الوزير مروان حمادة للمستقبل: لبنان بدأ يمارس سياسة خارجية أكثر استقلالية/لهفة استقبال السعوديين والقطريين تعبير عن احتفال بعودة لبنان إلى نفسه وإليهم

114

الوزير مروان حمادة لـ «المستقبل»: لبنان بدأ يمارس سياسة خارجية أكثر استقلالية
«لهفة استقبال السعوديين والقطريين تعبير عن احتفال بعودة لبنان إلى نفسه وإليهم»
المستقبل/15 كانون الثاني/17

وزير التربية الوطنية والتعليم العالي مروان حمادة لم يخلف مواعيده الجمعة في الوزارة. من «مطار رفيق الحريري الدولي»، حيث حطت طائرة الوفد الرئاسي العائدة من زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية وقطر، مباشرة الى مكتبه في الأونيسكو ولساعة متقدمة من الليل، في سلسلة لقاءات متواصلة، وهو صلة الوصل الحية بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، والمقيم جسور التواصل التي لا تنقطع مع الأشقاء العرب. يبدي حمادة تفاؤلاً إزاء نتائج الزيارة، وهي تطوي صفحة من الملابسات وتفتح صفحة جديدة مع الأشقاء العرب ويعتبر في حوار مع «المستقبل أن «لبنان قرر وأصبح يمارس سياسة خارجية اكثر استقلالية«، وأن «عواصم كثيرة عربية تنتظر عاملي الوقت والممارسة للاطمئنان أكثر«، متوقعاً «زيارات وفتح الأبواب وزيارة الأشقاء العرب لبنان والتعاطي ايجاباً مع الملفات العالقة«. ويؤكد أن «التكامل في عمل المؤسسات اللبنانية أمر مفصلي بالنسبة لنظرة العرب الى لبنان«، ومن نوع الشعور الذي ساد كل مراحل الزيارة بالاستناد الى «حصانة حكومية« يؤمنها الرئيس سعد الحريري، وما عبر عنه الرئيس عون من انطباع بأن «نتائج الزيارة إيجابية بكل معانيها«. ويشرح حمادة بأن الزيارة «أتاحت للدولة اللبنانية ولرئيس الجمهورية طي صفحة من الملابسات والعثرات، التي شوهت نسبيا ولفترة العلاقات بين لبنان ككل ومؤسساته المكتملة وبين أهم شقيق عربي، هو المملكة العربية السعودية. ويضيف: «أتاحت الزيارة للرئيس عون، ليس فقط طيّ الصفحة فحسب، بل أيضاً فتح صفحة جديدة كتبت مقدمتها، ويبقى الآن علينا بالدرجة الأولى، وعلى الأشقاء الذين لم يتراجع يوماً حبهم للبنان، أن يكتبوا جملاً وكلمات تترجم صلابة العلاقات وتعدد أوجهها ونمو التفاعل فيها». وفي ما يلي نص الحوار:
حاوره: يقظان التقي
[هل دخلنا مع هذه الزيارة سياسة خارجية مستقلة؟
– شعرنا في كلام فخامة الرئيس، ومن التجاوب السعودي أولاً، ثم القطري مع هذا الكلام، ومع الوصف الإيجابي للواقع اللبناني أن لبنان قرر، بل أصبح يمارس سياسة أكثر استقلالية، على الرغم من كل الحواجز والعقبات التي ما زالت تحول دون تحييده كاملاً عن الصراعات العربية، ليس بفعل الدولة طبعاً، التي نأت نفسها ولو لم تعد تستعمل العبارة عن هذه الصراعات. لكن بسبب ممارسات فئوية وحزبية تراجعت عبارة النأي بالنفس في الحوارات والأحاديث بين المسؤولين اللبنانيين وأشقائهم العرب.
السياسة الخارجية المستقلة هي هدف تقدمنا في بلوغه. ولكن من الواضح أن عواصم كثيرة ومنها التي زرناها تنتظر عاملي الوقت والممارسة للاطمئنان أكثر.

[ ماذا سمعت من الرئيس عون عن انطباعاته عن الزيارة؟
– انطباعه لا يختلف عن انطباع أعضاء الوفد على تنوع انتماءاتهم السياسية من أن نتائج الزيارة إيجابية بكل معانيها، فلم تخب آمالنا، وفتحت الزيارة قنوات كثيرة في تطوير العلاقات في المجالات كافة، بدءا من تطبيع سريع يبدأ بتعيين سفير سعودي جديد في لبنان«. وتابع: «هذا مؤشر رئيسي، وننتظر زيارات مرتقبة لوزراء سعوديين مخولين التوقيع على اتفاقات جديدة ولا تنتهي بقدوم أشقائنا من السعودية وقطر الى ربوع لبنان ترجمة لقول خادم الحرمين الشريفين، الذي ترك في نفوسنا أثراً عميقاً، إذ قال «قد تجدون في الصيف المقبل أن السعوديين اكثر من اللبنانيين في بيروت ومناطق الاصطياف«، وطبعاً كان جلالته يتذكر في كل مناسبة لبنان وشعبه ودوره وإشراقه، وظهرت الأضواء الخضراء المعطاة لكل نظرائنا من الوزراء السعوديين أمام فتح الأبواب وزيارة لبنان والتعاطي ايجاباً مع الملفات العالقة.

[ هل نتفاءل بأن يكون صيف العام 2017 مشابها لصيف 2010 من حيث النمو وحركة الزوار الى لبنان؟
– إن شاء الله، تكون هذه الزيارة، قد أعادت الأمل بعودة لبنان الى معدلات النمو التي سبقت غيمة 2011 والسنوات التي تبعت الانقلاب على اتفاق الدوحة.

[ وزيارة قطر؟
– لمسنا الشعور نفسه حيال لبنان في العاصمتين الرياض والدوحة، وكانت المحادثات ودية في صراحتها وإيجابيتها.

[ الأمور إذاً تحتاج الى بضعة اشهر لتتبلور المؤشرات اكثر؟
– بالتأكيد، خصوصاً أن المنطقة لم تخرج من محنتها وبعض اللبنانيين لم يخرج بعد من تورطه في هذه المحن، غير أن المقاربة السعودية، ثم القطرية للوضع اللبناني لا تغفل هذا الواقع ولا تحمّل الدولة اللبنانية وزره. الرئيس ميشال عون أعطى الانطباع أنه رئيس كل البلد وجرى الترحيب به على أساس أنه رئيس كل اللبنانيين.

[ هل جرى تجاوز مسألة سلاح «حزب الله« وحربه في سوريا وتجاوزاته في غير منطقة عربية في الزيارة؟
– كلا، لكن هناك رغبة أكيدة عند الأشقاء العرب، في عدم محاصرة لبنان وتحميله كل عبء ومسؤولية ما يقوم به بعض اللبنانيين. ما يفرح القلب أن اللبناني الحقيقي ليس من يقاتل خارج بلده وقضيته، بل الذي يناضل كما مئات الألوف في السعودية وقطر وفي دول الخليج الست من أجل إعمار البلد وبناء دولته.

[ الجالية اللبنانية استقبلتكم في السعودية وقطر بلهفة وحفاوة وهي بحد ذاتها تعبير عن نجاح الزيارة؟
– هي أكثر من زيارة رئيس، ولو أن ترحيبهم بالخروج من الفراغ كان واضحاً. لهفة الاستقبال تعبير عن احتفال بعودة لبنان الى نفسه واليهم.

[ إذاً، المؤشر الأول، تعيين سفير سعودي جديد في لبنان؟
– تعيين سفير سعودي في لبنان وحركة التبادل الرسمي والشعبي بين لبنان ودول الخليج والسعودية تحديداً، وكذلك عودة الحرارة الى دور لبنان العربي ومساهمته في حل الأزمات العربية، لا في تعقيدها. هذه الزيارة سيبنى عليها الكثير الكثير إذا استمر لبنان في تغليب منطق المؤسسات على منطق الدويلات.

[ ماذا بشأن الهبة العسكرية للجيش اللبناني؟
ــــــ «لا طارت ولا حطت«، فالموضوع سيعود قيد البحث بين المسؤولين اللبنانيين والمملكة، وانطباعي الشخصي أن الهبة قد تعود بصياغة جديدة وحجم جديد وتوقيت جديد«.

[ إلامَ انتهت المباحثات مع الجانب القطري؟
– أثار رئيس الجمهورية موضوع المفقودين مع سمو أمير قطر شاكراً له ولدولة قطر مساعيها الحميدة ونجاحها في الكثير من المساعي المبذولة من أجل مفقودينا وأسرانا، الى دورها في إعمار ما دمرته إسرائيل في حربها على لبنان، وقد تجاوب أمير قطر مع الطلب اللبناني بخصوص الأسرى والمفقودين، مؤكداً من جهة بأن قطر تتحرك دائماً بالتنسيق مع الدولة اللبنانية وأجهزتها، مع العلم أن كل القنوات ليست مفتوحة ومتاحة لها.

[ الموضوع محور متابعة؟
– محور متابعة ذات طابع أمني بالتأكيد.

[ لديك انطباع أن الوضع السياسي العام في الداخل يتحرك داخلياً جيداً من انتخاب رئيس الى تشكيل الحكومة الى تبادل الزيارات الخارجية؟
– لا في شك اننا كنا نشعر خلال كل مراحل الزيارة اننا نستند الى حصانة حكومية يؤمنها الرئيس سعد الحريري وزملاؤنا الممثلون لأوسع تحالف حكومي. وبالتأكيد ظهر أن دور المؤسسات اللبنانية عندما يتكامل هو مفصلي بالنسبة الى نظرة الأشقاء العرب الينا.
العرب يحبون لبنان ونحن نحبهم. ولكن لا بد من إظهار احترامنا بعضنا لبعض، لكي يحترمنا الآخرون. فمسألة الإعلام دقيقة جدا وشعرنا أنه لا يجوز ابداً أن تعود حملات التشهير والتجريح بأخوة يحتضون مئات الآلاف من اللبنانيين العاملين والناشطين والمنتجين في الخليج.
تبقى هذه الصفحة أليمة في نفوس الاشقاء. ولكنهم شعروا من خلال كلام الرئيس ومن خلال جو الوفد اللبناني ان لبنان ليس بوارد السماح بالعودة الى هذا النمط من التعاطي الإعلامي مع دول عربية شقيقة.

[ ماذا عن نتائج لقائك مع نظيرك وزير التربية والتعليم في السعودية؟
– فتح الباب أمام الإعداد لاتفاقية تربوية وتعليمية وثقافية بين لبنان والمملكة العربية السعودية تترجم رؤيا مشتركة لتحول البلدين لحقبة 2020-2030، وتفسح في المجال أمام التعاون وتبادل الخبرات ورفع مستوى التنسيق بين الجامعات السعودية والجامعة اللبنانية، وتطوير المناهج والاعداد لزيارات متبادلة بين الطلاب واستمرار الدعم السعودي للنازحين السوريين في لبنان وللبيئة التربوية والعامة اللبنانية الحاضنة لهم.

[ في الوضع الداخلي وتحديداً حول قانون الانتخاب، هل اطمأن النائب وليد جنبلاط الى التطمينات التي أتته من القوى السياسية؟
– نشعر بأن «سراب النسبية« بدأ يعمي البعض، وكثيرون يتحدثون عن نظام انتخابي لا يفهمونه ويريدون فرضه على اللبنانيين دون شرح أو تفسير تحت شعار التمثيل الصحيح، وكأن نواب «المستقبل« و«القوات اللبنانية« و«الاشتراكي« والتيار «الوطني الحر« وحركة «أمل« و«المردة« و«الكتائب« والأحزاب الأخرى والمستقلين لا يمثلون خيارات الناخب اللبناني.
إن تفصيل المناطق الذي نتهم به جنحة صغيرة بالمقارنة مع جريمة فرض الهيمنة على مكونات اساسية في لبنان وتهميش دورها، بل الغاؤه في ظل تنامي المشاعر الطائفية والمذهبية البغيضة. إن إصلاح النظام الانتخابي لا يتم لا في ظل السلاح ولا في ظل العصبية العائدة الى كثير من الفرقاء. الإصلاح الانتخابي يجب أن يكون شاملاً ومتلازماً مع ما نص عليه اتفاق الطائف من تشكيل هيئة الغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ واعتماد قانون انتخاب بعد إعادة النظر بالتقسيم الإداري، وهذا حرفياً ما نص عليه الطائف.
اختصار الأمر أو اجتزاؤه، سينسف قواعد الوفاق الوطني والاستقرار الأهلي. فلننجز الانتخابات في موعدها ونطلق ورشة إصلاح انتخابي شامل، ثم ان الأمر في لبنان ليس لأحد بمفرده، وكل الوصفات الإلغائية التي تذكرنا بعهود بائدة مكتوب لها الفشل. فلنوفر على أنفسنا فتنة جديدة.

[ في الموضوع التربوي لديكم من خلال تحضيركم للملفات خطة مهمة في وزارة التربية؟
– بدأت الاطلاع على الملفات، ثم مقاربتها والتدقيق في كل تفصيل، والاجتماع مع كل الفرقاء والهيئات المختلفة للقطاع التربوي، وبدأت «تسخين« ملف النازحين مع اضفاء طابع الاهتمام الاقصى بالبيئة الحاضنة، أي بالتلميذ والطالب اللبناني، فكل شيء في لبنان يبدأ بالتربية، وكم نحن بحاجة اليها على أكثر من صعيد.

[ وملف الجامعة اللبنانية؟
ـــــ يأخذ حيزاً مهماً من اهتمامي، أطلقت مع رئيس الجامعة جولة من التشاور لدعم كل ما هو منجز خصوصاً في كليات متفوقة، ومساعدة الجامعة ورئيسها ومجلسها على تحويل هذا الصرح الوطني الى قاطرة حقيقية لنمو التعليم وتوسيع رقعته ومد إشعاعه الى المحيط العربي والعالم والتعليم في لبنان في الجامعة الوطنية والجامعات الخاصة العريقة، هو رصيدنا الإنساني في التنمية المستدامة ونحو لبنان الجديد..