/العرب: مصطفى بدرالدين، رُصد في دمشق فقتل/احمد عياش: بدر الدين بعد مغنية: بيعة دمشق

265

بدر الدين بعد مغنية: بيعة دمشق
احمد عياش/النهار/14 أيار 2016

عندما أطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في مناسبة “الجريح المقاوم” لم تكن تفصله عن نبأ مصرع مصطفى بدر الدين سوى ساعات قليلة. ثم أتى إعلان النبأ وترتيبات التشييع بما يرجح أن نصرالله كان على علم بالحدث لكنه مضى في اتجاه آخر هو موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية التي لم تكن نتائجها في البقاع ما يسرّ. وما يعزز القول أن تعامل “حزب الله” مع مصرع بدر الدين لم يكن استثنائيا، وأن روزنامة الحزب ظلت محتفظة بأولوياتها بعد الاغتيال وفي طليعتها الحرب السورية التي جرى ربط بدر الدين بها وهو ما ركّز عليه بيان نعيّ الحزب عندما نسب الى بدر الدين قوله قبل شهور: “لن أعود من سوريا إلا شهيداً أو حاملاً راية النصر”. لكن حزب الله أو غيره لن يستطيع أن يلغي أن شهرة بدر الدين متأتية أيضا عن اتهام المحكمة الخاصة بلبنان له بضلوعه مع ثلاثة آخرين من الحزب في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005 وهو إتهام ما زال قاعدة عمل المحكمة منذ أعوام.
بين بدر الدين وعماد مغنية أحد أشهر قادة “حزب الله” السابقين زوج شقيقة الاول قاسم مشترك هو ان الاخير ارتبط بحسب ما تقول بعض المعلومات الاميركية بتفجير سفارة واشنطن في بيروت عام 1983 فيما ارتبط بدر الدين وفي العام نفسه بتفجير السفارة الاميركية في الكويت. وورد في تحقيق للـ”بي بي سي”: “… أفادت مزاعم بأن الرجلين (مغنية وبدر الدين) تعاونا معا في التفجير الذي استهدف مقر قوات مشاة البحرية الأميركية “المارينز” في بيروت في تشرين الأول عام 1983 وأودى بحياة 241 من أفراد المارينز”. سقط مغنية في دمشق في شباط 2008 في تفجير عبوة ناسفة بسيارته ولم تسمح سلطات الرئيس بشار الاسد بإجراء تحقيق مشترك مع طهران، كما طلبت الاخيرة. ثم سقط بدر الدين بالامس قرب مطار دمشق فسارع سفير الاسد في لبنان الى نقل تعازيه الى “حزب الله” مشفوعة بـ”نذير الانتصار” بفعل دماء القائد الجديد للحزب. في زمن النووي الايراني بعد الكيميائي السوري أثبتت تجارب الاعوام الاخيرة ان البيع والشراء مهنة أساسية لكسب ود السيد الاميركي. فهل كانت دماء مغنية ثمناً لمارينز بيروت لتكون دماء بدر الدين ثمنا لسفارة الكويت؟ في انتظار تحقيق يجلي غموض الاغتيال الجديد لا يبدو أن نصرالله قادر على فتح هذا الملف في عز الغرق في المستنقع السوري. حتى انه خاطب جمهور جرحى الحزب وكأن بقاءهم أحياء حرمانا لهم من شرف أكبر قائلا: “… أنتم ذهبتم لتستشهدوا وليس لتجرحوا. الشهيد وصل، أنت الله أعطاك فرصة، لكن حمّلك المسؤولية كي تكمل لتصل إليه”. ويفهم المرء من هذا الكلام أن بدر الدين مضى الى حيث سبقه كثيرون وسيلحقه كثيرون فداء لمشروع المرشد الايراني.

مصطفى بدرالدين، رُصد في دمشق فقتل
العرب/14 أيار/16
بيروت – لم يتهم حزب الله اللبناني في بيانه الأول الذي أعلن فيه عن مقتل مصطفى بدرالدين (55 عاما) قرب دمشق، إسرائيل بأنها وراء عملية الاغتيال، وإن كان لا شك سيفعل كما حدث عند اغتيال قيادي الحزب عماد مغنية عام 2008.
لكن نوار الساحلي النائب عن حزب الله، اتهم إسرائيل بالمسؤولية عن مقتل بدرالدين، مشيرا إلى أن الحزب سيرد “في الوقت المناسب”.
وشيع بدرالدين الجمعة في جنازة نظّمها حزب الله في ظل تساؤلات عن المكان الذي قتل فيه من جهة ولماذا جرى التخلص من عدد كبير من الأشخاص الذين ارتبطت أسماؤهم بعلاقة ما باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
واستغرب مراقبون ضبابية بيان حزب الله حول مقتل بدرالدين الذي جاء بعد “التحقيق”، لعدم تطرقه إلى خسائر بشرية أخرى في ما وصف بأنه “مركز للحزب”، على ما يطرح علامات استفهام حول حقيقة الاغتيال وحيثياته، والذي يذكر بالعملية التي استهدفت في قلب دمشق قيادي حزب الله عماد مغنية.
وبين الرجلين القتيلين قواسم مشتركة كثيرة، فمصطفى بدرالدين هو شقيق زوجة عماد مغنية، وربما تلك القرابة هي التي دفعت الأخير إلى قيادة عملية خطف أربعة مواطنين غربيين على الأقل في لبنان، كما قام باختطاف طائرة تتبع الخطوط الجوية الكويتية للمطالبة بالإفراج عنه ومعتقلين آخرين من سجون الكويت.
وفي تشابه المهام أيضا التي تولاها الرجلان والتي يختلط فيها الأمني بالعسكري ما جعلهما مطلوبين لدى المخابرات الدولية.
وقال مصدر أمني لبناني إن بدرالدين يعتبر، من وجهة نظر إيران، أهمّ بكثير من حسن نصرالله، خصوصا أنّه سبق له أن لعب دورا في تفجير السفارة الأميركية في الكويت عام 1983.
واستبعد المصدر الأمني اللبناني أن يكون مقتل مصطفى بدرالدين بمثابة نهاية لمسلسل تصفية المتورطين في اغتيال الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى التي توالت بعد ذلك.
ويرى المحلل السياسي اللبناني الدكتور حارث سليمان أن “مقتل بدرالدين في دمشق بعد مقتل كل من عماد وجهاد مغنية وسمير القنطار، وقيام حزب الله باتهام إسرائيل بهذه الجرائم، يثير تساؤلا مشروعا مردّه، لماذا تستهدف إسرائيل قيادات حزب الله البارزة في سوريا وليس في لبنان ولماذا تنجح في الوصول إليهم في عاصمة لا يقيمون فيها بشكل دائم بل يترددون عليها ضمن مهماتهم الحزبية؟”.
وتساءل سليمان في تصريح لـ”العرب”، “لماذا لا تستهدفهم إسرائيل في لبنان إذا كانت ترصدهم بمجرد وصولهم إلى العاصمة السورية وتكتشف أماكن مبيتهم؟”.
ويذهب بعض المراقبين إلى إدراج مقتل بدرالدين ضمن عمليات قتل طالت لائحة طويلة من الأسماء اتهمت أو كان لها شأن في عملية اغتيال الحريري في 14 فبراير عام 2005. فإضافة إلى بدرالدين الذي تتهمه المحكمة الدولية المختصة بقيادة عملية الاغتيال، ومغنية الذي يشتبه بأنه كان يملك معلومات أساسية عن الموضوع، فقد قتل من السوريين اللواء رستم غزالي واللواء غازي كنعان والعميد محمد سليمان واللواء جامع جامع، وكلهم كان لهم دور في عملية الاغتيال.
ويربط النائب اللبناني أحمد فتفت عملية اغتيال بدرالدين بسياقات متصلة بالمحكمة الدولية بشكل خاص ويرى أن “هذا الاغتيال الذي يجب التأكد منه قبل كل شيء، إنما يرتبط بسياقات المحكمة الدولية، حيث أن جل المتهمين باغتيال الحريري قد تمت تصفيتهم، أو سقطوا في ظروف غامضة، قد تكون هناك طرق تدبر من أجل الخروج من إطار ما ستقرره المحكمة الدولية”.
وكان بدرالدين، كما مغنية، ينشطان داخل صفوف حركة فتح قبل أن ينضما إلى حزب الله بعد عام 1982. ويلقب بدر الدين بـ”ذو الفقار”، وكان يعرف بعدة أسماء ويمتلك مواهب تقنية أمنية وعسكرية ولوجيستية جعلته يعيش متخفيا طوال هذه المدة. وكان اعتقل في الكويت عام 1983 بتهمة تفجير السفارة الأميركية في الكويت، وكان عضوا في حزب الدعوة واعتقل مع 17 من المشتبه بهم بعد شهر واحد من سبعة انفجارات في الكويت حدثت في يوم واحد في 13 يناير عام 1983، وحكم عليه بالإعدام وفر من السجن أثناء غزو الكويت عام 1990.
ولا ينفي دبلوماسيون احتمال أن تكون إسرائيل وراء عملية الاغتيال، لكنهم يتساءلون عن أن بدرالدين لم يكن هدفا أساسيا لإسرائيل، ذلك أن الأنشطة الإرهابية التي عمل عليها واشتهر في بعضها، سواء في الكويت أو في قضية الحريري أو في قيادته للعمل العسكري لحزب الله في سوريا يجعله بعيدا عن إقلاق إسرائيل.
لكن المحلل السياسي حارث سليمان يضع أمر الاغتيال في إطار أوسع متسائلا “أين ذهب سلاح الجو الروسي وشبكة الصواريخ الروسية الأحدث من نوعها والتي يفترض أن تغطي من سوريا المجال الجوي الأوروبي كله أم أنه ذهب ضحية تواطؤ أجهزة الاستخبارات المختلفة؟”.
وكان بدرالدين القائد العسكري لحزب الله في سوريا ويشرف على التنسيق المباشر مع بشار الأسد، على النحو الذي يفتح احتمالات أخرى للاغتيال لا تبتعد عما يعد لسوريا داخل الغرف الكبرى في العالم.