نوفل ضو: نحذّر من مشروع قمع وتزوير للإرادة الشعبية

269

نوفل ضو: نحذّر من مشروع قمع وتزوير للإرادة الشعبية
على مسؤوليتي/صوت لبنان/18 كانون الثاني 2017

يتعرض حزب الكتائب لحملة تأخذ عليه انتقاله الى المعارضة. وعوض أن يشكر الحزب ويهنأ على الخطوة التي من شأنها أن تحفظ الحد الأدنى من النظام البرلماني الديمقراطي، يسعى البعض الى شيطنة معارضة الكتائب وتشويه حقيقتها وتصويرها على أنها مجرد ردة فعل على عدم إشراكها في الحكومة بحقيبة وازنة تستحقها كتلتها المؤلفة من خمسة نواب.

أفهم التنافس السياسي، وأفهم السباق على اجتذاب الرأي العام، ولكن ما لا أفهمه هو تحويل الأصول الديمقراطية الى مادة نقد وهجاء وتحويل المعارضة الديمقراطية الى تهمة… ففي ذلك استهداف ليس لحزب الكتائب وإنما للحياة السياسية الديمقراطية في لبنان!

إن ما يحتاجه لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى هو العودة الى المفهوم الصحيح للديمقراطية القائم على فريق يحكم وفريق يعارض. فباسم “الوحدة الوطنية” ننحر “الديمقراطية”… وباسم التمثيل الصحيح نحول الدولة ومؤسساتها الى محاصصة طائفية وحزبية وسياسية

… وباسم الإستقرار نتخلى عن الخطاب السيادي ونجير القرارات الإستراتيجية الكبرى لفئة حزبية تجاهر بأنها جزء من مشروع إقليمي سياسي وعسكري وعقائدي واقتصادي وثقافي لا يشبه القسم الأكبر من الشعب اللبناني.

إن ما يعيشه لبنان اليوم ليس مجرد أزمة سياسية عابرة … إنها أزمة مفاهيم وأزمة وجود… تهدد أسس الكيان وهوية لبنان التعددية والديمقراطية!

أزمة مفاهيم بحيث نعطي التعابير تفسيرات لا علاقة لها لا بقواميس اللغة ولا بالقواميس السياسية…

وأزمة وجود لأن تغييب القيم الأخلاقية، وفي مقدمها الصدق في الوعود والإلتزام بالتعهدات والمبادىء،عن العمل السياسي من شأنه أن يقضي على علة وجود لبنان كبلد للحريات في شرق يغتال الحريات العامة والخاصة مع كل إشراقة شمس تارة من خلال ديكتاتوريات شخصية بأغطية حزبية وعقائدية وتارة أخرى باسم أصوليات دينية كلاهما على حساب كرامة الإنسان وحقوقه الاساسية في حرية المعتقد والتعبير والحياة الكريمة!

لقد كان اللبنانيون يتغنون بريادتهم في مجال الديمقراطية والحرية والتعددية الحزبية والتنوع السياسي… لكنهم اليوم وعوض أن يقدموا الى محيطهم المشتعل نموذجا للخروج من الحروب والتقاتل، يسعون من حيث يدرون أو لا يدرون الى استنساخ نماذج الأنظمة المتداعية من حولهم واستيرادها الى لبنان من خلال تحويل استحقاق الإنتخابات النيابية المقبلة من مناسبة لتصحيح الخلل الديمقراطي الى مناسبة لتكريس الآحاديات والثنائيات الحزبية والطائفية على حساب التعددية والتنوع.

عيب علينا كلبنانيين عموما وكمسيحيين خصوصا وحرام بحق تضحياتنا وشهدائنا ان نسوق لقوانين انتخابية تستنسخ نموذج “الجبهة الوطنية التقدمية” بقيادة حزب البعث في سوريا حيث يستولد الحزب الحاكم أحزابا صورية وشخصيات تابعة ويسمي النواب تحت مسمى ديمقراطية تستخف بعقول الشعب وذكائه.

باختصار فإن ما يحضر له أهل السلطة اليوم تحت مسمى الإنتخابات هو مشروع قمع جديد وعملية إلغاء للتنوع والتعددية، ومشروع تزوير للإرادة الشعبية… سيؤدي حكما الى انفجار جديد… فلنتعظ من تجارب الماضي ولنصحح المسار قبل فوات الأوان وقبل الندم حيث لا يعود ينفع الندم!