اللبناني نزار زكّا دخل إيران ضيفا رسميا فاعتقله الحرس الثوري/علي الحسيني: عندما يُقسّم حزب الله مدافعه بحسب منافعه

284

عندما يُقسّم «حزب الله» مدافعه بحسب منافعه
علي الحسيني/المسقبل/09 تشرين الثاني/15

لم يكن «حزب الله» بحاجة إلى فترة طويلة لإقناع جمهوره بأن الحرب التي يخوضها في سوريا هي حرب مُحقّة وتحتل قائمة الأولويات التي اتخذ على أساسها قرار ولادته العسكرية تحت مُسميات وأهداف عدّة في طليعتها مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، وهو القادر على تصنيف معاركه الداخلية والخارجية بحسب ما تدعو اليه الحاجة ووضعها في الخانة التي تتناسب مع مصلحته. على عكس ما يحاول «حزب الله» أن يُشيعه من حين إلى آخر أنه هو من يخلق الظروف التي تتناسب وكافة المراحل التي يمر بها وبأنه لا يُمكن أن يخضع لأحكام ولا لشروط يُمكن أن يفرضها عليه خصومه، تؤكد الوقائع كلها، أن المراحل هي التي تفرض على الحزب التعاطي مع الأحداث بطريقة مغايرة لقناعاته ومعتقداته ولكن من زاوية تُظهره أمام خصومه وجمهوره وكأنه صاحب القرار في ما آلت اليه أموره سواء في العسكر أو السياسة.
في فترة زمنية قصيرة جدّاً، تمكّن «حزب الله» من الحصول على موافقة علنية من جمهوره للدخول في حرب الموت في سوريا على الرغم من أن الموافقة بحد ذاتها كانت بمثابة تحصيل حاصل بالنسبة اليه وبالتالي لم يكن يعّول عليها في الأساس لعلمه المسبق أنه قادر على شيطنة خصومه في اللحظة التي تتطلب منه ذلك ووضعهم في الخانة التي يرتئيها، ومن هنا كان لا بد له من الذهاب إلى مكان آخر لا يُشبه طبيعة الدعوة التي كان اتبعها يوم جاء القرار في بداية الثمانينات بفتح جبهة الجنوب مع اسرائيل وبدء عملية استقطاب الشباب واخضاعهم لدورات تدريبية على السلاح داخل معسكراته.
اليوم تبدلت عقيدة «حزب الله» القتالية في سوريا عمّا كانت عليه في زمن الصراع مع إسرائيل، إذ انها تحوّلت من وجودية إلى عقائدية مذهبية، ومعها لم تعد عناصر الاستقطاب أو «التعبئة» في الحزب بحاجة إلى مزيد من الشروح حول أهمية الحرب في سوريا كخطوة أولية على طريق المشاركة او الإنخراط فيها كطرف سيكون له الدور الأساسي في المراحل المقبلة. ومن هذا الباب، يشرح منظرو الحزب وجهة نظرهم من الحرب هذه بتعريف عناصرهم على أنها حرب مقدسة تختص بعقيدة «أهل البيت» والدفاع عنهم وعن إرثهم، بدءاً من عهد «الخلافة» وصولا إلى «عاشوراء» بالإضافة إلى «المظلومية» التي ألحقت ببعض الشخصيات التاريخية على ما تقوله الروايات المستوردة داخل صناديق الذخيرة، لدرجة أن المتخلف عن واجب «الجهاد» هذا، يُعتبر وكأنه قد تخلّف عن مناصرة قافلة «الأولياء» وصولا الى «الولي الفقيه». ودائماً بحسب شروح ومنظّري الحزب الذين يدمجون أيضاً حكايات الخيال بتحليلات سياسية لا مكان لها في الوقائع التاريخية سوى أنها تخدم واقعهم الحالي.
يذهب «حزب الله» في شرح نظريته الخاصة حول الفرق بين حروبه السابقة مع اسرائيل والحرب التي يخوضها اليوم في سوريا. تقول النظرية إن بيئة الحزب عندما واجهت اسرائيل منذ العام 1982، كان عمادها الاساسي الحفاظ على الارض التي منها ستكون بداية الانطلاق للتوسع والإنتشار في المنطقة، وهي حرب كرّست الحزب كمعادلة لبنانية من الصعب جداً تجاوزها سواء في الحرب والسلم ومنحته أهم الأسباب للإبقاء على سلاحه ودائماً تحت حجّة حماية الأرض. لكن المنطق هذا تغيّر مع الحرب في سوريا بحيث أصبحت حربه اليوم عقائدية مذهبيّة بحت تقوم على «حماية الوجود الشيعي» و»المقامات» ومواجهة «التكفيريين» إلى آخر اللعب على الغرائز وإثارة روح التعصب ودائماً من خلال استعارته قصصاً وروايات لا تخضع لمنطق ولا يقبل بها علم أو عقل.
قيادي بارز في «حزب الله» مُصنّف على أنه من قيادة الصف الأوّل، لا يكتفي بعرض شروح حزبه حول تصنيف أو تقسيم الحروب التي يخوضونها منذ تأسيسهم، لدرجة انه وصل إلى مكان يشرح فيه لزوّاره طبيعة التنسيق الأمني والعسكري والسياسي مع النظام السوري منذ عهد الأسد الأب. يقول القيادي: «في زمن الأسد الأب كُنا نُعتقل وتُفرض علينا الحروب في الداخل والخارج وكانت تتم الصفقات على حسابنا ومع هذا كُنّا نرضخ لكل انواع الإبتزاز لأننا تعوّدنا النفس الطويل من الإيراني، حتّى أن السلاح الذي كان يُرسل الينا من إيران عبر دمشق، كانت تتم سرقة معظمه من قبل النظام وكان يُرسل الينا على دفعات لا بحسب الحاجات والأولويات«. وبإعتراف القيادي نفسه أنه مع عهد الأسد الإبن قد تغيّرت الامور وتبدلت، فأصبح «حزب الله» والإيرانيون شركاء في الحكم وفتح لهم البلد على شكل «راحة كفّ اليد» قائلاً «إختاروا ما تريدون وأفعلوا ما تشاؤون» بعدما سلّمهم مخازن السلاح والمؤسسات الأمنية وصولاً الى إدارات السجون. ويبقى العامل الأبرز والأهم لحيثية الحرب السورية بالنسبة إلى «حزب الله»، ظاهرة زج الأطفال فيها بشكل لافت وهو أمر لم يسبق أن أوقع الحزب نفسه فيه لولا أن ضرورات الحرب العقائدية والمذهبية تطلبت منه تضحيات بهذا الحجم.

 

 

اللبناني نزار زكّا دخل إيران ضيفا رسميا فاعتقله الحرس الثوري
العربية/08 تشرين الثاني 15
أكدت وكالة “فارس” الإيرانية المقربة من الحرس الثوري نبأ اعتقال رجل الأعمال اللبناني نزار زكّا الذي يحمل الجنسية الأميركية من قبل السلطات الإيرانية. وذكرت أن المعتقل من ناشطي تيار 14 آذار اللبناني المناهض لسياسات حزب الله المدعوم من إيران. ونزار زكّا هو الأمين العام للمنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات “أجمع”، وقد اختير في التاسع من سبتمبر الماضي رئيساً للسياسة العامة في التحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والخدمات (WITSA) والذي يمثل 90% من الصناعة العالمية لتكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات. كما يضم 80 جمعية وطنية رائدة في هذه الصناعة، وفاعل في 80 اقتصادا حول العالم، يمثل ما يزيد على 90% من قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم.وقد اختفى زكّا في 18 سبتمبر الماضي، أثناء تواجده في سيارة أجرة كانت تنقله من الفندق إلى مطار طهران بعد المشاركة في مؤتمر دعته إليه نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة شهيندوخت مولافردي، حيث قدم خطاباً عن دور تكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة. وكان وزير الصناعة الإيراني محمد رضا نعمت زادة، ووزير الزراعة محمود حجتي، ووزير الرفاه والشؤون الاجتماعية من ضمن المشاركين في المؤتمر. وكان زكّا قد زار طهران سابقاً، وشارك في مؤتمرات تخصصية مهنية حول قضايا المعلوماتية والإنترنت. فيما اكتفى التلفزيون الإيراني قبل عدة أيام بالقول إن زكّا مشتبه فيه بالتجسس. وقد أشاعت أوساط مجهولة في إيران أن توقيفه متصل بكونه كان ينسق مع شخصيات إيرانية معارضة.كما زعمت وكالة “مهر” الإيرانية شبه الرسمية نقلا عن بعض المصادر لم تسمها، أن زكا يعتبر “الكنز الدفين نظرا لعلاقاته الخاصة والوثيقة جدا بالأجهزة المخابراتية والعسكرية الأميركية”.
عدم تجاوب الخارجية اللبنانية
اتصلت عائلة زكا الذي حل ضيفا رسميا على إيران في 11 سبتمبر الماضي بوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل دون حصولها على رد شاف بخصوص مصيره، حسب محاميه ماجد دمشقية، الذي عبّر عن سخط العائلة إزاء عدم تجاوب وزارة الخارجية مع هذه القضية.وقال دمشقية لصحيفة “النهار”: “حاولنا طلب مواعيد من المسؤولين الرسميين، لكن نواجه بالتسويف، ونحاول الآن التواصل مع جهات قد تكون فاعلة في الملف، ولدينا مواعيد خلال الأيام القادمة مع عدد منها، نتمنى الوصول إلى أدنى معلومة تكشف مصيره، هل هو معتقل أم مختطف”.
علامات استفهام حول مصير زكّا
ثمة علامات استفهام عدة تطرح حول اختفاء زكّا الحائز على شهادتين من جامعة تكساس، الأولى في مجال علوم الحاسوب والثانية في الرياضيات، وذلك بعد التقارير التي تم تداولها عنه في أبريل 2013، حيث كتبت صحيفة “وطن إمروز” الإيرانية المتشددة أن اللبناني نزار زكّا أحد مؤسسي جمعية المدراء العالميين الإيرانيين، زعمت أنها “مجموعة شاركت في مشروع أمني، أُطلق عليه اسم بول Pol”، حيث اعتبره بعض المسؤولين في طهران واجهة تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية للتوغل في السياسة الإيرانية وشبكات قطاع الأعمال رفيعة المستوى”. وكانت بعض المواقع الإخبارية الناطقة بالفارسية ربطت بين اعتقال نزار زكّا واعتقال سيامك نمازي، أحد الأعضاء البارزين في اللوبي الإيراني في أميركا، الذي يعمل مدير التخطيط الاستراتيجي بشركة “كرسنت” النفطية في دبي، بمنزله في طهران. ونقل موقع “تقاطع” عن مصدر موثوق أن عناصر من استخبارات الحرس الثوري هاجمت منزل نمازي في طهران، في يوم 12 أكتوبر واقتادته إلى معتقل سجن إيفين”. وبحسب المصدر، فقد اخترقت استخبارات الحرس الثوري البريد الإلكتروني لسيامك نمازي الذي يحمل الجنسيتين الإيرانية والأميركية، وحاولت اختراق زملائه عن طريق إرسال ملفات ملوثة وروابط مشبوهة”. وصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أيضا ربطت بين الاعتقالين، لكن دمشقية أبدى تعجبه من الأسباب التي قد تكون وراء اختفاء “إنسان تقني لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد”، رافضاً فكرة وجود أي رابط بين اختفاء زكا وما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال”.وبما أن نزار زكّا جاء ضيفا إلى إيران بدعوة رسمية من قبل نائبة الرئيس الإيراني واختفى بعد مشاركته في مؤتمر نظمته السلطات الإيرانية، فإن الكثيرين شبهوا ذلك باختفاء موسى الصدر، رجل الدين الشيعي اللبناني الذي دعاه القذافي ثم اختفى على الأراضي الليبية.