غسان حجار: هل سقط الموارنة الـ 4 الكبار/اميل خوري: هل تفشل محاولة لبننة الانتخاب بترشيح عون وفرنجيه للرئاسة الأولى/راشد فايد: رئيس معطِّل لجمهورية معطَّلة

201

هل سقط الموارنة الـ 4 الكبار؟
غسان حجار/النهار/26 كانون الثاني 2016

حصر الموارنة الاربعة الذين اجتمعوا في بكركي الزعامة بأنفسهم وحصروا الترشيح الرئاسي بهم رافضين الافساح في المجال امام اي طامح خامس بحلم الوصول الى قصر بعبدا. وبدأ المشوار. المشوار الطويل والمليء بالاشواك، والذي يكشف خبايا الاخرين وخفاياهم. مرشحان من فريق 14 اذار. واثنان من 8 اذار. الاولان هما الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع. الاول رئيس حزب “الكتائب” والثاني رئيس “القوات”. الاول يعرف جيدا ان اسمه غير مطروح بجد. لم يرشح نفسه، وحزبه لم يرشحه رسميا. اراد الاحتفاظ بهذه الورقة. اما الثاني فجرب حظه في مجلس النواب، ولم يحصد اكثر من 48 صوتا غير قابلة للزيادة. استهلك فرصته. كسب فيها سياسيا. ولمّا لم يعد لهذه القوى مرشحها، انتقل الدور الى الفريق المقابل. العماد ميشال عون مرشح منذ العام 1988. رشح نفسه، ودعمه تياره و”حزب الله” وكل من يدور في فلكهما، باستثناء الرئيس نبيه بري الذي لا يلتقي مع عون في الحد الادنى من التفاهمات المشتركة. لم يتمكن من ضمان اكثرية تنقله الى بعبدا فظل مقاطعا جلسات الانتخاب مدى سنة ونصف سنة. وبدت فرصته تتلاشى، لكنه يرفض باستمرار القبول بهذا الواقع، ويعتبر ان متغيرات المنطقة تصب في مصلحة الفريق الذي ينتمي اليه، وهي تاليا تقرب المسافات بينه وبين قصر بعبدا. لكن المفاجأة جاءت من الرئيس سعد الحريري الذي رشح النائب سليمان فرنجيه، رابع الاربعة، والعضو الفاعل في فريق 8 اذار. وقع الصدام، او لنقل التباعد مع عون. وبدا فرنجيه قادرا على كسب الاصوات الكافية لجعله رئيسا. تحرك “حزب الله” وعون سريعا لاقفال الطريق في وجهه. واستنفر هذا الترشيح جعجع الذي اعلن في مفاجأة ثانية، دعمه ترشيح عون والاتفاق معه على سلسلة نقاط للمستقبل. الخلاف بين عون وفرنجيه يحرم كليهما بلوغ قصر بعبدا. عون لا يجرؤ على المشاركة في جلسة خوفا من الوقوع في فخ الاتيان بفرنجيه رئيسا. اذن فهو يستنفد ترشيحه الذي سيضعف مع الوقت، ولن يكون وصوله سهلا في ظل معارضة “المستقبل” و”امل” والاشتراكي والكتائب والمستقلين. واقناعه (الصعب) بالتخلي عن الرئاسة سيقابله شرط سحب فرنجيه من السباق لئلا يكون قد سقط امامه، وحقق الحريري انتصارا عليه وعلى “حزب الله”. اذن فرصة مرشحي 8 اذار تتلاشى ايضا. هكذا يبدو ان الفرسان الاربعة سقطوا، او هم على وشك السقوط، وسقوطهم ما هو الا مسألة وقت، بعدها يبدأ البحث في خيارات جديدة واسماء جديدة من خارج الاربعة “الكبار”، لنكتشف ان اتفاقهم في بكركي كان خطأ كبيرا احتاج تصحيحه الى حرق الاربعة. هل يمكن القول بعدها ان مسيرة الرئاسة بدأت فعليا، ويمكن البحث في اسماء ووجوه جديدة تكون مقبولة من الاقوى؟

 

هل تفشل محاولة “لبننة” الانتخاب بترشيح عون وفرنجيه للرئاسة الأولى؟
اميل خوري/النهار/26 كانون الثاني 2016
هل يمكن القول إن محاولة “لبننة” الانتخابات الرئاسية فشلت وبات على لبنان انتظار خارج يكون الرئيس من صنعه؟ الواقع أن القادة في لبنان هم المسؤولون عن فشل المحاولة وذلك منذ أن تم حصر الترشيح للرئاسة بالأقطاب الموارنة الأربعة لقطع الطريق على انتخاب أي مرشح ثالث بذريعة أنه لا يمثل المسيحيين تمثيلاً صحيحاً كما يمثلهم الأقطاب. فهل تأكدوا الآن وبعد مرور 20 شهراً على الشغور الرئاسي أن أياً منهم يصعب وصوله الى قصر بعبدا لأن ترشيح أي واحد منهم يشكل تحدياً كما قال سيد بكركي نفسه، وبات المطلوب في الظرف الدقيق الراهن انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد ويكون مقبولاً من القوى السياسية الأساسية في البلاد؟ وإذا كان الرئيس سعد الحريري اقترح ترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة فلكي يكسر بترشيحه حلقة تعطيل نصاب جلسات الانتخاب، وفعل الدكتور سمير جعجع الشيء نفسه بترشيح العماد ميشال عون علَّ ذلك يحل أزمة تعطيل النصاب ويجعل التنافس طبيعياً بين المرشحين تطبيقاً لأحكام الدستور وللنظام الديموقراطي. لكن محاولة “لبننة” انتخاب الرئيس لا تبدو ناجحة حتى الآن لأن مرشح “حزب الله” المفضل هو الفراغ في انتظار أن تقول إيران كلمتها، وإلا لكان الحزب قرر تأييد عون أو فرنجيه أو عمل على سحب أحدهما للآخر فيحشر عندئذ قوى 14 آذار فيضطر بعضها للجوء الى سلاح التعطيل الذي لجأت اليه أحزاب في 8 آذار، ولو أن “حزب الله” كان يريد فعلاً انتخاب رئيس للجمهورية وتعذّر عليه التوفيق بين عون وفرنجيه، لكان احتكم الى الاكثرية النيابية في المجلس، فمن ينال منهما أصواتاً تفوق أصوات الآخر ينسحب له وتصبح المعركة عندئذ محصورة بمرشح واحد هو عون أو فرنجيه، وتصبح الكرة بالتالي في ملعب قوى 14 آذار، فإما أن تنتخب مرشح 8 آذار فتتحمل عندئذ مسؤولية تعطيل النصاب أو تقرر مواجهة مرشح 8 آذار بمرشح آخر وليفز من ينال أكثرية الأصوات المطلوبة. والسؤال المطروح الآن هو: هل يستمر “حزب الله” في مقاطعة جلسات الانتخاب لأنه لم يتبلغ بعد كلمة إيران أو لأنه لم يضمن بعد فوز أي من المرشحين عون وفرنجيه، خصوصاً بعدما قرر النائب وليد جنبلاط الاستمرار في تأييد مرشحه النائب هنري حلو؟ وهذا يعني أن أصوات كتلة جنبلاط الوازنة في الانتخابات لن تذهب لا الى عون ولا الى فرنجيه بل الى حلو فيصبح كل مرشح عندئذ عاجزاً عن الحصول على أصوات الأكثرية المطلوبة أي 65 صوتاً. وإذا قرر “حزب الله” الاستمرار في مقاطعة جلسات الانتخاب، فهل يحذو عون وفرنجيه حذوه وهذا أمر مستغرب جداً، اذ كيف يجوز لهما التغيّب عن جلسة الانتخاب وهما مرشحان للرئاسة؟! لقد بات على القوى السياسية الأساسية في البلاد أن تعلم، وإن متأخرة، أن لا حظوظ للفوز بالرئاسة لأي مرشح ينتمي الى 8 آذار والى 14 آذار لأن دقة المرحلة لا تتحمل انتخاب رئيس يشكل انتخابه تحدياً لطرف ويجعله يشعر بأنه مغلوب، بل عليها محاولة الاتفاق على مرشح ثالث حتى إذا ما تعذر عليها ذلك تقرر النزول الى مجلس النواب ولتنتخب الأكثرية المطلوبة من تشاء رئيساً للجمهورية بعد أن تكون قد تأكدت أن أياً من الأقطاب الموارنة الأربعة لن يحصل عليها، لأن القوي في طائفته ليس حكماً قوياً ومقبولاً لدى الطوائف الأخرى. فهل يبادر القادة في ضوء ذلك الى طرح مبادرة جديدة “يلبننون” بها انتخاب رئيس مقبول، أم أن الخلافات بينهم سواء بدوافع سياسية وحزبية أو مصلحية تحول دون ذلك فيصبح الخارج هو من يأتي بالرئيس ولكن ساعة يشاء وهي ساعة لا أحد يعرف متى تأتي؟… إن الانتخابات الرئاسية في لبنان أصبحت بين خيارين: إما اتفاق 8 و14 آذار على مرشح مقبول ويكون من صنعهما، وإما انتظار اتفاق عربي وإقليمي ودولي على اختيار هذا المرشح الذي قد يُفرض عليهم وإن كان مرفوضاً منهم. فهل يثبت القادة في لبنان أنهم بلغوا سن الرشد ولم يعودوا في حاجة الى وصاية أحد، أم انهم يثبتون العكس باعلان عجزهم عن الاتفاق على انتخاب رئيس يكون من صنع لبنان كي يقدم مصلحة الوطن على كل مصلحة، فيعودون الى الدستور الذي يحتم الحضور الى مجلس النواب وانتخاب المرشح الذي ينال أكثرية الأصوات المطلوبة رئيساً للجمهورية كما كان يحصل في كل انتخاب سابق؟

 

رئيس معطِّل لجمهورية معطَّلة
راشد فايد/النهار/26 كانون الثاني 2016
أبرز ما ظهّره ترشيح قطبي “14 آذار”، سعد الحريري وسمير جعجع، قطبي “8 آذار” سليمان فرنجيه وميشال عون، هو ان “انتفاضة الاستقلال”، لا تملك، سوى عناوين سيادية لا استراتيجية مشتركة. كذلك أظهر الترشيحان أن لا علاج لعقدة “أنا أو لا أحد”، ولا شفاء من ضبط حزب الأمين العام انتخاب الرئيس على الإيقاع الإيراني، وان مسلسل جلسات انتخاب الرئيس، أطول من مسلسل “الهارب” الشهير، أو مسلسل “حريم السلطان”. من انتقد تأييد فرنجيه، أو دان تبني ترشيح عون، استعجل الانفعال، وجهل أن لبنان، حاليا، مقبرة الحلول والاتفاقات، وأن القوى السياسية في دولة “جدية” لا تحتاج الى اتفاق على “مجموعة مبادئ عامة تشكل وسيلة لإعلان نيات” كما فعل “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، ولا الى “ورقة تفاهم”، كما بين “التيار” نفسه و”حزب الله”، عام 2006، أو طاولة ثنائية بين نواب الحزب نفسه و”كتلة المستقبل”. فكل هذه اللقاءات تنتفي إذا كان القانون يسمو على الجميع، ويقود خطاهم ويرسم حدود علاقاتهم. وعند ذلك يصبح مبرر اللقاءات البحث عن برامج عمل سياسي، أو تحالفات انتخابية. والحال، أن “طاولة الحوار” بين “المستقبل” و “الوفاء للمقاومة” أشبه بمراجعة الطبيب دورياً، فيما “ورقة التفاهم” و “إعلان النيات” تفرضان مقارنة بين ما يسعى اليه الجنرال عون في كل منهما، كونه قاسمهما المشترك، وبفضلهما تأكد أنه الرئيس ولو لم يرئس، وتكاد تنقضي سنتان من عهده، السلبي، في ظل توتر هادئ، لامس، أحياناً، الانفجار. لم يحمل “إعلان النيات” أي إضافة، أو تغيير، في مسار انتخاب الرئيس، حتى اليوم، لكنه غيّر في المشهد الوطني، وعزز الطائفية السياسية، وبدل أن يبقى المسيحيون النسغ المنتشر في كل الجسد السياسي اللبناني، باتوا سمادا لانقسامه الطائفي، وصار لبنان قدّام ثنائية مسيحية، كما الثنائية الشيعية، في انتظار وصول هذه وتلك إلى التماثل مع الآحادية الدرزية. ربما رد “إعلان النيات” على مخاوف غذّاها تسول عون الرئاسة بالتباكي على المناصفة والتوازن الوطني وحقوق المسيحيين، وهجرة الأقليات الدينية من المشرق. وإذا كان شيء من الحقيقة في جذر بعض هذه المخاوف، فإن طريقة التعامل معها، تجيز لبعض “الفيسبوكيين” التساؤل، ردا على قول البعض “المهم أن تكون يد المسيحيين واحدة”، وماذا إذا دعا بعض المسلمين إلى أن تكون يدهم واحدة أيضا، وهبوا لنجدة أبناء مذهبهم في سوريا والعراق، وحتى اليمن، وربما إفريقيا؟
شخصياً، لا أبالي بـ “حقوق الطوائف” والجماعات، وما يهمني هو حقوق الفرد، لانه أساس بناء المجتمعات، لكن، وأمام الازدواجية أو الفصام في الشخصية اللبنانية بين الحرص على “حضور” المواطن في الدولة، وبين التخوف على حصة الطائفة، لا أرى كيف للبنان أن يكون وطنا ودولة.