علي الحسيني: العمالة والإرهاب وجهتا نظر في قاموس حزب الله/علي رباح: سماحة الى الحرية هيك بدو بشّار والسيّد/علي الأمين: إطلاق ميشال سماحة: قادة 14 آذار هم المسؤولون/علي حماده: المحكمة العار

272

العمالة والإرهاب «وجهتا نظر».. في قاموس «حزب الله»
علي الحسيني/المستقبل/16 كانون الثاني/16
يبدو أن العمالة والإجرام في قاموس «حزب الله» وممارساته، يخضعان لمنطق الشتاء والصيف تحت سقف واحد وبالتالي تحوّلا إلى وجهتي نظر بحيث يُمكن أن يُصبح الشخص في الأولى «مقاوماً« وفي الثانية مظلوماً. وحكاية الحزب مع العملية الحسابية هذه، ليست وليدة الأمس، إنما تعود للعام 2000 يوم تحوّل العديد من العملاء لإسرائيل إلى مقاومين وأصحاب مراكز قرار في البلديات وغيرها. بعد إعلان تخلية سبيل المجرم ميشال سماحة أمس الأوّل، وبعد صدور ردود فعل عفوية من معظم اللبنانيين مستنكرة هذا الإخلاء، انبرى قائد «فيلق» الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ليُدافع عن خروج ناقل المتفجرات بالقول «إن التصريحات الصاخبة والمبرمجة التي تعترض اليوم على قرار إخلاء سبيل سماحة، ليست إلا تعبيراً عن النكد والكيدية والإستنسابية التي ما انفك فريق المصرحين اليوم يمارسها في السلطة وفي التعاطي مع القضاء والإدارة والمال العام من دون أن يرف له جفن لأصوات المعترضين على الظلم والفساد والهدر وسوء الاستخدام للنفوذ والحكم«. جعل «حزب الله» من المحكمة العسكرية «مزحة» أو طرفة يتداولها اللبنانيون في أحاديثهم اليومية بعدما ثبّت الاستنسابية في أحكامها التي أصبحت تُطبق على قاعدة، هذا ابن ست، وذاك ابن جارية. فبعد مهزلة الأحكام التي كانت طُبقت على عدد غير قليل من العملاء الذين تعاونوا لسنوات طويلة مع العدو الإسرائيلي ونكّلوا بأهل الجنوب ثم خرجوا بعد أشهر بكفالات مالية، ها هو الحزب يجعل من القضاء العسكري مجدداً، أضحوكة وألعوبة بيده بعد فضيحة خروج سماحة الذي كان قد اعترف قبل ثلاث سنوات بالصوت والصورة بالإتيان بمتفجرات من دمشق لتنفيذ عمليات اغتيال في لبنان تستهدف خصوصاً رجال دين سنّة، الأمر الذي يُشكّل دليلاً آخر على هيمنة هذا الحزب على القرار العسكري والسياسي والأمني والقضائي في لبنان. «حزب الله» الذي أصبح يُهيمن بشكل لا لبس فيه على معظم مؤسسات الدولة منها الأمنية والعسكرية، لم يكترث منذ أن حلّ على أرض لبنان للمخاطر والتحديات التي تتهدد لبنان واللبنانيين من جرّاء ممارساته المتفلتة من الضوابط القانونية والأخلاقية، وآخرها تدخلاته وممارساته الفاضحة التي ضغط من خلالهما للإفراج عن حليفه المجرم. وفي هذا السياق تؤكد مصادر قضائية لـ»المستقبل» أن «خطوة إطلاق سماحة غير المحسوبة لجهة نتائجها العكسية السلبية، حتماً ستزيد من حالة الاحتقان الطائفي في لبنان، لا سيما وأن القضاء العسكري أصبح مُتهماً وبالأدلة الملموسة وذلك من خلال الأحكام التي تصدر عنه، يكيل بمكيالين إزاء فئة محددة من اللبنانيين». «الوضع الذي هو عليه اليوم القضاء العسكري في لبنان، لم يعد مقبولاً الاستمرار به«، تؤكد المصادر نفسها، ولذلك هي تعتبر أنه «بات من الضروري تغييره وإرساء منظومة قضائية تكرس فعلياً مفهوم العدالة، بعيداً عن أي ضغوط أو مزايدات سياسية لا سيما تلك التي يعتمدها «حزب الله» منذ العام 2000»، مضيفة: «لطالما أثار القضاء العسكري اللبناني جدلاً كبيراً، بسبب قراراته، التي عادة ما تنتصر لمقربين من النظام السوري والحزب، حتى في وجود كم من الاثباتات التي لا تقبل الدحض، وهناك العديد من الأمثلة في هذا الإطار أقلها في ما يتعلق بقضية العميل فايز كرم الذي اعترف بتخابره مع العدو الإسرائيلي إلا أن المحكمة العسكرية ارتأت سجنه مدة عامين فقط». تعليق وزير العدل اللواء أشرف ريفي على تخلية سبيل المجرم سماحة بالقول «مرة جديدة، أجد نفسي مضطراً لأن أنعى المحكمة العسكرية. مرة جديدة، أجد نفسي مضطراً لأن أنعى للشعب اللبناني هذه المنظومة القضائية الاستثنائية بكافة درجاتها«، تُضيف عليه المصادر القضائية نفسها بأن «هفوات القضاء العسكري اللبناني المستمرة تضفي مزيداً من عدم الثقة لدى المواطن اللبناني في نزاهة أجهزة الدولة ومؤسساتها«.

سماحة الى الحرية.. «هيك بدو بشّار والسيّد»
علي رباح/المستقبل/16 كانون الثاني/16
إخلاء سبيل الإرهابي ميشال سماحة لم يكن مفاجئاً، وهو ليس حالة جديدة في بلد تحكمه سياسة «الأمر الواقع« كممارسة يومية منذ سنوات، لكنه حمل جديداً، أقله من حيث التوقيت وفجاجة الرسائل المُراد ايصالها. قرار المحكمة العسكرية بإخلاء سبيل سماحة، المُعترِف بنقل العبوات من سوريا الى لبنان، لم يكن الأول ولن يكون الأخير. فعندما يصدر «التكليف السياسي« من حزب لا يرى في لبنان إلّا امتداداً لإيران ومشاريعها، يصبح كل «حليف إلهي« مُتّهم بـ«الإرهاب«، بريئاً، حتى لو ثَبُتَ العكس. قالها الأمين العام لـ«حزب الله« السيّد حسن نصرالله سابقاً: «نحن لا نتخلى عن حلفائنا«. وعده كان صادقاً. أطلق سراح سماحة كما أطلق وحمى الكثيرين من قبله. ها هو العميل فايز كرم خرج من السجن محمولاً على الأكتاف. وها هو قاتل الشهيد سامر حنا، ما لبث ان أُوقف بتهمة القتل حتى خرج في ليلة ما فيها ضو قمر. وها هو رفعت عيد، المتّهم بتفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، يسرح ويمرح امام أعين القوى الامنية ويطل على شاشة المنار للتحدّث في السياسة. وها هو شاكر البرجاوي، المطلوب بمذكرات توقيف، يجلس في الصفوف الامامية في خطابات «سيّد المقاومة«.. و«مش فارقة معه حدا«!
خرج ميشال سماحة من السجن. وصل الى منزله محاطاً بالأصدقاء والأهل. جلس على أريكته ضاحكاً منتصراً. لم يتحدّث مطوّلاً. اكتفى بالتأكيد على انه سيتابع عمله السياسي بشكل طبيعي، وطالب بألا يحمي احد مسلّحي «داعش«. يحتاج الأمر الى استعادة المنطق الارسطي لكشف حقيقة التصريح. في المقدمة الكبرى، يقول سماحة انه سيتابع عمله بشكل طبيعي (ربما عمله بنقل المتفجرات). المقدمة الصغرى، ان «تنظيم داعش يشكل خطراً«. فهل هي مقدّمة لتفجير عبوات سورية، ينقلها سماحة أو غيره، فتُلصق التهمة لاحقاً بتنظيم داعش الارهابي، صاحب «الجسم اللّبيس«؟ وماذا لو كانت عبوات سماحة- مملوك قد وصلت بالفعل الى اهدافها؟ هل كان سيخرج على اللبنانيين «رجل مقاوم« ليتّهم «داعش« بـ«التفجيرات الإرهابية«؟ واذا كان سماحة اعترف بلسانه بأنه نقل المتفجّرات، فما المانع من ان يكون العديد من العبوات التي زُرعت وحصدت عشرات اللبنانيين طوال سنوات، تابعة للمصدر نفسه الذي يوهم العالم بأنه «يحارب الارهاب«؟
ازدواجية المعايير المتمثّلة بـ«محاربة الارهاب ودعمه في الوقت عينه«، ليست جديدة على محور الممانعة. هل تساءل الجمهور لماذا ترافع «حزب الله« دفاعاً عن عمر بكري فستق، المتهم بالانتماء الى تنظيم القاعدة،ثم أوكل الى احد المحامين المقربين منه الدفاع عن نائب امير «كتائب عبد الله عزام« جمال دفتردار؟! هل يذكر الجمهور شاكر العبسي، زعيم تنظيم «فتح الاسلام« الارهابي الذي اطلق النظام السوري سراحه باتجاه لبنان ليعلن امارته الاسلامية في الشمال اللبناني ؟! هل يذكر الجمهور مَن وضع يومها «الخطوط الحمر« بوجه الجيش اللبناني في «نهر البارد«؟! لا بأس. سيخرج من يقول بأن نصرالله، حامل راية القضية الفلسطينية، كان يخشى على حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيّم! لكن هذا الحزب نفسه يحاصر اليوم مخيّم اليرموك في دمشق ويمنع عنه حتى الهواء ! هل سمع الجمهور بـ«سمير خليفاوي« الملقّب بـ«حجي بكر« ؟! هل قرأ الجمهور ما كتبه ضباط في الدول الغربية، وبينهم ضابط سابق في الاستخبارات الاميركية يدعى مايكل بريجينت، حول استخدام ايران والنظام السوري لتنظيم «داعش« الارهابي كذريعة لتقديم نفسيهما كضمانة ضد هذا التنظيم المتطرف؟! سيخرج ايضاً من يقول بأن هؤلاء الضباط هم مجموعة من جهاز «الموساد« الإسرائيلي، وبأن الوثائق المسربة، والمليئة بالجداول والنصوص والتفاصيل الاستراتيجية الذي وضعها «حجي بكر« لارساء دعائم «داعش« خدمة لنظام الاسد، هي من فبركات «الموساد« ايضاً. لكن هل أمر «الموساد« نوري المالكي والاسد باطلاق سراح آلاف الإسلاميين المتطرفين من سجنَي ابو غريب وصيدنايا لضرب الثورة؟ حتى ان الميدان السوري، وتحديداً جبال القلمون، شهدت سابقاً، هجوماً شنّه تنظيم «داعش« الارهابي على فصائل المعارضة السورية، وفجّر مخازن اسلحة لـ«جيش الفتح« تزامنا مع تقدم «حزب الله« على محور الجبة-عسال الورد. كما ان «داعش« الارهابي، وصل الى اليرموك والغوطة عبر طرق ومعابر لا وجود فيها إلّا لقوات النظام و«حزب الله«، دون ان تطلق رصاصة واحدة عن طريق الخطأ! لا بأس، فكل ذلك فبركات تهدف للنيل من المقاومة وصمودها بوجه المشروع «الصهيو- تكفيري«.
الحكم بإخلاء سبيل مسؤول سياسي اعترف بنقل المتفجرات من سوريا الى لبنان بهدف اغتيال شخصيات سياسية ودينية وإحداث فتن مذهبية وطائفية، أعاد الى الواجهة الحديث عن المحكمة العسكرية ومهامها. فالقرار بإعطاء امتيازات للقضاء العسكري، والتي تشمل محاكمة مدنيين، جاء في ظروف نزاع اهلي، وتمدد القرار اثناء الحرب الاهلية. لاحقا، استغلت الوصاية السورية هذه المحكمة وامتيازاتها لتمسك بها كما تريد، ويبدو انها ما زالت ممسكة بها.هذه الامتيازات غير المشروعة للمحكمة العسكرية لا تنسجم مع حقوق الانسان والنظام الديمقراطي في لبنان. فالقضاء هذا غالبا ما يُستخدم بشكل انتقائي واستثنائي خدمة للأقوى، كما يحدث اليوم، وليس لحماية الامن والمواطن، ما خلّف شعوراً بالاضطهاد لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وساهم في صناعة الارهاب بدلا من ان يكون اداة حقيقية لمكافحته. اضافة الى ذلك، فالمحكمة العسكرية الاستثنائية، تُعتبر احدى الصور البشعة والقمعية لانظمة الطوارئ وللانظمة التوتاليتارية اما دساتير الانظمة الديمقراطية، فتمنع ذلك. والمستغرب ان يشهد لبنان، اول ديمقراطية في العالم العربي، توجهاً نحو العسكريتاريا في الوقت الذي نشهد ثورات تهدف الى الغاء انظمة الطوارئ في الانظمة العسكرية نفسها.
هناك ميشال سماحة واحد تم ضبطه بالجرم المشهود. ميشال سماحة واحد عرف اللبنانيون بعد عمر طويل من اي قبوٍ تدرّج ليصبح وزيراً، وكيف كان اسمه يهبط بالبراشوت على اللوائح. ميشال سماحة واحد يظهر ككل الناس المحترمين بربطة عنق «سينييه« ويتحدث مثل الناس المثقفين «بتوع المدارس«، ثم يأوي إلى بيته في المساء وفي صندوق سيارته، التي اتسعت ذات زيارة الى قصر المهاجرين لـ«حمارين«، متفجرات تكفي لقتل لبنانيين أكثر من الذين قتلتهم اسرائيل في قانا. ميشال سماحة واحد شاهد الناس بأم أعينهم ماذا يحوي صندوق سيارته. ميشال سماحة واحد كان يجلس بجانب نصرالله في مهرجانات الممانعة ويضع على كتفه «الكوفية« الفلسطينية «لزوم الشغل«! ميشال سماحة واحد أدخل متفجّرات الى لبنان لأن «بشار هيك بدو«، قالها سماحة بلسانه. ومن ثم أُخرج من السجن لأن «السيّد هيك بدو«، يقول مصدر قضائي مطلّع على الملف.

إطلاق ميشال سماحة: قادة 14 آذار هم المسؤولون
علي الأمين/جنوبية/ 14 يناير، 2016
لكثيرين ربما لم يكن مفاجئاً قرار اخلاء سبيل ميشال سماحة. لم يكن مفاجئاً كون الدولة في لبنان، وأعني دولة القانون والمؤسسات، هي في مرحلة انهيار مريع، يطال فكرة الدستور والقانون، ويطال موقع الرئاسة الأولى، وقد بات، بمنطق القوة والتشبيح، أسير قبضة من ينافي وجودهم تطبيق الدستور والقانون، بل فكرة وجود الدولة بكل مترتباتها وشروطها. رغم ذلك فإنّ اللبنانيين، خلال يومياتهم العادية وفي كل ما يقومون به، يدركون أنّ ثمة دولة ينتمون إليها تختفي لصالح سلطات ميليشيوية وقوى مافياوية تسرّبت إلى كل مفاصل السلطة والمؤسسات العامة وباتت تفرض قوانينها القائمة على منطق القوة. قوة الميليشيا وقوة العقلية الميليشيوية التي باتت تسيطر على الفضاء العام والأملاك العامة والحياة العامة. فقد شهد لبنان خلال السنوات العشر الماضية أكبر عملية مصادرة لما تبقى من الدولة. كانت بداياتها مصادرة المشاعات والأملاك العامة، وأيضاً وقطاع الكهرباء، عبر تحميل اللبنانيين كلفة تدمير هذا القطاع واستثمار تدميره في أشكالٍ لا تخفى على مواطن وصل به الحال إلى أن يذهب نحو سارقه صاغراً وشاكراً. قبل يومين انتبهنا إلى المطار. الرقابة سيئة والأمن ضعيف والغرب متخوّف من عمليات إرهابية تتخذه منصة، كما حصل في مصر بالطائرة الروسية. وإذا كان اللسان يقول “داعش”، فإنّ المقصد هو حزب الله، الذي يسيطر على المطار.
القضاء ليس أفضل حالاً. وكيف يكون القضاء طبيعياً في بلد تسيطر عليه الميليشيات. لو كان القضاء طبيعياً لسجن قادة الميليشيات ولنشر قوّة الدولة في مفاصلها. القضاء لن يستطيع استنقاذ العدل المستباح. فالسلطات الميليشيوية تعرف كيف تحاصره وتبتزّه، وتجعله طيّعاً فيما يعنيها من أحكام، وتترك له الهامش من العدل فيما لا يضرّها. مأساة القضاء تشبه مأساة الدولة، صورته ليست أفضل حالاً، ولكن سيظلُّ في هذا القضاء من يناضل من أجل إبقاء كلمة العدل تنبض، ولو بصعوبة، وتتنفس ولو كانت مخنوقة.
إذا كان هذا حال السلطة القضائية في القضاء المدني أو الشرعي، فما بالك بالقضاء العسكري. يكفي أنّ هذا القضاء تعامل بخفّة وتواطؤ في قضية ميشال سماحة، الذي لا تزال اعترافاته تهزّ كيان أيّ انسان سوي. وإذا ما قوبلت بأحكام تصدر بمن أُلصقت به تهم الإرهاب – وما أكثرهم هذه الأيام – لوجدنا أنّها متشدّدة بلا هوادة مع من لا ظهر ميليشياويّ لهم. منهم سجناء إسلاميون في رومية، ممن قبعوا، ولا يزالون، بلا أحكام لسنوات طويلة. والشواهد كثيرة، خصوصاً من أبناء الشمال وعكار، حيث كان سماحة يخطّط لقتل العشرات بل المئات من دون أن يرفّ له جفن. هكذا كان في الفيديوات التي شاهدها اللبنانيون وسمعوا منه عن خبرة القتل لديه. كلّ هذا ما كان ليحصل لو لم تكن ضعيفة القوى المخاصمة لحزب الله والنظامين السوري والإيراني. أليست قوى 14 آذار مجبرة اليوم على مصارحة شارعها لماذا سكتت حين حكم على ميشال سماحة بأربع سنوت ونصف السنة فقط، في حين كان يجب أن يحكم بالمؤبد أو الإعدام؟ ألم تسكت هذه القوى حين خرج حرّاً طليقاً قاتل الضابط في الجيش اللبناني سامر حنّا؟ أيضاً: ألم تسكت هذه القوى حين استعمل القضاء العسكري لإهانة الشيخ حسن مشيمش وسجنه من سوريا إلى لبنان فقط لأنّه معارض لحزب الله. هذا في حين لا شبهة جدّية في ملفّه، بل اتصال غير مقصود أبلغ به حزب الله قبل سنوات من توقيفه. وقد رفض المثول كشاهد ذلك الرجل الذي أخبره الشيخ مشيمش عن الاتصال غير المقصود برجل غريب في زيارة إلى ألمانيا. وأين كان هذا القضاء في اغتيال هاشم السلمان أمام عيون جنود الجيش فقط لأنّه يعارض حزب الله داخل الطائفة الشيعية. وملف التحقيق فارغ حالياً، وكذلك النية في الإقتصاص من القتلة.
قادة 14 آذار مسؤولون، بسبب ضعفهم أو بسبب استحسانهم موقف شاهد الزور على انهيار الدولة مقابل فتات الأمان الوهمي، أو بسبب قوّة حزب الله، أو لأيّ سبب آخر. لكنّ ميشال سماحة لم يكن في منزله اليوم لو أنّ هذه القوى كانت حازمة وحاسمة. وما زال هناك متّسع من الوقت، لكن ليس لوقت طويل. رحم الله وسام الحسن ومبروك للممانعة “إنجازها الأخلاقي”.

 

المحكمة العار
علي حماده /النهار/16 كانون الثاني 2016
أقل ما يقال عن هيئة التمييز في المحكمة العسكرية التي أخلت سبيل ميشال سماحة انها عار على القضاء وعلى القوى الامنية من جيش وقوى امن واجهزة، وعار على لبنان وعلى جبين كل لبنانية ولبناني. وأعضاء الهيئة المؤلفة من قاض واربعة ضباط يجسدون برضوخهم لسلطة “حزب الله” والنظام السوري، العار الذي نتحدث عنه. فإطلاق ميشال سماحة خطيئة كبرى، وأصحابها، أي القضاة، شركاء في جريمته وجبت محاسبتهم لأنهم متواطئون مع الجريمة والمجرمين ومع من يحمون سماحة وامثاله. واستتباعا، فإن القضاة هؤلاء الذين اجمعوا على مكافأة الجريمة الوطنية الكبرى، والارهاب الموصوف، والعمالة لنظام قتلة الاطفال، أسقطوا بفعلتهم هذه المحكمة العسكرية، ودمروا صدقيتها، فما عاد من الممكن الركون الى عدالتها المفترضة. ففيما يرزح عشرات الموقوفين في السجون العسكرية منذ أعوام طويلة في انتظار بت قضاياهم أمام القضاء العسكري، نجح القضاة الخمسة في تظهير أقبح صورة لعدالة انتقائية، خاضعة لسلاح الغدر والجريمة المنظمة، ونجحوا في دفع الشرفاء في البلد، للمرة الثانية بعد فضيحة اطلاق قاتل الرائد سامر حنا وطمس قضيته، الى رفض القضاء الاستثنائي الذي لا يشرف أحدا في لبنان.
بعد هذه الفضيحة المدوية، ما العمل؟
أولا – مع انه مبرم قانونا، يجب رفض الحكم وتصعيد الحملة على قضاة المحكمة لتدفيعهم الثمن الذي ألحقوه بشرف العدالة والبذلة التي يلبسونها. ومطلوب ان يتصدر الحملة رئيس الحكومة تمام سلام والقادة الاستقلاليون كافة، بمن فيهم وليد جنبلاط.
ثانيا- ان يبادر وزير العدل اشرف ريفي الى التحرك مع القضاء المدني لايجاد الثغر التي يمكن من خلالها تعطيل الحكم العار، وذلك من خلال احالة ملف سماحة على المجلس العدلي.
ثالثا- المبادرة الى تقديم مشروع قانون لتعديل اختصاص المحكمة العسكرية لتحصر بمقاضاة العسكريين. علينا أن ننهي هذه المهزلة المسماة “محاكم الاستثناء”.
رابعا- استفادة قوى 14 آذار من هذا الدرس لتدرك قياداتها ان معركة الحرية والاستقلال والسيادة لم تنته، وان ما حدث في المحكمة العسكرية هو عينة لما سيكون عليه حكم سلاح الغدر إذا ما استكمل سيطرته على البلاد، والاستقلاليون غافلون. لذا مطلوب من القادة الذين فرقتهم في الآونة الاخيرة السياسات القصيرة النظر ان يعودوا الى “ثورة الارز” روحا وعملا. وهذا الامر ينطبق على الموقف من الاستحقاق الرئاسي. خامسا- تبقى مسألة غاية في الاهمية: البحث عن الجهات المشتركة والمتدخلة مع هيئة التمييز في المحكمة العسكرية، لدفعها الى اصدار الحكم العار. وهنا لدينا شكوك في الجهة المشتركة من خلف الكواليس!
تبقى كلمة نوجهها الى سماحة: تستطيع ان تخرج من السجن بواسطة حكم من محكمة العار، ولكن العار سيبقى يلفك أينما حللت ومهما احتميت بأقرانك في الجريمة والارهاب، هنا أو في سوريا.