علي الحسيني: حزب الله ولائحة الموت المفتوحة/عبد الوهاب بدرخان: والآن إلى المرشح الثالث/ نبيل بومنصف: إلى المتحاورين الشجعان

286

«حزب الله» ولائحة الموت.. المفتوحة
علي الحسيني/المستقبل/27 كانون الثاني/16

في كل يوم هناك أسماء جديدة وضحايا جدد يُضافون إلى لائحة الموت التي يصنعها «حزب الله» خلف الحدود، أسماء ما عادت تنفع عناوين سكنها أو بلدتها أو أي دليل آخر يؤكد إنتماءها إلى هذا الوطن، طالما أنها تسلك خط سيرها المعروف والأخير باتجاه حفرة في باطن الأرض ستحتضن أصحابها في رحلتهم الأخيرة بعد أربع سنوات من التشرد أمضوها بعيدين عن حضن عائلاتهم ودفء نظرات صغارهم. ما زال تشييع عناصر «حزب الله» الذين يسقطون بشكل متواصل في سوريا، يحتل الجزء الأكبر من مساحات الألم والوجع في بيئة لم تعد تحتمل خسارة الأبناء والازواج والأشقاء، فخلال اليومين الماضيين أضيفت أعداد جديدة من مقاتلي الحزب إلى مشروع السقوط في المستنقع السوري، بعضهم تم اعلان اسمائهم، فيما لم يتم اعلان أسماء البقية ريثما تقوم قيادة الحزب بإبلاغ أهاليهم ليتم بعدها اعلان الحصيلة النهائية للخسارة الجديدة.
يعجز « حزب الله« اليوم، عن إيجاد أرضية صلبة يقف عليها علّه يتمكّن من خلالها من مداواة جراح ما زالت تلاحقه و تثخنه وتضعه في قفص الاتهام وتجعل من عناصره يتقبلون الهزائم ويتأقلمون معها لدرجة لم تعد هناك مشكلة لديهم تمنعهم من الاعتراف بسقوط رفاقهم ونعيهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل، حتى انهم في كثير من الأحيان يسبقون قيادتهم في عملية النعي خصوصاً بعدما حاز الموت بنظرهم على رخيص من أعلى الهرم يقول « نحن على استعداد للتضحية بثلثي أبناء الطائفة الشيعية مُقابل أن يعيش الثُلث المُتبقّي بكرامة«.
يزداد تورط «حزب الله« في كل بقعة وليس في سوريا فحسب، ومعه تزداد الأمور تعقيداً على كل المستويات، فالسيدة التي رفعت منذ ايام عبر بعض المواقع الاعلامية صوتها من داخل احد المستشفيات حيث يرقد زوجها، لتتحدث عن المظلومية التي تلاحق الطائفة الشيعية من جراء تدخل الحزب في الحرب السورية، والتي سألت «شو دخلنا بسوريا، وشو اجانا منها؟«، كان لصوتها ارتدادات ترجمت في البقاع من قبل ذوي عناصر كانوا سقطوا في الحرب السورية أيضاً وذلك اثر اشاعة معلومات عن نيّة الحزب إنشاء تمثال كبير الحجم في منطقة بعلبك، الأمر الذي دعاهم الى التساؤل عن المنفعة من تمثال كهذا بينما هناك عائلات تموت جوعاً وألماً وقهراً على مصير من تبقّى من أبنائها في ظل الإستدعاءات المتكررة والمتلاحقة للشُبّان للإلتحاق بجبهات الموت.
أصبحت الكلفة البشرية والمعنوية لإنخراط «حزب الله« في الحرب السورية مرتفعة جًدا ولم يعد باستطاعته ولا باستطاعة الاهالي تجاوز هذه الكلفة في المدى المنظور بعدما باتت تشكل عبئا كبيرا لسببين: عدم قدرة الحزب على تحقيق أي انتصار عسكري وازدياد خسائره بشكل متصاعد، وغياب أي أفق أو رؤية واضحة للنتيجة التي سيخرج بها من سوريا أو التي يُمكن ان تُخرجه من هذا المستنقع الذي أصبح يستنزفه ويستنزف بيئته وجمهوره معه. الواضح ان «حزب الله« يعيش أزمة تفوق التصورات والإستراتيجيات التي كان وضعها لحربه هذه. العمليات الحسابية تؤكد أنه ومنذ دخول الحزب العلني في هذه الحرب، يتبين أن مجمل خسائره البشرية قد تخطت الألف عنصر وهو عدد يفوق حجم الخسائر التي سبق وتكبدها في جنوب لبنان في مواجهة اسرائيل وربما تزيد عليها. لكن ما يتصدر واجهة مآزقه اليوم، سقوط الشُبّان الصغار السنّ الذين تراوح اعمارهم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة، الأمر الذي يفسره البعض بأنه ظاهرة غريبة لم يكن ليلجأ الحزب اليها لو لم يكن هناك حالات شغور كبيرة في صفوف عناصره نتيجة مقتلهم أو اصابتهم بجروح. توصيفات ملائكية وعبارات تصل إلى حد «تقديس» القادة والعناصر، يُنتجها ويُفبركها «حزب الله» في مطابخه السياسية والإعلامية الهدف من ورائها منح مقاتليه جرعة من الشرعية للموت في سبيل المشروع المتنقل من لبنان إلى سوريا فالعراق وصولا الى اليمن. وتعبير السيدة بالأمس عن وجعها من داخل المستشفى حيث يرقد زوجها الجريح في «حزب الله»، هو نفسه صوت السيدة التي توجهت ذات يوم بالسؤال إلى احدى الشخصيّات القيادية في الحزب عقب مقتل ولدها، لتسأله: «هل ابني شهيد أم لا يا شيخ؟«.

 

والآن… إلى “المرشح الثالث”
عبد الوهاب بدرخان/النهار/27 كانون الثاني 2016
لم تتح حساسية الوضع الاقليمي، وتصاعد التوتر السعودي – الايراني، حتى لخليجيين خارج الاطار الرسمي تمرير ترشيح سمير جعجع لميشال عون للرئاسة وكأنه شأن لبناني لا يعنيهم. إنهم يشبهونه بـ “انقلاب” وليد جنبلاط على “14 آذار” عام 2011، ويكثرون من الاستفهام عن تفاصيل مثل: لماذا لم يؤيد جعجع ترشيح سليمان فرنجية، وما تعني المصالحة المسيحية، وهل سيصبح جعجع “ايرانياً” مثل عون؟… وبالطبع ساهم الموقف “الايراني” للوزير جبران باسيل ضد السعودية في الجامعة العربية، قبيل “حفلة الترشيح”، في اثارة مشاعر السعوديين، خصوصاً بعدما شاهدوا جعجع يتعامل بالهذر مع ذلك الموقف وكأن باسيل لم يرتكب اساءة مدروسة ومتعمّدة للسعودية بل مجرد “هضامة” في غير محلها. الأرجح أن مقياس الانسياق في خدمة ايران هو أحد المعايير التي جعلت السعوديين لا يمانعون خيار فرنجية، مع أنه صديق لبشار الاسد ولا يخطو خطوة من دون مشورة “السيد حسن”. وهناك اعتبار آخر، صحيح أو خاطئ، بأنه اذا انتُخب رئيساً، غير مرتبط باستراتيجية “حزب الله” لـ “تغيير نظام الطائف”، كما هي حال عون. لكن الاستحقاق الرئاسي بات مرشحاً لتعقيدات جديدة في ضوء الانقلاب الحاصل في الموقف الاميركي، وبعد الاملاءات والتهديدات المبطّنة التي أبلغها الوزير جون كيري للمعارضة السورية بشأن ركائز “الحل السياسي” والمفاوضات وفقاً للشروط الروسية والرؤية الايرانية. فهل أن المعطيات الجديدة، ومنها “بقاء الاسد” من دون أي أفق لرحيله، تعزّز حظوظ فرنجية، أم أن دمشق وطهران تفوّضان الأمر الى “حزب الله” في كل الأحوال؟ واقعياً، اذا كان أفق مفاوضات جنيف محدودا بـ “حكومة شراكة” بين النظام والمعارضة، فهذا يعني أن “مصير الاسد” انحسم ايجابياً لمصلحة ايران (وروسيا). وبالتالي لن يكون “حزب الله” مضطراً الى مزيد من المماطلة والتسويف في شأن انتخاب الرئيس. مع ذلك، عليه أن يتريّث للتأكد من انطلاق “الحل” في سوريا، وبأن التفاهم الاميركي – الروسي فرض نفسه على المعارضة والدول الاقليمية الداعمة لها. ثم ان هناك جانباً “مناوراتياً” في ترشيح جعجع لعون، اراد به رئيس “القوات اللبنانية” حشر “حزب الله” الذي تعنّت بالتمسّك بورقة “عون المرشح الأوحد” الى أن صار جعجع شريكه فيها، وعلى خلفية مصالحة مسيحية لم تكن في حسابات “الحزب” ولم يسرّ لحصولها، لأنه ليس مهندسها. فـ “حزب الله” بصفته وكيل “الوصاية” الايرانية – الاسدية يعتبر المصالحات والتحالفات ممكنة أو ممنوعة بمشيئته، وهو كان يحبّذ أن يبقى الخلاف “القواتي” – العوني من أدوات شغله لا أن يصبح من عناصر ارباكه. لكن مضي “حزب الله” في خيار عون يطرح عليه فرضيتين محرجتَين: سحب ترشيح فرنجية والانفتاح على جعجع. أما الذهاب الى خيار فرنجية فيعني خسارة عون الحليف. لذلك يبدو “الحزب” أكثر ميلاً الى “مرشح ثالث” يرتضيه عون!

 

إلى المتحاورين “الشجعان”!
نبيل بومنصف/النهار/27 كانون الثاني 2016
الى متحاورين متبطلين بفعل العطلة المؤسساتية والدستورية والسياسية والأخلاقية الابدية التي يفرضها تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية ويعملون على ملء فراغاتهم وفراغاتنا برتابة الجولات المتنقلة بين ساحة النجمة وعين التينة.. الى المتحاورين الزعماء والأقل رتبة في طواقم ممثليهم ومساعديهم ومعاونيهم العائدين اليوم الى الجولة الرقم كذا من جولات هيئة الحوار الوطني، نقترح عليكم لكي تبقى لديكم مجرد ذريعة لاستمرار هذه الطقوس التي تمارسونها ان تجنحوا بحواركم العبثي العقيم، ولو لمرة، نحو امرين يتخذان تصاعديا طابع الخطورة القصوى والعاجلة والإلحاح عل هذه الطاولة الحوارية تعوض عما كان يفترض ان يتولاه رئيس للجمهورية ومجلس للوزراء وبرلمان وأولا وأخيرا دولة بكل مهابتها.هل تراكم قرأتم اولا ما أوردته لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ( الإسكوا) والمنظمة الدولية للهجرة في تقريرهما الاخير عن واقع مرعب يصنف لبنان ثاني اكبر دولة مستضيفة للاجئين في العالم بما يناهز نسبة الـ26 في المئة من اجمالي سكان لبنان في منتصف العام 2013، اي ان هذه النسبة قد تكون تضخمت صعودا بعد هذا التاريخ ؟ وان فاتتكم قراءة هذا التقرير هل سمعتم ثانيا عن تصاعد غضب خليجي وتحديدا سعودي وإماراتي بدأ يتهدد مصالح لبنان الحيوية وكذلك مصائر مئات ألوف اللبنانيين العاملين في البلدان الخليجية جراء السياسات الخارجية المحورية المنحازة بعمى مخيف الى ايران والتي يمعن شطر من لبنان “الديبلوماسي” في اغراق لبنان الآخر كله في مصيبة ان ضربته لن تقوم له منها قائمة؟ نسأل مع معظم الناس الذين باتوا في حاجة الى عجائب خارقة للاقتناع بجدوى الحوارات الداخلية: ما هي الاولوية الاشد اهمية وإلحاحا لدى المتحاورين من انزلاق لبنان المتدرج الى احتمال تشكيل حالة غير مسبوقة في التاريخ تصبح معها نسبة اللاجئين اكبر من نسبة المواطنين الاصيلين، وهل يدرك المتحاورون حقيقة معنى هذا الخطر، وهل في جعبتهم ما يفوقه اهمية من هذا الخطر لطرحه على حوارهم؟ ونسأل في المقابل عن اللغو الدائر في جلسات الحوار والمتجدد مع المواعيد الرتيبة وهل في جدول أعماله ما يتفوق على خطر تعريض مئات ألوف العاملين اللبنانيين في الخليج للخطر وألا يستأهل الامر وقفة مسؤولة من المتحاورين تحول دون السقوط القاتل في هذه المصيبة قبل حصولها؟ وهل من بند اشد إلحاحا من هذا الخطر الذي يبدو انه يجري دق ناقوسه بكل جدية هذه المرة؟ الحال ان معظم اللبنانيين صمّوا آذانهم منذ وقت طويل عن هذا النوع الباهت من الطقوس الحوارية الجوفاء، ولكن المصيبة ان المتحاورين يختصرون المؤسسات بكل “تواضع” ولا يمارسون دورها. فماذا تراهم فاعلين مع خراب زاحف على أيادي بعضهم الفاضلة؟