عقل العويط: إني أتهم/روزانا بومنصف: عوامل تُعيد ترشيح عون إلى الدائرة المفرغة/الأنباء الكويتية: خطوة جعجع” خربطت كل الحسابات

207

إني أتهم
عقل العويط/النهار/23 كانون الثاني 2016

لستُ نائباً في مجلس النواب لأنتخب رئيساً للجمهورية. لكني، من حيث المبدأ وفي الواقع العملي، مواطنٌ يتمتع بكامل حقوق المواطنة. من واجبي ومسؤوليتي، تالياً، أن أبدي رأياً في مسألة تهمّ المواطنين وتعنيهم مباشرةً، ربما أكثر مما تعني النواب الذين مدّدوا لأنفسهم، وباتوا، في معنى من المعاني، غير شرعيين. أنظر إلى مسألة رئاسة الجمهورية بصفتي مواطناً، لا بصفتي ملتحقاً بطائفة، أو بمذهب، أو حتى بجماعة سياسية. لستُ معنياً البتة بأنواع الالتحاق هذه، بل أنا أزدريها جميعها، وخصوصاً منها الطائفية. إلاّ المواطنة، التي هي وحدها علامتي الفارقة. ويجب أن تبقى وحدها علامة المواطنين الفارقة.
كم أشعر بالعيب لأن المرشحين إلى منصب رئيس الجمهورية ليسوا معتبَرين مواطنين بل فقط أعضاء “أقوياء” في طائفة. هذا انتقاصٌ كبيرٌ جداً من شخص الرئيس ومن معنى الرئاسة. وإنه لمن العار حقاً، أن يضطر المواطن إلى النظر إلى هؤلاء المرشحين من كونهم منتمين إلى مذهب، ومن كونهم تالياً ناقصي المواطنة. هل سأل أحدُ النواب هؤلاء المرشحين عن ماضيهم وحاضرهم في المواطنة، ليبني على الشيء مقتضاه، فيؤيد مَن يؤيد ويرفض مَن يرفض؟ انطلاقاً من السؤال نفسه، هل سأل أحدهم هؤلاء النوّاب والمرشحين، بأيّ معنى هم يمثّلون البلاد (الوطن) والمواطنين… إذا كانت المواطنة دونية، محتقَرة ومبتَذَلة، إلى هذا الحد؟ أنا شخصياً، أشعر بالعيب والعار، لأنني مغيّب كمواطن. هذان عيبٌ وعارٌ معنويان لا توازيهما سوى الجرائم الفردية والجماعية التي تُرتكَب في حق البلاد ومواطنيها. وكم أودّ أن أقف على قوس محكمة لأعرب، كمواطن، في حضرة القانون المدني، عن الجريمة العلنية التي تُرتكَب في حق الجمهورية اللبنانية، وأمام المواطنين، وعلى مرأى من السلطات الدستورية والقانونية والقضائية، والتي تتمثل في كيفية تعرية المرشح – المواطن من كفاءاته وقيمه، وحصرها في شخصه المذهبي. يستطيع المحامون والقضاة ورجال القانون المدنيون، أن يتولوا مسألة كهذه، وتحديداً مسألة الترشح للرئاسة، وشرعيتها العامة، وأن ينزعوا عنها صفتها الوطنية، باعتبار أن القضية محصورة في الانتماء المذهبي لهؤلاء المرشحين، أياً تكن أوصافهم وأوزارهم وموبقاتهم الأخرى.في هذه الحال، فليُسمَح للفاقد الأهلية الوطنية بأن يترشح. كذا أقول عن رئيس العصابة، والمنتهز، والسارق، والقاتل، والناهب، وقاطع الطريق، وغاسل الأموال، وفارض الخوّة، والمهرّب، والمتلاعب بالبورصة، والمثير الفتن الطائفية والمذهبية، والملتحق بدولة أجنبية، والعميل، وهلمّ! لستُ نائباً في مجلس النوّاب. لكني مواطن. بهذه الصفة بالذات، أتهم المرشّحين للرئاسة والنوّاب، بفقدان الأهلية الوطنية للترشّح والانتخاب!

 

من مسار الحل السوري إلى التبريد الإقليمي عوامل تُعيد ترشيح عون إلى الدائرة المفرغة
روزانا بومنصف/النهار/23 كانون الثاني 2016
هل انتهت سكرة تأييد ترشيح الدكتور سمير جعجع خصمه المسيحي التاريخي لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون وأتت الفكرة بعد ذلك؟
قد يبدو ذلك مبكرا على مفاعيل خطوة لا تزال تحظى بالكثير من الارتدادات الداخلية حتى الان ويفترض الا تكون استكملت دراستها بكل ابعادها. لكن السؤال يطرح من زاوية انها اثارت نقزة كبيرة لدى الجميع كل وفق حساباته كما يطرح من باب التريث الذي احتمى خلفه معظم الافرقاء السياسيين مكتفين بتأييد المصالحة المسيحية لأثرها البالغ عند المسيحيين يترجمه في الواقع بقاء كل الافرقاء عند مواقعهم وعدم حماستهم لدعوات “التيار الوطني” و”القوات اللبنانية” للانضمام الى دعم ترشيح عون. عاد الافرقاء الى المربع الاول الذي كانت فيه غالبيتهم من ان لا متغيرات اقليمية يمكن ان تساهم في تأمين حصول انتخابات رئاسية في المدى النظور على الاقل. ثمة وزراء حاليون قالوا ذلك سابقا من دارة العماد عون في الرابية كما من دارة جعجع في معراب كوزير الداخلية نهاد المشنوق ، وثمة وزراء ومسؤولون سابقون ايضا كانوا من ضمن المعطيات نفسها يتقدمهم الوزير السابق غازي العريضي الذي كرر في الاونة الاخيرة اقتناعه بان الوضع الاقليمي لا يسمح بعد باجراء الانتخابات. وثمة اكثر من شخصية تجزم بان ما اوقف ترشيح النائب سليمان فرنجيه من ان يأخذ مداه هو توتر العلاقات السعودية – الايرانية وليس اي عامل محلي استنادا الى ما يجزم به وزراء عن مضمون لقاءات مسؤولين ايرانيين للبنان من ان هناك استعدادا للمرونة في اليمن على قاعدة التسليم بالانتصار للمملكة ولو انهم لا يعترفون ضمنا لها بذلك وعلى قاعدة الاستعداد لتسهيل حصول انتخابات رئاسية في لبنان ، الامر الذي اتاح فرصة لانطلاق دعم النائب فرنجيه قبل ان يعود فيقفلها غياب جواب “حزب الله”.
المعطيات المتوافرة في اوساط متعددة سعت الى استكشاف ما اذا كان هناك من جديد حتمته خطوة جعجع ،علما ان العناوين التي تفرض تأجيل الاستحقاق الرئاسي لا تزال هي نفسها : الملف السوري الذي وان كان لبنان لا يمكن ان ينتظر انتهاء صياغة الحل لانهاء الحرب في سوريا ، الا ان هناك حتمية انتظار ما سيكون عليه شكل الحل وطبيعته والذي يمكن ان يتبلور خلال ستة او سبعة اشهر، الامر الذي يعني ان شكل الحل في لبنان او حتى الاستحقاق الرئاسي قد لا يحمل المعالم نفسها التي يحملها راهنا على رغم اهتمام مختلف الافرقاء بمحاولة تعزيز اوراقهم او امتلاك اخرى حتى ذلك الوقت. فمع ان مصير بشار الاسد يبدو انه تقرر بين واشنطن وموسكو من اجل ان يبقى سنتين اضافيتين حتى 2017، فانه من غير المرجح ان تتخلى ايران عن امساكها بورقة الاستحقاق الرئاسي اللبناني قبل اتضاح موقع ايران من الحل السوري باعتبار انه موقع استراتيجي وبالغ الاهمية بالنسبة اليها على عكس ما قد يكون في اليمن حيث تستخدم دعم الحوثيين للضغط على المملكة السعودية. الامر الثاني والذي لا يقل اهمية يتصل بواقع ما اذا كانت العلاقات بين ايران والمملكة السعودية يمكن ان تتجه الى تخفيف التوتر وربما اكثر، اذ يقول مطلعون انه وعلى عكس الوتيرة المرتفعة من المواقف المعلنة بين الجانبين ، فان ثمة مؤشرات على ما قد يكون معاكسا للاجواء الاعلامية. واعتذار المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي خامنئي قبل يومين عن الاعتداء الذي حصل على السفارة السعودية في طهران يعد مؤشرا مهما يضاف الى المعلومات عن النية لابداء مرونة في موضوع اليمن وتحقيق المملكة الانتصار الذي ترغب في اعلانها الوصول اليه من اجل تشجيعها على الجلوس الى طاولة المفاوضات، اذ لا تخفي مصادر ديبلوماسية غربية ان المملكة لا تجاري الدعوات الى رأب الصدع مع ايران من دون شروط في مقابل الموقف الايراني الذي لا يدعم وجود شروط وفق ما كانت ابلغت ايران بعض الدول الغربية. في اي حال ، ثمة ما يدعو الى البناء على محاولة وضع الامور على السكة انطلاقا من انه يضاف الى هذا العامل ايضا العامل الباكستاني وتدخل باكستان على خط التضامن مع المملكة والرغبة في منع استفادة طهران من حشر السعودية في موضوع الصراع الايراني- السعودي المفتوح. هذه العوامل وحدها تكفي لاعادة موضوع الانتخابات الى دائرة المراوحة التي يدور فيها وما يعنيه ذلك من ان خطوة جعجع قد اتت بمثابة ضربة سيف في الماء وفق بعض المصادر المطلعة على قاعدة مجموعة نكسات او خسائر يمكن ان تترتب عليه وهو يدركها ما دام قد تم تحذيره مسبقا من انعكاسات خطوته ولفته اليه، اذ ثمة اسئلة ترتبت اولا على مبادرة وزير خارجية قطر الى الثناء على خطوة جعجع في حين ان اجواء المملكة السعودية لم تكن توحي باي مرونة ازاء هذه الخطوة التي”لا تغتفر” من وجهة النظر السعودية ، بل بدت من حيث توقيتها نقطة ضعف تتوسل تقديم غطاء عربي بديل من الغطاء السعودي او ربما دافع الى تغييره. وهناك اسئلة ترتبت ايضا على تأثير خطوة تأييد جعجع عون على تحالفاته من ضمن قوى 14 آذار، اذ تعرض هذا التحالف لاهتزاز قوي لا يبدو قابلا للالتئام في وقت قريب . وهو امر قد ينسحب على نحو مماثل على التعاطف والدعم اللذين كان يحظى بهما جعجع تبعا لذلك لدى الدول العربية بتأثير من الدعم داخل الطائفة السنية والذي كان زاد بعد دعم تأييد فرنجيه.

“خطوة جعجع” خربطت كل الحسابات.. “التريث والتهيب” سيدا الموقف عند الجميع
الأنباء الكويتية/23 كانون الثاني/16
يوما بعد يوم تتضح أهمية ما حدث في معراب وأثره المباشر على الملف الرئاسي وعلى الخارطة السياسية، ويتبين أن “خطوة جعجع” أو “العملية الإنقلابية” السياسية التي قام بها ضد إتفاق “الحريري – فرنجية”، (وتذكر بعمليات مماثلة ولكن بطرق عسكرية قام بها قبيل الطائف ضد الإتفاق الثلاثي بين بري وجنبلاط وحبيقة عام 1985، والإتفاق الأميركي – السوري على مخايل الضاهر للرئاسة عام 1988)، والتي نقلت جعجع من ضفة “الخاسر الأكبر” فيما لو إنتخب فرنجية ، الى ضفة “الرابح” سواء إنتخب عون أم لم ينتخب.
“خطوة جعجع” فاجأت الجميع من حيث لم يتوقعوا ولم ينتظروا، و”خربطت” كل الحسابات ولو إلى حين. وهذا ما يفسر حالة “التريث والإرباك وتهيب الموقف” التي يتساوى بها الجميع بعد “إعلان معراب” واتفاق “عون – جعجع” الرئاسي، والتي يجري التعبير عنها بطرق مختلفة:
– “حزب الله” بإلغاء الإجتماع الأسبوعي لكتلته النيابية تفاديا للإحراج، ذلك أن تجاهل المعطى المسيحي الجديد سيعد إشارة سلبية، فيما اتخاذ الموقف يحتاج الى دراسة عميقة ومتأنية، لأن المسألة لا تتعلق فقط بالمفاضلة بين حليفين مرشحين للرئاسة وإنما بالإطار السياسي الذي يحيط بهذين الترشيحين والتوقيت الإقليمي غير المناسب، إضافة الى الدقة التي تتطلبها إدارة التناقضات والتوازنات اللبنانية.
– تيار “المستقبل” بتفادي الترشيح العلني والرسمي للنائب سليمان فرنجية ، رغم الإلتزام السياسي به والإشارات التي تؤكد المضي بهذا المسار حتى النهاية مادام هو مرشحا ومادامت التغطية الإقليمية متوافرة. وإذا كان “المستقبل” واجه بعد لقاء باريس (ترشيح فرنجية) وضعا داخليا مربكا نجح في استيعابه، فإنه يواجه بعد لقاء معراب (ترشيح عون) وضعا مفككا داخل “14 آذار” ومهمة صعبة في عدم الوصول الى حافة الإنهيار. وسيكون عليه أولا إعادة النظر في الإدارة السياسية للملف الرئاسي بعدما انكشف الأمر في “مبادرة الحريري” عن ثغرات في الإعداد والإخراج والتسويق. وسيكون عليه ثانيا انتظار الوجهة النهائية لموقف حليفيه بري و جنبلاط.
– رئيس مجلس النواب نبيه بري ، بإلتزام الحذر والتقنين الشديد في الكلام السياسي والإكتفاء بإعداد الأجواء لإستئناف مسلسل جلسات الإنتخاب ، التي لا تعقد لأن إتفاق عون – جعجع ليس كافيا لإنتخاب الرئيس.
– حزب “الكتائب”، بالتروي والإكتفاء بمشاورات تنتج موقفا يتجاوز الترشيحات والأشخاص، ولا تنتج قرارا يحسم الإختيار بين فرنجية و عون . فـ”الكتائب” محرجة أيضا لأن مصلحتها السياسية و”السلطوية” مع وصول فرنجية الى قصر بعبدا، فيما بيئتها السياسية معنية بالإتفاق المسيحي، وهي مدركة أهمية موقفها في ترجيح الكفة المسيحية سياسيا وحتى نيابيا.
– الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بإعادة تموضع وتنفيذ استدارة جزئية سحبته من “دائرة فرنجية” من دون أن تضعه في “دائرة عون”. جنبلاط كان أرجأ اجتماع كتلته النيابية وقيادته الحزبية لأيام بانتظار ما سيعود به موفده الوزير بو فاعور من السعودية. وبعدما كان وعد بإعلان “قرار”، اكتفى بإصدار بيان جرت صيغته بدقة متناهية وجاء مدروسا في إشاراته السياسية التي تعني أن جنبلاط عاد الى المربع الأول، “مربع ترشيح النائب هنري حلو”، وتموضع بطريقة تبقي “خياراته مفتوحة” وقابلة للتكيف مع كل الاحتمالات والتغييرات.
وعبر البيان الجنبلاطي عن الترحيب “بالتقارب الحاصل بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، معتبرا أن “المصالحة المسيحية ـ المسيحية هي خطوة مهمة على مستوى تعزيز مناخات التفاهم الوطني، وتستكمل المصالحة التاريخية التي حصلت في الجبل سنة 2001 وطوت صفحة أليمة من صفحات الحرب الأهلية”.
غير أن البيان أكد رئاسيا “الإستمرار في ترشيح النائب هنري حلو الذي يمثل خط الاعتدال ونهج الحوار”، مبديا في المقابل تثمين خطوة ترشيح رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية بإعتبارها “تشكل مخرجا من الأزمة”، ومشيرا في الوقت عينه إلى أن ترشيح عون “يلتقي أيضا مع المواصفات التي تم الإتفاق عليها في هيئة الحوار الوطني ، مع التأكيد على أن هذه المواصفات لا تلغي دور المعتدلين في الحياة السياسية اللبنانية”.
هذا البيان أرضى كل القادة الموارنة ولم يغضب أحدا: فرنجية يفهم على جنبلاط ويتفهم هذه الصيغة الملتبسة على طريقة الغموض البناء. وعون سارع الى تلقف ما يعنيه ويتعلق به بالبيان واتصل بجنبلاط شاكرا وممتنا. وجعجع ثمن الموقف معتبرا أن وليد جنبلاط ميثاقي بطبعه.
يستدل من مجمل المواقف الرئاسية أن الجميع متريثون متهيبون للموقف ويتصرفون من خلفية أن جلسة 8 شباط ليست جلسة إنتخاب ، وأن الإستحقاق الرئاسي لم يحن أوانه بعد ويخضع لمؤثرات وإستحقاقات تبدأ من القمة الفرنسية – الإيرانية وتمر بتطورات الملف السوري ميدانيا وتفاوضيا، وتنتهي مع إنطلاق سباق الإنتخابات الأميركية التي تضع إدارة أوباما في “غيبوبة” بدءا من الصيف المقبل.