رندة تقي الدين: فرنسا توفد مسؤولاً إلى الرياض للبحث في وقف الهبة للبنان/علي الحسيني: زمن حزب الله الرديء/ثريا شاهين: مرحلة انتظار سعودية لتغيير مسار المواقف اللبنانية

261

فرنسا توفد مسؤولاً إلى الرياض للبحث في وقف الهبة للبنان
رندة تقي الدين. بيروت – «الحياة» /26 شباط/16
أخذت الأزمة المتصاعدة بين المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة، ولبنان من جهة ثانية تلقي بثقلها على الوضع السياسي الداخلي وكادت تطيح بالحوار الثنائي بين تيار « المستقبل» و «حزب الله» أول من أمس، لولا تدخل رئيس البرلمان نبيه بري الموجود في الخارج، والذي استنجد برئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط ورئيس الحكومة تمام سلام من أجل عقد جلسة مختصرة بالأشخاص والوقت ليلاً، في انتظار لقاء بين بري وزعيم «المستقبل» الرئيس سعد الحريري لمحاولة ثني الأخير عن قرار تجميد هذا الحوار باعتباره لم يعد مفيداً، كما قالت مصادر «المستقبل» لـ «الحياة». في وقت ذُكر ان مسؤولاً فرنسياً سيزور الرياض الأسبوع المقبل للبحث في الغاء الهبة الى لبنان. وفيما دعا سلام في مستهل جلسة عادية لمجلس الوزراء قبل ظهر أمس، الوزراء إلى مراعاة البيان الحكومي الذي شدد على التزام الإجماع العربي، واعتبر أنه إذا كان من وزير لديه وجهة نظر معينة في شأن الأزمة مع المملكة العربية السعودية فإنه لا يمثلنا، جاء طلب «المستقبل» تأجيل جلسة الحوار مع «حزب الله»، على خلفية استياء قيادته من التعديلات التي أدخلت على نص البيان الحكومي بناء لإصرار وزيري الحزب، والتي لا تتيح معالجة الأزمة مع الرياض، وتصحيح موقف الحكومة حيال إدانة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الاعتداء على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. وأوضح مصدر في «المستقبل» أن قيادته «لن تصادق» على بيان الحكومة. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق العضو في وفد «المستقبل» إلى الحوار، اقترح تعليقه إلى حين توضيح الموقف بعد عودة الرئيس بري من الخارج، والذي أوفد معاونه وزير المال علي حسن خليل للقاء الحريري والإصرار عليه عقد اجتماع مختصر ولو للحفاظ على الشكل فوافق. وقال المشنوق لـ «الحياة» إنه لم يكن ممكناً أن يستمر الحوار في ظل هذه الأجواء «والبلد على حافة الهاوية وعروبة لبنان كلفت مئتي ألف قتيل ولا يجوز التنكر لها وللإجماع العربي بالتضامن مع السعودية».
وشدد بري من بروكسيل على أن «الحوار الوطني مستمر ويشكل ضمانة وحدة لبنان، وأنه وطن نهائي لجميع أبنائه، والحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» تمكن من خفض سقف التوترات». واعتبر «أن مفتاح الحل في المنطقة الحوار السعودي- الإيراني الذي لا بد منه».
وجدد الحريري أمس، هجومه على «حزب الله»، فأعلن أن الإجراءات التي اتخذتها السعودية مردها «الاعترافات والأدلة حول ما يقوم به «حزب الله»، سواء في المملكة أو اليمن أو البحرين أو سورية أو الكويت وغيرها، فالحزب اليوم «فاتح على حسابو» في كل الدول العربية». وإذ اعتبر أن «ما يقوم به الحزب من تدخلات عسكرية وأمنية في أكثر من دولة عربية أمر جنوني ومرفوض، لأنه يعرض لبنان لأخطار، دعاه «للعودة إلى لبنان، لأن ما يقوم به هو عمل إرهابي وإجرامي بحق الآخرين». وقال أثناء استقباله وفداً من العشائر، إن «المملكة لم تبادر أو تطلب من أي مجموعة أو فرد منكم أو من غيركم التسلّح والقيام بأعمال غير قانونية ضدّ الآخرين». وفي باريس، علمت «الحياة» من مصدر فرنسي، أن مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية السفير جيروم بونافون سيزور السعودية الأسبوع المقبل ويثير موضوع إيقاف الهبة السعودية للجيش اللبناني وتأزم العلاقات السعودية والخليجية مع لبنان.
وتعتبر باريس أن الأزمة «بداية لزعزعة الوضع في لبنان، وأن إيجاد حل للفراغ في المؤسسات أصبح ملحاً جداً ولا يمكن البلد أن يستمر بالتزييف والدول الأخرى لم تعد تثق به، وهذا مقلق جداً للذين يحبون لبنان، لأن الوضع خطير». وقال المصدر إن باريس «أطلقت مشروع هبة الجيش مع السعودية كي تعزز يد القوى المستقلة والشرعية في وجه «حزب الله» والنظام السوري، لكن يجب أيضاً على الجيش والحكومة أن يعطوا الرسالة نفسها ولسوء الحظ فإن تصريحات قائد الجيش العماد جان قهوجي وإخراج ميشال سماحة من السجن لم تساعد». وأشار المصدر إلى أن باريس ستتمنى على السعوديين أن يستمروا في مساعدة لبنان وستبحث معهم كيف يمكن أن تتحرك في هذا الاتجاه. إلى ذلك يزور باريس الأسبوع المقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني المسؤول عن الملف اللبناني حسين أمير عبد اللهيان.

زمن «حزب الله».. الرديء
علي الحسيني/المستقبل/26 شباط/16
إنه زمن «حزب الله» بامتياز ولكن الرديء هذه المرّة. زمن الخروج عن الشرعية اللبنانية والدولية وزمن التمرد على الدولة وعلاقاتها والتفرد بالقرارات وبمصير شعب بأكمله. نعم، إنه زمن «حزب الله»، زمن الانقلاب على المواثيق والأعراف والعيش المشترك وعلى لقمة عيش الناس في أشغالهم وحياتهم اليومية. نعم، إنه زمن «حزب الله»، زمن تفلّت الأمن والأمان وبث الخوف في نفوس المواطنين وتهديدهم بعودة الانقلابات وإشعال الشارع وأيّار ما زال الشاهد الأبرز على هذا الزمن السيئ السمعة والفعل. كاد الشعب اللبناني أن يُصدق في فترة من زمن «حزب الله» المتقلب والمُنقلب، أن هذا الحزب يُريد الذهاب فعلاً نحو الديموقراطية وأنه سيترك خلفه كل ارتكاباته في الداخل والخارج، وأنه أصبح أقرب إلى التوبة أو مراجعة الذات، وأنه على طريق التندم من كل ما سبق من ذنوبه أو تقدم، لكن الحيلة لم تنطلِ على هذا الشعب الذي سرعان ما اكتشف أن الديموقراطية التي ينشدها، ما هي إلا ستارة تُعلن من خلفها مواقف لا تعكس نياته الفعليّة المُبيّتة والرامية إلى شل البلد وتعطيل استحقاقاته خدمة للمشروع الذي يحمله. من الواضح أن «حزب الله» لم يعد يُقيم وزناً لعلاقات لبنان مع الدول الجارة وكأن ايران أصبحت بالنسبة اليه تمثل كل أولئك الجيران. هاجم الكويت وحاول زعزعة أمنها من خلال نقله الذخائر والأسلحة الى جماعاته فيها ليتهمها بعد افتضاح أمره بالكذب والافتراء. يُحاول على الدوام قلب النظام في البحرين من خلال التحريض المذهبي والطائفي، لكنه لا يجرؤ على اتخاذ موقف واحد من إيران التي ترتكب الممارسات العنصرية بحق أهل «الأحواز» وغيرهم من الأقليات. واليوم يقوم الحزب بأبشع أنواع ممارساته بحق السعودية وأهلها من خلال تلفيق الاتهامات لها لمجرد أنها قررت الوقوف ضد عصابات «الحوثيين« في اليمن ونظام بشار الأسد الذي يُمارس هوايات القتل وارتكاب المجازر بحق شعبه.
في مقارنة واقعية وبسيطة بين نوعيتين من الكلام تُبيّن الخيط الأبيض من الأسود، يظهر أن هناك مشروعين واضحين لكل منهما توجهه ومعناه المحدد. يوم أمس عاد الرئيس سعد الحريري ليؤكد للمرة الألف «أننا متمسكون بمشروع إنقاذ لبنان وسنبقى مدافعين عنه، رافعين الصوت عالياً ضد ممارسات حزب الله في الداخل والخارج معاً«، وهو «فاتح على حسابو» في كل الدول العربية. نحن نرى ما يحدث في العراق وسوريا وعلينا بذل كل الجهود الممكنة لإبعاد لبنان عن مخاطر ما يجري في هذين البلدين من حولنا. فكما استطعنا إخراج الجيش السوري من لبنان بدون ضربة كف، نحن قادرون بوحدة كلمتنا وصفنا على أن نواجه كل التحديات والمخاطر وإنقاذ لبنان وإعادة مشروع الدولة إلى السكة الصحيحة«. ومقابل هذا الكلام يظهر كلام آخر يقول: «أفتخر بأن أكون جندياً في ولاية الفقيه. ونحن مستعدون للتضحية بثلثي الطائفة حتى يعيش الثلث الآخر بكرامة».
عوض تقديم اعتذار والعودة عن غيه تجاه المملكة عما بدر منه بحقها طيلة الفترة الماضية، يهرب إلى الأمام، ولا يتراجع أو يراجع حساباته السياسية وانعكاسات تصريحاته المسمومة من يدّعي حرصه عليهم، راح يتهدد المملكة ويصفها بأبشع النعوت لدرجة وضعها في خانة العدو الإسرائيلي وهي التي لها في كل منزل لبناني بصمة بيضاء منذ بداية الحرب في لبنان الى زمن السلم. وآخر تهكمات الحزب وقادته ما صدر عن وزيره محمد فنيش الذي قال: «هل الاعتذار يخرج السعودية من مأزقها في اليمن؟ لا نعرف ما سبب الضغط السعودي على لبنان«. وكان سبقه تعليق لنجل الأمين العام جواد نصرالله يقول فيه:« أحسنوا الظن.. يمكن قصدهم سحب رعاياهم من فلسطين لكن آفة الحول والعمى المزمنة غلطوا بشكل فلسطين أصلاً ما بيعرفو وعملوا الحملة علبنان، علماً أن من يُراقب دعم إيران وحزب الله للشعب الفلسطيني، يُمكنه أن يعرف جيداً أن مصلحتهما كانت وما زالت تتقدم على أي أولوية فلسطينية وهذا ما كشفته جملة أحداث هناك ولم يكن آخرها اجتياح بلدة جنين التي تُركت يومها تواجه مصيرها وحيدة تحت أعين الإيرانيين و»حزب الله». فتح «حزب الله» معركته مع الدول العربية اليوم، ليست إلا بهدف حرف أنظار جمهوره عن المأزق الذي يعيشه من جراء انغماسه في الحرب السورية والخسائر القاتلة التي يتكبدها بشكل يومي واستنزافه الى حد كبير، وهي تأتي في ظل صرخات بدأت تخرج من بيئته تطالبه بوضع حد لهذا النزف الذي لم يترك منزلاً إلا ودخله ولم يترك عائلة إلا واختار أحد أفرادها. كل هذه الأمور تحوّلت إلى نقمة غير مُعلنة داخل بيئة حملت راية المقاومة منذ تأسيسها لكنها اليوم لم تعد ترى في جزء غير قليل من تركيبة الحزب السياسية والأمنية، سوى مجموعات من رجال الأعمال الذين أصبحت لديهم مشاريعهم وتجاراتهم الخاصة البعيدة عن مقاومتهم أو حتّى عن «العقيدة« التي «يُستشهد» لأجلها أبناؤهم خارج حدود الوطن.

مرحلة انتظار سعودية لتغيير مسار المواقف اللبنانية
ثريا شاهين/المستقبل/26 شباط/16
بات واضحاً أن الوضع اللبناني وصل الى مرحلة صعبة وخطرة، حيث لا يمكن الاستهانة بما يحصل على صعيد العلاقات اللبنانية الخليجية لا سيما السعودية. وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان المملكة تنتظر تغييرات ما في القرارات اللبنانية، بشكل أن يكون مسارها متلائماً مع هوية لبنان العربية. وهي تريد أفعالاً وليس أقوالاً. المملكة والخليج كانا يتوقعان من الدولة اللبنانية تحديداً أن تكون لها مواقف داعمة لهم في المحافل الدولية ومتضامنة أكثر.المملكة تريد توازناً في مواقف لبنان حيال ما يحصل في المنطقة وليس أن يكون نائياً بنفسه في مواقع ما، ولا ينأى بنفسه في مواقع أخر. الخليج يشعر انه في مرحلة المواجهة المفتوحة مع إيران، في جبهات عدة في سوريا واليمن والعراق. يجب في نظره أن تكون مواقف لبنان على المستوى المطلوب، كما تريد المملكة تطمينات وضمانات حول ذلك، لا بل تعهدات. وتفيد المصادر أيضاً، أن الخليج يطلب وقف الحملات ضده من «حزب الله»، وهو يلاحظ أن وجوده في كل من سوريا واليمن والبحرين هو بمثابة تدخل بشؤون هذه الدول من ذراع إيران الأولى في المنطقة. مواقف لبنان في الجامعة العربية، وفي منظمة التعاون الاسلامي، لا تزال مكتوبة على ورق في مسائل التدخلات الإيرانية في الدول العربية. لا شك أن الوضع صعب، وسطوة السلاح موجودة، لكن هذا لا يمنع وجود مواقف حازمة من الدولة. هناك انتظار للتطورات في الموقف اللبناني، وأي عدم اكتراث، سيؤدي الى مزيد من الخطوات قد تطال ترحيل للبنانيين، وسحب سفراء، ومنع تأشيرات عن اللبنانيين ومنع الطيران السعودي من المجيء الى لبنان، وإعادة النظر بالوديعة في مصرف لبنان، حتى في مجال الهبة للجيش في حد ذاتها، فمن الممكن أن تحول الى مكان آخر، وفقاً للمصادر. وتفيد مصادر وزارية، ان وزراء «حزب الله» عبروا خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، عن مواقفهم الاقليمية وليس اللبنانية. فتحدثوا عن التعاطي السعودي مع اليمن والتدخل الخليجي في البحرين وكأنهم يقومون بمطالعة عن هذا الدور في المنطقة. اهتمامهم في مكان آخر، لكن وزراء آخرين دعوهم الى أن يصار الى الاهتمام بالوضع اللبناني، والتحدث بمصلحة لبنان. هناك تخوف من وضع سيئ يعانيه لبنان، والوضع يدور في حلقة مفرغة وفقاً لمصادر سياسية بارزة، إذ يجب أن يتغير التعاطي مع الخليج. السعودية تتفهم الواقع اللبناني لكن الأمور خرجت عن حدها. وليس مطلوباً أن ينجر أي طرف لمحاربة الحزب، لكن يجب على الموقف السياسي للبلد أن يتغير. هناك مجموعة عوامل لبنانية أدت الى اتخاذ القرار السعودي، وهناك تراكمات ضغطت في هذا الاتجاه، بحيث أن معظم القرارات التي تتخذ تتم مثلما يريد «حزب الله»، وليس من يقف في وجهه. وليس مقصوداً بمواجهته حمل السلاح، إنما في الموقف السياسي. مثلاً: هناك قضية الوزير السابق ميشال سماحة، فما الذي كان يمنع إحالتها الى محكمة أخرى، فضلاً عن مواقف أخرى، وكأن قرار الحكومة بات في يد الحزب. وهذا ما ينطبق أيضاً على سياسة لبنان الخارجية، إذ ليس من الضروري معاداة أي طرف، إنما يجب تحييد لبنان عن اتخاذ أي موقف في الصراع الدائر في المنطقة، وليس الابتعاد عن الموقف العربي. كان يفترض بلبنان ايجاد موقف آخر مع الحياد، إنما لم يعد مقبولاً خليجياً، أن يساير إيران ويبتعد عن العرب. وان يتفهم الخليج وضعه ولا تتفهم إيران ذلك أيضاً. الخليج والسعودية تحديداً، دخلت في حرب في المنطقة، ولم يعد مقبولاً لديها أن يقوم بلد مثل لبنان بمواقف متطرفة ضد سياستها في إطار الصراع القائم في المنطقة. وتشير المصادر، الى انه بإمكان 14 آذار المقاومة سياسياً، ولا يجوز السير والتسليم بالأمر الواقع. العرب والخليج تحديداً يريدون أن يعرفوا تحديداً أين موقع لبنان في الصراع الاقليمي، بعد المواقف الأخيرة في لبنان، ثم الاستنتاج أن لبنان «لا يساير» بل انه يعمل ما يريده الحزب وإيران، وقرار حكومته بات في يد الحزب. وهذا أكثر سبب وراء القرار السعودي. المواقف الضبابية في لبنان، لم تعد تنفع، وفق المصادر، في النهاية هناك صراع كبير في المنطقة، وعلى لبنان تحديد موقعه. السعودية حالياً في خضم معركة كبيرة وحاسمة في المنطقة، وتريد مواقف واضحة حيال مواقفها وتحركاتها. القرار السعودي جرى دعمه فوراً من دول مجلس التعاون، لكن موقف لبنان إذا استمر من سيدعمه؟!. واستمراره قد يعرضه لعزلة عربية ودولية. ربما في الموقف السعودي الأخير ما يفرض على المجتمع الدولي إعادة النظر بموقفه من الملف اللبناني، بحيث، تتم ضغوط على إيران لتسهيل حصول الانتخابات الرئاسية، نظراً لخطورة الوضع السياسي الذي وصل إليه، ومنعاً لمزيد من المحاولة الإيرانية الامساك بالورقة اللبنانية، وما يمكن أن يؤدي ذلك في المستقبل، وحصول انتخابات رئاسية قد يفسح في المجال لحكومة متوازنة.