سعود السمكة/الله معك يا لبنان/داود البصري/نوري المالكي يتأبط ملفاته القذرة/علي نون/ظواهر الأسى

464

الله معك يا لبنان
سعود السمكة/السياسة/25 آب/15
ما هو حاصل اليوم في لبنان ليس شيئا مفاجئا ولا هو قادم من خارج السياق وايضا ليس مصادفة, بل هو مستودع من الاحتقان وطوفان من الضغط وغضب من العذاب والبؤس وحسرة على بلد كان عنوانا للتسامح والتعايش السلمي والديمقراطية بكل معانيها, حسرة على بلد كان مثالا للتقدم والتمدن في الوطن العربي, حسرة على وطن كان اذا هتف لحقه هتاف ثلاثمائة مليون انسان عربي, حسرة على وطن كان يوما مأوى لكل محروم ومقهور ومضطهد من ابناء الوطن العربي.
كنت في بيروت قبل اقل من شهر وكان يسألني صديق لبناني: برأيك وين رايح لبنان<؟ قلت له: رايح للثورة لتكسير حواجز التقسيمات الطائفية; والمذهبية والاجتماعية والمناطقية التي بناها رؤساء الاحزاب وائمة الطوائف وزعماء التيارات, قلت له لبنان رايح لتقطيع الاسلاك الشائكة التي وضعها هؤلاء الزعماء حتى يفصلوا الشعب عن رؤية الحقيقة; حقيقة المأساة التي تنتظر مصيره ومصير اجياله بفعل افعال هذه الزعامات التي تدفع لبنان وبوتيرة متسارعة نحو الانهيار ثم السقوط ليتحول الى وطن فاشل بالمعنى السياسي والاقتصادي. قلت له: لبنان ذاهب ليفك الحصار عن نفسه وعن شعبه, هذا الحصار الذي دام حتى اليوم, اربعة عقود من الزمن وليلغي حائط العزل الذي اقامته هذه الزعامات لتفصل الشعب عن الدولة. اين لبنان الذي كان قبلة الاحرار وملاذ المثقفين, ومصنع الفن والادب؟ اين لبنان المزدهر في بناه واقتصاده وتجارته؟ اين لبنان الذي كان يتباهى بأن متوسط دخل الفرد فيه يفوق متوسط دخل الفرد في كثير من البلدان؟ قلت له: لبنان اقترب من نهاية عده التنازلي ولم يبق الا ان يعلن الصفر ليبدأ الانفجار, هذا الانفجار الذي سوف يكون كما البركان حين يلفظ كل الاوساخ ليجدد التربة, وكذلك لبنان سوف يلفظ كل الأوساخ التي خلفتها زعاماته وأئمة طوائفه, ورؤساء احزابه, وتياراته ليبني نفسه بنفسه من جديد, ليس فقط على مستوى الخدمات الحياتية والبنيوية بل على مستوى وعي الفرد كي يتحرر من حالة التخلف التي وضعته فيها زعاماته. لبنان ذاهب ليهدم اوكار واسوار التقسيمات والحواجز الطائفية والمذهبية; والحزبية والمناطقية, ذاهب ليهدم معبد الفساد على رؤوس اصحابه الذين تسببوا بعذاب الشعب طيلة هذا الزمن الطويل, لا ماء, لا كهرباء, لا مستوى معيشيا مثل الناس, ولا حياة طبيعية مثل العالم … لا تعليم.. ولا تطبيب مثل بقية شعوب الارض, لبنان اليوم في محطة القطار الذاهب الى الزمن الجميل زمن دولة الحب والتسامح والالفة والحرية المسؤولة. لبنان ذاهب ليعيد بناء مدارسه التي كانت منارة تشع بالفن والادب والثقافة. لبنان رايح ليمحو ثقافة العزل من تاريخه التي بنتها اهواء ومصالح زعاماته ليستبدل بها ثقافة العزم والعدل والمساواة والامن والاستقرار الى كل هذا ومن اجله رايح لبنان ليرتاح ويريح شعبه من تعب السنين الاربعين العجاف والله معك يا لبنان.

نوري المالكي يتأبط ملفاته القذرة
داود البصري/السياسة/25 آب/15
رغم أن رئيس الحكومة العراقية السابق, ونائب الرئيس المخلوع, نوري المالكي معروف للشعب العراقي بصفة الكاذب لكذبه البواح والصريح ولعدم إيفائه بوعوده وتعهداته, وهي الصفة التي أطلقتها جموع العراقيين عليه, ورغم كونه أمير أمراء الفساد والإفساد, والقائد المختار لتدمير الدولة العراقية الحديثة, والرمز الطائفي لقيادة حزب الدعوة العميل, وحيث كانت فترة حكمه المباشر من أكثر الفترات حلكة وسوادا في تاريخ العراق المعاصر, ففي عهده “الزاهر” إنتفخت أوداج الطائفية العدوانية الرثة, وأزدهرت الحروب الطائفية, وتصاعد تأثير قبائل اللصوص والفاسدين من الساسة, وتهشمت أسس وقواعد الضبط والربط في الدولة العراقية, وتشوه الجيش العراقي بعناصر دخيلة وجاهلة كانت سببا في إنكساره وتحطيم الروح المعنوية, بإختصار لقد كان عهده عهد الإنهيار الحقيقي للعراق الذي توج في نهايته بضياع سطوة الدولة أمام عصابات مسلحة, فنوري المالكي رمز رث لكل ماهو سيء في العراق, بل أن مصائبه قد تجاوزت الحدود العراقية ليكون عونا للطاغية بشار الأسد, وهو يسحق الشعب السوري واضعا إمكانيات العراق اللوجستية في خدمة الطغاة وسامحا للعصابات الطائفية العراقية بمساندة نظام دمشق المجرم بدفع من مرجعياتها الإيرانية. المهم أن فضائح نوري المالكي و مصائبه تنوء بحملها “البعران”.
ومع ذلك فهو صادق في شيء واحد فقط لا غير, إنه صادق بتهديداته لحلفائه السابقين ولمختلف المشاركين بالعملية السياسية العراقية الكسيحة بنشر ملفات الفساد والإفساد التي ظل يجمعها ويحتفظ بها طيلة سنوات حكمه الطويلة العجاف, ويبدو واضحا من طريقة تصرفه أنه معجب بالأسلوب المخابراتي في إدارة الدولة وتحديدا أسلوب المخابرات المصرية أيام صلاح نصر في ستينيات القرن الماضي, حين كانت تهيأ ملفات فضائحية ضد الخصوم بما فيها تسجيلات جنسية من أجل السيطرة على الخصم والإيقاع به, وهو بالضبط مايفعله نوري المالكي الإبن السابق للمخابرات السورية والمعتمدة المنهج نفسه, ففي إطار دفاعه الإستباقي, وبعد عودته ظافرا من طهران بحصوله على الحصانة الإيرانية والتي جعلته أحد قادة المقاومة والممانعة في الشرق, عاد لبغداد بطائرة إيرانية خاصة وهو يتأبط شرا, ويتوعد خصومه وحلفائه السابقين بنشر فضائحهم التي جمعها أيام حكمه إن تمت إحالته للمحكمة تنفيذا لرغبة الجماهير العراقية المنتفضة, وتطبيقا للقانون والحد الأدنى من العدالة المفترضة.
لقد راهنا منذ البداية على عدم قدرة حكومة حيدر العبادي على المس بنوري المالكي ولا حتى رجاله المقربين, وهاهو المالكي اليوم يشن حربا استباقية مؤكدا أن الفضائح التي بحوزته لو كشفت للملأ لتدحرجت رؤوس وتهشمت رموز, وقلبت الدنيا عاليها سافلها في العراق المقلوبة أوضاعه أصلا, ويبدو من قراءة تصريحات المالكي انه خلال فترة حكمه لم يهتم أبدا بإصلاح الأوضاع قدر إهتمامه بتتبع زلات وأخطاء وسرقات خصومه وحلفائه على حد سواء إنتظارا ليوم تصفية الحسابات, وهو تصرف يدينه بالكامل ويجعله في مواجهة اتهامات خطيرة أبرزها التواطؤ والمشاركة في تلك الجرائم والفضائح بسكوته عنها في وقت كان يفترض فيه أن يتحرك لوأدها ولكنها النوايا الشريرة, والمساهمة الواضحة في عملية نهب العراق والذي جعلته يصمت عن تعديات الآخرين ليمارس حريته في إدارة السلطة والموارد بشكل مخز وسيء يتحمل هو وحده لاغيره مسؤوليته المباشرة! ترى أين كان المالكي يعيش وهو يجمع تلك الأدلة والوثائق المتعلقة بفساد الطبقة السياسية, ولماذا لم يتحرك في وقتها ليتحول لمشارك عملي بها؟ وبعيدا عن لغة الإبتزاز والترهيب فإن الحقائق الميدانية تقول أن نوري المالكي لن يذهب أبدا لنهاية الشوط لتنفيذ تهديداته بنشر الغسيل الوسخ, فالحل الإيراني جاهز ويتضمن عدم إحالة المالكي للمحكمة مقابل ترتيبات قيادية متعلقة بشؤون التحالف الوطني الطائفي, ثم أن فضائح ملفات المالكي ليست قابلة أو صالحة أبدا للعرض العلني, ولكنها مساومات النخب السياسية الفاسدة التي أوردت العراق مورد الهلاك, ولكن ماذا عن مطالب الجماهير الداعية لمحاكمة نوري المالكي وكل قادة الفساد والإفساد؟ الجواب عن هذا السؤال ستجيب عليه الميليشيات الطائفية التي ستمارس ميدانيا عملية تفكيك التظاهرات بأساليبها الخاصة.
العراق مقبل على أيام ساخنة… والله يستر!

ظواهر الأسى!
علي نون/المستقبل/25 آب/15
تستفز الحروب والمآسي والكوارث والأزمات المستدامة، ملكات الإبداع عند بعض البشر وتطلقها الى سابع سماء.. مثلما تستفز في المقابل، ملكات الشياطين عند البعض الآخر وتخرج أوحش وأسوأ ما في دواخل ذلك البعض، لكنها في الاجمال، تعطّل السوية الطبيعية للحياة وتقصف عادياتها ويومياتها. وذلك بدوره ينتج ظواهر غير طبيعية وغير عادية يمكن وضعها بين مرتبتين: ليست مبدعة ولا شيطانية. وهي عموماً مصابة بقصور في الوعي والاستيعاب والتقدير تبعاً لنموّها وتطوّرها في ظروف وحالات استثنائية هي تلك الحروب والمآسي والكوارث والأزمات تحديداً. البعض في لبنان هو التعبير الأمثل عن تلك الظواهر المركونة في خانة الوسط بين الإبداع والإتلاف.. وعن تركز الوعي لدى أصحابها عند حدود الهوامش والسطوح. وهذا على ما تقول الافرازات، تكون له تأثيرات سلبية عامة في اللحظة التي يقرر فيها أصحابها اخراج «أحكامهم» الى فضاء أوسع من ذواتهم! صعب (مثلاً)، بل يستحيل افتراض وجود عاقل (أو نصف عاقل) يلغو في لبنان بمصطلحات لا تليق حتى بالعالم الافتراضي، من نوع «الطبقة السياسية» أو «المجتمع المدني».. أو أن لا ينتبه الى أنه يعيش في دائرة حرب أهلية باردة لا تحتاج سوى إلى دفشة رعناء كي تصير حارة. والى أنه يعيش في شبه دولة قبل أن يتحداها. وفي ظل «نظام» معطّل قبل أن يطالب بإسقاطه! وأن لا يشم روائح الحرائق المندلعة في الجوار قبل أن يلعب بالنار في الدار. وأن لا «يفهم» بعد كل هذا الضنى والشقاء، الحدود الفاصلة بين الصراخ التأففي المألوف والمعروف في الثقافة اللبنانية الأبدية، وبين إمكانية ترجمة ذلك التأفف الى «قرارات» تغييرية تعجز عنها أو تتواضع دونها معظم القوى السياسية الكبيرة العاملة في لبنان الصغير! عن أي «طبقة سياسية» تماماً، تتحدث تلك الظواهر، طالما ان نظام الطبقات يتخطى البعد الانقسامي الطائفي ليصل الى المذهبي المحض، حيث لكل طائفة ومذهب «طبقتهما السياسية» الخاصة بهما؟ وعن أي «مجتمع مدني» تتحدث تماماً، طالما ان أزمة النفايات أظهرت تقوقعاً سلبياً وصل الى حد ان كل «مجتمع مدني» خاص بكل قرية وبلدة ومدينة من أول لبنان الى آخره، لا يرضى بزبالة «المجتمع المدني» المجاور لقريته وبلدته ومدينته؟! كان يمكن الاستمرار، في إعطاء بعض العلامات الايجابية لتلك الظواهر التي تحمل في الشكل شيئاً من النبل من خلال ارتفاعها فوق الانقسامات الواقعية القائمة.. بل وإبداء التعاطف مع بعض تحركاتها المترفة طالما انها لا تخرج عن حدودها ولا تضر غيرها ولا تحاول تخطي قدراتها بأدوات قسرية (حملة الزواج المدني مثلاً)، لكن ما حصل في وسط بيروت على مدى يومين صار يستدعي الكثير من الحذر والوجل، عدا عن تظهيره للأسى المتأتي من كون كل مآسي لبنان وأزماته لم تنتج بعد، إلاّ ذلك الوعي المشوّه للفرادة وذلك التسطيح القريب الى حدود بعيدة، من القصور الذهني المؤاخي للعُته!