الـيـاس الزغـبـي: تحالف أقليّات دولي/وسام الأمين: هل سيرحّب حزب الله بمشاركة إسرائيل في قتال داعش/طارق السيد: حزب الله من شبَّ على شىء شاب عليه

381

“تحالف أقليّات” دولي
الـيـاس الزغـبـي/لبنان الآن/11 تشرين الأول/15
لعلّ الخطأ الاستراتيجي الأكبر الذي ارتكبه فلاديمير بوتين هو إسباغ طابع أقلّوي ديني أو طائفي على التحالف الذي يقوده في سوريا، سواء عن قصد أو بدون قصد، وتسبّبه بحال إرباك بين الكنيسة الروسيّة والكنيسة الأنطاكيّة، وسعيهما إلى الخروج من صبغة “الحرب المقدّسة” التي صبغت حربه السوريّة.
والسبب في هذا الارتباك يعود إلى غياب العنوان السياسي الواضح والعادل للتدخّل الروسي العسكري. فلا يكفي رفع شعار الدفاع عن نظام بشّار الأسد ومحاربة الارهاب، بينما سجِلّ هذا النظام بالغ الثقل الدموي بحيث لا يستطيع أحد حمله، كما أنّ محاربة الارهاب باتت وجهة نظر روسيّة تخلط بين الارهاب والاعتدال، وتُغير الطائرات على مواقع المعارضة المعتدلة قبل مواقع “داعش”. في المشهد الأمامي للحرب الروسيّة تتصدّر صورة “تحالف أقليّات” بقيادة موسكو يضمّها مع الشيعة والعلويّين وبعض أجزاء من أقليّات دينيّة أُخرى، في وجه الأكثريّة السنيّة في العالمين العربي والإسلامي. وليس أدلّ إلى ذلك من التهليل والترحيب بدءاً من طهران وصولاً إلى “حزب الله” في لبنان وحلقته المسيحيّة الموعودة بـ”انتصار تشرين”. وليس التنسيق الجاري على قدم وساق بين روسيّا وإسرائيل سوى تأكيد للصورة وإسناد لتحالف الأقليّات الذي كانت إسرائيل سبّاقة في الترويج له، وجزءاً لا يتجزّأ من مكوّناته العميقة، خلافاً لخدعة الشعار الإيراني بإبادة الدولة العبريّة، والذي استغلّته إيران طويلاً لإنهاك العرب خدمةً لـ”حلف الأقليّات”. وفي حال نجاح موسكو في فرض هذا التحالف ستتجه المنطقة حتماً إلى ترسيم دويلات مذهبيّة طالما حلمت إسرائيل بها، فتصبح الدولة العظمى بين دويلات متناثرة من العراق إلى سوريّا ولبنان. فما معنى أن يقتصر العمل العسكري الروسي بالطائرات والصواريخ العابرة للقارّات على الوسط الشمالي من سوريّا، وعلى الحدود الفاصلة بين الداخل السوري العراقي و”الدويلة البحريّة” وعاصمتها اللاذقيّة؟ ولا أحد يخجل بالعمل العسكري الجاري بين سهل الغاب وإدلب وجسر الشغور بحجّة تحريرها من الارهابيّين، وهو في الحقيقة يرسم حدود هذه الدويلة ومجالها الحيوي.
لم ترتكب الولايات المتّحدة الأميركيّة هذا الخطأ، أي شنّ الحروب تحت شعار ديني أو أقلّوي، برغم كلّ رعونة هذه الحروب ومغامراتها. ولم تستعْدِ الشعوب الإسلاميّة كما تفعل روسيّا الآن. ولا أحد يستبعد أن تكون موسكو تغرق في الوحول السوريّة بتشجيع ضمني من واشنطن التي يتباهى كثيرون بأنّها فقدت هيبتها.  فأميركا ليست فقط رئيسها الذي يتخبّط في ضعفه مع دخوله عامه الأخير، بل هي مؤسّسات ومراكز صنع قرار ومخابرات هائلة لا يفوتها تفصيل ولا تغيب عنها حركة. وذاكرة توريط صدّام حسين في الكويت قبل 15 سنة لا تزال قريبة. وربّ قائل إنّ بوتين غير صدّام وإنّ روسيّا دولة عظمى غير العراق. هذا صحيح، لكنّ سياسة ركوب الرأس لا تعرف صغيراً أو كبيراً، وفي الصلف والمكابرة والمغامرة ولوثة القيادة التاريخيّة يتشابه معظم القادة. ولا يمكن، أمام المغامرة الروسيّة، إلاّ استعادة مشهدين تاريخيّين تتقاطع معهما: مشهد الحروب الصليبيّة قبل ألف عام وما نتج عنها من مآسٍ على الشرق بأجمعه، وعلى المسيحيّين تحديداً. ومشهد حلف أقليّات عالمي ثلاثي لما عرف بـ”المحور” في الحرب العالميّة الثانية. دول ثلاث (ألمانيا، إيطاليا، اليابان) مع قوى أقلّ شأناً بقيادة هتلر في وجه العالم، والنتيجة الكارثيّة تحقّقت.
وكأنّ التاريخ يعيد نفسه: “حرب مقدّسة” لإنقاذ الأقليّات، ودول ثلاث (روسيّا، إيران، سوريّا) مع قوى أقلّ شأناً، في وجه سائر العالم. ولا يحلمنّ حالم بانضمام الصين ودول “البريكس” لخوض حرب عالميّة ثالثة، فحدود التحالف الجديد مكشوفة ومعروفة، وأهدافه تحت المجهر العالمي. وقد تكون موسكو، من حيث لا تدري، تنفّذ خطّة دوليّة بقيادة واشنطن. فيكون بوتين مرّة جديدة وسيطاً ناجحاً كما فعل تماماً في الملف الكيميائي السوري! ولا سبيل إلى تحقيق انتصارات دراماتيكيّة يحلم بها بوتين. وهي، في أفضل حالاتها، ستكون على غرار “الانتصارات الإلهيّة” لحلفائه الإيرانيّين وفروعهم. ولا غرابة في الأمر، ففي سيكولوجيا الحروب يلتقي القادة المتشابهون كما فعل هتلر وموسيليني، واليوم الثلاثي بوتين والخامنئي والأسد. وفي كلّ الحسابات، لا يُنتظر أن يكون حظّ “تحالف الأقليّات الدولي” أفضل من حظّ “تحالف الأقليّات الإقليمي” أو المحلّي في لبنان وسوريّا. أقصى ما تحقّقه هذه الأحلاف هو الكارثة على أهلها قبل سواهم، وصراعات بلا أفق.

هل سيرحّب حزب الله بمشاركة إسرائيل في قتال داعش؟
وسام الأمين/جنوبية/ 10 أكتوبر، 2015
ذكرت صحيفة الراي الكويتية نقلا عن الصحافة الاسرائيلية ان روسيا عرضت على إسرائيل المشاركة في تحالفها الشرق اوسطي ضد تنظيم “داعش”. تحالف يضمّ إيران والعراق والرئيس الأسد وسوريا و”حزب الله” اللبناني وذلك من اجل مساندة نظام الاسد ومنعه من السقوط.
ذكر الصحافي الإسرائيلي المعروف ايهود يعاري في مطالعة ان “الروس عرضوا على إسرائيل إدارة حقول الغاز في مياهها الإقليمية، وقدموا للإسرائيليين ضمانات عسكرية مفادها ان حزب الله، الذي يمتلك صواريخ ارض – بحر روسية من نوع ياخونت يبلغ مداها 300 كيلومتر، لن يهاجم منشآت الغاز البحرية الإسرائيلية”. وكانت انتهت مساء الخميس الفائت لقاءات الوفدين العسكريين الروسي والإسرائيلي في تل أبيب، التي ناقشت تنسيق الأعمال العسكرية بهدف تجنب الاحتكاك في سوريا، وذلك مع تداول معلومات ان المباحثات تطرقت الى مصالح أساسية بين البلدين. وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، كتب ألون بن دافيد ان الدعم الروسي للأسد يمكن أن يخدم مصالح إسرائيل؛ لأنه يمكن أن يجلب الاستقرار لسورية، وهذا أفضل سيناريو لإسرائيل”. وفي اختزال لأهداف زيارة نتنياهو موسكو، والتدخل الروسي المكثف في سورية، خلص رون بن يشاي في “يديعوت أحرونوت” إلى أن “نتنياهو لا يذهب بأيادٍ فارغة، فمجرّد اللقاء نفسه يشكّل اعترافاً إسرائيلياً بالدور الروسي المتنامي في المنطقة، وهو ما يخدم تطلعات روسيا للاعتراف بها قوة عالمية، تقابل قيمتها مكانة الولايات المتحدة”. دعوة روسيا لاسرائيل وان كان ظاهره مكافحة الارهاب، الا انه وبشكل هو دعوه لها للانخراط في “تحالف مشاريع”، ظاهره قتال “داعش” وباطنه دعوة روسيا لإسرائيل ان تقف معها ومع ايران والنظام السوري في مواجهة مشروع التسوية الأميركية المدعوم من العرب والاتراك والذي يقضي بازاحة نظام بشار الاسد. فإغراء المحافظة على نظام الاسد وخيار “سوريا المفيدة” فيه مصلحة مؤكدة لاسرائيل وذلك بدل سيطرة انظمة اسلامية على الحكم في دمشق لها عمق عربي قوي ومتحالف مع الجار التركي الذي لم يعد يخفي طموحاته الاقليمية. لذلك فإن كان لا يعني اسرائيل كثيرا شعار مكافحة ارهاب داعش الذي يرفعه التحالفان في المنطقة، الغربي بقيادة اميركا والشرقي بقيادة روسيا، وتفهمه تل أبيب جيدا انه تنافس من اجل السيطرة والهيمنة على المنطقة وهو لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، فإن اغراء بقاء نظام الاسد الضعيف في دولة تشكل ثلث المساحة الحالية لدولته هو اغراء لا يمكن مقاومته من قبل الدولة العبرية، التي خرج على لسان اكثر من مسؤول فيها ما يفهم منه ان “سوريا المفيدة” لإيران وروسيا (أي العلوية)، يمكن ان تكون مفيدة لاسرائيل أيضا. واخيرا يبدو ان ايران وحزب الله قد يرحبان في المرحلة القادمة بغارات سلاح الجو الاسرائيلي على فصائل المعارضة السورية تحت اولوية شعار “محاربة ارهاب داعش”، وذلك من اجل حماية نظام الاسد، وهو الهدف المشترك الاسراتيجي للايراني والروسي والاسرائيلي على حدّ سواء، ومن اجل حماية دولة “سوريا المفيدة” الآتية لاحقا، والتي ستكون مفيدة للجميع

حزب الله”.. من شبَّ على شىء شاب عليه
طارق السيد/موقع 14 آذار/11 تشرين الأول/15
على الرغم من كل الأزمات التي يغرق بها “حزب الله” والتي تدفع به إلى المزيد من الهاوية، وعلى الرغم من الإنكسارات والهزائم التي تلاحقه على اكثر من صعيد، إلا أنه لا يزال يُبدع في لغة التهديد والوعيد اللذين يصلان في معظم الحالات الى حد التلميح بإهدار الدماء من خلال وصف شركائه في الوطن بالخونة والعملاء والمأجورين. منذ أن تأسس “حزب الله” وهو يمتهن نهج التعالي والاستبداد مع أبناء وطنه، فلم يوفر هذا الحزب وسيلة قمعية وفوقية الا ومارسهما ولم يترك موبقة الا وارتكبها ودائما لحسابات خارجية لا تعود على البلد الا بالأذية وكأنه يحمل شعارا يقوم على تحويل لبنان من وطن هادئ وآمن الى بركان متفجر لا يهدأ ولا يترك مساحة إلا وتطالها نيرانه وكأن زرع الخراب والدمار والرعب هم من الأسس والمبادئ التي قام عليها. واليوم يتابع الحزب ممارساته العدوانية بحق أبناء طائفته قبل غيرهم، يغرقهم في القتل ويخلق لهم اعداء بين الحين والاخر ويأخذهم “مكبلين” الى الموت ليعود ويصفهم بـشهداء “الواجب الجهادي”. لم يترك منزلا الا وادخل الحزب اليه ولم يترك عائلة في بيئته إلا وأخذ خيرة شبابها إلى حرب لا يفقهون فيها سوى أن هناك من يريد قتلهم فقط لأنهم ينتمون إلى مذهب محدد، وهي أكذوبة ما زال يستعملها الحزب في كل مرة يجد فيها نفسه محشوراً بين دماء جمهوره وصعوبة تحقيق مشروعه.
بعد مضي أكثر من ثلاثين عاما على تأسيسه، ثمة من يعيش داخل مناطق “حزب الله” قد أصبح اكثر واقعية من قبل، ومعها بدأ يخرج من غيبوبته ويُدرك أن هذا الحزب قام يومها على مشروعين وهميّن دخل على أساسهما من باب المجتمع اللبناني العريض والمتنوع إلى زواريب المذهبية الضيقة ليفرض على الطائفة التي خرج منها، جملة شرائع وقوانين مستوردة تحولت لاحقاً إلى دستور صارم ومتشدد داخل مناطق نفوذه، لكنه في الوقت نفسه، قابل للنقاش وتبادل وجهات النظر خصوصا إذا ما تعلق الأمر بأحد أفراده إذ يمكن أن يتحول هذا الفرد من قاتل ومطلوب للعدالة الدولية إلى قديس هارب من حقيقة لا بد انها آتية ولو بعد حين. “حزب الله” الضائع بين الاجندات التي تتلاعب به وتتقاذف مصيره بين الداخل والخارج، لا يجد حرجاً في تبديل أولوياته وفقا للظروف، فهو يدعو لاتقلابات في دول، بينما يخرج في الوقت نفسه مهزوما ومكسورا من دول اخرى. يتلاعب بمصير عناصره ليعود ويحرض أهاليهم ضد افرقاء سياسيين في البلد بعد إتهامهم بدعم إرهاب هو من استجلبه الى بيئته وغض الطرف عن افعاله وممارساته فقط ليؤكد نظرياته وصوابية قراراته وكأن حياة المواطن تحولت بالنسبة اليه، الى حقل تجارب يمكن أن يستخدمها في صفقات جانبية وفي عمليات الربح والخسارة. من تجارة المخدرات وسرقة السيارات واحتلال المؤسسات الدستورية والسطو على املاك الدولة واستباحة العقارات العامة والخاصة، مرورا باحتلال البلد وترويع الامنين وقتل الاطفال الابرياء برصاصه الطائش، وصولا الى انتهاجه سياسة نبش القبور وتوجيه سهامه واحقاده ضد دول جارة وشقيقة لها في كل منزل وشارع بصمة تدل على خيرها، يسير “حزب الله” على خطى الانظمة الديكتاتورية التي تأقلم معها منذ الثمانينات حتى أصبح جزء اساسي منها يتبع لمنظومتها وينفذ إجرامها.