خيرالله خيرالله: بين ميشال عون السوري وميشال عون الإيراني/خالد موسى: عون يعيش الحلم/علي حماده: المواجهة من عدن إلى اسطنبول؟

373

بين ميشال عون السوري.. وميشال عون الإيراني
خيرالله خيرالله/العرب/11/10/2015
توجّه أنصار النائب المسيحي ميشال عون إلى القصر الجمهوري في بعبدا أم لم يتوجّهوا. ليست تلك المسألة. المسألة مرتبطة بمستقبل الوجود المسيحي في لبنان الذي يُستخدم عون في عملية إنهائه. متى استعرضنا تاريخ ميشال عون مذ كان قائدا للجيش وصولا إلى ما هو عليه الآن، نكتشف أنّه لم يكن يوما سوى أداة تستخدم في عملية إنهاء الوجود المسيحي في لبنان وتسخيف المسيحيين. تكفي نوعية النوّاب والوزراء التابعين له ومستواهم الأخلاقي وسلوكهم الحقير للتأكد من ذلك.
دعا النائب المسيحي الذي يتزعم كتلة نيابية كبيرة، انتخب معظم أعضائها بفضل الأصوات الشيعية التي أمّنها لهم “حزب الله”، إلى تظاهرة على الطريق المؤدية إلى القصر الجمهوري.
جاءت الدعوة في الذكرى الخامسة والعشرين لإخراج القوات السورية لميشال عون من قصر بعبدا الذي كان موجودا فيه بصفة كونه رئيسا لحكومة مؤقتة مهمّتها محصورة بانتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس أمين الجميّل. انتهت ولاية أمين الجميّل في أيلول ـ سبتمبر 1988، فخرج من القصر الجمهوري، تماما مثلما خرج منه في أيار ـ مايو 2014 الرئيس ميشال سليمان الذي تبيّن أنّه شخص يحترم نفسه كما يحترم الدستور اللبناني.
بعد ربع قرن، على خروج ميشال عون من قصر بعبدا ولجوئه إلى السفارة الفرنسية، لم يتغيّر شيء في الرجل. يحاول مرّة أخرى الوصول إلى رئاسة الجمهورية عن طريق انقلاب ينفّذه.
يدفع اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا ثمن هذا الانقلاب الذي لا يصبّ سوى في خدمة قوى خارجية لها مآرب في لبنان.
في العام 1990، كان النظام السوري المستفيد الأوّل من كلّ ما قام به عون الذي أراد البقاء في قصر بعبدا ومنع الرئيس المنتخب شرعيا، وكان رينيه معوّض، من الوصول إلى القصر. كلّ ما فعله عون أنّه سهّل على النظام السوري، الذي كان يعتبر رينيه معوّض شخصية سياسية مقبولة من المسيحيين والمسلمين وقادرة على اتّباع نهج مستقلّ يصب في مصلحة لبنان، اغتيال الرجل. كان قصر بعبدا المكان الوحيد الذي يستطيع رينيه معوّض الاحتماء فيه من بطش النظام السوري الذي كان يخطط لوضع اليد على لبنان، كل لبنان والانقلاب على اتفاق الطائف الذي كرّس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
أراد النظام السوري بكلّ بساطة التحوّل إلى مرجعية سياسية وأمنية للبنانيين جميعا. بدأ بالتخلّص من رينيه معوّض الذي كان ذنبه أنّه يمتلك رصيدا وطنيا وإقليميا ودوليا يسمح له بتنفيذ الطائف حسب المفهوم اللبناني وليس حسب مفهوم النظام السوري.
بعد اغتيال رينيه معوّض ثمّ دخول العسكر السوري قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية، بفضل بطولات ميشال عون، بدأت مرحلة الوصاية السورية التي سعى الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى مقاومتها عن طريق القوّة الناعمة والنفس الطويل، وهو ما كلّفه حياته.
خاض ميشال عون في أثناء وجوده في قصر بعبدا بين خريف 1988 وخريف 1990 كلّ الحروب التي كان مطلوبا منه خوضها. كان مطلوبا منه، سوريا، خوض حرب مع المسلمين، فخاض تلك الحرب. كان مطلوبا منه، سوريا أيضا، خوض حرب مع “القوّات اللبنانية”، فخاض تلك الحرب. وعندما احتاج إلى ذخيرة ووقود لمتابعة تلك الحرب المسيحية ـ المسيحية، أمّن له النظام السوري كلّ ما يحتاجه عبر عملائه المحليين، من إيلي حبيقة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. كان مهمّا أن يقضي ميشال عون على المسيحيين وتهجير أكبر عدد منهم. أحسن ذلك، بل أجاد كل الإجادة في هذا المجال. ولما جاء وقت قطافه، في ظروف إقليمية مواتية، وفّرها غباء حليفه وقتذاك صدّام حسين، سقط ميشال عون ودخل جيش النظام السوري بعبدا وطرده من القصر الجمهوري.
في العام 2015، لم يتغيّر شيء. يؤدي ميشال عون الدور المطلوب منه ولكن لمصلحة إيران ممثّلة بأداتها اللبنانية المسمّاة “حزب الله”. يدعو ميشال عون أنصاره إلى التجمع على طريق قصر بعبدا الخالي من رئيس للجمهورية في حين مطلوب منه بكلّ بساطة النزول إلى مجلس النوّاب والمشاركة في تأمين النصاب المطلوب لانتخاب رئيس معقول مقبول من اللبنانيين جميعا يكون رمزا للاعتدال والقدرة على لعب الحكم بين الفئات المتناحرة والدفاع عن المصالح الحقيقية للبلد. في الواقع، يؤدّي ميشال عون الدور المطلوب منه.
كان سوريّا في 1990 وهو إيراني في 2015. كان النظام السوري يسعى قبل ربع قرن إلى التخلص من روح اتفاق الطائف وتحويل الاتفاق إلى وسيلة لفرض هيمنته على البلد. وجد ضالته في ميشال عون. الآن، نجد إيران تسعى إلى فرض وصايتها على لبنان والتخلص من اتفاق الطائف نفسه وليس من روحه الأصلية فقط. تريد إيران التخلّص من النظام اللبناني بدءا بمنع انتخاب رئيس للجمهورية. لم يعد ذلك سرّا، خصوصا أنّ المطلوب إيرانيا أن تجري انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية استنادا إلى قانون يعتمد النسبية.
الهدف النهائي واضح كلّ الوضوح. تريد إيران المثالثة بدل المناصفة. تريد موقعا ثابتا في النظام اللبناني يجعل من هذا النظام، عن طريق ما يسمّى الثالثة بين السنّة والشيعة والمسيحيين، رهينة لديها لا أكثر.
في النهاية، ليس الحقّ على ميشال عون الذي أنهك المسيحيين في لبنان وهجّر أكبر عدد منهم من البلد تحت شعار المطالبة بحقوقهم التي يختزلها بحقّه في أن يكون رئيسا للجمهورية بأيّ وسيلة كانت.
الحقّ، في الواقع، على كل مسيحي لا يمتلك ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بالواقع الأليم المتمثّل بأن ميشال عون كان دائما في خدمة النظام السوري الأقلّوي
الذي لم يكن لديه يوما من همّ لبناني سوى شنّ حرب على المسيحيين وإضعاف السنّة بكلّ الوسائل المتاحة، من الاغتيال الجسدي، كما حصل مع المفتي حسن خالد والرئيس رفيق الحريري… إلى الاغتيال السياسي كما حصل مع تقيّ الدين الصلح وصائب سلام.
يحقّ لأيّ مواطن لبناني يجد مسيحيا على استعداد لتلبية نداءات ميشال عون، التساؤل، هل الأزمة أزمة خاصة بفئة من المسيحيين في لبنان أم إنّها صارت أزمة المسيحيين في لبنان في وقت يعاد فيه رسم خرائط الدول في المنطقة، بما في ذلك خريطة سوريا؟
بين ميشال عون، الأداة السورية في 1990 وميشال عون الأداة لدى الأدوات الإيرانية في 2015، لم يعد مستبعدا أن يتحوّل مسيحيو لبنان إلى عملة نادرة على أرضهم في نهاية المخاض الطويل، بل الطويل جدّا، الذي يمرّ فيه الشرق الأوسط.

المواجهة من عدن إلى اسطنبول؟
علي حماده /النهار/10 تشرين الأول 2015
مع اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما عن ادخال تعديلات على برنامج التدريب والدعم لبعص فصائل المعارضة السورية، فإن الخطوة الاميركية تبقى متخلفة جدا قياسا لما تتعرض له المعارضة السورية من حرب مفتوحة على جبهتي النظام والايرانيين والروس من جهة، وتنظيم “داعش” من جهة اخرى. هذه الخطوة اقل من خجولة، انها من الناحية العملية خطوة تؤكد مرة جديدة التواطؤ الاميركي ضد الثورة السورية. تواطؤ دلت عليه السياسة الاميركية في جانبها العملي، اذ ان دعم الثورة لاسقاط بشار وكسر الجسر الايراني في سوريا ما كان يوما على اجندة باراك اوباما. وبعدما شارف بشار على الانهيار، وفشل الايرانيون وميليشياتهم اللبنانية والعراقية والباكستانية والافغانية فشلا ذريعا في قلب المعادلة على ارض المعركة، و وصل الثوار الى مشارف منطقة الساحل، معقل بشار، بالتوازي مع تقدمهم الكبير على جبهة الجنوب، تدخل القوة العظمى الثانية عسكريا بعد الولايات المتحدة في المعركة في محاولة لكسر الثورة، وتدمير الفصائل المقاتلة، وتشن حربها “المقدسة” وسط انكفاء اميركي يرقى الى تواطؤ ضمني مع روسيا لجهة النتائج العملية المترتبة عليه.
ان ادارة الرئيس باراك اوباما بإخلائها المسرح الشرق اوسطي بهذا الشكل، انما تدعو روسيا وايران الى ملء الفراغ، من دون ان تطرح بدائل في اطار الصيغة التحالفية مع اصدقائها في المنطقة، وبالتالي فإنها تعرض حلفاءها التاريخيين لافدح الاخطار. هذا الواقع ينطبق على المملكة العربية السعودية وتركيا اللتين تمثلان الثقل الاكبر في موازنة السياسة التوسعية الايرانية على كامل مسرح الشرق الاوسط، وهما تواجهان اليوم العدوان الروسي في سوريا الذي يهدد التوازنات في المنطقة بشكل مباشر، ولا يقل خطورة بنتائجه عن حدث قيام اسرائيل عام ١٩٤٨. ان الحرب الروسية على سوريا هي حرب على كل العرب، و تخطىء مصر بقيادتها الحالية بإتخاذها موقفا مؤيدا للعدوان الروسي اليوم، مثلما اخطأت قبلا حين أيدت ضمنا وعمليا بشار قاتل الاطفال السوريين، فالعداء للاخوان المسلمين في مصر لا يمكن ان يكون مبررا ومقبولا للوقوف مع قاتل الاطفال بشار الاسد ولا فلاديمير بوتين وحربه “المقدسة” في سوريا.
ان الحرب التي تشنها موسكو لا تخيف الثوار في سوريا، فلا روسيا بوتين اقوى من الاتحاد السوفياتي ايام ليونيد بريجنيف ويوري اندروبوف، والثورة السورية لا تقل قدرة على المقاومة الفاعلة مما كانت عليه فصائل المقاومة الافغانية في تلك المرحلة. اما دول الاقليم الكبرى مثل السعودية وتركيا فليست اقل قدرة مما كانت عليه الدول الداعمة للمجاهدين الافغان. ان الثوار ملزمون المقاومة والاهم ان يوحدوا صفوفهم، فهم يواجهون اكبر تحالف دولي اقليمي. وهم ملزمون بحشد الدعم من كل مكان لمواجهة العدوان الروسي.
لا بد من المعركة، ولا بد من جبهة مواجهة اقليمية من الرياض الى انقرة، لان المطروح اليوم على الطاولة هو مصير المنطقة بأسرها من عدن الى اسطنبول.

 

عون يعيش الحلم
خالد موسى/ موقع 14 آذار/11 تشرين الأول/15
تتوجه الأنظار اليوم نحو قصر بعبدا، حيث التظاهرة التي يقيمها التيار “الوطني الحر” بمناسبة ذكرى شهداء معركة 13 تشرين الأول 1990، خصوصاً أن هذه التظاهرة تتزامن مع إنسداد الأفق أمام التسويات لا سيما المتعلقة بالترقيات ومن بينها ترقية صهر الجنرال قائد فوج المغاوير في الجيش اللبناني العميد شامل روكوز الى رتبة لواء مع العلم أن ليل الأربعاء – الخميس يحال الى التقاعد. وعلى هذا الأساس ينتظر الأقطاب الكلمة المرتقبة التي سيلقيها عون أمام قصر بعبدا، وما ستتضمن من مواقف ممكن أن تعمل على تأزيم الوضع في البلد أكثر، خصوصاً إذا ما قرر قلب الطاولة على الجميع والإنسحاب من الحوار وسحب وزرائه كذلك من الحكومة المتوقفة عن عقد الجلسات نتيجة تعطيلها من قبل عون نفسه وحلفائه.
بالتزامن، تتواصل التحضيرات اللوجستية على قدم وساق أمام القصر وتنشط الماكينة الحزبية للتيار “الوطني الحر” في كل المناطق من أجل الحشد لتظاهرة اليوم، وهي تتواصل مع جميع المحازبين من مختلف المناطق اللبنانية لإعادة لم الشمل وتجميع أكبر حشد من المواطنين في تلك البقعة عشية الذكرى، كما تعمل على تأمين النقل لهم من وإلى بعبدا.في حين تتخذ القوى الأمنية والعسكرية إجراءات أمنية مشددة مواكبة للتظاهرة على طول الطريق الممتد من بيروت حتى قصر بعبدا، حفاظاً على سلامة التظاهرة ومنعاً للقيام بأي أعمال. فكيف تنظر الأقطاب المسيحية الأخرى الى هذه التظاهرة، وهل ستكون كما سابقاتها؟.
الهبر: التصعيد الذي يقوم به الجنرال ليس بمحله
في هذا السياق، يعتبر عضو كتلة “الكتائب اللبنانية” النائب فادي الهبر، في حديث خاص لموقع “14 آذار”، أن “التصعيد الذي يقوم به الجنرال في كل مرة لا يكون بمحله، في وقت يعيش به البلد حراكا شعبيا كبيرا ضد كل الطبقة السياسية”، مشيراً الى انه “على الجنرال عون ان يسأل نفسه: أليس موجوداً في الحوار، وفي الحكومة؟”.
ويلفت الى أن “النائب عون يريد أن يكون رئيساً للجمهورية بينما يعطل هو نفسه مع حلفائه حصول هذه الإنتخاب، فهو يقوم بالشيء ونقيضه على قاعدة خالف تعرف”، مشيراً الى أن “عون إنتهازي بامتياز فهو يستغل مناسبة كذكرى شهداء 13 تشرين الأول من أجل تحقيق مصالحه الشخصية”.
ويشدد الهبر على أن “البلد بحاجة اليوم الى الإستقرار والتوجه الى الملفات الرئيسية وأولها انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الإنتظام الى الحياة السياسية المعطلة في البلد”.
سعد: حزب الله سيكون حاضرا
بدوره، يعتبر عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب أنطوان سعد، في حديث خاص لموقعنا، أن “عون سيحاول التصعيد غداً من خلال تأمين حشد كبير أمام القصر ليقول أن لديه تمثيل كبير على أرض وانه يمثل أكبر عدد من الشعب اللبناني”، مشيراً الى أن “الجنرال لن يكون وحيداً هناك، بل حزب الله سيعمد الى دعمه بأعداد كبيرة من المشاركين”.
وفي شأن الكلمة المرتقبة لعون، لفت الى أن “عون لن يذهب في التصعيد في ما خص الحكومة ولن يسحب وزراءه منها، بل سيدعوهم الى الإعتكاف وعدم حضور الجلسات”، مشدداً على انه “في حال قرر عون الدخول الى قصر بعبدا فإنها ستكون سابقة تاريخية في تاريخ الجمهورية، ويكون قد أنهى نفسه”.
وأشار الى ان “الكلمة التي سيلقيها الجنرال أمام القصر ممكن أن تخفف من عنجهيته خصوصاً انه يعتبر ان الوصول الى قصر بعبدا حلم يراوده منذ وجوده على رأس المؤسسة العسكرية، أو ممكن أن تزيد من حقده على الذين لم يوافقوا على انتخابه رئيساً للجمهورية وانا واحد من هؤلاء”، معتبراً ان “تسوية الترقيات لم تكن قانونية من الاساس، فمنذ بداية الجيش لما يحكي كما حكي اليوم عن موضوع الرتقيات العسكرية السياسية، وهذا ما يدفع ببعض العمداء والضباط باللجوء الى السياسيين من أجل الترقية وهذا يهدد إستقرار المؤسسة العسكرية، وانا أؤيد وزراء الكتاب والرئيس ميشال سليمان على موقف رفض التسوية مع محبتي واحترامي للعميد شامل روكوز الذي يستحق هذا الأمر ولكن ليس على حساب مستقبل المؤسسة العسكرية وإستمراريتها