د. نبيل خليفه: رسالة إلى الأخوة المتحاورين حول الرئيس التوافقي للجمهوريّة/الدكتور صلاح سلمان: رسالة إلى الشباب اللبناني الثائر

324

رسالة إلى الأخوة المتحاورين حول الرئيس التوافقي للجمهوريّة!
د. نبيل خليفه/النهار/2 تشرين الأول 2015
أسمح لنفسي بأن أوجّه الى حضرتكم هذه الرسالة وأعترف مسبقاً بأنني لست أكثر معرفة أو وطنية أو التزاماً من غيري، ولكنني كباحث عتيق في جغرافيا لبنان وتاريخه وتركيبته السوسيولوجية وواقعه الجيو-سياسي ومساره ومصيره… على خطى ميشال شيحا، أجد من واجبي الروحي والاخلاقي والفكري والوطني أن أتوجه اليكم وبكل احترام ومحبة، بهذه الرسالة الصغيرة والمعبرة في موضوع يعنيكم ويعني اللبنانيين جميعاً، ألا وهو اختيار الرئيس المناسب للجمهورية والشخصية المؤهلة والمتوافق عليها لشغل هذا المنصب. أعرف، وتعرفون، أن لدينا باقة متعددة ومتنوعة من الشخصيات المارونية الكفية لاستلام هذا المنصب. وهي شخصيات نعرفها وتعرفونها ونقدّرها وتقدرونها ونحترمها وتحترمونها! وأعرف وتعرفون أن لدى كل شخصية منكم مرشحاً يعمل ويأمل أن يصل سراً وعلانية وهذا من حقه وواجبه! وأعرف وتعرفون أن خياراتكم دقيقة وصعبة في ظلّ التجاذب الداخلي والاقليمي والدولي على لبنان والمنطقة.
وأعرف وتعرفون أن من يقع عليه الخيار ينبغي أن يتحلى بالمواصفات التي تجعله يحظى باهتمام واحترام وتقدير كل الطوائف والزعامات والأحزاب والقوى الحية في المجتمع… أو بمعظمها على أقلّ تقدير! ولكن دعوني اصارحكم بأن كل اختيار له مبرراته النابعة من المواصفات الشخصية والوطنية والفكرية والسياسية للمرشح وهي مستوحاة من تاريخ الرجل ومساره السياسي والعقائدي والاخلاقي على امتداد نصف قرن بحيث بقي رجل الرهان على شعبه ووطنه… وليس رجل الارتهان للآخرين؟ ويمكن اختصار هذه المواصفات بأربعة أساسية:
أولاها: صفته التمثيلية لطائفته ووطنه بأن يكون لبنانوياً مارونوياً بالمعنى الايديولوجي والجيو-سياسي للكلمة وليس بالمعنى السياسي والرقمي.
ثانيتها: تاريخ علاقته بالعائلات اللبنانية “المتشاركة” وموقعه على الخريطة اللبنانية جغرافياً وطائفياً وفكرياً وسياسياً، أي: تاريخ نضاله السياسي.
ثالثتها: مدى قدرته على التوقّع والتبصّر (prévoyance) في بلد يواجه الصعاب والمطبات والصراعات وهو لوضعه الصعب في حاجة الى سلطة الأفكار وليس سلطة الأوهام.
رابعتها: إن حكم الافكار يعني، اول ما يعني، حكم الدستور والقانون خدمة للمجتمع، وفي ضوء فهم عميق وصحيح للتركيبة المجتمعية اللبنانية والانماء المتوازن. من هنا وجوب أن يكون رئيس لبنان، اول ما يكون، رجل دستور وقانون وعدالة وإنماء، خصوصاً في ظروفنا الحالية الصعبة. وليس من قبيل الصدف أن يكون ميشال شيحا واضع أول دستور للبنان عام 1926 هو، ويبقى معتبراً حتى اليوم، وغداً، الرئيس الفخري غير المنتخب للجمهورية اللبنانية.
إن الشخص المكمّل لخط ميشال شيحا حالياً، فكراً ودوراً ورسالة، وواضع مشروع تعديلات دستور الطائف إنه بكل فخر وتواضع في آن المحامي إدمون رزق. فهو رمز وحدة اللبنانيين، وأحد أبرز رجال الدستور في لبنان. وهو اللبنانوي المارونوي الحامل في عقله وقلبه لبنان الكيان النهائي من البحر المتوسط الى خط القمم الشرقية ومن “درجة الحمرا” جنوباً الى “ممرّ الزمراني” شمالاً. وهو المناضل لأكثر من نصف قرن في خط جماعة الفلاحين الموارنة المقاومين من أجل الحرية في كل لبنان ولا سيما جنوبه. ومدينة الشلال جزين تحديداً! والعامل للوئام والوصول بين جبل المشايخ الدروز وجبل عامل الشيعة.
وهو رجل العروبة انتماء وبلاغة وثقافة وحضارة، وهو رجل الامامة المنبرية – العاشورائية على امتداد الجنوب وبيروت والبقاع طوال أربعين عاماً بشهادة الأئمة الشيعة والقادة، وفي مقدمهم الامام موسى الصدر والرئيس نبيه بري! باختصار ووضوح ومسؤولية: نحن امام خيار مناسب للبنان واللبنانيين، جميع اللبنانيين… والعرب والعالم! يأمل اللبنانيون أن يسمعوا من القادة المتحاوين كلاماً يقوله البطاركة،ـ عندنا، لدى تنصيب احد المطارنة على كرسيه الراعوي… “إنه لمستحق ومستأهل”. حقاً، إن إدمون رزق لمستحق ومستأهل! وفقكم الله. ورعى لبنان… واللبنانيين!

 

رسالة إلى الشباب اللبناني الثائر
الدكتور صلاح سلمان/النهار/2 تشرين الأول 2015
أخيراً استفاق ماردكم بعد طول انتظار، وبدأ يتحرك بقوة. إن هذا التطور المبارك الجديد بارقة الأمل الوحيدة لبقاء لبنان. النتائج الايجابية لهذه الاستفاقة بدأت تظهر، وكذلك بدأت حملات التخويف والحذر المنتظرة من أمراء السياسة وحماة نظامنا الفاشل، وهم المتهمون من ماردكم والخاسرون في حال نجاحكم.
لا عجب أن يجمع الخوف فرقاء الطبقة الحاكمة، وأن يسعوا بكل ما لديهم الى إحباط حركتكم لحماية أنفسهم وماضيهم ولتأمين استمرارهم في المستقبل على حساب المصلحة العامة، وحتى على حساب وجود لبنان. رجائي الاول ان لا تدعوا الطبقة الحاكمة تنتصر، فهي أساءت الامانة ولم تتصرف بمسؤولية في مهماتها السياسية والوطنية. إن النفاق السياسي والتصرف المذهبي وتفضيل المصالح الخاصة على العامة قواعد لم تحد عنها منذ الاستقلال. إن كل الضغوط المتوقعة التي يمارسها عليكم المتضررون، لتغيير مساركم، هدفها احباطكم. لذا لا لزوم للتسرع في رسم خريطة طريق كاملة للبنان المستقبل ومعالجة الأمور الخلافية، لان الخلافات على تفاصيلها ستهدد وحدتكم ونجاح استمراركم. اعطوا ثورتكم الفتية الوقت الكافي لتتبلور وتنمو وتفرز قيادات حكيمة ومسؤولة، لا تدعوا انتقادات المتضررين من ثورتكم تؤثر في ثقتكم بأنفسكم والتشكيك في أهدافكم. رجائي الثاني أن تعطوا اكثر اهتمامكم حالياً الموضوعات التي يجمع اللبنانيون عليها كضرورة التغيير ومحاربة الفساد ومساءلة أصحاب القرار، ثم محاسبتهم، حفاظاً على وحدتكم الضرورية للنجاح… فضائح النفايات والكهرباء أصبحت معروفة، لكن المعلومات ما زالت ناقصة عن الاثراء غير المشروع واساءة استعمال السلطة التي تمارس بوقاحة وجرأة. إن المعلومات ما زالت ناقصة عن الاسباب التي تمنع الاستفادة من الثروة البترولية الموجودة عندنا، على رغم تعيين هيئة مسؤولة يتقاضى أعضاؤها رواتب عالية من دون أن يقوموا بأي خطة عملية. يجب كذلك اعادة النظر في قانون تعويضات النواب لتقصيرهم الفاضح في القيام بواجباتهم. قد يكون من المفيد بدء تأليف تجمعات متخصصة منكم لدرس هذه القضايا والقضايا المماثلة الكثيرة التي يجمع عليها الرأي العام ومتابعتها ومنها أيضاً الاعتداءات المزمنة على الاملاك البحرية، وتأخر القضاء الفاضح في اصدار احكامه وممارسة استقلاليته. أيها الشباب الثائر، إن مهمتكم مقدسة، اذ أن مستقبل لبنان، وحتى وجوده، متوقف عليكم وعلى نجاحكم. انت الأمل الوحيد، لا تخيبوا آمال الأكثرية الصامتة وأحلامكم. إن الطريق طويل وشائك، ولكن لا بد من سلوكه، اذا كنتم جادين في المحافظة على الوطن. الدكتور صلاح سلمان/وزير سابق