِّرنا بكلِّ همجيّة، ثمّ وفي الرابع من آب فُجِّرنا ببرودة أعصاب القاتل المحترف الذي تمتد عباءته السوداء الصفراء من طهران إلى بيروت…
وحتى هذه اللحظة : لا عدالة!
ولكن… ألسنا في جريمة قتلنا شركاء؟
بالنسبة لي : نعم! فنحن لم نحاسب المجرم أو السارق أو السياسي الفاسد طوال تاريخنا! لم نحاسب أحزابنا أو تياراتنا أو طوائفنا ولا حاسبنا مختارًا أو موظفًا واحدًا على امتداد الجمهورية اللبنانية! لم يخرج من وسطنا أي فدائي ينتزع العدالة بيده…
تاريخنا لم يُكتَب بعد! وعدالتنا لم تظهر يومًا، كل ما فعلناه هو استعمال التاريخ للتستّرِ على تخاذلنا، ولمحاولة طمر الحقائق الحزينة تحت تسويات الذلّ والعجز…
أما بعد فلا بد لهذا الشعب من بناء وطنه المرتجى على أسس العدالة والحقيقة! فلا لن نقلب صفحة الماضي قبل جلاء الحقائق واحقاق العدل! لن نترك لأولادنا ولأحفادنا من بعدهم حقل ألغامٍ مدفون تحت استهتارنا وتناسينا…
أما من يريد انتظار عدالة السماء، فلينتظرها في كنيسته أو في مسجده وخلوته، أما نحن فنريد العدالة لشعبنا على أرضنا! أما في السماء ف “ليَصطَفِل” الله!…
#يحيا_لبنان