ايلي الحاج: محاولة التسلل لانتخاب رئيس في الدقائق الأخيرة الفاصلة/الياس الديري: سؤالٌ إلى الثلاثي الماروني/ساطع نور الدين: عذراً جنرال أنت أو لا أحد/خليل فليحان: لبنان يحذّر من الانعكاس السلبي لانهيار السلام على مسار برشلونة

383

محاولة التسلل” لانتخاب رئيس في الدقائق الأخيرة الفاصلة
ايلي الحاج/النهار/3 كانون الأول 2015
تقلب اللبنانيون بين احتمال وآخر على أعصابهم في الأيام الماضية وهم يتابعون عملية تسلل سياسية واسعة وقوية، يحدو الأمل لاعبيها في تسجيل هدف خاطف بانتخاب رئيس للجمهورية يحمل اسم سليمان فرنجيه، بعد طول جمود منهك وفراغ في السياسة والرئاسة. لم تنته المحاولة. الأكيد أن الشوط في دقائقه الأخيرة وفرنجيهلم يربح الرئاسة حتى اليوم لكن أمامه الوقت. ففي تشرين الأول الماضي دخل سن الخمسين. الجنرال ميشال عون على النقيض خسارة القصر الرئاسي هذه المرة تعادل عنده معركة “واترلو”. صحيح أن من راهنوا على تراجع الجنرال بسهولة عن الترشح لمصلحة حليفه النائب الزغرتاوي ارتكبوا خطأ لكن اللعبة لا تزال مفتوحة . الرابية في 2015 ليست الدوحة في 2008 عندما أقنع “حزب الله” عون بتأييد رئاسة قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان. وقتها كان معه وقت الجنرال عون. أدرك الحزب موقف حليفه المسيحي الأكبر على الأرجح من دون حاجة إلى مفاتحته في الموضوع. كانت عملية جس نبض كافية عبر اجتماع مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل ليتأكد أن اقتناعه في محله، فلم يضيّع الحزب وقتاً سيحتاجه للتوضيح لحليفه الآخر فرنجيهأنه يتمنى ويأمل ضمناً في وصوله إلى الرئاسة، لكن انتخابه يمرّ عبر الجنرال عون “الممر الإلزامي” كما وصفه مرة السيد حسن نصرالله، قبل أن يعرض “تسوية سياسية شاملة” حملت رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وبعده الرئيس سعد الحريري على الاندفاع في عملية التسلل التي “تفرملت” – موقتاً – لعوامل داخلية أكثر منها خارجية. حتى اليوم على الأقل لم تنجح المحاولة، لأن الحزب لم يلاقِ فريق الهجوم بحركة كافية ومعلنة. يمكن القول إنه مستعجل وغير مستعجل انتخاب رئيس فيما الصراع الاقليمي والدولي على أشده في المنطقة حول لبنان، ولا هو متحمس للضغط والخوض في مفاوضات يعلم بأنها ستكون مرهقة مع الجنرال عون الذي سأل، وعن حق: لماذا فرنجيه وليس أنا؟ وقد يكون مبكراً تحديد الرابحين والخاسرين: النائب فرنجيه لن يخسر حتى لو لم يصل إلى قصر بعبدا، فقد كان نائب زغرتا سياسياً شمالياً وصار مرشحاً رئاسياً. ومن يدري؟ فقد تدور وتدور وتعود الرئاسة إليه في الأيام والأسابيع المقبلة. النائب الجنرال عون أثبت أن تجاوزه مستحيل وحتى لو اجتمع 127 نائباً في البرلمان لن يستطيعوا انتخاب رئيس جمهورية غيره من دون موافقته. مسيحيو قوى 14 آذار – إذا كانت هذه التسمية لا تزال صالحة للاستعمال- هم أيضاً لم يخسروا بل على النقيض أثبتوا حضوراً على الملعب السياسي وأكدوا أن تجاوزهم ليس نزهة لمن يرغب. والرئيس الحريري لم يخسر خلافاً للانطباعات الأولية، فقد أثبت أنه أكثر من يسعى ويحمل همّ الفراغ والأخطار الكبيرة التي تهدد لبنان من خلفه.

سؤالٌ إلى الثلاثي الماروني
الياس الديري/النهار/3 كانون الأول 2015
ثمة اقتناع لدى بعض المخضرمين والعقلاء أن “الثلاثي الماروني”، أو المثلث، لن يكمل الشوط في اتجاه التعطيل وتصعيد الشروط، إذا ما تعرّضت الصيغة لخطر جدّي، واذا ما جرت مصارحة في الطول والعرض حول مختلف الاعتراضات التي يراكمونها في وجه ترشيح سليمان فرنجيه “الجدّي وغير الرسمي” حتى اللحظة. كل الأسباب المعلنة، كما المخبّأة في الصناديق والخزائن، لم تعد أبعادها وتشعباتها وأغراضها خفيّة على أحد. لا على صعيد السياسيين والمعنيين بالاستحقاق الرئاسي في الداخل، ولا بالنسبة الى الدول التي تشكّل بعنايتها “المظلّة الدولية” التي ترعى لبنان الاستقرار، وتالياً عمليّة ملء الفراغ الرئاسي، وتسهيل الطرق الرئيسيّة لعبور موكب الرئيس الجديد الى ساحة النجمة، فساحة بعبدا. لا يزال النظام في لبنان يعنون ويُميَّز بـ”الديموقراطي البرلماني”، وإن حلّت التسويات مراراً محل الديموقراطية والأصول والتقاليد. من هذه الزاوية “النظاميّة” يمكن النظر الى احتمالات ممكنة ومساعدة في ايجاد مخارج وحلول لكثير من العقبات. إلا اذا كان عنوان الاعتراض الثلاثي هو للتمويه، فيما المقصود والمطلوب ترئيس أحد زعماء الأحزاب الثلاثة.ولكن، مَنْ هو المرشح المقبول لدى الشريكين الآخرين، والذي يستطيع اقناع الجبهة المواجهة المؤلفة من أحزاب وتكتلات قد تمضي قدماً في ترشيح فرنجيه؟ مجرَّد سؤال ليس من الضروري انتظار أي جواب عنه. إنما لا بدَّ من اضافة سؤال آخر يدور بمضمونه وفحواه وأبعاده حول زيارة المسؤول الإيراني البارز علي أكبر ولايتي لبيروت، والتوقّف قليلاً عند تصريحه الذي يعلن فيه بايجاز “ان الآمال في ما يتعلّق بانتخاب رئيس للجمهوريَّة قد ازدادت، وتبشِّر بالخير”. والزائر المصرّح يحمل صفة “المستشار الأعلى للإمام علي خامنئي علي أكبر ولايتي”. لم يأت ولايتي الى لبنان زائراً للسياحة والاصطياف في فصل الخريف. ولا أدلى بهذا التصريح من باب التخمين أو رفع العتب. إنما أعلن عبر كلامه “الرئاسي” هدف الزيارة وعنوان المهمة. وفي الهدف والعنوان ما يعني الكثير لرؤساء التحالف الماروني، وخصوصاً الجنرال ميشال عون وهو ليس غريباً عن أورشليم. ولا عن طهران. ولا عن “البعد السياسي” للزيارة وللكلمات المعدودات. الطموح لا يحتاج الى إجازة. والتطلُّع نحو الرئاسة وصوب قصر بعبدا من حق كل ماروني يتمتَّع بالشروط العادية المطلوبة حتى بالترشح لعضوية هيأة اختياريَّة أو مجلس بلدي. هذا من بديهيَّات الديموقراطية اللبنانية. إلا أن مسألة الفراغ الرئاسي أخذت تجنح بلبنان صوب اتجاهات تخريبيَّة، قد تزج البلد وأهله في مأزق كبير. على هذا الأساس يبني المستعجلون أسباب مطالبتهم بتسهيل طريق الاستحقاق للعبور الى ساحة النجمة فبعبد

لبنان يحذّر من الانعكاس السلبي لانهيار السلام على مسار برشلونة
خليل فليحان/النهار/3 كانون الأول 2015
حضر لبنان مؤتمر وزراء خارجية “الاتحاد من اجل المتوسط” الذي عقد الاسبوع الماضي في برشلونة بدعوة من الممثلة العليا للسياسية الخارجية والامنية فديريكا موغاريني، لمناسبة مرور 20 عاما على تأسيس مسار برشلونة. ويشار الى ان لبنان عضو مؤسس في الشركة الاوروبية – المتوسطية، وقد انطلق المسار في قمة برشلونة عام 1995. واللافت ان عددا كبيرا من وزراء الخارجية الاوروبيين قد شارك في أعمال المؤتمر، فيما اقتصر الحضور العربي الوزاري على وزير خارجية الاردن ناصر جودة، باعتبار بلاده تتشارك رئاسة الاتحاد من اجل المتوسط مع الاتحاد الاوروبي. وأفادت مصادر ديبلوماسية “النهار” ان هناك هدفين لانعقاد المؤتمر: الاول “مناقشة مصير مسار برشلونة بعد 20 سنة على إطلاقه وتحوله منذ عام 2009 الى منظمة إقليمية هي “الاتحاد من اجل المتوسط”. اما الثاني فهو “تداول الازمات المتعددة التي تعصف بالمنطقة الاورو- متوسطية، ولا سيما أزمة تفشي الارهاب والهجرة والازمات السياسية في الضفة الجنوبية للمتوسط التي تلقي بظلالها على اوروبا”. ويأتي انعقاد المؤتمر على مستوى وزراء الخارجية للمرة الاولى منذ عام 2008 في إطار محاولة الاتحاد الاوروبي تنشيط الاتحاد من أجل المتوسط وإعطائه قيمة مضافة سياسية باعتبارها الاطار الوحيد الذي يشمل جميع دول حوض البحر المتوسط، إضافة الى دول الاتحاد الاوروبي، ولأنه لا يمكن الاستمرار في رهن الاهداف التنموية للاتحاد بالواقع السياسي في المنطقة، وبالتالي لا بدّ من تنشيط الاتحاد من اجل المتوسط توازيا مع العمل الحثيث لتحسين البيئة السياسية، ولا سيما عملية السلام في الشرق الاوسط. مثّل لبنان في هذا المؤتمر بتكليف من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، السفير لدى بلجيكا، المندوب لدى الاتحاد الاوروبي رامي مرتضى الذي كان له مداخلة جدّد فيها التذكير بالمبادىء التي رافقت المسار منذ إطلاقه، وأهمها العمل من اجل السلام العادل والشامل في المنطقة وفق مبادىء مؤتمر مدريد للسلام، وبالتالي فإن الانهيار الكبير الذي تشهده عملية السلام في الشرق الاوسط، لا بدّ أن يلقي بظلاله على مسار برشلونة، لان ما تعانيه المنطقة في شكل اساسي هو ازمات سياسية مزمنة يجب ان تجد حلولا سياسية بالدرجة الاولى. وقد اعتبر لبنان أن إختصار المعالجات في المنطقة على الجانب التقني سوف يبقى قاصرا ويشكّل إهدارا للموارد والجهود، ما لم يقترن بمعالجة سياسية جذرية لازمات المنطقة وفي طليعتها الصراع العربي – الاسرائيلي الذي سبق لمسار برشلونة ان حدّد مرتكزاته وفق قرارات مجلس الامن ذات الصلة ومبادئ مؤتمر مدريد. والواقع أن ما يصحّ في عملية السلام، ينسحب على سائر أزمات المنطقة، حيث لا يمكن ان تعالج أزمتا الارهاب والهجرة واللجوء ما لم يقترن ذلك بحلول سياسية للازمة السورية وللوضع في العراق، وصولا الى اليمن، وفق أسس متوافق عليها وتضمن استقرار المنطقة. وأشارت مصادر ديبلوماسية اوروبية لـ” النهار” أن موغاريني هي التي ارادت ان تستنهض روحية جديدة في العمل عبر اتحاد وزراء خارجية الاتحاد من اجل المتوسط، من اجل اجتثاث الارهاب الذي ضرب دولا اوروبية وعربية متوسطية.

 

عذراً جنرال..أنت أو لا أحد
ساطع نور الدين /المدن/الأربعاء 02/12/2015
يبدو ان العهد الذي قطعه الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجيه بدعم ترشحه لرئاسة الجمهورية أقوى وأكثر جدية من الوعد الذي منحه سابقاً للجنرال ميشال عون..والذي ضاع في مهب الريح، من دون ان يتضح حتى الان سبب ذلك الضياع.  الرئيس الحريري لا يناور هذه المرة. هذا ما يؤكده فريقه. وكأنه يجزم بان ترشيح عون، كان مجرد مناورة، هدفت يومها -على ما قيل -الى توفير شبكة أمان لحكومة الرئيس تمام سلام..التي تعطلت عندما اكتشف الجنرال الخدعة، ورد على طريقته الانفعالية بلائحة مطالب جذرية تنشد اعادة بناء الجمهورية، وتشكيل مؤسساتها من نقطة الصفر. اما لماذا جرى وقف تلك المناورة، فإن الامر لا يمكن أن ينسب، على ما ظنّ عون، الى الراحل وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل او سواه من المسؤولين السعوديين، الذين  لا يكنون الود بالطبع للجنرال، المنتمي علناً الى المحور المناهض لهم، لكنهم لم يكونوا على علم مسبق بوعد الحريري له، وما اذا كان يتخطى الايحاء لعون بانه كان وسيبقى مرشحاً شرعياً، عندما، او بعد أن تنجح حكومة سلام! لم تجر مراجعة وقائع تلك المناورة، التي لا شك أنها ألحقت الكثير من الأذى بالحكومة بل وبالجمهورية كلها، نتيجة التلاعب بعون وعواطفه، بشكل غير مبرر، بل غير لائق ، لا بالنسبة الى رجل كهل تفانى في خدمة البلد، ويحلم بان ينهي حياته مكرماً في قصر بعبدا الذي طرد منه يوماً، ولا بالنسبة الى غالبيته النيابية والمسيحية التي لا جدال فيها حتى الان، والتي تشعر اليوم بانها خدعت مرة وطعنت مرات، وهي وجهة نظر لا تجافي الحقيقة. قدمت بعض التبريرات اللاحقة لسحب إسم عون من التداول، التي تبدو اليوم مثيرة للسخرية، منها انه لا يمكن استعادة الجنرال وتياره وجمهوره لا من حضن حزب الله ولا من خصر النظام السوري، ولا من ظهر الحكم الايراني…مع العلم ان أحداً لم يفكر يومها في ان يخضع العونيين لمثل هذا الاختبار لكي يحدد مدى استعدادهم واستعداد مرشحهم الرئاسي للعودة الى منتصف المسافة بين طرفي النزاع السني الشيعي. اليوم، بدلا من محاورة الجنرال بشجاعة وصراحة وسؤاله رأيه في أحد ابناء “خطه السياسي”، وفي سبب إسقاط الوعد بترشيحه للرئاسة، يجري اليوم توجيه إساءة جديدة إليه، لا تقل عن سابقاتها، من خلال تقديم مرشح رئاسي بديل، لا يمكن لأحد ان يتوهم أنه يمكن، حتى إذا شاء، ان يبتعد ولو خطوة واحدة عن الحزب او عن دمشق او حتى عن طهران. مهما كان وعد الاصلاح والتغيير، أجوف أفرغته التجربة من محتواه وأختزلته بالمناصب والحصص العائلية، فإن في ترشيح فرنجية ما يشبه الاهانة القاسية للجنرال، الذي يمكن ان يكسب المزيد من الشعبية والشرعية المسيحية، لكنه قد ينهار تماماً تحت وطأة واحدة من اسوأ وآخر هزائمه السياسية. عندها لن ينجو كثيرون من الشعور بالذنب، ولن يفلت  أحد من مسؤولية وداع واحد من أشهر جنرالات الجيش اللبناني وأقوى رموز السياسة اللبنانية..بغض النظر عن أي خلاف سياسي معه.  العودة الى الجنرال مستحبة، لا بداعي الرأفة ولا الشفقة. ثمة ما يؤكد الان واكثر من أي وقت مضى أنه كان ولا يزال أفضل المرشحين الاقوياء وأنسبهم..حتى في سنه المتقدم، ولسانه المتفلت، وسلوكه المنفعل، وبرنامجه المشدد الذي يمكن، بقليل من الروية والحنكة ان ينقلب رأساً على عقب، وان يصبح التمسك بخيار المقاومة موقفاً فقهياً، والتعلق بنظام بشار الاسد خياراً اكاديمياً، والتفاعل مع الحكم الايراني بحثاً فكرياً في أسرار الخصم التاريخي للأمة العربية.   مع الجنرال يمكن ان تصبح الجمهورية أكثر إستقراراً وتواضعاً، وان تصير السياسة اللبنانية أشد طرافة وحيوية، وان تكون عملية التغيير والاصلاح حفلة دبكة مسلية لا يمل منها أحد طوال ست سنوات في الحد الاقصى.. الاعتذار من الجنرال واجب اليوم أكثر من أي وقت مضى..لأن “إحراقه”جرى ولا يزال يجري بطريقة بشعة فعلاً.