احمد عياش/هل اغتالت إسرائيل جنرال الصواريخ الدقيقة في لبنان الجنرال محمد حسين زاده حجازي نائب قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني؟

136

هل اغتالت إسرائيل جنرال الصواريخ الدقيقة في لبنان الجنرال محمد حسين زاده حجازي نائب قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني؟
احمد عياش/النهار العربي/21 نيسان/2021

لم تتعامل الجمهورية الإسلامية الإيرانية قبل أيام، مع وفاة الجنرال محمد حسين زاده حجازي نائب قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، كحدث عادي. على الرغم من أن شعبة العلاقات العامة لـ”الحرس”، أعلنت الأحد الماضي في الثامن عشر من نيسان (أبريل) الجاري أن الوفاة سببها “نوبة قلبية”. وعزز الاعتقاد أن المسؤول الكبير في “فيلق القدس” لم يقضِ نحبه لأسباب طبيعية، أن معلومات إيرانية وغربية تقاطعت عند القول إن الوفاة ناجمة عن “القتل”.

فرضية مقتل الجنرال حجازي أوحت بها تغريدة محمد مهدي همت نجل محمد إبراهيم همت القيادي السابق الذي قتل في الحرب الإيرانية العراقية. وجاء في التغريدة على موقع “تويتر”: “يا قائدي أعزيك بهذا الجندي، فهو ذهب فداءك، وأنا سأفتديك أيضاً”.

بدورها ذكرت صحيفة “النيويورك تايمس” في عددها الصادر في 20 الشهر الجاري أنه كانت هناك “شكوك فورية” ظهرت بعد الإعلان رسمياً أن الوفاة سببها مرض في القلب. وقالت الصحيفة إن القائد في “فيلق القدس” كان لفترة طويلة “هدفاً للمخابرات الإسرائيلية”. واستشهدت بدورها بتغريدة محمد مهدي همت الذي جزم أن موت الجنرال “لا يعود للقلب”.

تحدث “النهار العربي” الى خبير في الشؤون الإيرانية مقيم في لبنان، طلب عدم ذكر إسمه، وقال: “إن إغتيال الجنرال حجازي ربما تم عن طريق الأدوية”. وأضاف: “تقول الرواية الإيرانية إن القائد في فيلق القدس قد مات بسبب مرض في القلب يتلاقى مع فرضية أدوية اعتاد الإسرائيليون استخدامها للتخلص من أعدائهم كما حصل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار) من خلال أدوية تسبّب التسمم”. وكانت السلطة الفلسطينية، كما أوردت “وكالة الصحافة الفرنسية” عام 2012، قد طالبت بـ”تشكيل لجنة تحقيق دولية في اغتيال الرئيس الفلسطيني، على غرار لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري”، بعدما أظهرت استنتاجات تحاليل أجريت في مختبر في سويسرا، أن عرفات “قد يكون مات مسموماً بمادة البولونيوم المشعة”.

لماذا قررت إسرائيل الآن التخلص من الجنرال حجازي؟ يجيب الخبير نفسه: “ربما أمسك الإسرائيليون بدليل على حجازي الذي له صلة وثيقة بـ”حزب الله” فقرروا التخلص منه”. وأوضح أن هذا “الدليل” يرتبط بـ”الصواريخ الدقيقة” التي زودت بها إيران الحزب بإشراف ومتابعة الجنرال الراحل والذي لم ينقطع عن زيارة لبنان، شأنه شأن كبار القادة في “فيلق القدس” وعلى رأسهم الجنرال قاسم سليماني الذي أعلنت الولايات المتحدة عن تصفيته في بداية عام 2020 في مطار بغداد. ولفت الخبير الى أن حجازي تابع مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في آخر لقاء جمعهما في الضاحية الجنوبية لبيروت “الترتيبات المتصلة باستخدام الصواريخ الدقيقة لكي تكون في حالة جاهزية في هذه المرحلة”.

في إطلالة نادرة، أجرت قناة “الميادين” التلفزيونية لقاءً مطولاً مع الجنرال الإيراني لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط سليماني، واستعادتها مؤخراً وكالة “مهر” الايرانية للأنباء. فرداً على سؤال أن إسرائيل تتهمه شخصياً بالوقوف شخصياً وراء حصول “حزب الله” على الصواريخ الدقيقة، قال حجازي: “يكفي أن تتابع تقارير الخبراء الإسرائيليين وتحليلاتهم كي تدرك عمق الخوف الذي يعيشونه من هذا الموضوع، وهم قالوا ذلك مراراً. وفي أحد التحليلات قالوا إن كل 200 صاروخ دقيق تعادل آلاف الصواريخ غير الدقيقة. هم يدعون ذلك، هم يقولون ويعلنون أنهم لن يسمحوا بذلك، أي بوصول السلاح الدقيق ليد “حزب الله”. لكن أنتم سمعتم على لسان السيد حسن نصرالله الذي قال إن الصواريخ وصلت وإنهم يملكون هذه الصواريخ ونحن نعرف أن السيد حسن نصرالله رجل صادق ولا يتحدث بكلام إعلامي ودعائي. عندما يقول إنها وصلت الى أيدينا فهذا مؤكد. وعددها أكبر مما يتصوّره العدو. وإذا ارتكب العدو أي حماقة فإنه سيندم لا محالة”.

تحت عنوان “من زرع الصواريخ على الحدود الإسرائيلية” كتبت وكالة “مهر” تقول: “الغربيون يرونه (الجنرال حجازي) مفتاح مشروع “حزب الله” للصواريخ الدقيقة في لبنان. ودفع دوره في تعزيز “حزب الله” اللبناني وجبهة المقاومة اللبنانية بالصهاينة إلى التخطيط لاغتياله في السنوات الأخيرة”. كما كتبت عنه مصادر غربية، “أنه منذ عام 2013، تحاول إيران بيد العميد حجازي إرسال صواريخ دقيقة التوجيه – يمكن أن تهبط على بعد أمتار قليلة – إلى لبنان عبر سوريا”. ونسب مقال الوكالة الإيرانية الى تقرير صادر عن الجيش الإسرائيلي في أب (أغسطس) 2019 قوله إن الجنرال حجازي كان “قائد مشروع الصواريخ الإيرانية الدقيقة التوجيه في لبنان، وكان مسؤولاً بشكل مباشر عن الموظفين الإيرانيين في لبنان. وفي عام 2014، اختفى العميد حجازي عن الأنظار، وتكهنت وسائل الإعلام الغربية بأنه كان في لبنان طوال هذه السنوات وساعد “حزب الله” في تخزين 150 ألف صاروخ”. وخلصت “مهر” إلى القول إن وسائل الإعلام الغربية اعتبرت غياب حجازي “هو الضربة الثانية لفيلق القدس في الأشهر الستة عشر الماضية” بعد مقتل سليماني، فهو كان “أحد كبار أعضاء فيلق القدس الإيراني الثلاثة المسؤولين عن قضية الصواريخ الموجهة بدقة لحزب الله”.

في اتجاه مماثل، كتبت “النيويورك تايمس” تقول إن الجنرال حجازي ربما يكون “ثالث مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى يتم إغتياله خلال الخمسة عشر شهراً الماضية”. وسبقه الى هذا المصير، كما قالت الصحيفة الأميركية قائد “فيلق القدس” سليماني “الذي قتلته الولايات المتحدة في كانون الثاني (يناير) من العام 2020″، ومحسن فخري زاده رئيس فريق علماء الذرّة والجنرال في “الحرس الثوري” الذي “اغتالته إسرائيل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي”.

وسائل الإعلام الإيرانية أفرجت عن صور جمعت الجنرال حجازي مع المرشد علي خامنئي ومع الجنرال سليماني. ويمكن معرفة حجم الخسارة التي منيّ بها النظام الإيراني بعبارات الرثاء التي كتبها خامنئي وبينها قوله: “إنّ فقده هو حقاً مصدر أسف وأسی”. أو في عبارات وردت في برقية وجهها نصرالله الى خامنئي معزياً بحجازي: “عرفناه من خلال حضوره بيننا ومعنا لسنوات طويلة”.

رحل المسؤول الإيراني عن الصواريخ الدقيقة التي بحوزة “حزب الله”. لكن الصواريخ ما زالت في لبنان.