سيمون ابو فاضل: احياء لمبادرة نصرالله بانتخاب عون/حميد غريافي: مخاوف من عودة الأجهزة القمعية إذا انتخب فرنجية رئيساً للجمهورية

497

احياء لمبادرة نصرالله بانتخاب عون
سيمون ابو فاضل/الديار/13 كانون الأول/15
بات بامكان كل من رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل تبادل التهاني لسقوط التسوية الرئاسية بين رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
اذ شكل استمرار عون على قراره بالترشح، المواجهة الاساسية له، بعد ان تمترس بدعم حزب الله لاي خيار يتخذه، لذلك فإن التسوية الرئاسية ستدخل في سبات عميق وستطغى عليها تطورات اقليمية وداخلية حتى توفر ظروف موضوعية لمبادرة او تفاهم لاحق، وحتى حينه لا يحمل المشهد تبدلا لكون جنرال الرابية مستمر في ترشحه معززا بوقائع ميدانية سياسية في سوريا من شأنها ان تسهل له الوصول الى بعبدا، وفق تفاهم مختلف عن الذي حصل بين الحريري وفرنجية، فهو سيحصل في ظل توازنات لمصلحة الممانعة ووفق المنطق السائد بين امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وبين عون، اذ يكون عندها التفاهم عملا بمندرجات التسوية التي طرحها الاول وضمّنها بنود متتابعة.
ويتسلح عون بعدم امكانية مواجهته سياسيا من قبل الحريري ورفضه له للرئاسة، بعد أن عقد تسوية مع فرنجية كصديق شخصي للرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك لكونه معززا بعلاقة جيدة مع جعجع، بما من شأنه أن يسقط الفيتو الذي كان مرفوعا في وجهه سابقا من قبل قوة داخلية واقليمية أسوة بالسعودية، التي لا تحبذ دخوله بعبدا، والتي من الممكن ان تبدل موقفها بعد مواقف عدة لتكتل التغيير والاصلاح أكد فيها تمسكه باتفاق الطائف وحرصه عليه في رسالة واضحة أن الرابية ملتزمة بالصيغة السياسية الحالية التي يترجمها الدستور الحالي، لناحية الصلاحيات المتباينة الحجم بين دائرتي القرار التنفيذي الموزعين بين قصر بعبدا والسراي الكبير.
وان كان رافضو التسوية قد يجدون استحالة في تأمين البديل بسهولة عن «غريمهم» في النادي الرئاسي فرنجية، بعد إغداق الثناء على شخصه ومواقفه في السابق ، فإن من الصعب ان ينتقل عون من رفضه لرئيس المردة وهو حليف له في 8 اذار نحو مرشح من خارج هذا «اللوبي» لكون كل من عون ـ جعجع وجميل ملزمون تجاه المجتمع الدولي بالتفاهم على مرشح يلقى دعم الاقطاب الاربعة. فليس من السهل ان ينتقل عون سياسيا من رفضه حلاً في المدى القريب ليلاقي القوات والكتائب على رئيس محتمل، وعليه يرى المراقبون مرحلة الركود الحالية ستكون حقبة انتقالية لمسارين على الخط الرئاسي وفق التالي:
اولا، تفاهم جديد بين الحريري وسائر القوى في مقدمهم عون تحت سقف مبادرة نصرالله وفي طياتها المباشرة توازنات الحكومة المقبلة وقانون انتخاب يعتمد النسبية يؤدي الى «تقليص» الكتلة النيابية لكل من الحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بحيث يفقدا في المستقبل قدرة التحكم في الحياة السياسية، استنادا الى الواقع الذي هما عليه حاليا، خصوصا ان التسوية السورية قد تفرض مع السنوات رئيسا سوريا من الطائفة السنية وهو سينعكس زخما على هذه الطائفة في لبنان، ولذلك فان حزب الله لن يرتاح الى هذا الواقع في ظل المشهد السني الجديد في المنطقة، ويميل الى تأمين حماية طبيعية له من خلال واقع نيابي جديد لا يجعل رئيس الحكومة المستقبلي في موقع قوة. وهو الهاجس الذي يدفع حزب الله للحفاظ على تحالفه مع التيار الوطني الحر كمدى مسيحي له على الساحة اللبنانية في موازاة الحجم السني والتباعد الدرزي تجاهه، بحيث لا يخسر الشريك المسيحي، وينعزل في بيئة سنية مترامية الاطراف ويغرق في البحر السني في المنطقة.
ثانيا، الانتقال في مرحلة لاحقة لمواكبة التسوية السورية وما يواكب تغيرات نظامها، نحو مسعى في اتجاه اللائحة الرئاسية الذهبية التي تضم قائد الجيش اللبناني جان قهوجي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير الاسبق جان عبيد، لكون هؤلاء يستوفون شروط الدخول الى بعبدا من زاوية مغايرة لحسابات الاقطاب الاربعة، لا بل عندما تحين الساعة وتدخل ايران على خط تسوية دولية اقليمية و تقنع العماد عون اذا ما أراد التجاوب معها، اذ عندها فان قوة الرفض للاقطاب الاربعة لاي مرشح من داخل اللائحة الذهبية، لن يكون على ما كان سابقا وحاليا تجاه زميلهم فرنجية ، فالعماد عون يفقد قوة رفضه وصول العماد قهوجي الى قصر بعبدا اذ كانت الظروف الدولية تقتضي توليه سدة الرئاسة، لملاقاة حركة التحالف الدولي في مكافحة الارهاب في المنطقة، بعد ان يكون حزب الله سلفه ازاح له فرنجية مع ما رتب الامر في الحسابات الاستراتيجية من مراعاة شخصية، وكذلك لا يكون باستطاعة جعجع رفض وصول عبيد الى رئاسة الجمهورية بعد موقفه الاخير من التسوية الرئاسية بتفهم سعودي لموقفه، وكذلك لا يكون باستطاعة الاقطاب الاربعة وضع مطبات أمام انتخاب سلامة رئيسا للبلاد اذا ما كانت الظروف التي تشهدها المنطقة تتطلب «بروفيل» سلامة الاقتصادي والمطمئن لهذا النظام اللبناني.
من هنا فان الاقطاب الاربعة يلعبون اوراقهم الاخيرة، كل من موقعه، وان كان المسيحيون ليسوا وحدهم صانعي القرار في هذا الاستحقاق، لكن منطق الرفض بالمطلق على غرار ما حصل في العام 88 من قبل عون وجعجع لكل من سليمان فرنجية وميخائيل الضاهر، من دون ايجاد بديل، لم يعد مقبولا لدى المجتمع الدولي، وكذلك تجربة الـ92 بمقاطعتهما الانتخابات من دون مشروع مستقبلي كذلك بات مرفوضا في الكواليس الدولية وغيابهما عن مواكبة التحديات الاقليمية والداخلية من خلال تلهيهما بمزايدات مسيحية كما حصل ابان جلسة تشريع الضرورة، فيما المياه سالت من تحت اقدامهما، وتوصل الحريري وفرنجية الى تفاهم، هو امر يدفع الى استنفار القوى الاخرى في البلاد لاخراجها من الفراغ الرئاسي.
والى هذه الاسماء تتداول أوساط بكركي بمرشحين على غرار الوزير الاسبق زياد بارود والمهندس نعمة فرام، وآخرين ممن تعاقبوا على المؤسسات المارونية وفق منطق يدفع اوساط دبلوماسية غربية للقول انه متى حانت الساعة، فالمفترض ان يكون المسيحيون في حالة جهوزية ويقظة لانتاج رئيس من صفوفهم، ويشكل تفاهمهم عليه قوة له وزخماً لانطلاقة عهده ملمحة الاوساط الى انه على القوى المسيحية ان تبدأ بالعد العكسي لتقديم رئيس الى الشركاء في الوطن لان الفراغ هذا يضرب منظومة المؤسسات، ويفقد ثقة المسيحيين بدولتهم، ويفرض عليهم الرئيس بتفاهم دولي إقليمي.

 

مخاوف من عودة الأجهزة القمعية إذا انتخب فرنجية رئيساً للجمهورية ومسؤول فرنسي في الاليزيه: مبادرة الحريري لن ترى النور وعليه الكف عن المناورات
حميد غريافي/السياسة/14/12/15/يتزايد يوماً بعد يوم رفض اللبنانيين في الداخل والخارج فكرة أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من صنع سوري ومدعوماً من ميليشيات »حزب الله«، وسط انتقادات حادة لرئيس »تيار المستقبل« سعد الحريري الذي يوصف بأنه بات على ما يبدو مدمناً على »احتضان أعدائه وتقبيلهم« بعدما قتلوا والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى طعن حلفائه في ظهورهم. وتخوف رئيس »المجلس العالمي لثورة الأرز« في سيدني جوزيف بعيني من ان »يُصاب رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بلوثة (النائب سليمان) فرنجية، استناداً إلى تصريحاته وخطبه الأخيرة »شديدة الاعتدال والانبطاح«، وهذا ما سيتسبب في تلاشي الوجهين المسيحي والسني اللذين يحيطان به حتى الآن ويدعمانه للرئاسة، كما أن لا عتب على الرئيس السابق أمين الجميل الذي ليس هو أقل تشبثاً بكرسي الرئاسة من ميشال عون، رغم فشله في ادارة الدولة والجيش في عهد رئاسته بمطلع الثمانينات.
وقال بعيني لـ«السياسة« في لندن »إننا نتلقى دورياً اتصالات من قادة سنة في طرابلس وبيروت وصيدا والبقاع، تندد بمبادرة سعد الحريري (بترشيح فرنجية للرئاسة) التي اطلقها فجأة من دون العودة الى اي زعيم في قوى »14 آذار«، وراجع بشأنها بعض قادة المملكة العربية السعودية ولكن من الصف الثاني، من دون الحصول على موافقة من القيادة العليا، إذ أبلغ مسؤولون سعوديون موفدَين لبنانياً وفرنسياً عدم تشجيعهم الحريري على الاستمرار في مبادرته، مقترحين استبدال سليمان فرنجية بابن عم والده النائب السابق سمير فرنجية الأكثر اعتدالاً منه وقبولا لدى عامة اللبنانيين والدول العربية والغربية، وهو من الزعماء اللبنانيين القلائل الذين لم يلطخوا ايديهم بدماء لبنانية او غير لبنانية، كما انه اوسع علما وثقافة من سليمان، خصوصاً ان رئيس »اللقاء الديمقراطي« وليد جنبلاط لن يتردد في اختيار سمير فرنجية فهو صديقه القديم وأحد اركان القوى التقدمية والوطنية خلال الحرب اللبنانية«. وفي السياق نفسه، نسب ديبلوماسي لبناني في باريس الى احد اركان قصر الاليزيه قوله ان »زوارا لبنانيين مدنيين وروحيين سألونا عن موقفنا من مبادرة الحريري بالنسبة لترشيح سليمان فرنجية، كما سألونا عن موقفنا من ترشيح سمير فرنجية أحد اركان ثورة الارز و14 آذار«. وأعرب المسؤول الفرنسي عن اعتقاده ان تكون مناورة أخرى من مناورات الحريري لإعادة لفت النظر اليه استعداداً ربما للعودة »الصاخبة« إلى لبنان، الا انها مناورة لن ترى النور، فالحريري غير قادر على تسويقها لدى حلفائه السعوديين الذين لن يتخلوا بأي حال من الاحوال عن حلفائهم المسيحيين أمثال سمير جعجع وامين الجميل وبطرس حرب وسمير فرنجية. واضاف ان »جعجع والجميل وشمعون وحلفاءهم هم حلفاء تقليديون للسعودية ودول الخليج ومصر من قبل ظهور آل الحريري، وبالتالي فإن أولئك لن يتخلوا عن هؤلاء الحلفاء وعلى سعد ان يبحث عن مناورة أخرى تكون أكثر واقعية ومنطقية تتلاءم ومصالح المملكة في لبنان والمنطقة، خصوصاً انها بحاجة ماسة الى المسيحيين في المستقبل القريب لمساعدتها في لبنان على الخلاص من ايران مادام حليفها السني (الحريري) عاجزاً عن الدفاع عن مناطقه كما اثبتت احداث 7 مايو« 2008.
وتوقع المسؤول الفرنسي المخضرم ان »يقحم سليمان فرنجية اذا صار رئيسا للجمهورية لبنان في حرب مع النظام السوري الجديد الذي بات يقرع أبواب القصر الرئاسي في دمشق، وقد يعمل جاهداً على تغطيس الجيش اللبناني في المعركة ضد ذلك النظام مدعوماً من آلاف مقاتلي »حزب الله«، بحيث قد تتحول تلك المعارك الى حرب اهلية جديدة تكتسح لبنان بكامله«. واعتبر أن اتصال الرئيس فرنسوا هولاند الاسبوع الفائت بسليمان فرنجية »لن يقدم أو يؤخر، وهو اتصال لا يضفي اي شرعية اوروبية او دولية على امكانية انتخابه، مادام ان موارنة لبنان انفسهم لا يمنحونه هذه الشرعية حتى ولو تم انتخابه«.
من جهتها، أبدت مرجعية روحية لبنانية تزور باريس راهناً »مخاوف كبيرة«، حسب قولها، من أن »وصول سليمان فرنجية بالفعل الى كرسي الرئاسة الاولى قد يعيد الى البلاد الكابوس الامني الذي رزح تحته خلال عهد الاحتلال السوري، فيأتي بالضباط الاربعة (الذين اعقلوا اشتباه بضلوعهم في اغتيال الحريري) المنبوذين من الجميع ليحيط نفسه بهم ويستخدمهم في محاربة خصومه السياسيين الجدد والقدامى«. وأكدت المرجعية لـ »السياسة« أن »اتصالاً واحداً من بشار الاسد بفرنجية كفيل بأن يعيد جميل السيد ومصطفى حمدان وعلي الحاج الى الواجهة، مع صلاحيات قمعية كانوا مارسوها في عهد الرئيس السابق اميل لحود، وحولوا البلد بها الى سجن كبير ومطبخ للفبركات الامنية التي قذفت بخيرة مفكري البلد الى الخارج«. وأعربت المرجعية عن قلقها الشديد من ان يستخدم فرنجية بضغط من الاسد وحسن نصرالله نفوذه كرئيس للبلاد للحيلولة دون تنفيذ قرارات المحكمة الدولية واحكامها بحق القتلة والمجرمين، »وهكذا يكون سعد الحريري ساهم عن غير قصد او وعي في تمييع الاقتصاص من المجرمين الذين قتلوا والده قبل نحو عشر سنوات«، مشيرة إلى أن »مبادرة الحريري الخنفشارية قد تكون طرحت عليه من عملاء سورية وصولاً لإنقاذ الاسد من حبل المشنقة«