الدكتور سامي الريشوني: خرَّبوا الوطن فكيف يبنونه؟

149

خرَّبوا الوطن فكيف يبنونه؟
الدكتور سامي الريشوني/النهار/23 أيلول 2016

يردّدون أنّ البلاد إلى الهاوية…

ومن غيرهم أوصل البلاد إليها؟ يقولون إن الوضع خطير جداً، أليسوا هم الذين أوصلونا إليه؟ يتخوّفون من الفراغ…

أليسوا هم أخطر منه؟ يدّعون أنهم حريصون على الدولة كلّها وعلى مؤسّساتها… والدولة ومؤسّساتها انهارت وأصبحت مزارع مُحصّصة.

يتّهمون بعضهم البعض بالقضاء على صيغة العيش المشترك، ومن قال لهم إنّهم قادرون على تثبيت العيش المشترك الذي هو لمصلحة الشعب؟

ويهدّدون بتعليق المشاركة، نعم يصرّون على المشاركة، على أي شركة يتكلّمون؟

وشريحة كبرى من اللبنانيّين لا تشارك، بل هي مهمّشة، أعني المثقّفين والأدباء والمفكّرين وأصحاب المهن الحرّة والعمّال والفلّاحين والمجتمع المدني بأكمله…

تدّعون الاحتكام إلى الدستور، وأنتم لا تحتكمون إليه، فتمدّدون لأنفسكم، وحتى إنّكم لا تنتخبون رئيساً للجمهوريّة.

يا إخواني، تذكّروا أن نواب البلاد ووزراءه يتقاضون معاشاتهم من جيوب الشعب المسكين والمغلوب على أمره فقط لإلتقاط الصور والإدلاء بتصريحات رنّانة وهم على أرائك مريحة، أمّا المعلّمون والعمّال والمظلومون فيطالبون في الشوارع بحقّهم وهو حق لا يوازي بطاقة سفر واحدة في يد هؤلاء المستبدّين.

يطالبون بانعقاد المؤتمر التأسيسي، وأمّا المدعوون الذين سيشاركون فهم أنفسهم من أوصلوا البلاد إلى الهلاك والكوارث.

يريدون إعادة صياغة النظام ليصبح نظاماً مفصّلاً محكماً يناسب قياساتهم.

 يبذلون جهداً لتقريب وجهات النظر لتجنّب التدهور.

ويلتجئون إلى طاولة الحوار المستديرة، ويا للأسف، فإنّ طاولة الحوار، كما المؤتمر التأسيسي، قد حلّا محل مجلس الوزراء الذي يراوح مكانه والمجلس النيابي الممدّد لنفسه، فهم يتقاسمون ما تبقّى من الجبنة، وأمّا الشعب المسكين فلا صوت له ولا رأي فيه ولا وجود له.

كفى… كفى… كفى عفناً سياسياً، هذا العفن السياسي الذي لوّث وما زال يلوّث الوطن كل الوطن…

حذارِ التمديد أو إجراء الإنتخابات المقبلة على أساس قانون الستّين، لأنّ المناضلين من الشعب يهدّدون بالنزول إلى الشارع،

 فهل كل هذا توجّه نحو الثورة العارمة؟

وأين يكون قبطان السفينة؟

يا أبناء وطني المغلوب على أمرهم، المكسوري الخاطر المسكونين بالهمّ والقلق، المسلوبي الكرامة والإرادة، تذكّروا معي، تذكّروا جيّداً أنّ الذين خرّبوا البلاد وأراقوا الدماء إمّا سرّاً أو علناً ليسوا هم الذين يُعيدون بناء الوطن.