روجر كوهين: لكابوس السوري لأوباما/لي سميث/انتصار أوباما انتصارلإيران/سوسن الشاعر: أوركسترا تعزف ضد السعودية

431

الكابوس السوري لأوباما
روجر كوهين/الشرق الأوسط/13 أيلول/15
كاتب, نيويورك تايمز
تتحول سوريا، بمرور الوقت، إلى أكبر وصمة عار على جبين حكومة أوباما والكارثة ذات الأبعاد الهائلة التي يتعذر احتواؤها. تفاقمت حدة الحرب واتسعت رقعتها منذ أكثر من أربع سنوات. ولقد تعرضت البلاد على أثرها للدمار، وخرج 4 ملايين لاجئ من سكانها هاربين من الجحيم، واحتل تنظيم داعش الإرهابي الفراغ الناجم عن ذلك، ولا يزال الرئيس بشار الأسد يلقي ببراميله المتفجرة التي تحول شظاياها النساء والأطفال إلى أشلاء ممزقة. انتظرت جموع اللاجئين الفارين، في بادئ الأمر ولفترة طويلة، في معسكرات واهية في دول الجوار. كانوا يأملون في العودة إلى ديارهم. كما كانوا يملأون المعسكرات في تركيا والأردن ولبنان. إن أزمة اللاجئين السوريين ليست إلا وقائع الكارثة التي كان العالم في انتظارها.ولا يعتبر عدم القيام بشيء من القرارات التي تتساوى بقرار التدخل لفعل أي شيء. ويتأرجح بندول السياسة إلى ما لا نهاية ما بين التدخل أو الإحجام نظرا لأن الولايات المتحدة تعاني من اعتقاد ثابت بأنه باستطاعتها أن تحول العالم بأسره إلى مكان أفضل. حاول الرئيس أوباما كبح جماح الامتداد الأميركي الخارجي في أعقاب الحروب التي خاضتها من دون انتصارات حقيقية في كل من أفغانستان والعراق. ولقد تعامل بحصافة مع حالة الإرهاق الوطني الداخلية إثر المغامرات الأجنبية للإدارات السابقة. غير أن ذلك لا يكفي بحال، كما يدل عليه الوضع السوري الراهن. للرئيس أوباما إنجازات مهمة في مضمار السياسة الخارجية، بما في ذلك الاتفاقيات غير المسبوقة مع كل من إيران وكوبا التي تطلبت قدرا كبيرا من الشجاعة والمثابرة. ولكنه، وفي أماكن أخرى، غسل يديه تماما من الصراعات الدائرة في سوريا وليبيا التي لا يمكن للولايات المتحدة أن تدير ظهرها لها بكل بساطة. صرح الرئيس أوباما في عام 2011 قائلا: «لقد حان الوقت للرئيس الأسد للتنحي عن منصبه». وفي ذلك الوقت، وعلى نحو ما أكدت الأحداث اللاحقة، لم تكن لدى الرئيس أوباما أي سياسة تُذكر لإنجاز ذلك الهدف. كانت فرنسا على استعداد، في عام 2013، للانضمام إلى الولايات المتحدة في توجيه الضربات العسكرية ضد النظام السوري، غير أن الرئيس أوباما تنحى بعيدا في الدقيقة الأخيرة عن التمسك بما وصفه بالخطوط الحمراء حيال استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية. ووفقا لذلك، تعزز موقف الأسد. عبر مختلف المراحل، إذا كانت لدى السيد أوباما الإرادة الكافية، والإيمان بالقوة الأميركية، لكانت هناك خيارات يمكن التعامل من خلالها. كان يمكن القضاء على تلك الطائرات الحربية السورية التي تلقي بالمتفجرات على المدنيين العزل. ولكانت أقيمت منطقة آمنة تستقبل وتضم اللاجئين الفارين من القتال في الداخل. ولكن الأوضاع المغايرة للحقيقة، بطبيعة الحال، لا تحمل كثيرا من الزخم أو الأهمية. ولن نعرف أبدا حقيقة الأمر هناك. لن نعرف إلا حقائق الكابوس السوري المروع التي صارت تتبدى الآن أمام أعيننا، وفي أشكال مختلفة ومتنوعة، في اتجاه الغرب. إن سوريا الكسيرة سوف تظل معين الخلافات والاضطرابات الذي لا ينضب.
قصف أوباما ثم تراجع في ليبيا. ثم عاد واندفع ثم تقهقر في أفغانستان. أما في سوريا، فلم نشهده إلا مخاطبا ومترددا. إن القضية السورية تشكل التساؤل الذي يتعين على «مبادئ أوباما» المعلنة التعامل معه إذا ما كانت تود الفرار من وصمها بالتواضع المزري أو السقوط في هوة الفراغ أو اللامعنى. * خدمة «نيويورك تايمز»

أوركسترا تعزف ضد السعودية
سوسن الشاعر/الشرق الأوسط/13 أيلول/15
الحملة المضادة للمملكة العربية السعودية التي نشهدها هذه الأيام في الصحف الأميركية تدار بذات الطريقة التي أدارت بها شركة «فونتين للاتصالات» حملة مشابهة ضد البحرين في مايو (أيار) 2012. وبقليل من البحث يمكن الوصول إلى شركة العلاقات العامة المسؤولة عن حملة السعودية، حيث يتزامن نشر مقالات لكتّاب معروفين، وتقرير لمنظمة دولية، وتصريح لأحد المسؤولين، مع فعاليات تخصص لانتقاد الجهة المعنية بالحملة. فلم يكن مقال توماس فريدمان في «نيويورك تايمز» بتاريخ 3 سبتمبر (أيلول) يغرد منفردًا، إذ لحق مقال فريدمان تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في اليوم التالي (الجمعة 4 سبتمبر) يدور حول تقاعس الدول الـ6 الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية عن استضافة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الأهلية الطاحنة في بلادهم رغم توافر الإمكانات المادية الضخمة لدى تلك الدول بقولها: «إنها حالة لا مبالاة أو غياب تام للإرادة السياسية». يحتاج الأمر فقط لرصد ومتابعة التحركات المصاحبة لأي مقال يكتب ضد المملكة العربية السعودية في أي من الصحف الأميركية ليرى أن المقال لن يغرد منفردًا، إذ ستلحقه مجموعة مقالات. تلا ذلك سلسلة تقارير تصدرها منظمات «دولية» وما هي بدولية، ففي التقرير الذي نشرته «واشنطن بوست» كانت بصمات كينيث روس مدير منظمة «هيومان رايتس ووتش» واضحة بعد أن نقل التقرير عن حساب روس على «تويتر» صورة كاريكاتيرية ساخرة من دول الخليج صورها أنها دولة تحيط أبواب بلادها بأسوار شائكة تمنع اقتراب اللاجئين السوريين، وبالمقابل يظهر مسؤول عربي من نافذة الباب وهو يشير لباب الدولة الأوروبية المجاورة الذي تقف على أعتابه امرأة سورية وابنها ليقول للأوروبيين: «لماذا لا تفتحون لهما الباب؟ افتحوا الآن». ولن يطول الأمر حتى يتبع تحرك الصحيفتين ومنظمة «هيومان رايتس ووتش» تصريح لأحد المسؤولين الأميركيين حول موضوع ما قد يكون سياقه المرأة، وقد يكون دفاعًا عن أحد «البلوقرز» أو.. أو.. أو، لنعرف أن أيًا من تلك الأدوات لم يكن سوى آلة يحركها مايسترو يقود العزف. تدخل شركات العلاقات العامة ضمن القوى الناعمة كجهاز تنسيقي بين الأطراف المتعددة وتوظف بمهام الحملات السياسية التي تهدف إلى شحن رأي عام أو تحييده أو تأييده لصالح أحد الأطراف.
فإن أراد قسم من الإدارة الأميركية شحن الرأي العام الأميركي أو حتى الدولي ضد جهة أو دولة فإن هناك شركات يتم الاستعانة بها لتقوم بالحملات من ألفها إلى يائها، كما فعلت شركة فونتين التي أدارت حملة شهر مايو ضد البحرين، وهي شركة تتعامل بشكل دائم مع مجلس العلاقات الأميركية الإيرانية، ويستعين بها صندوق «يو إس إيدز»، إذ ساهمت في استكتاب عدة كتّاب معروفين ونشر تقرير لإحدى المنظمات الدولية ودشنت هذه التقارير في عدة عواصم في آن واحد حتى بدا الأمر أن العالم كله يعرف البحرين وهو ثائر ضدها، وكما يقول موقع الشركة «منهج فونتين الشامل تقوده الأهداف لا التكتيكات، بالحملات الناجحة وباستخدام الاتصالات والتكنولوجيا نقوم بالتغيير الاجتماعي المطلوب». شركات الاتصالات واحدة صمن أدوات «القوى الناعمة» التي أشير لها في عدة مقالات ودراسات لتكون جزءًا من أدوات التغيير في الدول العربية التي مر عليها ما سمي بالربيع العربي، ذكرتها كوندوليزا رايس في حديثها الشهير حول الفوضى الخلاقة، ولا تغرد منفردة إلا بقيادات مركزية وليست اعتباطية أو أنها تثور فجأة سويًا وتنطفئ فجأة سويًا. إن فهمنا اللعبة ووصلنا للاعبين واستوعبنا شروط اللعبة يسهل علينا امتصاص الضربات، كما تتكون لدينا فرصة لأخذ المبادرة بأنفسنا وإدارة الحملات المضادة الاستباقية.. في النهاية هي شركات ربحية، وهذا ما يجب أن تعيه دول مجلس التعاون، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

انتصار أوباما… انتصار لإيران
لي سميث/السياسة/13 أيلول/15
طغت الأسبوع الماضي مشاعر الانشراح والبهجة في البيت الأبيض عندما أعلنت عضو مجلس الشيوخ الأميركي باربارا ميكولسكي تأييدها للاتفاق النووي مع ايران, وبذلك تصبح باربارا العضو المؤيد ال¯ 34 في مجلس الشيوخ للاتفاق المذكور ومن شأن هذا التأييد حصول الرئيس باراك أوباما على الأصوات الكافية التي تكسبه حق استخدام الفيتو اذا صدر قرار نيابي برفض الاتفاق, الا أنه ليس من الواضح تماما سبب الاحتفال الكبير الذي تقيمه الادارة الأميركية حالياً خصوصاً أن أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ والنواب لايزالون يعارضون تلك المبادرة المتعلقة بالسياسة الخارجية من جانب أوباما, كما أن جانبا كبيرا من جمهور الشعب الأميركي لايزال يعارض هذا الاتفاق أيضا. وتشير نتائج استطلاع الرأي أن عدد الرافضين يبلغ ضعف عدد الموافقين وجرى هذا الاستطلاع منذ أسبوع واحد فقط, وبعبارة أخرى يمكن القول أن الادارة الأميركية كسبت هذه الجولة, الا أن الخلاف الشديد بشأن الاتفاقية النووية مع ايران لم ينته بعد.
الطرف الآخر في هذه اللعبة هو الجانب الايراني الذي اشترك في المفاوضات مع البيت الأبيض في طهران, واتضح ان هذا الجانب الذي يمثله نظام الملالي يركز اهتمامه على الساحة السياسية الأميركية ويرى ان الادارة الأميركية الحالية تعمل في بيئة مستقرة محمية قد تتغير بسرعة عندما تأتي ادارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض بعد 16 شهراً من اليوم, وعلى العكس من ادارة أوباما يرى المسؤولون في الجمهورية الاسلامية الايرانية أن الصراع المتعلق ببرنامج الأسلحة النووية سيستمر في المستقبل.
لقد ظل عنصر الثقة هو الركيزة الاساسية التي اعتمدت عليها سياسة البيت الأبيض في التعامل مع ايران, ومن المؤكد أن المسؤولين بالبيت الأبيض يكررون القول بأن خطة العمل الشاملة لا تتعلق بالثقة بقدر ما تتعلق بالتحقق مما يحدث على أرض الواقع, الا أن المسألة بالنسبة للرئيس أوباما لا تتعلق بما اذا كان النظام الايراني جديداً بالثقة, بقدر ما تتعلق بكيفية غرس الثقة في نفوس المسؤولين الايرانيين تجاه باراك أوباما ذاته.
ومنذ اليوم الأول للتفاوض والرئيس أوباما يحرص على تأكيد استعداده للتفاهم مع النظام الايراني وظل يراسل المرشد الأعلى لجمهورية ايران الاسلامية علي خامنئي, واعتذر له عن “التعديات المزعومة” ضد ايران, وأعرب له عن تأييده للنظام الايراني ضد الشعب الايراني
عندما خرج الشعب في مظاهرات ضد القادة الايرانيين المنحرفين في العام 2009, ووعد اوباما طهران انه لن يمس الرئيس السوري بشار الاسد بأي أذى لانه حليف لايران, وكشف البيت الابيض مرارا عن اسرار العمليات الاسرائيلية ضد شحنات الاسلحة الايرانية ل¯ “حزب الله” حليف ايران اللبناني, وخططت الادارة الاميركية لشن هجمات جوية ضد اعداء الديكتاتور بشار الاسد ما ساعده على البقاء على قيد الحياة, وارسلت طيارين اميركيين للقيام بطلعات جوية لمساعدة قوات الحرس الثوري الايراني في العراق, وفي الوقت ذاته تجاهلت الولايات المتحدة حلفاءها التقليديين في المنطقة, مثل المملكة العربية السعودية وتركيا, ووجهت لعناتها الى رئيس وزراء اسرائيل.
من المؤكد ان الايرانيين تساءلوا في عجب: هل يمكن الثقة بأوباما?
في المفاوضات التي جرت بين الطرفين ادى البيت الابيض دور “محامي ايران” ودافع عن طهران, وايد مطالبها عندما اعترضت فرنسا وشركاء اميركا في الاتحاد الاوروبي, وفي واشنطن هاجم البيت الابيض الاعضاء المترددين في حزب الرئيس نفسه, مثل عضوي الشيوخ روبرت ميندويز وتشارلز شومر اللذين عارضا الاتفاق النووي ورأى الرئيس ان من يعارض الاتفاق يضع اميركا في موقف حرب, وبهذه الطريقة اشار الى ان القوة العسكرية ليست خيارا مطروحا, وانه لا يريد انزال اي ضرر بالايرانيين وعلى هذا الاساس ينبغي عليهم ان يثقوا به والواقع ان الرئيس الاميركي كشف للايرانيين كيف يمكنه ان يتعامل مع حلفائه بخشونة, سواء أكان هؤلاء الحلفاء في الداخل او في الخارج.
الايرانيون لا يثقون باحد وهذه هي ثقافتهم السياسية وكأن في كل واحد منهم يحمل خنجرا موجها الى ظهر شخص اخر, وجميع الايرانيين يعتقدون ان علاقاتهم مع اميركا لن تتحسن مرة اخرى ولهذا السبب يرى النظام الايراني ان عليه ان يتحرك بسرعة لاقرار الحقائق على ارض الواقع وفي الآونة الاخيرة القي القبض في بيروت على احمد المغسل الذي خطط لتنفيذ عملية تفجير الخبر عام 1996 والتي راح ضحيتها 19 جنيا اميركيا وجرح 372 آخرين, وكان المغسل مسافرا من طهران الى بيروت بجواز سفر ايراني, وهناك احتمال كبير ان يكون قد سافر الى هناك لتحقيق هدف معين كمساعدة “حزب الله” في تنفيذ عمملية ضد اسرائيل او حلفاء اميركا في الخليج, وكانت السلطات الكويتية الشهر الماضي ضبطت شحنة اسلحة ايرانية كانت مخزنة في احد المواقع التابعة لمؤيدين ل¯ “حزب الله” وذكرت التقارير ان اثنين من الديبلوماسيين الايرانيين يعملان خارج السفارة الايرانية في مدينة الكويت متورطان بتلك الاسلحة.
ان ادارة اوباما تحتفل بالاتفاق النووي مع ايران باعتباره انتصارا سياسيا على خصوصا الذين هم في الواقع معظم افراد الشعب الاميركي, إلا ان هذا الانتصار تحقق بثمن باهظ تمثل في فتح باب الفرص امام الايرانيين, وعلى العكس من افتراضات البيت الابيض الانشائية البلاغية التي تقول ان الاتفاق النووي هو البديل الوحيد للحرب, نجد ان هذا الاتفاق, الذي يسهم في تقوية ايران يجعل الصراع والحرب اكثر احتمالا.
عن “ويكلي ستاندارد”
ترجمة محمد صفوت