باسمة عطوي/يبقى انتخاب الرئيس العقدة والحل/علي حماده: سقف الحوار تمديد التهدئة/وليد أبي مرشد: حوار مع من؟

308

سقف الحوار تمديد “التهدئة”!
علي حماده/النهار/3 أيلول 2015
ما من شك في ان الحراك المدني (بصرف عن اسئلة كثيرة حوله لا تزال تحتاج الى اجابات) حرك الساحة اللبنانية القابعة في غرفة الانتظار الاقليمي. وما من شك في ان نجاح الحراك المشار اليه في استقطاب شرائح متعاطفة عابرة للطوائف اربك كل القوى السياسية الكبرى في البلد، ودفعها الى التفكير جديا في ان استسهال البقاء في حال المراوحة على النحو الذي جرى التفاهم عليه ضمنا مع تشكيل الحكومة الحالية يمكن ان ينقلب عليها ويزعزع مواقعها في اكثر من مكان. ومامن شك في ان القضايا المرفوعة من خلال الحراك المدني تحظى بشعبية مع وصول النفايات الى عتبات البيوت في كل مكان. كل هذه العوامل تؤكد ان الحراك فعل فعله في ايقاظ شعور وطني اجتماعي لا يزال في بداياته، لكنه بات موجودا وعلى القوى السياسية الكبرى ان تضعه في حساباتها من الان فصاعدا، بحيث انه صار لزاما استحضار البعد الاجتماعي في الحياة اللبنانية الوطنية الى جانب الصراع السياسي الكبير الذي لا يزال رغم كل ما حصل منذ بدء الحراك المدني يقسم اللبنانيين عموديا.
دعونا لا نتوهم اليوم ان الحراك المدني الواسع الاستقطاب بحدوده الاجتماعية قادر على تحقيق اختراق حقيقي في طبيعة الصراع السياسي الاكبر بوجهه الطائفي والمذهبي الحاد. بمعنى آخر، لا تزال امام الاستقطاب السياسي المعطوف على الطائفي والمذهبي، أيام طويلة قبل انتصار المواطنية اللبنانية الواحدة التي تتغذى اولا من المسألتين الاجتماعية والاقتصادية التي لا تفرق بين هذه الطائفة وتلك. نعم، لقد حركت الاحتجاجات المياه الراكدة، لكنها كلما وسعت نطاق حركتها واستقطابها ستقترب من نقطة احتكاك مع القوى الكبرى في البلد التي لا تزال تمسك بخيوط الحياة السياسية والاقتصادية، وبالتالي الاجتماعية في البلد. فلا يستخفن احد بقوة الاستقطاب الطائفي المذهبي الذي يمكن في لحظة من اللحظات ان يطل برأسه لتذكير الحراك المدني بان أحقية القضايا المطروحة غير كافية لاحداث تغيير فوري.
وفي هذا الاطار يأتي الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من الشهر الجاري ليعكس تفاهما بين مكونات التركيبة اللبنانية العميقة، ان لبنان يحتاج الآن الى جرعة “مهدئات” لامرار الوقت في انتظار “التسوية” الاقليمية المنتظرة.
ان الحوار الذي دعا اليه بري لن يأتي برئيس، فالاشارة الخضراء لم تضأ بعد. لكنه بمثابة تمديد لـ”التهدئة” التي لا ترقى الى تسوية، واطار يحمي حل المشاكل الطارئة التي لا تحتمل الانتظار مثل قضية النفايات. والحال ان حل موضوع النفايات على المديين القريب والمتوسط يخفض مستوى الاحتقان الاجتماعي بما يمكن لبنان من امرار مرحلة انتظار “التسوية” الاقليمية التي تبدأ بإختيار رئيس جديد للجمهورية، ليليها الاتفاق على قانون انتخاب، فإنتخابات نيابية تحرسها “التسوية” الاقليمية الموعودة.

حوار.. مع من؟
وليد أبي مرشد/الشرق الأوسط/03 أيلول/15
هل لمس أقطاب نظام المحاصصة الطائفية في لبنان الأبعاد المستقبلية لما حملته مظاهرات بيروت المطلبية من رسائل سياسية؟ أم ما زالت تصح فيهم مقولة المثل اللبناني الشعبي، «دق الماء تبقى ماء»؟ أبسط ما يمكن استخلاصه من الانتفاضة الشبابية على النظام أن استمراريته في وضعه الحالي المترهل لم تعد مضمونة بعد أن أفرز، على مدى العقد المنصرم، دولة فاشلة على كل الأصعدة – السياسية والاقتصادية والإدارية. ببساطة كلية، المرحلة التي يعيشها لبنان حاليًا هي مرحلة تغيير النظام لا تجميله. ولا يبدو مستبعدًا، بعد أن كشفت مظاهرات بيروت عمق الهوة التي تفصل السلطة عن الشارع، أن ما تذرع النواب به من أوضاع أمنية خطرة في المنطقة، قد لا تكون الدافع الوحيد لإقدامهم، مرتين، على تمديد ولايتهم البرلمانية، بل خشيتهم من مواجهة ناخب طفح كيله من السنوات العجاف التي يعيشها في عهدهم. لافت أن المؤشرات الأولية لرد فعل الأقطاب على رسالة المظاهرات لم تخرج عن إطار «العود على بدء»، وتحديدًا إلى تجربة حوار عام 2006 التي أظهرت أن أي حوار سياسي بين أقطاب النظام الواحد ينتهي بتأكيد خلافاتهم.. وليس بالضرورة حل عقد لبنان ومشكلاته. مع ذلك، شتان بين حوار عام 2006 وحوار عام 2015 الموعود. عام 2006، ما سمي «الحوار الوطني» كان حوارًا بين تيارين من أعمدة نظام سياسي واحد، تيارين متفقين بالذهنية ومختلفين بالولاءات – أي فريق «8 آذار» وفريق «14 آذار» – فكان من الطبيعي أن يقتصر الحوار عليهما وحدهما، كما كان من الطبيعي أيضًا أن يخلص إلى تفاهم ضمني على كسب الوقت لإطالة أمد تحكمهما بالسلطة. أما في عام 2015، فقد تحول «الآذاريون» – سواء انتموا إلى «8 آذار» أو «14 آذار» – إلى فريق سياسي واحد يواجه جيلاً صاعدًا يحمل رؤية عصرية للدولة ومفهومًا مدنيًا لدورها. ومع ذلك يصر «الآذاريون» على دفن رؤوسهم في الرمل ومحاورة أنفسهم بأنفسهم بمعزل عن ممثلي المجتمع المدني والحراك الشبابي رغم أنهما دافع دعوة الحوار وموضوعها في الوقت نفسه.
إقصاء ممثلي المجتمع المدني عن أي حوار جدي حول مستقبل النظام اللبناني لا يفقد هذا الحوار مصداقيته فحسب، بل يفوت على المتحاورين فرصة إصلاح النظام من داخل النظام وقبل أن تنهار مؤسسة الدولة على رؤوس الجميع.
يعلم معظم «الآذاريين»، في قرارة أنفسهم على الأقل، أن «خصام» اليوم فيهم جميعًا بلا استثناء، بمن فيهم اللاهثون وراء مصالح إيران الإقليمية على حساب الإصلاحات الداخلية، والمأخوذون بوهج الرئاسة اللبنانية الأولى وطرق اصطيادها، والغارقون لأذنيهم في ملاحقة الماضي بانتظار «يوم العدالة». ولكن ما لا يرغب «الآذاريون» الاعتراف به هو أنهم لم يعودوا «الخصم والحكم» في آنٍ واحد، فهناك جيل صاعد منعتق من الاصطفافات «الآذارية» يُحمّل كل «الآذاريين»، بمختلف تلاوينهم السياسية، مسؤولية حالة التردي التي يتخبط بها بلدهم اليوم. ألا يكفيهم دليلاً على ذلك أن لا تتوانى شريحة واسعة من لبنانيي الداخل عن إهانة كل سياسيي «النظام» دون استثناء بالحدة التي كشفت عنها مظاهرات بيروت الأخيرة؟ ألا يكفيهم أيضًا أن يرتضي لبنانيو الخارج نشر غسيل بلدهم الأم، بكل أوساخه، على أسطح العديد من عواصم العالم الكبرى ودول الانتشار اللبناني؟ مع ذلك، ورغم كل ما كاله المتظاهرون من شتائم كانوا بغنى عنها، وما حملوه من شعارات لاذعة، لم يتخلوا عن المطالبة بإعادة «الدولة» – العادلة والنزيهة – إلى لبنان.. فهل يلتقط «الآذاريون» هذا التوجه الإيجابي لبناء علاقة حوار مثمرة مع المجتمع المدني والاتفاق على قانون انتخاب نسبي يوسع قاعدة التمثيل الشعبي وينوعه بحيث يصبح المجلس النيابي القناة الدستورية لإعادة صياغة لبنان المستقبل؟

ويبقى انتخاب الرئيس «العقدة والحل»
باسمة عطوي/المستقبل/03 أيلول/15
يختلف وقع تأجيل إنتخاب رئيس للجمهورية إلى الثلاثين من أيلول الحالي، بسبب عدم إكتمال النصاب للمرة الثامنة والعشرين، عن المرات السابقة بسبب المشهد الذي ظهّره هذا التأجيل في اللحظة السياسية المأزومة التي تعيشها البلاد منذ 19 آب الماضي، بأن إنتخاب الرئيس هو«العقدة والحل« في بلد يجتاحه الفراغ منذ أربعمئة وخمسة وستين يوما، وحول أيام اللبنانيين إلى درب جلجلة دفعتهم إلى حراك شعبي أطلق مقتهم من طريقة إدارة السياسيين لإستحقاقاتهم الدستورية ومؤسساتهم الشرعية وملفاتهم الحياتية، من دون أن يتوقف هؤلاء السياسيين منذ25 أيار 2014 عن إطلاق مقارباتهم الخاصة لفك «أحجية إنتخاب رئيس»، بدءا من تسمية كل من 8 و14 آذار لمرشحيهم، ثم إقتراح 14 آذار لإختيار مرشح توافقي ورفض 8 آذار، وصولا إلى إقتراح التيار «الوطني الحر« تعديل الدستور وإنتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب، لتصل الازمة السياسية إلى عنق الزجاجة بإعلان مباشر من «حزب الله« وحلفائه بأنهم يساندون حليفهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للوصول إلى سدة الرئاسة، وفي ظل كل هذه المبادرات كانت الرهانات تتكثف بأن الاتفاق النووي الايراني سيحمل في طياته «كلمة السر» التي تمكن النواب من النزول إلى البرلمان وإنتخاب رئيس، في الوقت الذي لم تتوقف بكركي عن إلقاء «الحرم» على كل نائب يتقاعس عن أداء واجبه الوطني، فيما كان الشلل يتسلل إلى مجلس النواب والتعطيل إلى مجلس الوزراء تحت مسميات وملفات مختلفة. كل هذا المسار لم يؤد إلى فكفكة عقدة الرئاسة بل زادها يباسا، إلى أن جاءت «القشة التي قصمت ظهر البعير»، أي ملف النفايات الذي فشلت الحكومة في إيجاد الحلول الناجعة له، فكان الحراك الشعبي تحت عناوين مطلبية تحمل في طياتها إقرارا بأن عدم إنتخاب رئيس وتعطيل المؤسسات الدستورية هو مكمن الوجع وترياق الشفاء، وهذا ما أقرت به القوى السياسية بأشكال عدة كان أبرزها خلال اليومين الماضيين دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار بين الاقطاب السياسيين في 9 ايلول الجاري للبحث في جدول أعمال أبرز نقاطه إنتخاب رئيس للجمهورية، في الوقت الذي ذكر بيان المطارنة الموارنة خلال إجتماعهم أمس» بأن السبب الأساسي للإنحدار الحاصل، يكمن في غياب رأس ناظم للدولة«. كل ما سبق يشي بأن الأوجاع السياسية والاجتماعية والإقتصادية التي يعانيها اللبنانيون، تأتي من داء الفراغ الرئاسي، فهل يمكن للنواب الاستجابة لنداء «لبننة الاستحقاق» تحت ضغط اللحظة السياسية والإجتماعية المأزومة التي تعيشها البلاد؟، لا يمكن توقع النتائج التي ستسفر عن حوار 9 أيلول، لكن يمكن الاقرار بأن هذا الحوار سينعقد تحت ضغط الشارع المشمئز من تمادي الفراغ. وفي هذا الاطار يلفت عضو كتلة «المستقبل« النائب عمار حوري لـ«المستقبل»، الى أن على تحرك «طلعت ريحتكم» الذي سيتظاهر بالتزامن مع إنطلاق الحوار «أن يوجه مطالبه نحو إنتخاب رئيس لأنها الخطوة الاولى والصحيحة نحو فتح الآفاق في البلاد»، ويوافقه الرأي عضو كتلة «التحرير والتنمية« النائب ياسين جابر الذي يؤكد أن «صلاحيات الرئاسة الاولى هي المفتاح الذهبي للحياة الدستورية في لبنان، وطاولة الحوار المرتقبة ستجمع القيادات التي تملك مفتاح الاكثرية في المجلس النيابي».
ويشير عضو «اللقاء الديموقراطي« النائب هنري حلو الى ان «الرسائل التي يطلقها الشارع تصل إلى آذان القوى السياسية وهي بمثابة إنذار من إنفجار يمكن تجنبه عبر إنتخاب رئيس جديد». ويشدد عضو كتلة «القوات اللبنانية« النائب أنطوان زهرا على أن «إنتخاب رئيس هو بداية الحل، لكنه يشكك في إمكانية إستجابة النواب المعطلين للسير فيه من خلال جلوسهم على طاولة الحوار المرتقبة وهذا ما حصل في جولات الحوار السابقة»، ويوافقه الرأي عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميل الذي يشير إلى أن «كل الافرقاء السياسيين ممثلون في الحكومة ولكنها معطلة، وبالتالي الحوار المرتقب لن يؤدي إلى نتيجة والحل هو بقيام النواب بواجبهم كما ينص الدستور وإنتخاب رئيس». ويوضح عضو تكتل «التغيير والاصلاح« النائب ناجي غاريوس إلى أنه «منذ تطبيق الطائف لم يكن إنتخاب رئيس مدخلا للحل بل للتشنج السياسي في البلاد، وما نريده هو إنتخاب رئيس من الشعب». إذاً إقرار الجميع بأن إنتخاب رئيس هو الحل لا يمنع إستمرار إختلافهم في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، إذ يلفت الجميل، إلى أن «التمسك بمقولة «عون رئيسا أو لا أحد»هي قمة المهزلة، والطريقة الوحيدة لحل الازمة الحاصلة هي إنتخاب رئيس بحسب الدستور، وعدم التلطي خلف طاولة الحوار لأن كل الافرقاء ممثلون في الحكومة ولكنها معطلة».
ويوافقه زهرا قائلا «لا يبدو ان النواب الذين لا يحضرون جلسات الانتخاب مستعدون لتغيير سلوكهم،فحزب الله سيتذرع بالمسؤولية الاخلاقية تجاه حليفه النائب عون لكي لا يساهم في حل الازمة، ولا أعتقد أن الحوار المزمع عقده سيؤدي إلى نتيجة والحل هو إلتزام النواب بأحكام الدستور،وعلى الاطراف المعطلة للإنتخابات عدم التلطي وراء الخلاف المسيحي حول الرئاسة الاولى، بل عليهم القيام بواجبهم تجاه المسيحيين ، ولا يقومون بإهانة الدور المسيحي في لبنان عبر تعطيل النصاب». من جهته يعتبر غاريوس أنه «منذ تطبيق الطائف لم يكن إنتخاب رئيس مدخلا للحل بل للتشنج السياسي في البلاد، حيث تم التمديد لرئيسين بضغط دولي نتج عنه أزمة داخلية، وكان يمكن التمديد للرئيس ميشال سليمان لولا معارضة التيار الوطني، وما نريده هو إنتخاب رئيس من الشعب ونحن ذاهبون للحوار لنطالب بذلك».
ويشدد حلو على «أن إنتخاب رئيس هو مفتاح الحل، وعلى النواب الذين لا يحضرون جلسات الانتخاب سماع الرسائل التي يطلقها الناس في الشارع ، وهي بمثابة إنذار من إنفجار يمكن تجنبه عبر إنتخاب رئيس جديد».
ويلفت جابر إلى «أن صلاحيات الرئاسة الاولى هي المفتاح الذهبي للحياة الدستورية في لبنان، وطاولة الحوار المرتقبة ستجمع القيادات التي تملك مفتاح الاكثرية في المجلس النيابي، والصراخ في الشارع يجب أن يعترف به السياسيون والاتفاق على مخرج وحل له».
ويرى حوري أن على تحرك «طلعت ريحتكم» الذي سيتظاهر بالتزامن مع إنطلاق الحوار «أن يوجه مطالبه نحو إنتخاب رئيس لأنها الخطوة الاولى والصحيحة نحو فتح الافاق في البلاد، وعلى النواب الذين يعطلون الانتخابات الرئاسية ان يعرفوا أن إنتخاب رئيس هو مدخل للحل، لكن الجميع يعرف أنهم لا يقومون بواجبهم كترجمة لأجندة خارجية، فحزب الله ينفذ ما تطلبه الاجندة الإيرانية في المنطقة ويستخدم حليفه عون في تنفيذها».