الياس الزغبي: وماذا عن السقوط الدبلوماسي/علي الحسيني: جمهور حزب الله بين أبواب الفقر وعتبات الموت/خير خيرالله: مرحلة ما بعد الأسد

396

وماذا عن السقوط الدبلوماسي؟
الـيـاس الزغـبـي
لبنان الآن/31 تشرين الأول/15
لا يقتصر زمن الانحطاط اللبناني على خواء السياسة الداخليّة، وتخبّط المسؤولين والأحزاب والطوائف، واستشراء الفساد، ومذهبة كلّ الشؤون والقضايا بما فيها النفايات، بل يتمدّد إلى صورة لبنان في الخارج ويضرب ما بناه جيل الكبار في الدبلوماسيّة، والذين رفعوا بلاد الأرز إلى أعلى المنابر.
والمفارقة الخطيرة أنّ كلّ شيء تمذهب في لبنان إلاّ الانحطاط، فالسقوط وحده لا مذهب له. ووزارة الخارجيّة قدّمت في السنوات الأخيرة نموذجاً واضحاً عن هذا السقوط، وزيراً بعد وزير بغضّ النظر عن طائفته.
ففي حين كانت الخارجيّة واجهة الرقيّ اللبناني ورسالته الحضاريّة إلى العالم، وطابع ديمقراطيّته الوحيدة في الشرق، باتت اليوم مجرّد وسيلة تسويق سياسي وشخصي، ورجع صدى لسياسة محور متخلّف يجمع بقايا الديكتاتوريّات والأنظمة القاتلة.
وكأنّ لبنان الذي خرج من وصاية النظام السوري بفعل إرادة وطنيّة تجلّت قبل عقد من الزمن، تحاول “دبلوماسيّته” ما بعد الاحتلال إعادته إلى الوصاية نفسها بعد توسيعها من دمشق إلى طهران، ولا تتردّد الآن في تجييره لموسكو على خلفيّة التوهّم بأنّها “صانعة رؤساء”.
لا فرق عمليّاً بين الوزير الراهن والوزراء الثلاثة السابقين، في خطّ استرهان لبنان لمحور “الممانعة”، وفي مسار الانحطاط الدبلوماسي. فلا يُلمس للبنان حضور في المنتديات الدوليّة إلاّ بوجهين معيبين: مشاكسة صبيانيّة هنا، أو ترويج سلعة، ولو بشريّة، هناك.
في المنتديات العربيّة “تبعيّة موصوفة”، وفي المنتديات الدوليّة “خالف تُعرف”، فيسعى رئيس الحكومة إلى التصحيح وتصويب الموقف، ولكن بعد حصول الضرر. لا يستطيع رئيس الحكومة حضور كلّ منتدى أو مؤتمر، وليس هناك رئيس للجمهوريّة كي تستقيم دبلوماسيّة لبنان، والساحة متروكة للغلمان.
الآن، مؤتمرات ومفاوضات وتسويات حول سوريّا. وحبل الخارجيّة اللبنانيّة متروك على غاربه، والداخل غارق في نفاياته، وليس هناك ضابط إيقاع، ولا من يراقب ويحاسب .
جيّد أن يتنبّه طرفان وزاريّان إلى خطورة الأمر (الكتائب والتقدّمي الاشتراكي)، ويطالبان بعدم إلزام لبنان بمحور في الصراع، وبعدم ترك الوزير التابع يتمادى في تبعيّته.
والمسألة ليست بسيطة، ويجب أن تتصدّى لها كلّ القوى السياديّة، فلا يكون حوار هنا أو هناك عائقاً أمام الموقف الصارم: لبنان ليس حلقة في محور الخامنئي – الأسد ووصيّهما بوتين.
وأبعد من ذلك، على هذه القوى أن ترفع الصوت، بجرأة انتفاضة الاستقلال وصفائها، وتعلن أنّ لبنان لا يكون خارج هويّته التاريخيّة، مستقلّ القرار، عربيّ الانتماء، عالميّ الحضور. ولا تتردّد أو تعلك كلامها في الدعم المطلق للقرارات 1559 و 1680 و 1701 والدستور واتفاق الطائف وإعلان بعبدا وحصريّة السلاح الشرعي والمحكمة الدوليّة والتوازن اللبناني التراثي عبر الفلسفة البنّاءة للعيش المشترك.
وكما أنّ الجيش اللبناني تخلّص من محاولات تجييره وتتبيعه لذاك المحور على مدى ربع قرن، وانتزع موقعه الوطني ودوره السيادي وهويّته اللبنانيّة الصحيحة، وهو يُراكم مسيرته كلّ يوم، هكذا يجب أن تتمّ استعادة وزارة الخارجيّة إلى معناها الصحيح وألقها التاريخي، وتخليصها من عبث الأتباع.
الجيش والخارجيّة مرتكزان أساسيّان لسيادة لبنان واستقلاله. الأوّل بات في طريقه القويم تحت رعاية قائديه الأخيرين. الثانية تحتاج إلى خطّة إنقاذ من محطّميّ صورتها ومشوّهي أصالتها. وهذه الخطّة تبدأ بالتأكيد مع رئيس الجمهوريّة الجديد، الذي لا بدّ منه ولو طال السفر. فالدبلوماسيّة اللبنانيّة طوع بنان الرئيس.
وإذا كان لبنان يعاني الآن من نفاياته الداخليّة العضوية والسياسيّة، فإن معاناته في الخارجيّة لا تقلّ أذى وخطورة.
ولا بدّ من النظافة في البيئتين كي يستعيد لبنان وجهه المشرق.
إذذاك، يفتح اللبنانيّون صدورهم للهواء النقي في الداخل، ويرفعون رؤوسهم بصورة لبنان في الخارج.

جمهور «حزب الله»… بين أبواب الفقر و«عتبات» الموت
علي الحسيني/المستقبل/31 تشرين الأول/15
لن يختلف المشهد داخل «حزب الله» خلال الفترة المقبلة عما هو عليه اليوم، فالحزب وبعدما أدخل نفسه في دوّامة الصراع السوري ورماله المتحركة، لن يجد لنفسه ولو نافذة صغيرة ليعود منها إلى ما يُفترض أنها حالة طبيعية أو أن يُعيد معه خيرة من الشباب سار بهم إلى حتفهم طوعاً أو ترهيباً أو ترغيباً.
يوماً بعد يوم يزداد تورط «حزب الله» في سوريا وتزداد مع هذا التورط الأمور تعقيداً، فلا هو قادر على تحقيق الانتصارات التي سبق أن وعد بها، ولا جمهوره عاد قادراً على تحمل المزيد من الخسائر بعدما دخل الموت الى كل قرية ومنزل بدءاً من الضاحية الجنوبية والبقاع وصولاً إلى الجنوب، ومع استمرار هذا النزف القاتل تزداد حيرة الحزب من خلال عجزه عن تقديم المزيد من الاعذار والحجج لبيئة ما عادت تؤمن لا بنصر ولا بوعود إلهية ولا بتكاليف شرعية. قبل انزلاقه في الحرب السورية كان كل الكلام الذي يصدر عن قادة «حزب الله» محط ثقة وغير قابل للنقاش أو الجدل داخل بيئته. كل الأوامر كانت مُطاعة والتوجهات والتوجيهات والإرشادات كانت تُترجم إلى أفعال فور صدورها، بدءاً من الشروط والاحكام ذات البعد الديني والعقائدي مروراً بتنظيم الأمور الحياتية ووصولاً إلى النهي عن الأفعال التي تضر بالمصالح الإيرانية كمقاطعة البضائع التي تُدرج على لائحة «الولي الفقيه» والمصنفة على أنها تصب في خدمة مصالح «الأعداء». أما اليوم فقد تبدلت الأولويات لدى جمهور الحزب بعدما أصبحت دماؤه تراق على مرأى ومسمع «الولي» نفسه الذي أصبح يكتفي بإرسال المال مقابل كل جثة يُعلن عن مقتل صاحبها تحت رايته وفي خدمة مصالحه.
أمس خرج من بين جمهور «حزب الله» من يهمس ضمن حلقة مناطقية ضيّقة، حول نوعية «الشهداء» الذين يسقطون في سوريا ومناصبهم الحزبية ونوعيّة المسؤوليات التي تولّوها منذ زمن «المقاومة» إلى يوم رحيلهم. همس استذكرت خلاله نضالات القائد العسكري محمد احمد عيسى المعروف بـ»ابو عيسى في الجنوب« والقائد الميداني إبراهيم الحاج «أبو محمد سلمان» من بلدة قليا مع العديد من الأسماء مروراً بجهاد مغنية الذي كان يُمني نفسه «بنيل الشهادة» داخل حدود اسرائيل، ووصولاً إلى آخر قيادي سقط حسن حسين الحاج الملقب بـ»أبو محمد الإقليم» قائد عمليات الحزب في منطقة ريف إدلب- سهل الغاب والذي سبق ان نجا من عدة محاولات لاغتياله على يد اسرائيل إضافة إلى العديد من ضباط كبار في الحرس الثوري وآخرهم العميد حسين همداني أحد أبرز المساعدين الميدانيين والاستشاريين للجنرال قاسم سليماني في سوريا. أمس تساءل هذا العدد الصغير عن القضية التي من أجلها سقط كل هؤلاء خصوصاً وانها حرب تتبدل فيها المصالح والاولويات، تارة تكون فيها «القلمون» عنواناً للصراع الحاسم وطوراً تُصبح فيه جرود عرسال القضية الأساس قبل أن تعود وتحط في «الزبداني» وفي ريف «إدلب« ولاحقاً «حلب«.
من الواضح ان «حزب الله» يعيش أزمة تفوق التصورات والإستراتيجيات التي كان وضعها لحربه هذه. ففي عملية حسابية يتبين أنه ومنذ دخوله العلني والفعلي في الحرب في سوريا أي منذ ما يقارب الثلاث سنوات، قد تخطت خسائره البشرية الألف عنصر، أي ضعفي حجم الخسائر تقريباً التي كان تكبدها خلال حربه مع إسرائيل لفترة تزيد ربما عن عشرة أعوام، عدا عن الخسائر الكبيرة التي تستنزف فئة من الشبّان تترواح اعمارهم بين 16 و25 عاما، ما يُفسره البعض على أنه السبب الحقيقي وراء خسارة الحزب هذا الكم من القياديين العسكريين الذين كانت لهم بصمات واضحة وفاعلة في زمن الحرب مع إسرائيل، بعد استنفاده العنصر الشبابي وتمنع اعداد غير قليلة منهم عن المشاركة في هذه الحرب. تنسحب أزمات «حزب الله» الميدانية على علاقته بجمهوره، والمال الذي هو عصب الحزب فُقد من التداول بين عامة الناس بعدما أصبح محصوراً بفئة محددة. لم تعد التبرعات العائدة لـ»هيئة دعم المقاومة» تفي بالغرض، إذ أن كل الحملات على الأرض تعود بمعظمها إلى مراكزها خالية الوفاض، وعنوان «الصدقة تدفع البلاء» استبدل بكلام للسيد حسن نصرالله يقول: «إنّ دفع المال للمقاومة هو حاجة شرعيّة وأخلاقيّة وإيمانيّة ووطنيّة للمتبرعين لأنّهم من خلال هذا المال يُشاركون في الدفاع عن بلدهم، في تحرير أرضهم، والحفاظ على كرامتهم وعزّتهم«. لكن حتّى كلام «السيد» ظلّ مجرّد شعار غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع وذلك على عكس سنوات خلت كانت وحدها مكبرات الصوت في الشوارع، كفيلة بملء خزانات الحزب حتّى الاحتياطية منها.أزمة الثقة بين «حزب الله» وجزء غير قليل من جمهوره، لم تبرز حتّى الساعة بشكل واسع، لكنها تظهر بوضوح من خلال التراجع الملحوظ للدعم المادي الذي كانت تتلقاه مؤسسات الحزب من هذا الجمهور وهو ما يؤكده أيضاً تراجع الحسابات المالية العائدة من صناديق التبرعات بشكل كبير والتي يتم توزيعها على الطرقات والمحال التجارية وداخل المنازل ودور العبادة، ما يؤكد أن أولويات الحزب قد تراجعت بشكل كبير عند جمهوره الذي ما عاد يُعطي الأولوية للحروب بعدما جعلهم الحزب يقفون عند أبواب الفقر وعتبات الموت.

 

مرحلة ما بعد بشّار
خيرالله خيرالله/المستقبل/31 تشرين الأول/15
اخيرا اكتشف بشّار الأسد أنّ ايران ليست جمعية خيرية. لم يكتشف ذلك الّا عندما طالبته بتسديد كلّ دولار ساعدت به نظامه، هو الذي كان يعتقد ان كلّ اموال العالم لا تكفي لمكافأته على ما فعله من اجل خدمة المشروع التوسّعي الإيراني، بما في ذلك تغطية الجرائم التي نفّذت عبر ادوات ايرانية معروفة، خصوصا في لبنان. استخدمت ايران بشّار الأسد وعصرته بعدما اعتبرت انه افضل اداة لها من اجل استيعاب سوريا وتحويلها مستعمرة. كانت سوريا جسرا لدعم «حزب الله« الذي كان بشّار شديد الإعجاب به من منطلق انه اقام «توازنا استراتيجيا مع اسرائيل«، على حساب لبنان واللبنانيين طبعا. لم يدرك في اي لحظة ان الحزب الذي كانت ايران، ولا تزال تدعمه من منطلق انه تابع لها، مجرّد ميليشيا مذهبية تخدم مشروعا يستهدف تحويل لبنان محميّة واللبنانيين، بمن فيهم ابناء الطائفة الشيعية الكريمة، شعبا فقيرا بائسا يبحث عن طريقة للتخلّص من النفايات او مكانا يهاجر اليه بأي طريقة من الطرق.
لم يتعلّم الأسد الإبن من خبرة والده شيئا. لم يعرف انّ حافظ الأسد كان يعتقد ان في استطاعته استخدام ايران واستيعابها خدمة لنظامه عموما وللدور العلوي في سوريا بشكل خاص وامتداداته اللبنانية وسعيه الى قيام حلف الأقلّيات.
كان الأسد الأب يحسن اللعب على التوازنات. لذلك عزّز العلاقة بين دمشق وطهران ووقف مع ايران في حربها مع العراق، لكنّه لم يقطع يوما العلاقة بالعرب الآخرين. كانت ايران بالنسبة اليه ورقة يبتز بها العرب. اما بشار الأسد فكان بالنسبة الى ايران ورقة تبتز بها العرب…
قبل نحو سنة تقريبا، بدأ بشّار الأسد يستفيق الى خطورة ايران، خصوصا بعدما بدأت تطلب ضمانات محدّدة، بشكل عقارات في سوريا، من اجل الإستمرار في توفير المساعدات المطلوبة.
في بداية الثورة السورية، في آذار ـ مارس من العام 2011، اي قبل ما يزيد على اربع سنوات ونصف سنة، كان الدعم الإيراني لنظام الأسد دعما غير محدود ومن دون شروط. بدأ يتبيّن لايران مع مرور الوقت انّ الثورة السورية ثورة حقيقية وانّ الشرخ المذهبي اعمق بكثير مما يعتقد. عندئذ بدأت تعيد حساباتها، خصوصا اثر اكتشافها انّ لا حدود لمطالب النظام السوري الذي يحتاج اول ما يحتاج الى كمّيات كبيرة من الاسلحة والمقاتلين… والاموال.
لعلّ اكثر ما جعل ايران تعيد حساباتها الحقائق القائمة على الأرض. في مقدّم هذه الحقائق انّ الحرب السورية حرب طويلة وانّ بشّار ليس قادرا على خوضها، خصوصا انّها حرب على الشعب السوري الذي يقف ضدّه باكثريته الساحقة. الحقيقة الثانية ان سوريا ذات الاكثرية السنّية لم تعد تتحمّل النظام العلّوي الذي سخّر البلد لخدمة مصالحه الضيّقة طوال ما يزيد على خمسة واربعين عاما.
الحقيقة الثالثة والأهمّ ان ايران دولة من دول العالم الثالث لا تستطيع تمويل حروب مكلفة من نوع الحرب السورية الى ما لا نهاية. عانت ايران من هبوط اسعار النفط والغاز. تبيّن لها انّ ليس امامها سوى التوصّل الى اتفاق في شأن ملفّها النووي… من اجل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.
اعترفت ايران بتوقيعها الإتفاق انّها ليست سوى دولة من العالم الثالث، نصف شعبها تحت خط الفقر، لا اكثر ولا اقلّ. لا تستطيع ايران معالجة ازماتها الداخلية المستعصية، حتّى لو سطت على قسم من ثروات العراق فكيف تستطيع تمويل الحرب الطويلة الخاسرة التي يشنّها النظام السوري على شعبه؟
كان على ايران التراجع عن مشروعها السوري والإكتفاء بمشروع ذي طابع مذهبي يربط الريف الدمشقي وقسم من سوريا بالدويلة التي اقامها «حزب الله« في لبنان، في سهل البقاع تحديدا.
الحقيقة الرابعة انّ العلويين يفضلون الروس على الإيرانيين. لم تنفع حملات التشييع التي قامت بها طهران في صفوف العلويين الذين توصّلوا في نهاية المطاف الى ان بشّار الأسد ليس حاميا لهم وان الطرف الوحيد الذي يحميهم هو الطرف الروسي.
كانت نقطة التحوّل في موقف الأسد الإبن من ايران مطالبتها بضمانات في مقابل اي مساعدات جديدة. ارادت ايران الإستيلاء على اراض سورية. هيّأت لتسجيل هذه العقارات. وجدت الأسماء العربية اللازمة لتغطية هذه العملية التي ارادت عبرها التعويض عن كلّ ما كلفّتها الحرب السورية في السنوات الأربع الأخيرة.
كلّ هذه العوامل، التي يمكن وصفها بحقائق، جعلت بشّار يعيد حساباته ايضا، على غرار اعادة ايران لحساباتها. بات عليه ان يقول للعلويين ولمسيحيي اللاذقية انّ الحليف الوحيد الصادق «الذي يمكن الاتكال عليه« هو روسيا. في الواقع اراد رئيس النظام السوري القول ان لديه اوراقا اخرى يلعبها، خصوصا في ظل التوتر الذي شهدته العلاقات بين ضباط الجيش السوري، الذين بقوا موالين له من جهة، والضباط الإيرانيين والقادة العسكريين لـ«حزب الله« من جهة اخرى. لا يمكن عزل احراق اللواء رستم غزالي رئيس شعبة الأمن السياسي، (الذي قتل لاحقا في ظروف غامضة)، لقصره في قرفا، عن هذا التوتر. تبيّن ان احراق القصر كان لمنع عناصر «حزب الله« و«الحرس الثوري« من تحويله مركز قيادة لهم في تلك المنطقة القريبة من درعا. هل تنفع الورقة الروسية بشّار الأسد؟ هل ينفع استدعاؤه الى موسكو لترديد الدرس الذي تلقنّه حرفا حرفا في شيء؟ استهلكت ايران ورقة بشّار الأسد. يكفي انها ورثت سوريا في لبنان وذلك بفضل غباء الرجل الذي قبل تغطية عملية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. جاء دور روسيا الآن. لم يدرك الأسد الإبن أنّه لا يصلح ان يكون اكثر من ورقة. كان والده يتلاعب بالآخرين. دخل الى لبنان بموافقة اميركية ـ اسرائيلية من دون موافقة موسكو. توصّل قبل ذلك الى فك الإرتباط مع اسرائيل في الجولان عبر «العزيز« هنري كيسنجر وليس عبر اي طرف آخر. لم يتنبّه بشّار الى ان ايران وروسيا على شبه وفاق في شأن سوريا وأنّ الجانبين وقّعا اخيرا اتفاقات في مجالات مختلفة بمليارات الدولارات… هل يكون حظّ بشّار مع روسيا افضل من حظّه مع ايران؟ في كلّ الأحوال، وبغض النظر عن النتائج التي اسفر عنها اجتماع فيينا بين وزراء الخارجية الأربعة (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا)، هناك مرحلة جديدة بدأت في سوريا. مرحلة ما بعد بشّار الأسد الذي وجد اخيرا ان ايران ليست جمعية خيرية. لا يزال عليه اكتشاف انه لم يعد سوى ورقة روسية في خدمة سياسة دولة تبحث عن اوراق خارجية لتغطية مشاكلها الداخلية وازماتها التي لا تقل عمقا عن تلك التي تعاني منها ايران…