سيمون أبو فاضل: جعجع يواجه عون رئاسياً

382

سيمون أبو فاضل- جعجع يواجه عون رئاسياً
الإثنين, 2015/09/14
طغت زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية الى قطر بعيد القداس السنوي لشهداء القوات اللبنانية على المواقف التي أطلقها في هذه المناسبة حيث يوفر الرجل ذو النفس الطويل كلاما نوعيا لإعلانه في هذه المناسبة التي يخاطب فيها «ذوي الذكرى والمناسبة» بنوع خاص في موازاة رسائل سياسية يوجهها في اتجاه القوى السياسية مؤكدا على ثوابته من عدة ملفات.
وشكل استقبال امير قطر تميم بن حمد للدكتور جعجع الذي استتبع بلقاءات مع مسوولين في القيادة في حد ذاته رسالة دعم للأخير كحليف مسيحي في الصراع الذي يشهده الشرق الأوسط، بعد ان كان استقبله الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مؤكدا له من زعامته لسنة العالم حرصه على دوره السياسي المحوري في المعادلة اللبنانية وكذلك على موقع المسيحيين الذي يشكل خيار جعجع السياسي واعتداله ضمانة لهم في ظل مناخات التطرف التي تصيب ابناء الإقليم العربي دون تفرقة.
لكن في طيات هاتين الزيارتين وفق اوساط دبلوماسية عربية مواكبة لتحرك جعجع الإقليمي والذي سيستتبع بزيارات الى عدة دول في مجلس التعاون الخليجي يكمن شق رئاسي مفاده ان فريق قوى 14 اذار بالتفاعل مع أصدقاء إقليمين وغربيين عمد الى فتح كوة في جدار الأزمة الرئاسية هادفا بذلك اخراج البلاد من الفراغ وسلبياته عندما باشرت هذه القوى بالاعلان عن استعدادها للتحاور مع قوى محور الممانعة حول رئيس توافقي وفق منطق بدا وكأن مرشح قوى 14 اذار سمير جعجع قد انسحب من المعركة وبقي منافسه مرشح محور الممانعة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. اذ شكل كلام كل من رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وكذلك جعجع لناحية استعدادهما كل على حدة او بالتكافل والتضامن معا اذا صح الامر تعزيزا لموقع عون الذي كان يؤكد وحلفاؤه على ترشحه الذي لا عودة عنه.
اذ بين هذا الواقع وكأن قوى 14 اذار التي ترافقها الخسارات الدائمة ومن ثم حلفائها الإقليميين وكأنها تراجعت عن ترشيح جعجع في حين يمضي عون بقراره وبدا كأنه لا يزال وحده على هذه الحلبة، فكانت الزيارات مع جعجع ليس فقط الزعيم المسيحي بل المرشح الرئاسي المستمر في ترشحه على ما اعلن في حديثه للإعلام القطري ابان زيارته الدوحة.
اذ تندرج اللقاءات السعودية – القطرية حسب الاوساط الخليجية في جانبها الرئاسي في خانة احتضان جعجع كمرشح وداعم للطائف وحليف صلب يعول عليه في حال المواجهة وهو الذي لم يخفِ في كلمته بعيد قداس معراب التذكير انه في حال فرض الامر «نحن قوات»، اذ ان عودة جعجع الى السباق الرئاسي يهدف لتحقيق التوازن مع عون وتصويب الامر بعدما بدا محور الممانعة مستمر في دعمه لترشيحه مهما كانت الأسباب معززا بان عون لم يعلن عن تراجعه مرة ولم يطرح كما جعجع الدعوة للتفاهم على رئيس توافقي بما يعني ان هذا المحور يتصرف على انه لن يتراجع عن مضيّه في ترشيح «جنرال الرابية» في وقت مرتقب ان تشهد المنطقة تفاهمات مفترض ان تكون القوى مستعدة لها من خلال توازنات جديدة، وهو ما حدا بالذين ايدوا تساهل جعجع الرئاسي وجدوا لاحقا ان الامر لم يحقق مراده، فلا ضرر في دعم الحليف جعجع لمواجهة عون رئاسيا في ظل تفاهم النوايا الذي «يهذب» الخلاف والمنافسة بينهما.
اما فيما خص الكلام الذي أطلقه جعجع في معراب لاسيما الذي لا يستطيع سواه التجرؤ عليه تضيف الاوساط، فيما خص انتقاده للقوى الفاسدة دون تفرقة لعدم انخراطه في هذه المنظومة باقرار من رئيس حزب التوحيد اللبناني وئام وهاب بما يحاكي شهادة «الايزو» الدولية نظراً لموقعه المضاد سياسيا لجعجع، وايضا مقاطعته الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، استكمل رئيس القوات ترداده في زيارته ومشددا على ان الحوار دون جدوى استنادا الى التجارب السابقة، وهو موقف وفق حلفاء له في السياسة فقط، يشكل خسارة من جهة لناحية غياب منطق النقاش الذي يعتمده في مواجهة قوى 8 اذار ام من خلال موفده نظرا لكونه في هذا الظرف يغني موقف فريق 14 اذار الذي لا يصل في سقف النقاش المفصل موضوعيا حسب اوساط حليفة الى الحد الذي يعتمده جعجع على غرار ما اثار من ملفات ابان جلسات الحوار السابقة اذ ان غياب القوات اللبنانية عن طاولة الحوار يريح في بعض الجوانب قوى الممانعة وايضا عون، لكون مطالبة رئيس القوات بضرورة تأمين النصاب سيصيب مباشرة منافسه الرئاسي في توقيت لا يجده مناسبا، اذ لا طاولة الحوار ستحقق نتيجة ليشارك فيها ولا عون مستعد للتراجع عن ترشحه ليفاتحه بالموضوع مباشرة.
لذلك فضل جعجع ان يتحرك خارجيا مستكشفا ترددات الاتفاق النووي وتداعياته على الساحة اللبنانية والازمة السورية بتأثيراتها المباشرة على كافة المنطقة متقاطعا في موقفه الاصلاحي مع الحراك المدني الذي توافق معه على منسوب الفساد المستشري في المؤسسات المفترض ان تعود الى دورها ومهامها من خلال انتخاب رئيس للبلاد يعيد توجيه هذه المنظومة في هذا النظام .
وقد بدا واضحا من كلام القيادي المسيحي «الحذر» والذي ينسج تحالفاته وعلاقاته بدقة ان ما احرزه مع التيار الوطني الحر من تفاهم طوى صفحة عقدين وأكثر من النصف على خلافاتهما، رسخه في خطاب الشهداء في معراب في موازاة تطوير علاقته مع المؤسسة العسكرية وعقد مصالحة متبادلة من الجانبين احدى معالمها حماسة شبان من البيئة القواتية للدخول الى المدرسة الحربية بعدما شكلت مواقف جعجع الداعمة للجيش اللبناني والمؤكدة على دورها اطمئنانا لدى هؤلاء الشبان الذين باتوا في عداد التلامذة الضباط في خطوة تحصل للمرة الاولى بهذه الوتيرة، دون اغفال مفاخرته بصداقته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في موازاة حملته على كل القوى السياسية التي غرقت بالفساد …..دون تفرقة.