ميشيل تويني: مليون عوني/روزانا بومنصف: كواليس مقايضات الساعات الأخيرة قبل الحوار /خالد موسى: هل ستنجح جلسة الحوار في خرق جدار الأزمة؟

348

مليون عوني؟
ميشيل تويني/النهار/9 أيلول 2015
بعد التظاهرة التي دعا اليها “التيار الوطني الحر” يوم الجمعة الفائت، لفتتني أحاديث ونقاشات حول عدد المتظاهرين والمشـــاركين. فمن لا يؤيـــد التيـــار قـال إن عـددهم كان مــا بين الـ 5000 والـ 10000. ومؤيدو التيار أكدوا أن العدد كان أكثر من 50000، حتى إن بعضهم اعتبر انه أكثر من 100000… والسؤال: هل أصبحنا وطن الساحات والأعداد؟ وما هي النقطة التي يريد اللبنانيون دوماً إثباتها لو وجد في الساحة عوني واحد أو مليون عوني، فما هو الفارق؟ ماذا سيتغير في المعادلة؟ في أزمة النفايات؟ في انتخاب الرئيس؟ في الوضع المعيشي والاقتصادي؟ في هجرة الشباب؟ في الفساد؟ في انتخاب مجلس نيابي جديد؟ هل الفكرة ان نبرهن ان هنالك آلاف المؤيدين للتيار؟ طبعاً الجميع يعلم ذلك، فالتيار يمثله نواب في المجلس وكتلته النيابية من أكبر الكتل، ولكل من نوابه مؤيدون ومناصرون، ولولا ذلك لما كان بامكانه أن ينجح في الانتخابات، وكذلك الأمر لدى الاحزاب الأخرى. فإذا دعا “الاشتراكي الجنبلاطي” أو “المستقبلي الحريري” أو “المقاوم الحزب الهي” أو “القواتي الجعجعي” أو “الكتائبي الجميلي” الى تظاهرة فستكون الأعداد بالمثل لانه معروف ان في لبنان “لكل زعيم جماعتو ومؤيديه”. وفي المقابل هناك موجة جديدة غير واضحة المعالم بعد وغير منظَّمة مؤلفة من بعض جماعات الشيوعيين وبعض فاقدي الأمل وبعض الجماعات الشبابية التي تأمل في التغيير، وبعض المندسين يجتمعون أيضاً في الساحات تحت اسماء مختلفة من “بدنا نحاسب” الى “طلعت ريحتكم” الى غيرهم! لكن كل هذا لا يهم، ولا يهم ساحة من أكبر من سواه ومن لديه أعداد أكبر ومن يجمع فنانين أكثر (علماً ان هواية البعض أصبحت المشاركة في كل التظاهرات). كل ذلك لم يعد مهماً. ما يهم ان الذين هم الى طاولة الحوار وفي الحكومة وفي المجلس يجب ان يتصرفوا بوعي وحكمة وأن يجدوا حلاً للنفايات اليوم قبل الغد، ومن ثم الاتفاق على قانون انتخاب عادل للمواطن لا لحصصهم النيابية، وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً! وعليهم الاجتماع لساعات وساعات حتى إيجاد حل ووقف لعبة الساحات والمندسين والرهانات الخارجية لأنهم بذلك يعدمون الوطن والجمهورية والدولة أكثر فأكثر… أن يكون هناك مليون عوني في الساحة أو عوني واحد فهذا لم يعد مهماً، وان تتحول تظاهرة التيار تحدياً “لطلعت ريحتكم” فهذا أمر سخيف، وان تكون التظاهرة رسالة قبل الحوار وبعد تعيين جبران باسيل رئيساً للتيار فهذا أيضاً لا يهم، لأننا في حالة طوارئ وانهيار في لبنان، ولم يعد أي ضمير او رؤية وطنية تتحمل سياسة النكايات والساحات والاعداد والاعتصامات، بل بتنا في حاجة ملحة الى سياسة الحكمة ورجال الدولة وخصوصاً رجال القرار!

كواليس مقايضات الساعات الأخيرة قبل الحوار الابتزاز يدفع بالحكومة إلى مشارف النزاع
روزانا بومنصف/النهار/9 أيلول 2015

عشية الجلسة الأولى من الحوار المحدد موعده اليوم في مجلس النواب وجولة جديدة في الشارع لمجموعات من الحركات الشعبية بدا بعض المسؤولين في سباق محموم مع الوقت من اجل انقاذ طاولة الحوار وتقديم شيء ما يرجح ان يكون في موضوع ازمة النفايات من اجل تنفيس الحركة الشعبية وافقادها زخمها الضاغط على المسؤولين وحوارهم استناداً الى استمرار المراوحة في موضوع النفايات. الاتصالات كانت تجرى في كل الاتجاهات وكانت ثمة اجوبة في انتظار موقف “حزب الله” عن مطمر فيما كان رفض مطمرين في البقاع تم اقتراحهما لكي يصار الاعلان عن خطة متكاملة تشمل مجموعة مطامر تشارك فيها جميع الجهات. خلال المساعي المتواصلة بدت المسألة متوقفة على جواب “حزب الله” من اجل الاعلان عن خطة النفايات فيما تردد ان العماد ميشال عون لم يبد تعاوناً في موضوع كسارات أو مطامر في جبيل وكسروان. لم يخف البعض خشيته من ان يكون جواب “حزب الله” معلقاً على التسوية المرتبطة بايجاد مخرج للعماد ميشال عون في ما يتعلق بموضوع صهره قائد المغاوير العميد شامل روكز من ضمن ما يتم تداوله منذ بعض الوقت أي ترقيته مع بضعة ضباط عمداء الى رتبة لواء بحيث تحفظ له هذه الترقية احتمال تعيينه السنة المقبلة قائداً للجيش وفقاً لرغبة العماد عون. ففيما كانت المناقشات جدية والنية صادقة في اعطاء الجنرال ما يحلحل ازمة الحكومة رفع سقف شروطه لجهة مطالبته بتعيين روكز قائداً لأفواج النخبة في الجيش في اطار استحداث منصب لترفيعه الى رتبة لواء. وقيادة أفواج النخبة تتخطى قيادته للمغاوير لتشمل مجموعة من الألوية بما من شأنه ان يجعله في موقع رديف لقائد الجيش أو انه يجعل من قائد الجيش العماد جان قهوجي بمثابة من يشغل موقعاً ادارياً نتيجة تفريغ موقعه لمصلحة ما يطالب به عون أي ما يسمى قيادة أفواج النخبة. وهذه المطالبة بدت مستحيلة ليس في اقناع الأفرقاء السياسيين بها فحسب بل في ما تدخله من تعديلات على هيكلية الجيش وهرميته وقيادته ما يجعل متعذراً حتى على قائد الجيش اقتراح أمر مماثل على وزير الدفاع باعتبار ان الأمر يحتاج الى اقتراح يتقدم به هو. وتفيد بعض المعلومات ان هذه المطالب المستحيلة وما قد تحدثه من متغيرات خطيرة في الجيش خدمة لمصالح هي على الأرجح شخصية وضعت بكركي في اجوائها في الساعات الماضية.
وتخشى مصادر سياسية ان يكون “الانحياز” الذي نسب الى السفير الأميركي ديفيد هيل في اطار تدخله من اجل اعطاء العماد ميشال عون منصباً تعويضياً لصهره بدلاً من قيادة الجيش في سبيل إبقاء الستاتيكو الحالي من دون أي تغيير وإبقاء الحكومة فاعلة بالحد الأدنى في ظل الظروف الحالية، هو ما قد شجع زعيم التيار العوني على رفع سقف مطالبه لاعتقاد منه بان الأفرقاء السياسيين عاجزون عن التملص من الضغوط الأميركية الراغبة في المحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار القائم حتى اشعار اخر وتالياً الضغط من اجل عدم السماح بخروج على السقف المطلوب. فيضطر الأفرقاء السياسيون من خصوم العماد عون الى تقديم تنازلات كبيرة من اجل الحفاظ على هذا الستاتيكو. وتبدي هذه المصادر انزعاجاً من النصائح التي يبديها السفير الأميركي في هذا الاطار كونها مكلفة جداً للبلد على صعد عدة وتشجع الآخرين على التعنت وتعطيل البلد حتى تلبية المطالب في حين ان الحافز الرئيسي لذلك عدم قدرة الولايات المتحدة على ايلاء لبنان الأهمية اللازمة بحيث يتاح له تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتالياً فان هذا الستاتيكو في رأي المصادر المعنية بات مكلفاً جداً على الأفرقاء السياسيين وعلى البلد بحيث ان تعطيل الحكومة قسرياً عن العمل والانتاج لا يعني أن إبقاء الأمور على حالها أمر مفيد أو جيد بالنسبة الى البلد بل على العكس. وقد بات سياسيون كثر يعتبرون ان ثمن إبقاء الحكومة كهيكل من دون مضمون بات مكلفاً بدوره وان الوضع قد يحتاج الى اعلان الرئيس تمام سلام استقالته من اجل احداث الصدمة المطلوبة من جهة خصوصاً في حال لم يصار الى حل في موضوع النفايات ومحاولة مقايضته بمطالب امنية ومن اجل وقف الابتزاز من جهة اخرى. اذ ان المراسيم التي تم وقفها على رغم توقيعها لم تنشر في الجريدة الرسمية مع انها مراسيم لا تكتسب أي قيمة جوهرية وهي لتصريف شؤون الناس. وازاء هذا الابتزاز والتعطيل لا يختلف وضع الحكومة الحالي عن وضع حكومة تصريف الأعمال التي باتت فكرة يحض عليها افرقاء كثر بعدما اصبحت الحكومة بمثابة الجثة التي يتم محاولة انعاشها باثمان باهظة جداً ومن دون جدوى لان الابتزاز لن ينتهي وفق ما يعرف الجميع اكان السبب المعلن هو التعيينات الأمنية كذريعة أو سواها من الذرائع. وهو ما المح اليه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في مؤتمره الصحافي في شأن حض الرئيس تمام سلام على الضرب على الطاولة من اجل حل موضوع النفايات. يقول البعض ان على الكتف حمال نتيجة المواقف التي أطلقها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومقاطعته الحوار وربطه بشروط معينة. الأمر الذي لا ينعكس على الحكومة فحسب بل على طاولة الحوار أيضاً.

هل ستنجح جلسة الحوار في خرق جدار الأزمة؟
خالد موسى/موقع 14 آذار/09 أيلول/15
على وقع الحراك المدني في الشارع وتفاقم حجم الازمات السياسية والمعيشية، وأهمها المرتبطة بالنفايات يشهد لبنان اليوم جولة جديدة للحوار في ساحة النجمة تحت قبة البرلمان بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري. هذه الدعوة التي أتت متأخرة، يبدو أنها لن تنجح في الوصول الى خرق على صعيد أزمة الشغور الرئاسي، خصوصاً ان “حزب الله” استبق هذه الجلسة بتصاريح عدة مؤكداً أن العماد ميشال عون وحده هو المستحق لهذا المنصب، في حين أن بري اعتبر انه “في حال عدم التوافق على البند الأول فسينتقل المجتمعون الى مناقشة البند الثاني فوراً”. أما قوى “14 آذار” وخصوصاً “تيار المستقبل” فإنه يعتبر ويصر على ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو المدخل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية.
في المقابل يتحضر ناشطو الحراك المدني للتحرك بالتزامن مع عقد جلسة الحوار التي يشارك فيها رؤساء الكتل النيابية باستثناء حزب “القوات اللبنانية” الذي أعلن مقاطعته لهذا الحوار، وهي لهذه الغاية دعت الى اوسع مشاركة في التظاهرة التي تقيمها اليوم أمام مبنى جريدة النهار – وسط بيروت، لإسماع صوتها الى المعنيين بالأمر في المجلس النيابي. فهل سينجح هذا الحوار في خرق جدار الأزمة وكيف ستكون صورة تحركات المجتمع المدني اليوم؟
فايد: الحوار يعبّر عن استحالة التفاهم ضمن الحكومة
في هذا السياق، يعتبر عضو الأمانة العامة لقوى “14 آذار” راشد فايد، في حديث خاص لموقع “14 آذار” أن “الدعوة الى الحوار تعبير عن استحالة التفاهم ضمن الحكومة وأيضاً في الشارع، والدعوة هذه المرة كجميع الدعوات الأخرى، محاولة لإستيعاب أحداث تخطت قدرة الطاقم السياسي على إدارتها أو التعاطي معها”، مشيراً الى ان “الحوار في عام 2006 كان نتيجة أزمة والآن أيضاً نتيجة أزمة ولكن أتت من خارج الإطار السياسي ومن تحرك شعبي (بصرف النظر عن تقييمنا له) يستند الى مطالب محقة وكان تعبيرا عن اليأس من الطبقة السياسية بعدما فشلت في إيجاد حلول للأزمات المتراكمة”.
السيطرة على التفلت
وأشار فايد الى أن “الحوار يأتي كمحاولة للسيطرة على هذا التفلت من الإطار التقليدي للتعاطي مع الأوضاع الداخلية وتفاؤل في غير مكانه في إيجاد حل للأزمة المستمرة، فهذا الحوار يعود الى نقاط البداية، أي العودة الى المشكلة الأساسية، وهو يتجاهل القضية الأساسية التي هي سلاح حزب الله ويتناول النقاط الناجمة عن هذا السلاح وهيمنة السلاح وأولها رئاسة الجمهورية، والرئيس بري لا يبدو مصرا على حلها “.
واستبعد فايد “إمكانية التوافق على البند الأول وهو بند انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فحزب الله يستبق اللقاء بتصريحات أمس الأول أن عون هو الوحيد المستحق للرئاسة”، سائلاً:” ما هي معالم إستحقاق عون للرئاسة، فهل هو إرث أو حق رباني إلهي له بالرئاسة، أو هل هو إرث إسطوري لا يستطيع التخلي عنه؟”.
ورأى فايد أن “في تاريخ الرئاسة اللبنانية، لا أحد له الحق في الرئاسة، فلا يوجد توارث في رئاسة الجمهورية أو هناك معطيات تبرر لأن يكون هذا الشخص هو الرئيس دون غيره من المرشحين”، مشدداً على ان “من يمنع حتى الآن انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام الحياة العامة، لا يزال على موقفه وعلى علاقته باستراتيجية إيران في المنطقة ورغبتها التوسعية”.
وأضاف:”الحراك المدني يجب أن يتطرق الى أساس الفساد: اعتداء حزب الله على الدولة وسلبها قرارها باحتكار القوة، واعتداء الحزب على الأكثرية النيابية وهذا هو الفساد الرئيسي في الحياة الديموقراطية، وما ادى الى الفساد في مجالات الحياة الأخرى”.
منسجمة مع مبادئها
واعتبر فايد أن “القوات اللبنانية منسجمة مع موقفها المبدئي برفض الدخول في الحكومة ووقوفها خارج الحوار في المرحلة السابقة أيضاً”، نافياً “تغريد القوات خارج سرب 14 آذار، فحركة الرابع عشر من آذار ليست بجبهة سياسية بل هي تحالف وتآلف بين قوى سياسية، تختلف في بعض التفاصيل أحياناً ولكنها متفقة دائماً في العناوين الإستراتيجية وأساسيات إعادة بناء الدولة”.
وأشار فايد الى أن “المستقبل لم يدخل الحوار بل هو مستمر في الحوار، على طاولة أكبر من طاولة الحوار الثنائي مع حزب الله وهذا هو الفارق”، معتبراً أن “الجميع يدرك أن المعاندة الأساسية هي حرص تيار المستقبل وحلفائه على أن تكون الدولة هي السيدة والممسكة بقرار الحرب والسلم وبشؤون الناس مقابل حزب الله الذي يعتبر نفسه فوق الدولة وفي داخلها ايضاً في آن واحد”.
معلوف: تحركاتنا ستكون سلمية
من جهته، كشف الناشط في حملة “طلعت ريحتكم” مروان معلوف في حديث خاص لموقعنا، أن “الحملة دعت الى تحركين، الأول في الوقت نفسه بالتزامن مع جلسة الحوار بالقرب من مبنى النهار، والثاني الساعة السادسة مساء ايضاَ في المكان نفسه ويختتم الساعة السابعة والنصف أمام وزارة البيئة لتوجيه تحية الى المضربين عن الطعام”، موضحاً أنه “لن يكون هناك أي احتكاك مع القوى الأمنية، فتظاهراتنا وتحركاتنا سلمية من أجل إيصال غضبنا وسخطنا على هذه الطبقة الحاكمة التي فشلت في إيجاد حل لأزمة النفايات وهي تجتمع اليوم من خارج الدستور من أجل حماية نفسها”.