اميل خوري/هل يحضر نوّاب “حزب الله” و”التيار” الجلسة إذا أعلن الحريري تأييد ترشيح عون؟

98

هل يحضر نوّاب “حزب الله” و”التيار” الجلسة إذا أعلن الحريري تأييد ترشيح عون؟
 اميل خوري/النهار/18 تشرين الأول 2016

من السخرية في السياسة بلبنان أن يصبح الرئيس سعد الحريري مُعطّلاً للانتخابات الرئاسيّة إذا لم يعلن رسمياً تأييد ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، وأن يصبح النواب الذين يواظبون على حضور كل جلسة مُخصّصة للانتخابات هم مُعطّلوها ويصبح مُعطّلوها باستمرار تغيّبهم عنها هم من يريدون انتخاب رئيس للبنان. لقد نجح “حزب الله” ومن معه في تحويل معركة الانتخابات الرئاسيّة معركة نصاب، فحضر نوابه أول جلسة عقدت للانتخاب وكان المرشّح الوحيد للرئاسة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وكان من المفترض أن يكون العماد عون المرشّح المنافس له. إلّا أن خطّة التعطيل التي يقودها “حزب الله” قضت بعدم ترشيح منافس له بحجة واهية وهي أن الحزب لا يريد عون مرشّحاً تصادميّاً بل مرشّحاً وفاقيّاً… فكانت تلك الجلسة اليتيمة التي اكتمل فيها النصاب واستمر بعدها تعطيل نصاب كل الجلسات، وقد تجاوز عددها الـ 45 وبلغ عمر الشغور الرئاسي سنتين ونصف سنة. وقد رأت الأحزاب والشخصيّات الحريصة على بقاء لبنان حيّاً أن لا سبيل الى ذلك ما لم يتم ترشيح من ينتمي إلى قوى 8 آذار لأنّها هي التي تعطّل، فرشّح زعيم “تيار المستقبل” الرئيس الحريري النائب سليمان فرنجية للرئاسة، ورشّح الدكتور جعجع العماد عون منافساً له، أي مرشّحان من 8 آذار ومن خط سياسي يناقض كليّاً الخط السياسي لقوى 14 آذار، علَّ هذا الترشح يؤمّن نصاب جلسة الانتخاب. لكن “حزب الله” الذي يقود تعطيل كل جلسة استمر في التعطيل وجعل حتى المرشّحين عون وفرنجية يتغيّبان مع نوابهما عنها. وهذا ما يحصل ولا مرّة في تاريخ لبنان ولا في تاريخ أي دولة تمارس النظام الديموقراطي. وكانت حجة المعطّلين وجوب السعي إلى التوفيق بين عون وفرنجية ليبقى في المعركة مرشّح واحد. وقد تعذّر التوصل إلى ذلك ليس لعدم القدرة إنّما لعدم الرغبة لأن “حزب الله” يعطّل جلسات الانتخاب كرمى لايران التي لها حساباتها في المنطقة وتعتبر انتخابات الرئاسة في لبنان من الأوراق الضاغطة للحصول على ما تريد فيها. وهكذا فشلت محاولة الحريري وجعجع تأمين النصاب من خلال ترشيح من ينتمي حتى إلى الخط السياسي لـ”حزب الله”. وبحجة أن الحزب لا يريد معركة تصادميّة بين مرشّحين اثنين هما من خطّه السياسي، ظل مستمرّاً في تعطيل نصاب جلسات الانتخاب الى ان يتم تحقيق الاتفاق بين عون وفرنجية، ومن دون أن يبذل الحزب أي جهد في هذا السبيل وذلك تنفيذاً لخطة التعطيل الجهنمية المرسومة في إيران. وصار مطلوباً من الرئيس الحريري وكتلته تأييد ترشيح العماد عون علَّ ذلك يحمل المرشّح فرنجية على الانسحاب من المعركة. لكن فرنجية كرّر التأكيد أنّه لن ينسحب من المعركة حتى لو بقي معه نائب واحد.

والسؤال المطروح هو: هل سيطلب “حزب الله” من قبيل التعجيز من الرئيس الحريري إذا أعلن رسمياً تأييده ترشيح عون أن يعمل على سحب ترشيح فرنجية أيضاً وإلّا كان هو المسؤول عن استمرار الشغور الرئاسي؟ لا شيء مستغرباً ما دام في لبنان فريقان: فريق يضحّي ويقدّم التنازلات تلو التنازلات حرصاً على وحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، وفريق غير معني بكل ذلك ويهمّه خدمة مصلحة إيران ومخطّطاتها في المنطقة.

لذلك مطلوب من الرئيس الحريري أن يشترط لاعلان تأييد ترشيح عون تعهّد “حزب الله” نزول نوابه الى المجلس لانتخاب الرئيس، أو أقلّه نزول نواب عون وفرنجية لتكون معركة بينهما إذا لم ينسحب أحدهما للآخر، وهو ما يقضي به النظام الديموقراطي وليس أي نظام آخر، لا أن يعلن الحريري تأييد للمرشّح عون يعرّض كتلته للانقسام وربما للانفراط ثم يُطلب منه تحمّل مسؤوليّة سحب المرشّح فرنجية للمرشّح عون فتكون كل التنازلات التي قدّمها الحريري ذهبت سدى وعلى حساب شعبيّته، ويستمر التعطيل الى أن تقبض إيران ثمن تسهيل انتخاب رئيس للبنان. فالقرار الحكيم الذي على الأحزاب المهتمة بتأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس أن تتخذه هو الذي يدعو إلى تأمين هذا النصاب بمعركة بين المرشّحين عون وفرنجية إذا لم ينسحب أحدهما للآخر، وأن لا ترفع الجلسة إلّا بعد التوصل الى انتخاب أحدهما مهما بلغ عدد دورات الاقتراع، أو انتخاب مرشّح ثالث من بين المرشّحين المستقلّين المعلنين ترشيحهم وغير المُعلنين كشفاً لحقيقة نيّات “حزب الله” ومن معه أمام الناس، إذ يكفي انتخاب رئيس ينتمي إلى الخط السياسي لـ”حزب الله” بعدما بلغ الناس من الاحباط والقلق حدّ القبول بأي رئيس ومن دون شروط والى أي حزب أو سياسة ينتمي، لا لشيء سوى للتخلّص من مصيبة تداعيات استمرار تعطيل النصاب على الوطن والمواطن. فالمطلوب من “تيار المستقبل” إذاً أن يعيد الكرة الى ملعب “حزب الله”، فلا يكون ملكيّاً أكثر من الحزب عندما قال فرنجية وعون: “هيدي عيني وهيدي عيني”، ولتكن المنافسة ديموقراطيّة بينهما كما جرت في الماضي بين الجد سليمان فرنجية والياس سركيس، أو يشترط “تيار المستقبل” على “حزب الله” التعهّد بحضور جلسة الانتخاب ليتخذ قراراً بتأييد عون، أو يعلن أنه لا يفرّق بين عون وفرنجية ويترك الكلمة الفصل للأكثريّة النيابيّة