نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم الأحد 02 آيار/2021/الراعي للمسؤولين: الحكومة ليست لكم بل للشعب. الوزارات ليست لكم بل للشعب. الحكم ليس لكم بل للشعب. المؤسسات ليست لكم بل للشعب. كفى شروطا لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين/المطران عوده في قداس الفصح: نحن بحاجة إلى حكومة تنقلنا من الحضيض إلى حياة كريمة ينال فيها المواطن حقوقه بلا منة من أحد، ويقوم بواجباته بفرح وثقة بدولته العادلة المستقوية فقط بجيشها الساهر على أمنها

81

المطران عوده في قداس الفصح: نحن بحاجة إلى حكومة تنقلنا من الحضيض إلى حياة كريمة ينال فيها المواطن حقوقه بلا منة من أحد، ويقوم بواجباته بفرح وثقة بدولته العادلة المستقوية فقط بجيشها الساهر على أمنها.
وطنية/الأحد 02 أيار 2021

*الراعي: الحكومة ليست لكم بل للشعب. الوزارات ليست لكم بل للشعب. الحكم ليس لكم بل للشعب. المؤسسات ليست لكم بل للشعب… كفى شروطا لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين

الراعي: مسؤولية الأمم المتحدة والدول الصديقة الذهاب إلى عمق القضية اللبنانية، وإلى جوهر الحل. صحيح أننا بحاجة إلى حكومة، لكننا بحاجة إلى حل القضايا والصراعات التي تمنع من أن يكون لبنان دولة في حالة طبيعية”.

الراعي: ما نشكو منه هو منع تأليف الحكومات وإجراء الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، ومنع تطبيق الدستور وتشويه مفهوم الميثاق الوطني، وتعطيل النظام الديمقراطي، والحؤول دون تثبيت سيادة الدولة عبر جيشها داخليا وعلى الحدود، كل الحدود، ومنع إنهاء ازدواجية السلاح بين شرعي وغير شرعي، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية”.

الراعي: إن ميثاق الأمم المتحدة ونظامها الداخلي مليئان بالمواد التي تجيز عقد مؤتمر أممي لحل هذه القضايا. فلا بد من الإسراع في عقد هذا المؤتمر لأن التأخر بات يشكل خطرا على لبنان الذي بنيناه معا نموذج الدولة الحضارية في هذا الشرق، ويستحق الحياة“.

وطنية/الأحد 02 أيار 2021
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الاحد صباحا في الصرح البطريركي في بكركي، لمناسبة عيد سيدة لبنان، وألقى عظة بعنوان: “تعظم نفسي الرب … لأن القدير صنع بي العظائم” (لو 1: 46 و 49)، قال فيها: “في بيت أليصابات رفعت مريم نشيدها النبوي: تعظم نفسي الرب، لأنه نظر إلى تواضع أمته. فها منذ الآن يطوبني جميع الأجيال، لأن القدير صنع بي العظائم، وإسمه قدوس، ورحمته إلى جيل فجيل لخائفيه (لو 1: 46-50). بات نشيدها نشيد الكنيسة بأبنائها وبناتها ومؤسساتها، ونشيد الذين يقرون بعظمة الله، ونشيد الفقراء بالروح والمتواضعين والودعاء. هذا النشيد رفعته مريم، عندما أمت بيت أليصابات الحامل بيوحنا، في شهرها السادس، لكي تحمل إليها البشرى بيسوع، بشرى الخدمة التي دامت ثلاثة أشهر حتى مولد يوحنا. لذا نستطيع القول: إنه نشيد تعظيم الله والخدمة، نشيد الإيمان والأفعال”.
وتابع: “يسعدنا أن نحيي معا عيد أمنا مريم العذراء سيدة لبنان، المرتفع تمثالها على هضبة حريصا الجميلة، ووجهها ويداها المبسوطتان والمملؤتان نعما وبركات موجهتان نحو العاصمة بيروت. وجدير بالذكر أن إنشاء معبد حريصا وتمثال سيدة لبنان يعود إلى سنة 1904، في ذكرى اليوبيل الذهبي لعقيدة الحبل بلا دنس التي أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. إن جمال تمثال العذراء الأبيض هو رمز لنقاوتها وامتلائها من النعم الإلهية. إننا نلتمس شفاعتها لدى الله كي يقدسنا بنعمته، وينقي قلوبنا، وينصرنا على الخطيئة والشر. في هذا اليوم الذي تحتفل فيه الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة بعيد الفصح المجيد، فإنا نقدم لها أخلص التهاني والتمنيات، ملتمسين من المسيح الإله القائم من الموت، أن ينصرنا بنعمته على قوى الشر. وفيما وباء كورونا يفتك بشعبنا وبالعالم كله، ويشل حركة الكرة الأرضية، ويزيد من أعداد ضحايا الجوع والحرمان، نصلي إلى الله كي يبيد هذا الوباء، ويشفي المصابين. ونخص بصلاتنا سكان بلاد الهند حيث بلغت الإصابات والوفيات أعدادا مرتفعة ومقلقة للغاية. ونوجه عاطفة شكر إلى الدول التي تمد لهم أيادي المساعدة الطبية والغذائية. ونحن نعرب عن قربنا الروحي منهم. أنشدت مريم عظائم الله لها، هي الأمة المتواضعة (لو 1: 48-49). فتنبأت عن هذه العظائم التي أعلنتها الكنيسة فيما بعد عقائد إيمانية، وأخصها:
أ- الحبل بها، منذ اللحظة الأولى، في حشى والدتها القديسة حنة من دون دنس الخطيئة التي يولد فيها كل إنسان، والموروثة من أبوينا الأولين، آدم وحواء.
ب- الحبل بابن الله الذي أخذ جسدا بشريا منها بقوة الروح القدس، ما جعلها أم الإله في طبيعته البشرية.
ج- ميزتها كأم وبتول، عذراء في الحبل والولادة وبعدها.
د- شريكة إبنها الفادي الإلهي في آلامه حتى أقدام الصليب.
ه-أمومتها الروحية لكل إنسان بشخص يوحنا: “هذا إبنك! وهذه أمك” (يو 19: 26-27). بكلمة “نعم” عند البشارة أصبحت مريم أم يسوع التاريخي، وبكلمة “نعم” الصامتة على أقدام الصليب، أصبحت أم المسيح السري أي الكنيسة، وأم البشرية جمعاء.
و- إنتقالها بالنفس والجسد إلى مجد السماء، وتتويجها من الثالوث القدوس، الآب وهي إبنته، والإبن وهي أمه، والروح القدس وهي عروسته، سلطانة السماوات والأرض”.
وأضاف: “مريم، التي أجرى فيها الله هذه العظائم، وجدت نفسها مدعوة إلى الخدمة التي أعلنتها للملاك: “أنا أمة الرب” (لو 1: 38). فتلتقي هكذا نبويا مع كلام إبنها يسوع عن نفسه: “إبن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم، ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين” (متى 20: 28). فجعل خدمة الجماعة شرف صاحب أية مسؤولية في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة. لو تحلى المسؤولون عندنا بثقافة الخدمة، لما أوصلوا بلادنا إلى إنهيار المؤسسات الدستورية والسيادة الإستئثارية على الأرض والإقتصاد بكل قطاعاته والمال، ولما أوقعوا المواطنين في حال الجوع والعوز حتى أضحى نصف الشعب اللبناني تحت مستوى الفقر، ولما ضربت الطبقة الوسطى التي كانت تشكل ركيزة الإستقرار في المجتمع اللبناني وتفوق 80% من شعبنا. السياسة هي فن خدمة الخير العام وبالتالي قيمة الحكام هي في إنقاذ المجتمع الذي كفوا بإدارته، لا في إغراقه بأزمات مفتعلة. ومعيار الحكمة في الحوار والاتفاق لا في التباعد وتعميق الاختلاف. وما لم يلتزم المسؤولون هذه القواعد، سيعرضون البلاد للانهيار الأكبر. الدولة اللبنانية التي كانت أنجح دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي، لا تحتاج إلى وساطات ومساع وضغوط من أجل تأليف حكومة، بل إلى إرادات حسنة وطنية وشعور بالمسؤولية، وإلى احترام الدستور والميثاق”.
وتوجه للمسؤولين: “الحكومة ليست لكم بل للشعب. الوزارات ليست لكم بل للشعب. الحكم ليس لكم بل للشعب. المؤسسات ليست لكم بل للشعب. كفى شروطا لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين. هذه هي الأسباب التي حملتنا على المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وبإعلان حياد لبنان. تؤكد الممارسة السياسية أن لبنان، مهما طال الوقت، لا يقوم من حالته من دون مؤتمر دولي يعلن حياده. خارج هذا المسار سيبقى لبنان يخرج من أزمة إلى أخرى، ومن حرب إلى أخرى، ومن فشل إلى آخر، ويعطي انطباعا بأننا شعب لا يعرف أن يحكم نفسه بنفسه. وأصلا هذا هو هدف الذين يمنعون تأليف الحكومة وإعادة بناء الدولة”.
ورأى أن “مسؤولية الأمم المتحدة والدول الصديقة الذهاب إلى عمق القضية اللبنانية، وإلى جوهر الحل. صحيح أننا بحاجة إلى حكومة، لكننا بحاجة إلى حل القضايا والصراعات التي تمنع من أن يكون لبنان دولة في حالة طبيعية”.
وقال: “أما ما نشكو منه فهو: منع تأليف الحكومات وإجراء الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، ومنع تطبيق الدستور وتشويه مفهوم الميثاق الوطني، وتعطيل النظام الديمقراطي، والحؤول دون تثبيت سيادة الدولة عبر جيشها داخليا وعلى الحدود، كل الحدود، ومنع إنهاء ازدواجية السلاح بين شرعي وغير شرعي، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية”.
وتابع: “إن معظم هذه القضايا تستلزم مساعدة دولية لأن مصدرها ليس لبنانيا بل جاءتنا نتيجة صراعات عربية وإقليمية ودولية استغلت انقساماتنا العبثية. إن ميثاق الأمم المتحدة ونظامها الداخلي مليئان بالمواد التي تجيز عقد مؤتمر أممي لحل هذه القضايا. فلا بد من الإسراع في عقد هذا المؤتمر لأن التأخر بات يشكل خطرا على لبنان الذي بنيناه معا نموذج الدولة الحضارية في هذا الشرق، ويستحق الحياة”.
وشكر لقادة المملكة العربية السعودية “إعادة السماح للشاحنات اللبنانية بالدخول إلى أراضيها”، وتمنى أن “تعيد النظر أيضا بقرار حظر المنتوجات الزراعية نظرا لانعكاساته السلبية على الشعب تحديدا”. وقال: “إن أجهزة الدولة باشرت بدهم أوكار المهربين وتجار المخدرات. من واجب الدولة أن تكافح بجدية هذا الوباء الصحي والاجتماعي، وأن تبسط سلطتها على المربعات والمناطق حيث السلاح المتفلت يحمي زراعة المخدرات وتجارتها وتصديرها. وكم طالبنا الدولة أن تقفل جميع المعابر غير الشرعية وتراقب بجدية المعابر الشرعية كذلك، وتقبض على عصابات التهريب”.
وختم الراعي: “نكل إلى عناية أمنا مريم العذراء سيدة لبنان كل أمانينا، راجين منها حماية وطننا ليظل أرض المحبة واللقاء والحوار والقداسة. فنرفع معها نشيد التعظيم لله على ما يجري من عظائم في الأرض، آمين”.

المطران وده في قداس الفصح: حالتنا ليست ابنة يوم أو سنة وبحاجة لحكومة لا تسيطر عليها الاحزاب المتناحرة
الأحد 02 أيار 2021/وطنية 

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده خدمة الهجمة وقداس الفصح في كاتدرائية القديس جاورجيوس. بعد الإنجيل المقدس ألقى عوده عظة قال فيها: “ها قد وصلنا إلى ميناء القيامة الآمن، حيث ينتفي الألم والموت، وتزهق الشياطين، وتفرغ القبور، وتزهر الكنيسة مبتهجة بعيد الأعياد وموسم المواسم، إذ إن المسيح حقا قام، ونحن نجونا من الخطيئة وموتها. بقيامة المسيح، السماوات تفرح والأرض تتهلل بواجب اللياقة، والعالم المنظور وغير المنظور يعيد كله، لحصوله على السرور المؤبد الحاصل بإشراق المسيح من القبر”.
وتابع: “قيامة المسيح هي أعظم الأحداث التاريخية، وهي تميز المسيحية عن سائر الأديان. رأس الكنيسة هو المسيح القائم. يعلن الرسول بولس بوضوح: إن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم (1كو 15: 17). اليوم المسيح كسر أبواب الجحيم وأمخالها، وأقام معه المائتين منذ الدهر. لقد نزل المسيح إلى الجحيم ليقيد الشيطان، فجعله بلا سلطان على البشر. إنحدر المسيح إلى أقصى دركات الأرض، حيث الظلام الدامس، فملأ المكان من نوره، حالا ظلمة الموت. لهذا نسمع في قانون الفصح الذي رتلناه صباحا: إن البرايا بأسرها قد استوعبت الآن نورا، السماء والأرض وما تحت الثرى. يدعى يوم القيامة فصحا، أي عبورا، لأن المسيح إلهنا قد أجازنا من الموت إلى الحياة، ومن الأرض إلى السماء. هذا العام، ربما نعرف طعم القيامة بشكل أفضل، بعد ما مرت به البشرية بأسرها من ويلات بسبب الوباء الذي تفشى عالميا، حاصدا ملايين الأرواح. أما في بلدنا، فإلى جانب الموت الوبائي، عشنا تفجيرا، أزهق الأرواح البريئة، ويتم الأطفال، ورمل النساء والرجال، وشرد الآلاف. واليوم، كم نحن بحاجة لتذوق حلاوة القيامة! لكن، بما أن المسيح قد قام، فمؤكد أننا سنقوم أيضا، لأن الموت لن يتسلط علينا في ما بعد وقد سحق المسيح قدرته”.
وأضاف: “نسمع في إنجيل اليوم كلاما على الكلمة أي المسيح فاتح باب الفردوس: في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وإلها كان الكلمة. … كل به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. به كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور في الظلمة يضيء، والظلمة لم تدركه. يحدثنا المقطع الإنجيلي أيضا عن يوحنا المعمدان، الصوت الصارخ في البرية، الذي شهد للكلمة، شهد للنور، وكلنا نعرف أن شهادته التي لا مواربة فيها ولا محاباة، أدت إلى قطع رأسه. الكلمة، يا أحبة، مهمة لدرجة أنها أصبحت صفة لسيدنا، الرب يسوع المسيح. كلمة المسيح كانت سيفا مسلطا تجاه مسؤولي ذلك الزمان، ومتقدمي الشعب، لذلك أمروا بأن يمسك ويصلب، لكنهم لم ينتبهوا لما كان يقوله عن القيامة، ففاجأهم وقام من القبر المختوم بحجر عظيم، ولكي لا يظهروا صغارا أمام الشعب، قاموا برشوة الحراس ليشهدوا أنه لم يقم، بل سرق ليلا وهم نائمون. فإذا كان سيدنا، إله السماء والأرض قد احتمل كل تلك الأمور الشنيعة ممن كانوا يعتبرون أنفسهم مسؤولي الشعب، إذا فإنه وسام على صدورنا إن أراد المنزعجون من كلمة الحق أن يتمثلوا بالفريسيين جاعلين إيانا نتمثل بمسيحنا المتألم القائم من موت الحقد. فريسيو ذلك الزمان كانوا يتحدثون عن الله، لكنهم صلبوا ابنه، لأن كلامه أزعجهم. في زماننا، يطالعنا البعض بنظريات يلبسون المسيح فيها صورا على مقاسهم، ويأخذون من الإنجيل الحوادث التي تناسبهم، فيعيثون فسادا في عقول الشعب، ويطالبوننا بألا نتدخل في شؤون حياة أبنائنا، وألا نضيء على الخطأ، وألا نتألم مع المتألمين، وألا نكون صوت من لا صوت لهم. ترى، هل يقتصر دور الأب في البيت على العمل والمجيء بالطعام واللباس؟ أما إذا تعرض أبناؤه للأذى فإنه ينأى بنفسه ويقول: هذا ليس عملي؟ من لا يتحمل وقع الكلمة التي تضيء على الخطايا تجاه أبناء الله، كيف سيتحمل الدينونة الأخيرة أمام الرب القائم والمنتصر؟”.
وقال: “في سفر أيوب نقرأ: “عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا سأمضي إلى هناك… الرب أعطى والرب أخذ… فليكن اسم الرب مباركا إلى الأدهار” (1: 21). لو يدرك الإنسان أنه لن يحمل معه سوى ذكراه الطيبة وأعماله المباركة لتغير وجه الكون. يا أحبة، فيما كنت أتصفح كتابا لفتتني أبيات للشاعر المعروف أحمد شوقي في مدح لبنان، فحزنت لما وصل إليه هذا البلد الذي تغنى به الشعراء، وأنشده المغنون، وحسده الجيران والأبعدون. أرض صغيرة حباها الله كل النعم والجمالات، واعتنق أبناؤها الحرية والثقافة والإبداع، وكانت ملتقى الحضارات وتفاعل الأديان، فإذا بها الآن غابة مقفرة محاصرة معزولة عن العالم، يعشش فيها الفساد ويحكمها اليأس وانسداد الأفق. حالتنا ليست ابنة يوم أو سنة. فقد تراكمت الأخطاء وتجذرت السيئات حتى فقد لبنان مقومات بقائه، فانفجر الشعب في 17 تشرين وعبر عن الغضب الشديد المكتوم. ثم جاءت كارثة المرفأ لتزيد السواد سوادا فتدهورت الأوضاع بشكل جنوني، ولم تعد المشكلة مالية اقتصادية وحسب بل أصبحت وجودية لأن من يتولون أمور البلد يغامرون بالقليل المتبقي منه من أجل تأمين مصالحهم، والحفاظ على مكتسباتهم، والإستمرار في مواقعهم على جثة الوطن والمواطنين. حتى الجراد جاء يأكل مزروعاتنا ويحرم منها من لم يعد بإمكانهم شراؤها. أما تلك المعدة للتصدير فأغلقت دونها الأسواق لأن البعض أرادوا لبنان بعيدا من إخوته ومحيطه فجعلوه معبرا للممنوعات التي تفسد العقول وتجني على من يتعاطون بها”.
وأضاف: “رفض الأسواق العربية منتوجاتنا الزراعية يزيد الخناق علينا ويلحق الضرر بالمزارعين. أملنا أن تتخذ إجراءات فعلية حازمة تحول دون مقاطعة المنتجات اللبنانية، وأولها رقابة مشددة على المعابر الحدودية، ورفع الغطاء عن كل مروجي أو مهربي المخدرات، ومعاقبتهم مهما كان دينهم أو انتماؤهم. في هذا اليوم الذي نصرخ فيه المسيح قام نصلي من أجل أن يقوم لبنان من تعثره ويسترجع دوره ورسالته. ولكي يقوم نحن بحاجة أولا وقبل كل شيء إلى حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات الضرورية، وتعيد الحياة إلى مؤسسات الدولة وإداراتها، وتفعل أجهزة الرقابة، وتفرض هيبة الدولة والقانون وتكسب ثقة المجتمع الدولي. نحن بحاجة إلى حكومة لا تسيطر عليها الأحزاب المتناحرة، بل يكون أعضاؤها من أصحاب الإختصاص الناجحين في أعمالهم، المجلين كل في حقل اختصاصه، غير طامعين بمكاسب ونفوذ، بل مريدين خدمة وطنهم ووقف انهياره وإصلاح إدارته. نحن بحاجة إلى حكومة تنتزع ثقة الشعب بإنجازاتها وأولها مصارحة الشعب بالحقيقة، حقيقة انفجار المرفأ، والحقيقة حول وضع البلد المالي، وما مصير ودائع المواطنين وجنى أعمارهم، ومن تسبب في اندثارها، والحقيقة حول تهريب المحروقات والمواد الغذائية المدعومة بمال الشعب، ووضع المعابر والجمارك والإنفلات على الحدود. نحن بحاجة إلى حكومة تفرض القانون وتحاسب، تقتص من كل من يتطاول على هيبة الدولة وعلى المال العام، ومن يقوم بالاغتيالات، وكل من يشوه وجه لبنان بجعله مصدرا أو معبرا للممنوعات، وكل من يستغل مركزه أو نفوذه لتهريب ثروات اللبنانيين ومنتوجاتهم بطرق غير شرعية. نحن بحاجة إلى حكومة تكافح الفساد بالفعل لا بالشعارات، وتحفظ حقوق الناس، كل الناس، وكراماتهم، وتمنع أي تعد على المواطنين، كل المواطنين بلا تمييز، وبخاصة الإعلاميون، كل الإعلاميون، لأننا لا نميز بين خلائق الله المتساوية في الكرامة. نحن بحاجة إلى حكومة تنقلنا من الحضيض إلى حياة كريمة ينال فيها المواطن حقوقه بلا منة من أحد، ويقوم بواجباته بفرح وثقة بدولته العادلة المستقوية فقط بجيشها الساهر على أمنها، وبقضائها المستقل الذي يحكم بإسم الشعب، لا باسم فئة أو حزب أو طائفة. وللغيارى على مصالح الناس وأموالهم نقول إننا أكثر حرصا منكم عليها، ونحن لم نتوقف يوما عن المطالبة بإعادة الحق إلى أصحابه، وبكشف كل مجرم بحق المواطنين، وكل سالب لأموالهم أو متعد على حقوقهم. وللوصول إلى هذا الحق نحن بحاجة إلى قضاء متحرر من السياسة ومن كل ارتباط، ليحكم بالحق والعدل والنزاهة وعدم التمييز”.
وختم عوده: “نسأل الله أن ينير قلوب الجميع، ويزرع فيها محبته لكي يعمل الجميع معا بقلوب نقية ونفوس طاهرة وأيد متشابكة من أجل خلاص وطنهم. نسأل الرب القائم من بين الأموات القيامة لبلدنا الحبيب لبنان، ولجميع اللبنانيين، من موت الفساد المستشري، خصوصا موت الأخلاق، لأن من فسدت أخلاقه يفسد غيره. فلا تكونوا مماثلين لحراس القبر المرتشين والقائلين بعدم القيامة، بل قوموا من الحفرة وانفضوا غبار الخطيئة، والبسوا ثوب القيامة البهي. صلاتنا أن يبارك الرب الإله بلدنا وبنيه ويبلسم جراح المتألمين، ويعزي قلوب المحزونين ويفك أسر المخطوفين. كما نسأل الحرية من لدن الرب لأخوينا المطرانين بولس ويوحنا في الذكرى الثامنة لاختطافهما. نصلي أن يعيدهما إلينا سالمين، فيكون الفرح العظيم. بارككم الرب، مشرقا نوره القيامي في حياتكم، آمين.المسيح قام، حقا قام”.