محمد علي فرحات: لا طائف جديداً ولا دوحة/علي الأمين: لا ترحموا حراس الهيكل/داود الشريان: حرب المزز بين مصريين ولبنانيين/موناليزا فريحة: الأسد رئيساً فخرياً و”داعش” في الأمم المتحدة

414

 حرب المزز» بين مصريين ولبنانيين
داود الشريان/الحياة/02 أيلول/15

الأسبوع الماضي، دارت «معركة» حامية الوطيس بين مصريين ولبنانيين، على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تزال آثارها تتوالى. المعركة سُمِّيت «حرب المزز»، و «المزة»، صفة للفتاة الجميلة في اللهجة المصرية. ودائماً نسمع في الأفلام، والمسلسلات المصرية، عبارة «بنت مزة زي لهطة القشطة». القصة بدأت حين سخر مغرّدون مصريون من ملابس بعض المتظاهرات اللبنانيات في مسيرة «طلعت ريحتكم». وأبدى آخرون من المغرّدين إعجابهم بالمتظاهرات اللبنانيات، وحرصهنّ على كامل الأناقة، على رغم أنهن يتظاهرن احتجاجاً على أزمة النفايات. وتمنّى آخر أن يسوء الوضع في لبنان أكثر «وتأتي اللبنانيات لاجئات إلى مصر، وهنا يبدأ بعض المصريين الاستمتاع بهن بديلاً من المصريات غير الجميلات». المعركة الطريفة انتقلت من «تويتر» الى صحف ومدوّنات، ودخل على خطها بعض الصحافيين والإعلاميين. فردّ الإعلامي والمدوّن اللبناني، علي شهاب على معركة «المزز»، مخاطباً المصريين بقوله: «بلغنا أنكم تبدون إعجابكم بـ «المُزز» في تظاهراتنا، أولاً هذا من فضل ربي. ثانياً السر كل السر في خلطة الماكياج فلا تغرّنكم المظاهر. الجمال الحقيقي جمال الروح وحساب البنك». وكان رئيس تحرير «الشروق» المصرية، عماد الدين حسين، سبق شهاب وقدّم «اعتذاراً كبيراً إلى كل اللبنانيات»، معتبراً ما فعله بعض المدوّنين المصريين «قلة ذوق». وأضاف: «كنت أعتقد بأن الأمر قاصر على خفة الدّم لدى المصريين فى مثل هذه المواقف، لكن المفاجأة هي أن الواقع تخطّى التنكيت المتوقّع ليدخل فى باب قلة الأدب»! «معركة المزز»، رغم ما تخللها من عبارات غير مقبولة، لا تستحق كل هذا الغضب، وهذا ليس دعوة إلى التسامح مع التجاوز على الشعوب و «المزز»، لكن مَنْ يتابع ما يجري بين شعوب الدول الأوروبية في مناسبات مشابهة، سيجد أن ما فعله بعض المغرّدين المصريين، لا يُقارَن بما يحدث لدى الأوروبيين، وعلى رغم ذلك يمر عبر الصحف من باب الطرافة. وقصة «المزز» اللبنانيات تدخل في المعنى ذاته، لكن وجودها في «تويتر» زاد عيارها «حبتين وشويتين»، وهي ربما أصبحت بديلاً من تهم المذهبية والطائفية والعنصرية. هذه «المعركة» الطريفة، على رغم كل ما تضمّنته من عبارات جريئة، تبقى مؤشراً إلى حال أفضل بكثير من المزاج السائد بين شعوب منطقتنا. ومع استمرارها وتطورها ستتهذب ألفاظها، وترتقي معانيها، لذلك فإن غضبة بعض اللبنانيين واللبنانيات ليست في محلها، فضلاً عن أن المغرّد المصري كان دافعه الإعجاب بـ «المزز» اللبنانيات، لكنه من فرط الإعجاب تهوَّر.

لا ترحموا حراس الهيكل
علي الأمين/جنوبية/1 سبتمبر 2015
أنظروا ماذا يقول الإعلام الإسرائيلي عنهم؟ ألم تسمعوا أنهم يقولون عن هذا التحرك أنه ضد حزب الله… وأكثر: هو حراك ل”يساريي ولاية الفقيه” هم جماعة خندق الغميق وشبيحة حركة أمل وسرايا المقاومة. لم يسبق ان اجتمع حراس الهيكل كما اجتمعوا اليوم في مواجهة الحراك المدني. عدوان تموز الاسرائيلي عام 2006 لم يوحدهم كما وحدهم هذا الحراك. لم يتوحدوا في مواجهة الانهيار الذي تعانيه الدولة بمؤسساتها منذ سنوات. لم توحدهم السيادة، لم تجمعهم مهمة انتخاب رئيس للبلاد ومنع الفراغ الرئاسي المستمر منذ نحو سنة و4 أشهر. لم يعد وزير الداخلية نهاد المشنوق وزير 14 آذار ولا الحريرية السياسية وصولا الى الوهابية. لم توحدهم النفايات الا اذا كانت تحت رعاية بيئة المحاصصة والفساد. لم يوحدهم القانون ولا الدستور، بل توحدوا على مخالفتهما، بقوانين لمرة واحدة، وبذريعة التوافق لحماية حصصهم في مال الناس وفي تقاسم الوزارات والاجهزة الامنية… توحدوا في مشاريع الارتهان للمشاريع الخارجية، كلٌ على طريقته، من دون المسّ بمصالح الآخر، لكن بتفريغ الدولة من معناها وترسيخ نظام النهب والمحاصصة. منذ مساء الاثنين تفتقت عبقرية وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد لقائه خطيب حفلات التخرج الجامعي، “رجل الأمن والأمان” “اللواء المفدى” عباس ابراهيم، عن أن دولة عربية صغيرة هي من يقف وراء التحريض والعبث. و”الأسرار المهمة” يفترض أن يكشفها الوزير اليوم في مؤتمر صحافي. الابداعات الأمنية خلصت إلى أن نزول الناس إلى الشارع يجب ان يكون فقط فداء للزعيم، وذودا عن الطائفة، والحقوق لا معنى لها ان لم تكن حقوقاً مسيحية او اسلامية او شيعية او سنيّة او…. أمّا ان يخرج مواطنون لبنانيون ليعبروا عن وجعهم وغضبهم، وليطلقوا أشرف ظاهرة شعبية مدنية عرفها لبنان منذ سنوات، فهذا ليس من التقاليد اللبنانية ويعد تجاوزا للأعراف والقيم، بل هو مسّ بالقيم الدينية. ألم تروا ماذا قال أحد ناشطي ‫#‏طلعت_ريحتكم‬ عن الأديان؟ هذا الكافر بأديانكم التي حولتموها الى تجارة ذمم ودم وفساد. يحسن بوزير الداخلية ان يعلن توبته أمام المواطنين عن ارتكابه في تأييد الثورة السورية، ويحسن ان يتحضر لزيارة الرئيس بشار الأسد الذي اكتشف قبله ان ما جرى في بلاده ليس الا مؤامرة خارجية، ويحسن ان يتلو فعل الندامة لدى قيادة حزب الله لأنها كانت سبقته في اكتشاف مؤامرات امارة قطر على سورية والمقاومة الحزب اللاهية، وكيف كان عليه ان يلتقط، بذكائه المعهود، إشارات هذه المؤامرة منذ ان قرر حزب الله محو شعار “شكرا قطر” الذي لم يبق شارع او معلم لم يرفع عليه. لم يتعرض حراك في لبنان لاتهامات من قبل اركان السلطة وأزلامها كما تعرض الحراك المدني. فهو إذا حراك بإيعاز اميركي، وهو مقدمة لتنفيذ 7 أيار جديد، وهو حراك لإجهاض مطالب العماد ميشال عون العائلية، عفوا المسيحية، وهو حراك بإيعاز اسرائيلي. أنظروا ماذا يقول الإعلام الإسرائيلي عنهم؟ ألم تسمعوا أنهم يقولون عن هذا التحرك أنه ضد حزب الله… وأكثر: هو حراك ل”يساريي ولاية الفقيه” هم جماعة خندق الغميق وشبيحة حركة أمل وسرايا المقاومة. من وزع هذه الاتهامات وروج لها هم حراس هيكل السلطة، هم من وزّع الاتهامات واكتشفوا أخيرا، كما وعد المشنوق، ان المؤامرة هذه المرة من دولة عربية صغيرة، وليست من اميركا ولا من العدو الصهيوني ولا حتى من إيران.
الشعب اللبناني غير موجود. ليس هناك شعب. هناك قطعان في طوائف ومذاهب. هكذا يتعامل عقل السلطة وحراس هيكلها مع المواطنين. فأن يخرج الناس الى الشارع ويعبروا عن غضبهم من انتهاك حقوقهم واستباحة كراماتهم فهذا أمر مستغرب وغير طبيعي. وأن يدخلوا إلى مرفق عام فهذه من الكبائر، ما دام أنهم لا ينتمون الى طائفة واحدة او الى حزب من احزاب السلطة. هؤلاء هم فقط من يحق لهم ان يفعلوا ما يشاؤون والشواهد يعرفها الناس. لكن ان يمتنع حراس الهيكل عن انتخاب رئيس للجمهورية فهذا من حقهم، ومن حقهم ايضا ان يمددوا لأزلامهم في البرلمان. من حقهم ان ينتهكوا حقوق الناس في الحصول على الكهرباء، والماء، والتعلم والعمل الكريم، حقهم بألا يعيشوا بين أكوام النفايات. إحتلال مرفق عام هو الكارثة. وسوى ذلك هو النعيم، شاء الشعب أم أبى.

لا طائف جديداً ولا دوحة
محمد علي فرحات/الحياة/02 أيلول/15
المطلوب خيال جامح وتفاؤل في غير محله للقول إن مبادرة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بعقد حوار بين رؤساء الكتل النيابية، هي تجديد لأجواء ما قبل اتفاق الطائف 1989 أو ما قبل تفاهمات الدوحة 2008، وإن الحوار العتيد يمهد لمرحلة جديدة من الاستقرار تستند إلى دعم إقليمي. لا الطائف ولا الدوحة، فللعالم العربي حالياً مشاغل أكبر من لبنان، في صدارتها الحد من النفوذ الإيراني المتمادي، وقضم أجزاء من المنطقة بأنياب «داعش» وأشباهه. ولكن، يكفي بري أنه بين قلة قليلة في لبنان تحظى بعلاقات حسنة مع السعودية وإيران، وهذا يؤهله، على الأقل، لرعاية حوار سياسي محلي، كان يمكن حصوله يومياً في مجلس النواب قبل أن يقفل أبوابه وينقل استقطاباته إلى مجلس الوزراء معطلاً السلطة التنفيذية، وفي غياب رئيس جديد للجمهورية. إذاً، هي لعبة لربح الوقت في انتظار أن تتخطى النخبة الحاكمة خلافاتها، أو تحتفظ بها في المجال السياسي للانتقال إلى تعاون، وإن حذر، في مجال الخدمات، وأبرزها الكهرباء والتخلص من النفايات. ويبدو أن القضايا المغرقة في محليتها والتي تفتقد أي بعد سياسي، تحتاج أيضاً إلى ضوء أخضر إقليمي، بل إلى لفتة عدم اعتراض، على الأقل. دعوة بري مجرد تذكير للنواب بواجباتهم، بل بالجانب السهل – من الواجبات- الذي لا يتطلب التزاماً سياسياً حاداً أو تغييراً في الاصطفافات، إنما أخلاقيات أساسية يكاد السياسي اللبناني يفقدها في يوميات التحريض والتكاذب وتغييب المصلحة العامة.
البند الأول من الحوار غير خدمي إنما سياسي بامتياز: البحث في انتخاب رئيس للجمهورية. فكيف يتوصّل المتحاورون إلى تسهيل انتخاب رئيس للبلاد من دون الدخول في جوهر القضية: هل يتعهد الرئيس الجديد كأسلافه منذ تسعينات القرن الماضي بالمحافظة على سلاح «حزب الله» وتصرفه الحر باستخدام هذا السلاح، أم يرفض، طالباً من «حزب الله» «نقل» قيادته من طهران إلى بيروت والاندراج في هيئة دفاع وطنية يقودها الجيش بعقيدة مواجهة العدوان الإسرائيلي وعدم التدخُّل في شؤون الدول العربية الشقيقة؟
هذا هو جوهر التأجيل المتواصل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بذريعة عدم اكتمال نصاب حضور النواب، فالجميع ينتظر مصير سورية لحسم وظيفة سلاح «حزب الله»، وبالتالي انتخاب رئيس. ولنعترف أن العالم القريب والبعيد ينظر إلى لبنان من خلال «حزب الله»، وقد أعلوا قضيته، سلباً أو إيجاباً، وربطوها بمصير لبنان وشعبه. هكذا يبدو البند الأول من الحوار إقليمياً خارج أيدي المتحاورين، فيبقى لهم تشجيع الأداء الحكومي في مجال الخدمات، ومشاركة المتظاهرين الشباب في الضغط نحو الشفافية وتجاوز المحاصصة وشبهة الفساد اللصيقتين بالأداء السياسي اللبناني عموماً. لبنان السياسي أمام طريق مسدود، لكن ذلك لا ينفي وجود طرق مفتوحة للأداء الخدمي والاقتصادي في إطار قانون واحد لشعب واحد. أما الأداء الوطني الثقافي فيبدو مفتوحاً، ويظهر في المراحل الصعبة تعبيراً عن الانتماء إلى وطن لا إلى طبقة سياسية غرقت في بئر الارتهان، منذ ياسر عرفات وحافظ الأسد اللذين حكما لبنان سنوات باسم أفراد من هذه الطبقة. المبادرة الحوارية لرئيس البرلمان اللبناني يمكن أن تنجح حين تضخ الحياة في البرلمان ومجلس الوزراء، ولا تقتصر على تقطيع الوقت أو تعزيز تهدئة تتحقق في حوار «المستقبل»- «حزب الله»، لكن المبادرة تتطلب التواصل مع شبان وشابات في الساحات يحتاجون إلى مترجم بين لغتهم الواضحة والمباشرة والعملية ولغة السياسيين الغامضة والعمومية والنظرية. بين لغة شباب تعي سيولة الزمن وحتمية تداول السلطات، كبيرة كانت أم صغيرة، ولغة السياسيين الدهرية الجامدة.

الأسد رئيساً فخرياً و”داعش” في الأمم المتحدة
موناليزا فريحة/النهار/2 أيلول 2015
تضيق الخيارات أمام سوريا والسوريين. بين “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” ونظام الرئيس بشار الأسد صارت الاحتمالات السورية قاتمة. بين الموت هنا أو الغرق في البحر أو الاختناق في صندوق شاحنة أو الانذلال أمام خفر سواحل اليونان وحراس حدود المجر، باتت آفاق المستقبل مغلقة أمام السوريين وغامضة جداً. يوميات الموت في سوريا تكاد تصير من بديهيات الحرب. أعداد القتلى لم تعد تثير الاهتمام، إلا إذا تجاوزت “الكوتا” اليومية المقبولة. الجهد الديبلوماسي الجديد لسوريا ليس أكثر إشراقاً من مصير السوريين. بصيص النور الذي ولد مع الاتفاق النووي بدأ يتبدد. لقاءات المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دو ميستورا ووزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، أوحت في لحظة ما بتوزيع المهمات: الروس والأمم المتحدة يتولون الديبلوماسية العامة، بينما تتحرك واشنطن في الكواليس لئلا تثير حفيظة حلفائها الخليجيين المتوجسين من تقارب محتمل بينها وبين طهران. الديبلوماسية المكوكية هذه تكاد تذوي على عتبة “جنيف 3”. فمع تحديد مطلع تشرين الثاني موعدا لبدء الحديث عن مستقبل البلاد، تتوالى الاشارات من هنا وهناك الى تمسك كل طرف بموقفه. الأسد لا يزال الرئيس الشرعي بمعايير موسكو، وجيشه هو الوحيد القادر على محاربة “داعش”. وإذا صحت التقارير الأخيرة عن استعدادات روسيا للانخراط مباشرة في الحرب الى جانب قوات الأسد، فإن المشهد يصير مفتوحاً على تعقيدات أكبر.
على خلاف موسكو، لا يزال الاميركيون يصرون على أن الأسد ليس شريكاً في الحرب على “داعش” ولن يكون كذلك. وهم لا يرون، أقله علناً، للرئيس السوري مكاناً في العملية الانتقالية. وبين الأميركيين والروس، يقترح دو ميستورا خريطة طريق لتنفيذ “بيان جنيف” لا تشير بحسب صحيفة “الحياة” مباشرة إلى الأسد، لكنها تدعو إلى تأليف هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة “مع استثناء محتمل للسلطات البروتوكولية”. فقد السوريون الأمل في العالم وجهوده. صورهم يتسللون بين الأسلاك الشائكة على حدود هذه الدولة الأوروبية أو تلك، ويناطحون الأمواج في هذا البحر أو ذاك، ويتحدون جليد القطب الشمالي، وربما لاحقاً ثقب طبقة الأوزون بحثا عن حياة جديدة ليست إلا تعبيرا عن شعب قرر الا يلتفت وراءه. هؤلاء مدركون أن الحلول على نسق الأسد رئيساً فخرياً وربما “داعش” عضواً في الأمم المتحدة، لن تعيد السلام الى سوريا.