ايلي الحاج/جورج عدوان بعد سيرة مختصرة: على عون التفاهم مع الحريري كما تفاهم معنا ليصير رئيساً/ريتا صفير: تعثّر جنيف 3 ينعكس وقف تنفيذ للانتخابات الرئاسية/داود الشريان: هل أصبح لبنان جزءاً من النفوذ الإيراني

561

جورج عدوان بعد سيرة مختصرة: على عون التفاهم مع الحريري كما تفاهم معنا ليصير رئيساً
ايلي الحاج/النهار/27 كانون الثاني 2016

لعلّ النائب جورج عدوان أقدم من تعاطى السياسة في قيادة حزب “القوات اللبنانية” وأكثر من تقلبت عليه العهود والدهور، فتح عينيه على عهد بشارة خوري وسمع أخبار ثورة 1958 ولداً على عهد الرئيس كميل شمعون ابن دير القمر وعَبَر الزمن الشهابي بعهديه مع اللواء الأمير فؤاد شهاب والرئيس شارل حلو ليخوض الشأن العام زمن الرئيس سليمان فرنجية على أبواب حرب 1975 من خلال “التنظيم”. كان ” التنظيم” آنذاك قريباً من المؤسسة العسكرية بدأ بمسمى “التنظيم المسيحي” وكانت له ميليشياه أيام كانت الميليشيات تفرّخ وتتوالد، ثم أسقط التنظيم عنه صفة الإنتماء الديني وانقسم على نفسه، وكان في طليعة من قدموا الولاء والطاعة لبشير الجميّل في صعوده قائداً لـ”القوات” ورئيساً، وبعده التقى الدكتور سمير جعجع ولم يتركه، وبحكم علاقته السابقة بالجنرال ميشال عون وإقامتهما معاً لأشهر في منزل واحد جميل في منطقة دير مار شعيا – برمانا خلال معركة “تلال الزعتر” التي شارك فيها عون مدفعياً بفاعلية كبيرة إلى جانب “التنظيم” وبقية التنظيمات المسيحية المسلحة، كلفه جعجع وعون بمهمة التوسط بينهما مع الأباتي بولس نعمان خلال الحقبة السوداء المعروفة بـ “حرب الإلغاء”. عندما سُجن جعجع اختفى عدوان عن الأنظار والشاشات داخل أسوار حديقة المنزل الجميل في مار شعيا. عندما عاد جعجع عاد نائباً له ونائباً عن الشوف إلى جانب ابن شمعون ودير القمر رئيس “الوطنيين الأحرار” دوري شمعون. وخلافاً لغالبية القياديين في “القوات” ماضياً وحاضراً ولسلفه في المنصب كريم بقرادوني، لا ينحدر عدوان من خلفية كتائبية، يظل مشدوداً في السياسة إلى ما يمكن تسميته “عصباً مسيحياً” اشتغل عليه بنفسه، يحضر في أحاديثه من غير أن يطغى فيه على رجل القانون الحاذق، الخبير في حساسيات الجبل والجماعات الطائفية في لبنان. هذه نبذة مختصرة لرجل لو نشر مذكراته، ولن ينشرها، لاستلزمت مجلدات كأنسكلوبيديات زمن عتيق بات الناس يستبدلونها بأسطوانات مدمجة، أو اشتراك في مواقع على الإنترنت.
وهذه نبذة عن رؤية جورج عدوان اليوم إلى أزمة رئاسة جمهورية لبنان:
– “لا يزال الفريق المؤيد لترشيح رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية للرئاسة منشغلاً بعملية الإنتخاب عددياً، ولكن ليس بعدد أصوات النواب وحده يصير المرشح رئيساً. تأمين نصاب الثلثين و65 نائباً مؤيداً لا يكفي للفوز. فالعملية العددية هي ترجمة للعملية السياسية، وهذه ناقصة عندهم، تهمل عاملاً رئيسياً أن “حزب الله” لا يمكن أن يخاطر بخسارة تأييد الجنرال ميشال عون بعدما جذب إلى هذا الحزب تأييد نصف مسيحيي لبنان خلافاً لطبيعتهم. لن يضحي الحزب بهذين المكسب والورقة المهمة جداً له.
– لن ينتخب رئيس للجمهورية إلا بإجماع سياسي في نهاية الأمر، ووحده ميشال عون قادر على جمع هذا الإجماع. سيكتشف مؤيدو ترشيح النائب فرنجية أنهم غير قادرين على إيصاله. وسيكون على ميشال عون أن يجتاز حاجز فرنجية ثم اجتياز حاجز “تيار المستقبل” بالتفاهم معه. حتى لو انسحب فرنجية من السبق وأمّن عون 90 نائباً يصوّتون له، لا يمكن أن يصبح رئيساً للجمهورية إذا لم يتفاهم مع الرئيس سعد الحريري كما تفاهم معنا في “القوات”.
– هناك متغيّر دخل الساحة السياسية هو أن المسيحيين بعد نحو 20 – 30 عاماً من الإنكفاء عن التأثير في إدارة لبنان يريدون اليوم أن يكونوا جزءاً من المعادلة اللبنانية على قدم المساواة مع غيرهم، وألاّ يبقوا في عداد الجمهور فيما غيرهم يقرر حين يريد إجراء فحص لوطنيتهم، ويتفرّد في قرارات تعني جميع اللبنانيين.
– فلنعطِ حال المراوحة التي نعيش اليوم مهلة شهر على الأقل لترتيب مسألتي ترشيح فرنجية، وتفاهم عون مع “المستقبل”. بعد ذلك لكل حادث حديث. وبالطبع لن يُنتخب رئيس في جلسة 8 شباط”.

تعثّر “جنيف 3” ينعكس “وقف تنفيذ” للانتخابات الرئاسية هل تؤدي “الفيتوات” المتبادلة إلى “دوحة ثانية”؟
ريتا صفير/النهار/27 كانون الثاني 2016
فيما “يتنقل” الاستحقاق الرئاسي اللبناني بين العواصم الاوروبية ليحط رحاله في باريس بعد روما، كشفت ردود فعل القوى السياسية المحلية، وآخرها رد رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدم توافر “الضوء الاخضر” للمضي قدما في ملء الشغور في كرسي الرئاسة، بعد 22 شهرا من الفراغ.
ووقت يتوقع ان يشكل لقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع الرئيس الايراني حسن روحاني في باريس غدا، محطة اخرى “لجس نبض” القيادة الايرانية حيال نيتها تسهيل تحقيق تقدم في الملف اللبناني، تتوقف مصادر ديبلوماسية غربية عند الليونة التي طبعت الموقف القطري، غداة خطوة ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ “عدوه” السابق رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون. واذا كانت هذه المصادر ترى في “شذوذ” الدوحة عن “التريث” الاقليمي السائد، رسالة لمن “يعنيه الامر”، برغبة قطر في تجديد مساعيها لحل الازمة المؤسساتية اللبنانية على غرار تجربة 2008، فان المصادر نفسها ترى في “الفيتوات” المتبادلة بين القوى حيال المرشحين، المعلنين وغير المعلنين، انعكاسا لسياسة “الحروب المتنقلة” بين الاطراف الاقليميين والدوليين، في اكثر من ميدان، ابرزها:
– ان تعثر المساعي للافراج عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني يأتي على وقع تعثر الجهود لاعادة اطلاق “مؤتمر جنيف 3” لحل النزاع في سوريا. واذا كان ارتفاع منسوب التوتر بين الرياض وطهران يشكل “سمة” المرحلة، فان الدخول الروسي “على خط” النزاع تحت شعار مكافحة الارهاب، “تكفّل” بفتح الازمة على مصراعيها. في اي حال، يبدو، بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، ان تلويح نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، من تركيا، بامكان اللجوء الى العمل العسكري، معطوفا على كلام وزير الخارجية جون كيري عن تنامي القدرة الصاروخية لـ”حزب الله”، من شأنه ان يدخل النزاع في حقبة جديدة، علما ان هذه المواقف تتزامن وتوجه كل من الولايات المتحدة وروسيا الى تطوير البنى التحتية العسكرية، وتحديدا المطارات.
– لا يبدو تقاطع المصالح المحلية والدولية “دخيلا” على مسألة بت مصير الاستحقاقات اللبنانية، بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية التي تذكّر بحقبتين اساسيتين في هذا المجال. الاولى، تمثلت في مرحلة “ما قبل الطائف” والتي تخللها تبوؤ بشارة الخوري “الكرسي الاول”، في مواجهة اميل اده، اثر انكفاء النفوذ الفرنسي عن لبنان لمصلحة المملكة المتحدة، علما ان خروجه جاء على وقع “ثورة الضباط الاحرار” في مصر، وتسلّم الرئيس عبد الناصر مقاليد السلطة. وفيما تلا انتخاب فؤاد شهاب احداث 1958، طبعت عهد شارل حلو خسارة الجيوش العربية امام اسرائيل او ما يعرف بهزيمة 1967، وقت تزامن انتخاب سليمان فرنجية مع رفع لواء “اقصاء المكتب الثاني” وادارة التمدد الفلسطيني في لبنان. وليس خافيا ان عهد الياس سركيس “افتتح” حقبة التفويض الدولي لسوريا بادارة لبنان، مع دخول قوات الردع العربية البلاد، فيما طغى “شبح” اتفاق 17 ايار على “عهدي” بشير وامين الجميل. – اطلق اقرار “اتفاق الطائف” المرحلة الثانية، عبر “تدشينه” حقبة تسويات دولية – سورية – سعودية ترجمت بوصول رينه معوض الى سدة الرئاسة، ليستأنفها، بعد اغتياله الياس الهراوي. ووقت شهدت ولاية الرئيس اميل لحود ترسيخا للنفوذ السوري في لبنان، مقابل الدور السعودي الذي جسّده دعم الرياض للرئيس الشهيد رفيق الحريري، شكل صدور القرار 1559 مرحلة فاصلة في المشهد اللبناني عكسه الانسحاب السوري من لبنان، ليليه انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وبالاجماع، عقب “تسوية الدوحة”.

هل أصبح لبنان جزءاً من النفوذ الإيراني؟
داود الشريان/الحياة/27 كانون الثاني/16
موقف الخارجية اللبنانية المنسجم مع السياسة الإيرانية، والرافض للإجماع العربي في اجتماعات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ليس جديداً، والسياسة الخارجية للبنان خُطِفَت في مواقف سابقة. وكانت السعودية تتعامل مع موقفه في الاجتماعات العربية والإقليمية باعتباره جزءاً من أزمة التوافق الداخلي بين «14 آذار»، و «8 آذار». لكن الموقف الأخير كان مؤشراً إلى تحوُّل آخر، فقوبل من الرياض برد فعل مختلف. اليوم لم تعد السياسة الخارجية للبنان جزءاً من المناكفة بين الفرقاء اللبنانيين، بل أصبحت عنواناً لخطف هذا البلد والتحكُّم بمسيرته. فمنذ بداية الأزمة السورية أخذ لبنان ينحاز تدريجاً الى المشروع الإيراني في المنطقة، صار عملياً يُحكَم من طهران. والمتأمِّل لتاريخ ابتعاد سورية عن محيطها العربي، والذي بدأ فعلياً في 10 حزيران (يونيو) 2000، سيجد ان لبنان بات يسير، وبهدوء، على النهج عينه. فلم يعد للأطراف اللبنانية دور في المواقف السياسية للبلد، او حتى عرقلة الحل السياسي، وجرى خطف مؤسسات الدولة، حتى وصل الى القضاء، على نحو لم يشهده لبنان سابقاً. كان العنوان الأبرز للهيمنة الإيرانية على لبنان هو تدخُّل «حزب الله» في الحرب على الشعب السوري، والذي تعاملت معه القوى اللبنانية وكأنه مجرد خلاف على موعد انعقاد مجلس النواب، فضلاً عن ان المجلس مُنِع من الانعقاد لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، لرغبة إيران في عدم انتخاب رئيسٍ تحت مظلة اتفاق الطائف الذي تسعى طهران الى إلغائه، ومعاودة تشكيل الدستور على نحو يسمح بفرض واقع جديد يسمح لـ «حزب الله» بأن يحكم لبنان، ويصبح سلاحه هو جيش البلد.
خطورة الدور الإيراني المتنامي في لبنان، انه تسلَّل من خلال الخلافات اللبنانية – اللبنانية، فضلاً عن أن طهران استطاعت شق الأحزاب والقوى المسيحية، التي، ربما، أدركت متأخرة انها اصبحت أداة لتنفيذ المخطط الإيراني في لبنان. هل تأخر الوقت لحماية البلد من مصير سورية؟
لاشك في ان الخطوة التي اتخذها سمير جعجع في ترشيح ميشال عون للرئاسة وحّدت القوى المسيحية، وأربكت المشهد اللبناني، وكرّست موقع زعيم «القوات» على الساحة السياسية، وجعلت العماد عون رمزاً مسيحياً، وليس مرشّحاً لفريق «8 آذار». بل ان هذه الخطوة ربما تحوّلت الى وسيلة لإخراج غالبية القوى المسيحية من غبار الهيمنة الإيرانية. وإذا وجدت دعماً من تيار «المستقبل»، ستقطع الطريق على إلغاء «اتفاق الطائف» الذي يُعتبر العَقَبَة الكَأْدَاء أمام المشروع الإيراني في لبنان. الأكيد أن طهران ستكون سعيدة بتصاعد الخلافات بين تيار «المستقبل» والأطراف المسيحية في «14 آذار»، لكن هذا يجب ألا يحدُث. المسيحيون اللبنانيون كانوا على مدى التاريخ حماةً لعروبة لبنان، وتوحُّدهم بات مطلباً للحفاظ على هويته العربية. لبنان أصبح هشّاً أمام التدخُّلات الإيرانية لأنه فرَّط بتحالفاته التقليدية، وحان الوقت للتمسُّك بها مجدداً من أجل قطع الطريق على خطف لبنان من محيطه العربي