اميل خوري: 7 أيار ألغى مراسيم حكومة السنيورة /ثريا شاهين: إيران لن تُعطى في لبنان/علي نون: الجذر والفروع/خالد موسى: المجتمع المدني دعا الى تصحيح الحراك

335

أحداث 7 أيار ألغت مراسيم لحكومة السنيورة ويهدّد بها إذا لم تصحَّح مراسيم لحكومة سلام
اميل خوري /النهار/28 آب 2015
من سوء حظ لبنان أنه خضع لسياسة تعيين رؤسائه ومعظم وزرائه ونوابه زمن الوصاية السورية التي دامت 30 عاماً، وقد كافح اللبنانيّون طويلاً للتخلص من هذه الوصاية فكان لهم ما أرادوا عام 2005 على أمل أن يكونوا قد بلغوا سن الرشد وصار في إمكانهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم من دون وصاية أو تدخل أي خارج. لكن، ويا للأسف، ظهرت قوى سياسية وحزبية في لبنان قررت اعتماد سياسة التعطيل لأن نتائج الانتخابات النيابية عام 2005 وعام 2009 لم تعجبها كونها لم تأتِ لمصلحتها إنما لمصلحة مرشحي قوى 14 آذار. فبدأت هذه القوى بعد انتظامها في تكتل 8 آذار تمارس سياسة التعطيل عند تشكيل الحكومات، واستطاعت باسم احترام “الميثاق الوطني” و”الشركة الوطنية” تشكيلها من أكثرية 14 آذار ومن أقلية 8 آذار بحيث جمعت أضداداً في حكومة واحدة. وما زاد تعطيل عمل الحكومات وقلة انتاجها هو شرط أن تكون الأقليّة ممثّلة في كل حكومة بالثلث الذي يحقّق في نظرها “الشركة الصحيحة” في اتخاذ القرارات المهمّة ويحول دون استئثار الأكثرية بها. وقد أثبت هذا الثلث فعله عند قيام المحكمة الخاصة بلبنان كي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم مماثلة ارتكبت في لبنان، فقرر وزراء 8 آذار الاعتكاف والتغيّب عن جلسات مجلس الوزراء للحؤول دون إقرار النظام الأساسي للمحكمة. وعندما عجزوا عن ذلك اعتبروا أن كل مرسوم يصدر عن حكومة باتت في نظرهم غير ميثاقية، غير شرعي. وعندما استمرت الحكومة في عملها ولم تأبه لتغيّب وزراء عن جلسات مجلس الوزراء، قررت أحزاب وقوى سياسيّة في 8 آذار الاعتصام في ساحة رياض الصلح والاستمرار حتى تستقيل الحكومة. وعندما فشلت هذه القوى في إسقاط الحكومة بالاعتصام، عمدت إلى إسقاطها بقوة السلاح فكانت أحداث 7 أيار التي أرغمت الحكومة على إلغاء قرارات كانت سببها، وفرض الخروج منها عقد مؤتمر في الدوحة انتهى بفرض تشكيل حكومة “وحدة وطنية” تمثلت فيها كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، وفرضت انتخاب رئيس توافقي للجمهورية هو العماد ميشال سليمان وإجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الستين معدلاً تعديلاً طفيفاً. ويبدو أن القوى السياسية والحزبية التي تمارس سياسة التعطيل لم تغير عادتها حتى الآن، فعطلت انتخاب رئيس للجمهورية، ورفضت انتخاب مرشح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع من دون ان تقدم مرشحاً منافساً له لأن المطلوب إبقاء سدة الرئاسة شاغرة إلى أن تفرض إيران رئيساً من خطها السياسي أو مقبولاً منها، واضعة قوى 14 آذار بين خيارين: إما استمرار الشغور الرئاسي توصلاً إلى الفراغ الشامل، وإما انتخاب هذا الرئيس…
ولم تكتفِ القوى ذاتها بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية بل عمدت إلى تعطيل انتخاب مجلس نواب جديد بافتعال خلاف على قانون جديد للانتخاب فكان التمديد للمجلس كحل لا مفر منه، ما جعل هذه القوى تعتبر أن هذا المجلس لم يعد شرعياً ولا يحق له انتخاب رئيس للجمهورية… وهددت بعدم الاعتراف بشرعيته إذا انتخبته، داعية إلى إجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس نيابي جديد شرعي لانتخاب رئيس للجمهورية مقدمة إجراءها على انتخاب الرئيس، الأمر الذي أثار خلافاً مع القوى الأخرى ليستمر الوضع الشاذ على ما هو وذلك بجعل البلاد تعيش في ظل هذا الوضع إلى أجل غير معروف، إلى أن كان الحلّ بمسعى خارجي أدى إلى تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، فعادت القوى ذاتها إلى تعطيل عمل الحكومة باعتبار كل وزير فيها هو رئيس جمهورية له حق “الفيتو” على كل مشروع لا يعجبه وحق عدم التوقيع على أي مرسوم يتم إقراره بالأكثرية التي نص عليها الدستور. وعندما لم يؤدِ هذا الموقف إلى إحراج سلام لإخراجه ليكون هو سبب إحداث فراغ حكومي بعد الشغور الرئاسي، استغلت هذه القوى المدمنة على التعطيل تحرك الناس المسالمين في الشارع احتجاجاً على أزمة النفايات، فكثر مستغلو هذه الأزمة وركبو موجتها لتحقيق أهداف أخرى ظهرت في اختلاط الشعارات والهتافات وتحول ساحة رياض الصلح سوق عكاظ وبرج بابل لكثرة محبي الظهور على شاشات التلفزيون ممن هب ودب ومن دون تمييز بين متكلم عاقل ومتكلم متهور.
إن المشهد في ساحة رياض الصلح يذكّر بالمشهد الذي جعل أحزاباً وقوى في 8 آذار تعتصم لتسقط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وعندما عجزت عن ذلك افتعلت أحداث 7 أيار لترغمها على التراجع عن مراسيم صدرت عنها تعني “حزب الله”، وها ان هذه الاحزاب نفسها تعود الى الساحة نفسها مهددة بافتعال 7 أيار جديد إذا لم تصحح مراسيم صدرت عن حكومة الرئيس سلام إرضاء لـ”الشركة الوطنية” واحتراماً لـ”الميثاق الوطني” بعد الاختلاف على تفسير مواد في الدستور وابتداع الاجتهادات، فإذا كانت أحداث 7 أيار ذهبت بلبنان في الماضي إلى الدوحة، فإلى أين تذهب به إذا تجدّدت؟

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها
ثريا شاهين/المستقبل/28 آب/15
بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، تتجه الأنظار الى إقراره في الكونغرس الأميركي، ويشكل ذلك استحقاقاً مهماً كون الموعد الزمني للإقرار في 17 أيلول المقبل، يمثل أيضاً بداية مرحلة جديدة على صعيد العلاقات السياسية مع إيران، وعلى انعكاس ذلك على ملفات المنطقة، ومن بينها الملف اللبناني. وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن خطوة إقراره في الكونغرس ستحصل، وستشكل حدثاً مهماً، على الرغم من كل التحديات الأميركية الداخلية حول ذلك. إيران تنتظر هذه الخطوة أيضاً، لتتأكد من مروره في الكونغرس، بحيث بعدها ستتكشف بداية الحوار حول مشاكل المنطقة وكيفية أداء إيران حيالها. هناك تحضيرات على الأرض للتسويات المرتقبة في المنطقة. ففي الموضوع اليمني يظهر أن هناك إرضاء للخليج وحفظاً لمصالحه. قد لا تعد المصادر، أن الأمر تراجعاً إيرانياً، إنما تشير الى أن ذلك يمثل نوعاً من أنواع التسويات، بحيث تحقق إيران مصالحها في ملفات ما، وتضطر في الوقت نفسه الى التخلي عن مصالحها في مواقع أخرى. قد لا يكون ذلك بإرادتها، إنما ستقبل الموضوع بكل طيبة خاطر، ما يؤشر وفقاً للمصادر، الى أن شروط التسوية التي كانت نتيجة للاتفاق النووي بدأت تظهر في أكثر من ملف، وأن البحث بين الغرب وإيران لامس جملة أمور وتسويات، ستترجم في المرحلة المقبلة على الواقع. في الملف السوري أيضاً، هناك حراك دولي إقليمي جدي سعياً لإرساء حل عبر إعادة تفعيل مؤتمر «جنيف3» المتوقع أن ينعقد قبل نهاية هذه السنة. إنه مسعى لحل سوري من ضمنه تحديد مصير رئيس النظام بشار الأسد بتوافق دولي إقليمي. إنه مسعى جدي لإيجاد حلحلة للأزمة السورية، أو على الأقل وضع الحل على السكة، إذ إن الدول المهتمة تعترف أن الحل النهائي طويل المدى.
وفي اعتقاد هذه المصادر، أن الأجواء الدولية الإقليمية ستساهم من الآن وحتى ما قبل نهاية هذه السنة، في أن يكون للبنان رئيس للجمهورية، حيث ستتضافر الجهود خلال الأشهر القليلة المقبلة سعياً لذلك. على أنه مطلوب أيضاً من المسؤولين لعب دور في العمل لقوة ضغط دولية تساهم في هذا الاتجاه. أي أنه من غير المستبعد أن يترجم مناخ التسويات في ملفات المنطقة تسوية للبنان. والسؤال يبقى أن إيران التي لم تواجه في اليمن، ما أدى الى أن يكسب الخليج هناك، أين ستأخذ في المقابل. المصادر تجيب على ذلك بالقول إنها ستأخذ في العراق تحديداً، في حين أنها لن تأخذ في لبنان ولا في سوريا، وهذا ما يريده الخليج حيال هذين الملفين. في الملفين ستحفظ مصالح إيران، لكن لن يترك لها المجال لتحقيق مشاريعها لا في لبنان ولا في سوريا. إنما ستعطى أكثرية المصالح لإيران في العراق. في اليمن كانت هناك، بوادر التراجع في الموقف الإيراني. في لبنان، وإن عاد الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله لترتيب ما كان قاله حول أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي النائب ميشال عون، هو ممر إلزامي للانتخابات الرئاسية، فإنه لم يعد المنطق إما عون أو الفراغ. كل الأطراف اللبنانية متفقة حول أن عون له دور في الرئاسة، ولكن بين أن يكون ممراً وأن يكون مرشحاً أو الفراغ فارق كبير. استحقاق موافقة الكونغرس على النووي يمثل انطلاقة مهمة في تأثير النووي سياسياً. وتعول المصادر، على تغييرات قد تحصل على مستوى العلاقات الخليجية الإيرانية والتي لها التأثير الأساسي لبنانياً. حتى الآن لا يوجد أي تغيير لا في الموقف الإيراني ولا في الموقف السعودي. يجب أن تتشكل قناعة دولية بناء على ضغط لبناني، في عزل موضوع لبنان عن ملفات المنطقة. في المواقف الإيرانية حول لبنان، لا يزال هناك ربط بين ملفه وملفات المنطقة. لذلك ضرورة الفصل، لتوفير اختراق على الملف اللبناني، ما دام اللبنانيون حتى الآن غير قادرين على حلحلة العقدة الرئاسية. إذا استمر الربط، يعني أن لبنان سينتظر أي تقدم في الملف السوري خصوصاً لتحقيق تقدم في الملف الرئاسي. وفي هذه الحالة يُفترض أن لا يربط اللبنانيون وضعهم ويرهنوه للخارج.

الجذر والفروع
علي نون/المستقبل/28 آب/15
يُفترض مبدئياً، ان يكون التحرك المطلبي في الشارع سبباً لاستنتاج ايجابي مفاده ان الحيوية المدنية لا تزال قائمة وموجودة في لبنان برغم طغيان الحالات الاصطفافية في السياسة وما هو ابعد منها وأخطر، على ما عداها في الحسابات الاخيرة! لكن لا تليق بأحد تلك الآراء والقراءات التي تغيّب الواقع لصالح الافتراض. وتذهب بعيداً في التعميم الى حدود الشطط: تنظر الى تجمع مطلبي محدّد ومحدود (أياً يكن حجمه!) على انه بديل عن «الالتزامات» الاولى لمعظم اللبنانيين، أو مؤشر الى نضوج حالة تغييرية شاملة. مثلما لا يليق بأحد ايضاً، تغييب المشتركات العابرة فوق الاصطفافات والانقسامات الطائفية والمذهبية والحزبية والسياسية والجهوية. وهذه في مجملها مشتركات ذات طابع سلبي ناجمة عن ازمات حقيقية.. بحيث ان انقطاع الكهرباء مثلاً، أمر يخصّ الجميع ولا يستثني احداً. وأزمة النفايات بدورها كذلك.. وبالتالي صعب «علمياً» الخروج العشوائي أو الاستنفاري أو المتسرّع، الى اطلاق احكام عامة او تبسيط واقع معقد، مثل الواقع اللبناني الراهن. ومع ذلك، يمكن وبكل راحة ضمير، مجادلة أهل التعميم والاستنتاجات السريعة، المشبوهة والبريئة على حد سواء، في «قضية» جوهرية يقوم عليها البيان التعبوي والتأففي والاعتراضي الراهن، وهي تحميل كل المشتغلين والمعنيين بالشأن العام، المسؤولية ذاتها ومن دون تمييز، عن الواقع المزري الذي آلت اليه امور اللبنانيين في معظم المجالات الحياتية والتنموية والاقتصادية والسياسية والامنية.
ذلك أمر يتم بدأب وخبث كبيرين. وفي ظل ضجيج استثنائي يشترك فيه كثيرون عمداً وقصداً وكثيرون غيرهم ببراءة وعفوية، والجامع المشترك هو تغييب الجذر الاول الذي تتفرع عنه سائر الازمات من كبيرها السياسي والدستوري والميثاقي الخاص بالفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، الى صغيرها البيئي المطلبي المتصل بأزمة النفايات المتراكمة في الشوارع والأحياء السكنية. .. لا يمكن وضع المرتكب والضحية، ولا الفاعل وصاحب رد الفعل في خانة واحدة. هناك فريق سياسي حزبي يقوده «حزب الله» يُخضع لبنان منذ العام 2005 لمزاجه وقراراته وارتباطاته ومصالحه بغض النظر عن اي شأن آخر. وهذا يعني في العموم والتفصيل ابقاء الوضع اللبناني في خانة عدم التعافي واخضاعه بكل شؤونه وشجونه ومؤسساته لمعادلة ظالمة هي تحميله وتحميل أهله أثقالاً «جهادية» و«نضالية» و«ممانعاتية» أكبر بكثير من طاقاتهم وقدرتهم على التحمّل. طبيعي في تفصيل بعض معاني ذلك، ان لا تكون الحكومة قادرة على اتخاذ اي قرار، أي قرار، إذا ل«المجتمع المدني» دعا الى تصحيح الحراك/رياض الصلح.. المشاركون قلّة والمشاغبون كثرم يسمح «حزب الله» بذلك! وأن لا تكون القوى الأمنية قادرة على لجم عصابة اجرامية واحدة في البقاع إذا لم يسمح «حزب الله» بذلك! وأن يبقى الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية قائماً اذا لم يخضع الجميع لشروط «حزب الله» في الرئيس «المقاوم» المطلوب! وأن تتراكم قبل ذلك وبعده وفوقه، أزمات مالية واقتصادية وتنموية واجتماعية لا حصر لها نتيجة تراكم التشويه الممنهج لفكرة «الدولة» لصالح المعادلات الخشبية التي تبدأ بالسلاح ولا تنتهي عند «المؤتمر التأسيسي» الذي يريده ويبحث عنه «حزب الله»! الباقي تفاصيل، حتى لو كان على ذلك القدر من الصخب والحضور والانفلاش والتأزم!

«المجتمع المدني» دعا الى تصحيح الحراك/رياض الصلح.. المشاركون قلّة والمشاغبون كثر
خالد موسى/المستقبل/28 آب/15
لم ينجح منظمو حملة «بدنا نحاسب» في الحشد في ساحة رياض الصلح أمس، على الرغم من دعوتهم المعتصمين أمام الجامعة الأميركية أول من أمس، فالحشد كان خجولاً ولم يأتِ على «حسابات بيدر» المنظمين الذين غابت وجوه غالبيتهم عن الساحة وعن السمع. وحدها مكبرات الصوت التي تبث الأغاني «الثورية» وسيارات النقل المباشر والإعلاميين، حضرت قبل المعتصمين. المشاغبون والملثمون كانوا في الساحة أيضاً بمشاغباتهم وإشكالاتهم التي تراوحت ما بين استفزاز القوى الأمنية بعبارات نابية ورمي القناني البلاستيكية الى ما وراء الشريط الشائك، وكذلك توجيه الشتائم الى الحكومة ورئيسها والوزراء والنواب على حد سواء. شعارات كثيرة تراوحت ما بين إسقاط النظام والحديث عن الفساد وعن الثورة رفعتها مجموعة من الشباب ترتدي أقنعة الـ«انينومس». وحدها فتاة ثلاثينية عملت على محاورة بعض منظمي هذه التظاهرة، ناصحة إياهم بـ«إيقاف المشاغبين وتسليمهم الى القوى الأمنية لأنهم يشوهون هذا الحراك والشعارات المرفوعة فيه»، كما دعتهم الى «توحيد الصفوف وعدم السماح للأحزاب بالمشاركة في هذا الحراك لأنهم يريدون سرقته وتسييره وفقاً لمصالحهم الشخصية الضيقة». وقام بعض الشباب بتوزيع منشورات تضمنت مطالب الشعب من «إزالة النفايات الى تأمين فرص العمل والكهرباء والمياه، وحق التظاهر السلمي واسترداد الأملاك العامة والبحرية وتطبيق الدستور»، مرفقة بمواد من الدستور تتعلق بالحقوق والواجبات. كما وزعت ورقة أخرى حملت عنوان: «شو علاقة الزبالة بإسقاط النظام؟»، تبيّن العلاقة بين العنوانين بطريقة مبسطة.
ولوحظ وجود بعض الوجوه من هيئة التنسيق النقابية الذين عملوا على تنظيم صفوف المتظاهرين ومحاولة لملمة بعض الإشكالات والحديث الى بعض المتظاهرين الجالسين على الرصيف وملء الفراغ في الساحة لتبيان أن هناك حشداً، إلا أنهم فشلوا في ذلك.
وكان عدد من جمعيات «المجتمع المدني» دعت الى تصحيح مسيرة الحراك بعدما تحولت الى موقف سياسي يدعو الى إسقاط النظام، ومن بين هذه الجمعيات «طاولة حوار المجتمع المدني» التي اعتبرت في بيان أن «التحرك خرج عن هدف المطالبة واستغل لإحداث أعمال شغب وعنف، فتحول إلى موقف سياسي يدعو لإسقاط النظام، لذلك انسحبنا من المشاركة»، معلنة أن «طاولة الحوار المدني لن تشارك في التحرك يوم السبت في 29 الحالي الذي تدعو إليه حملة «طلعت ريحتكم»، بعد التصاريح عبر وسائل الإعلام التي تؤكد المطالبة بإسقاط النظام وتقديم انتخابات نيابية على انتخاب رئيس للجمهورية». ودعا حزب «الخضر» في بيان، «المواطنين الى تحرك شعبي سلمي في 2 أيلول المقبل بالتزامن مع جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، والنواب الى القيام بواجبهم الدستوري من دون تردد أو إبطاء، والحضور الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإعداد قانون نيابي عصري جديد يعتمد النسبية وينتج طبقة سياسية جديدة، وإجراء انتخابات نيابية جديدة على أساسه، تضع البلاد في مصاف البلدان الديموقراطية».
واعتبر المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان، أن «ما قامت به حملة طلعت ريحتكم ما هو إلا تعبير عن وجع وصرخة اللبنانيين نتيجة السياسات الخاطئة والفساد والسمسرات إن كان في ملف النفايات والإدارة السيئة للمناقصات أو ملف الكهرباء والوضع الاقتصادي والاجتماعي»، متمنياً لو أن «مطالب المتظاهرين انحصرت في القضايا المطلبية المحقة والدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت لكونه المفتاح لعودة الحياة للمؤسسات الدستورية، ولم يندس بين المتظاهرين من حاول تشويه المظاهرة وأهدافها بالتصادم مع القوى الأمنية والقيام بأعمال تخريبية». حملة «طلعت ريحتكم» غابت كلياً عن الساحة بالأمس، ودعت عبر صفحتها على موقع «الفيسبوك» جميع اللبنانيين الى «المشاركة في التظاهرة نهار السبت المقبل في ساحة الشهداء»، متوجهة الى «كل الأحزاب السياسية اللبنانية التي دعت في السر والعلن الى تظاهرة السبت في محاولة وقحة لسرقة صوت الناس والإيحاء بأن تظاهرتنا تتخذ طرفاً» بالقول: «نطمئنهم أن مشاركتهم غير مرحب بها طالما أنهم جزء من السلطة». ودعت الأصدقاء «الى النزول بأعداد كبيرة جداً لحماية التظاهرة وتحركنا وصوتنا من أي استغلال».
ووزع بعض الشباب من حملة «بدنا نحاسب» في ساحة رياض الصلح، بياناً ضد التوقيف ومناشير تدعو إلى المشاركة في اعتصام «طلعت ريحتكم» غداً السبت عند السادسة مساء في ساحة الشهداء.
وتوالت ردود الفعل الداعية الى المشاركة بكثافة في تظاهرة السبت، والى مواصلة الحراك السلمي حتى تحقيق الأهداف التي نزل من أجلها الناس الى الشارع. وأصدرت نقابة مخرجي الصحافة ومصممي الغرافيك بياناً بعد اجتماعها الاستثنائي، اعتبرت فيه أن «الحراك المدني الوطني الحاشد الذي شهدته ساحة رياض الصلح في الأيام الماضية، ما هو إلا تعبير عن الحالة المزرية التي وصلت إليها البلاد بفعل السياسات الخاطئة التي تنتهجها الطبقة السياسية الحاكمة والتي أدت إلى حالة من الشلل الشامل في عمل المؤسسات وإلى تفاقم المشكلات الحياتية الحيوية التي تهم المواطن وفي طليعتها مشكلة النفايات والكهرباء وغيرهما»، مشيرة الى أنها «تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المدني والنقابي». ودعت «اللبنانيين جميعاً إلى أوسع مشاركة في الحراك الشعبي الذي تشهده ساحات وسط العاصمة بيروت»، مشددة على «سلمية التحرك وإظهاره بشكل حضاري من خلال المحافظة على الأملاك العامة والابتعاد عن أعمال التخريب وعدم التعرض للقوى الأمنية».
وحض قطاع الشباب في حركة «التجدد الديموقراطي» على «المشاركة الكثيفة في تحرك السبت»، مشدداً على «الالتزام الكامل بعدم رفع الشعارات الحزبية والفئوية والمشاركة كمواطنين لبنانيين أولاً وأخيراً، يريدون العيش بكرامة في وطنهم والاكتفاء بحمل العلم اللبناني ومطالب حملة طلعت ريحتكم». ورأى «الحراك المدني في قضاء جبيل» أن «أزمة النفايات المتفاقمة والأحداث المتسارعة والمواكبة لها، تدل بما لا يسمح بالشك، على أن أزمة النظام تتسارع من دون أن يقلص ذلك من جشع طبقته السياسية بكل تلويناتها أو من عدوانية أجهزتها الأمنية التي صارت تتحرك وكأنها بإمرة حصرية لمصالح مافيوية»، داعياً الى «اوسع مشاركة في التحرك المركزي في بيروت نهار السبت». واعتبرت حركة «شباب لبنان» أن «التحركات الحاصلة في الشارع اللبناني، والتأييد الشعبي لها دليل على حالة اليأس والاحباط والجوع الكافر، التي وصل اليها اللبنانيون»، داعية «جميع اللبنانيين والنقابات والاتحاد العمالي وهيئات المجتمع المدني الى أوسع مشاركة سلمية وحضارية في التحرك الذي دعت اليه «حملة طلعت ريحتكم» يوم السبت». بالتوازي، نفذت مجموعة من الشبان اعتصاماً رمزياً في ساحة التل طرابلس، تضامناً مع حملة «طلعت ريحتكم» ورفعت خلاله شعارات عبرت عن امتعاضهم من الأوضاع القائمة.