إياد أبو شقرا: درس سلام القوة مفيد في ذكرى مجزرة الغوطة/عبد الرحمن الراشد: وجوه الحكومة الإيرانية المبتسمة/توماس فريدمان: أسخن بقاع العالم

510

درس «سلام القوة» مفيد في ذكرى مجزرة الغوطة
إياد أبو شقرا/الشرق الأوسط/23 آب/15
كاتب صحافيّ ومحلّل سياسيّ وباحث في التّاريخ، يعمل في صحيفة الشّرق الأوسط منذ تأسيسها
مرّت يوم الجمعة الفائت 21 أغسطس (آب) الذكرى السنوية الثانية للمجزرة الفظيعة التي ارتكبها النظام السوري في بلدات الغوطة الشرقية مستخدمًا أسلحة كيماوية. وفق تقارير موثوق بصحتها قصف النظام المنطقة الواقعة على أطراف دمشق، وبالأخص بلدات زملكا وعين ترما وكفربطنا وعربين، وكذلك ضاحيتا المعضّمية وداريا، فجرًا بصواريخ تحمل غاز السارين – وقيل غازات سامة أخرى – من بطارياته في جبال القلمون، شمال غربي العاصمة السورية. ولقد تفاوتت التقديرات حول عدد الضحايا، ورجّحت معظم المصادر عدد القتلى، ومعظمهم من النساء والأطفال، بين نحو 1300 قتيل (وفق الائتلاف الوطني السوري)، و1729 قتيلاً (وفق «الجيش السوري الحر»)، وبينهما قدّرت مصادر أميركية العدد بـ1429 قتيلاً، أما المصابون فزاد عددهم على 3600 مصاب.
هذه الجريمة جاءت بعد «خط أحمر» آخر وضعته الإدارة الأميركية لنظام بشار الأسد، الذي تدرّج في أساليب قمع الثورة الشعبية من إطلاق الرصاص الحي على المظاهرات السلمية، إلى استخدام المدفعية الثقيلة، فسلاح الطيران والصواريخ. وفي كل مرة صعّد فيها القمع كان المجتمع الدولي يستنكر ويهدّد راسمًا «خطوطًا حمراء»… سرعان ما يتبيّن أنها وهمية. وفي هذه الأثناء كان الغضب الشعبي يتزايد، وكذلك اليأس من العدالة الدولية. وحقًا، كما لو كان ذلك هو المقصود بالضبط، تراجعت تدريجيًا أصوات الاعتدال، وتوقفت – أو كادت – الانشقاقات من الجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة الأخرى، ومن ثَم كان من الطبيعي أن ارتفعت أصوات التطرّف حتى طغت على الساحة بنتيجة خذلان المجتمع الدولي ثورة الشعب، وإحجامه عن دعم «الجيش الحر» الذي رفض أفراده قتل شعبهم.
ثم بدأ يتسارع توافد المتطرّفين من كل حدب وصوب بحجة «نصرة» الشعب السوري ومحاربة النظام «الذي يقتل المسلمين السنّة بسلاح إيران وروسيا» – حسب عباراتهم. وبعده، كما نعلم مع الأسف، تبدّلت كيمياء الثورة… وزالت المساحيق التي كانت تغطي بشاعة المؤامرة الدولية. صار المتطرّفون، وبالأخص تنظيم داعش المشبوه الذي تخصّص لاحقًا بمقاتلة الثوار لا النظام، الذريعة الجاهزة لإطلاق يد النظام لمواصلة القتل. وجاء رد فعل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالذات، على الهجوم الكيماوي يوم 21 أغسطس 2013، ليقطع الشك باليقين. لقد كان المفصل الذي كشف تمامًا أن واشنطن، بعكس كل تصريحات مسؤوليها، لا تمانع في بقاء نظام الأسد ولو على جثث السوريين. في ذلك العام كشف النقاب عن مفاوضات مسقط السرّية بين الولايات المتحدة وإيران، وأخذت كرة الثلج تتدحرج.
لقد بيّنت مجزرة الغوطة أن الموضوع السوري لا يعني إدارة أوباما عمليًا إلا من ناحيتين؛ الأولى: عقد صفقة إقليمية مع إيران حامية نظام الأسد وراعيته وعلة وجوده. والوجه الثاني حماية إسرائيل من أي «سلاح تدمير شامل» (نووي أو كيماوي أو بيولوجي) يمكن أن يسقط في أيدي جماعات قد تهدّد وجودها فعلاً لا قولاً. وعليه، بما أن التفاهم مع إيران كان يستلزم تحاشي الإصرار على إزاحة الأسد، تغاضت واشنطن عن كل «خطوطها الحمراء» السابقة، وكان الرد العملي الوحيد على مجزرة الغوطة موافقة الأسد على تسليم نسبة كبيرة من مخزونه من الأسلحة الكيماوية. هذه الخطوة كانت أكثر من كافية لإطلاق يد النظام في استخدام البراميل المتفجرة بديلاً عن الغازات السامة في قصف المدن والقرى غير الخاضعة لسيطرته، وأيضًا إعادة تأهيله دوليًا – بالتنسيق مع روسيا والصين وإيران – مع تركيز جدول الأعمال الغربي والدولي برمّته لمحاربة «داعش». اليوم، مع احتدام معركة تصويت مجلسي الكونغرس الأميركي على إبرام الاتفاق النووي، يواصل الرئيس أوباما محاولات الترهيب والترغيب مع المشرّعين الأميركيين. فهو بعد تلويحه بأنه سيلتزم بالاتفاق حتى لو صوّت مجلسا الكونغرس ضده – لثقته من إخفاق خصومه في جمع غالبية الثلثين الكافية لكسر «فيتو» البيت الأبيض -، أعلن خلال الأسبوع المنصرم في رسالة إلى أحد نواب الكونغرس الديمقراطيين أن الاتفاق لن يكبّل يديه، بل سيبقي خياراته ضد إيران مفتوحة، بما فيها الخيار العسكري.
كلام كهذا، في الظروف التي جاء فيها، يشبه إلى حد بعيد «الخطوط الحمراء» التي أسقطتها الغازات السامة في الغوطة. كذلك يشبه محاولات طمأنة دول الخليج العربية بينما تنكشف كل يوم أبعاد طموح طهران للهيمنة الإقليمية حتى قبل رفع العقوبات الدولية عن إيران، ويمضي قدما مشروع التطهير الطائفي والتقسيم العرقي وإعادة رسم الخرائط في العراق وسوريا ولبنان.
وبالتالي، خلال الفترة القصيرة المقبلة، علينا توقّع الكثير من المناورات والإغراءات ومحاولات لي الأذرع. وحتى بعد تصويت الكونغرس المرتقب في سبتمبر (أيلول) المقبل سيفرض الاتفاق نفسه على الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية، وقد تسهم تطوّرات ما على أرض العراق وسوريا وغيرهما في خلق معطيات جديدة. ولكن يبقى هناك سؤالان ينتظران جوابين شافيين؛ الأول: هل تستطيع واشنطن احتواء عواقب الانهيارات الإقليمية إذا ما استقوت طهران بالاتفاق وواصلت حربها التوسعية المعلنة على جيرانها؟ والثاني: هل صحيح أن خطة أوباما البعيدة الأمد – كما يزعم بعض المدافعين عن سياساته – ستستهدف لاحقًا قدرات إيران وطموحاتها؟ باعتقادي من الواجب طرح هذين السؤالين، ولكن إلى حين توفر الجوابين، على أقطار العالم العربي، وفي مقدمها دول مجلس التعاون الخليجي، رسم أولوياتها وتعزيز الثقة في ما بينها بدلاً من إهداء خصومها هدايا مجانية. لا أحد يريد قرع طبول الحرب، وليس من مصلحة أحد رفض الحوار كمبدأ، لكن الحوار الحقيقي لا يمكن إجراؤه من فوهة المدفع، ولا تحت رحمة الصواريخ كما يريد حسن روحاني.. الذي قال بالأمس، خلال زيارته معرض «منجزات» وزارة الدفاع الإيرانية بكلام صريح ومباشر إن «قوة الردع والقدرات (العسكرية) العالية تضمن السلام لدولها». الحق معك يا دكتور… ومنكم نستفيد!

 

وجوه الحكومة الإيرانية المبتسمة!
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/23 آب/15
السمعة السيئة التي اشتهر بها نظام الحكم في طهران لم تكن مجرد بروباغندا لفقت ضده في ظروف الحرب السياسية والدعائية معه منذ قيام الثورة، بل هي الوجه الحقيقي لستة وثلاثين عامًا من سياسة تصدير الفوضى، والثورات، والعنف، والفكر المتطرف المعادي لكل ما يخالفها محليًا وإقليميًا وغربيًا. السمعة السيئة نتيجة لأفعال كثيرة سيئة من خطف، واغتيالات، وتفجيرات، وتهديدات، وتثقيف، وتمويل، موجهة ضد عدد كبير من دول العالم، إلى جانب أفعال الحكم العنيف في داخل إيران سياسة وملاحقة وإقصاء لملايين الإيرانيين الذين فروا ويعيشون اليوم في المنافي في أنحاء العالم. هذه التراكمات السلبية جعلت الحكم في طهران يشبه أنظمة سيئة مثل نظام صدام في العراق، والأسد في سوريا، والقذافي في ليبيا، وكيم جونغ في كوريا الشمالية، وليست صورة «فبركها» أعداء إيران في الخارج.
الآن، الحكومة الإيرانية تتحدث بلغة جديدة وترسل إشارات صريحة، عن رغبتها في بناء علاقة إيجابية مع خصومها في منطقة الشرق الأوسط. وقد التقطت الإشارات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بشكل سريع من الخصوم، وجاءت ردود الفعل كما هو متوقع مرحبة من حيث المبدأ، وفي نفس الوقت متشككة في جديتها. القناعة العامة أن حكومة طهران تدير حملة لتهدئة الخواطر، هدفها وقف المعارضة الإقليمية للاتفاق النووي مع الغرب، وتحديدًا من قبل دول الخليج والأردن وكذلك إسرائيل، الذين يعتبرونه اتفاقا جيدًا على الورق لكنه يوقع بحبر لا يكشف النيات السيئة عند طهران. وطبعًا للفرقاء المعارضين للاتفاق أسباب مختلفة. فالدول العربية تعتقد أن إيران تريد تحييد الغرب وإنهاء عقوباته حتى تستكمل مشروعها للتوسع والهيمنة ضدهم في المنطقة. أما إسرائيل فتشك في أن إيران لا تنوي وقف برنامجها النووي العسكري، والاتفاق ليس فيه ضمانات كافية، وسيشكل خطرًا على وجودها وليس أمنها فقط. وهناك فريق ثالث لا يقل تشككًا ومعارضة موجود في داخل الدوائر السياسية الأميركية، بما في ذلك داخل حزب الرئيس نفسه، الديمقراطي.
في السابق كانت إيران صريحة في تطرفها، لم تكن تعير اهتمامًا لما يقال حول نياتها ومواقفها لأنها منسجمة مع سياساتها، أما اليوم فقد صارت تخشى أن تلتقي مصالح المعارضين للاتفاق، في المجموعات الثلاث، فيجمع العرب والإسرائيليون والأميركيون على إفساد الطبخة. مع أنه يجب أن نقول، أيضًا، على الرغم من المعارضة الشديدة تظل حظوظ الرئيس باراك أوباما عالية جدًا في تمرير الاتفاق عبر المجالس التشريعية والتصديق عليه. وكل ما يحتاجه الرئيس تأمين موافقة فقط ثلث أحد مجلسي الكونغرس، الشيوخ أو النواب.
من أجل عبور المرحلة المتبقية والحرجة لتفعيل الاتفاق النووي تقوم إيران بوضع أصباغ على سياستها ولغتها الموجهة للخارج، لتجميلها من أجل طمأنة القلقين والرافضين، بأنها تريد التعاون، وفتح صفحة جديدة، وأنها أصبحت إيران جديدة، دولة مع الاعتدال سياسيًا، والتعاون إقليميًا ودوليًا، والتسامح دينيًا. ولهذا وضع النظام في الواجهة شخصيتين باسمتين، الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته ظريف. كلاهما لا يشبهان في شيء مسؤولي الحكومة السابقة، نجاد ووزرائه العابسين. لكننا نعرف أن الوجوه لا تكشف حقيقة السياسيين، الأفعال وحدها. فالرئيس السوري الحالي رجل بشوش وأنيق وفي غاية التهذيب لكن في الواقع على يده دم أكثر من ربع مليون إنسان. وفي إيران الرئيس وحكومته فعليًا لا يحكمون، بل هناك مؤسسة دينية متشددة هي التي تقرر التفاصيل المهمة. ومن معرفتنا بها لم نر تغييرًا في سياستها العدائية سواء ضد دول المنطقة أو حتى ضد مواطنيها الإيرانيين المعارضين لها. فالصورة التي تحاول أن تظهر بها، واللغة الرقيقة التي تخاطبنا بها، قد تكون مجرد مساج لتليين العضلات المتشنجة ضدها وضد المشروع برمته، والهدف النهائي لإيران أن توصل الاتفاق إلى مرحلة الإقرار والتصديق النهائي ثم إكمال رفع العقوبات.

أسخن بقاع العالم
توماس فريدمان/الشرق الأوسط/23 آب/15
ذلك هو رهاني حول مستقبل العلاقات السنية، الشيعية، العربية، التركية، الكردية: إذا لم يعملوا على إنهاء صراعاتهم المستمرة منذ فترة طويلة، فسوف تعمل الطبيعة على الوقوف ضدهم جميعًا إذا لم يعالجوا مشكلاتهم. ودعوني أُشِر إلى بعض التقارير الإخبارية، التي قد مرت مرور الكرام، أثناء الجدل الدائر حول الاتفاق النووي مع إيران. في 31 يوليو (تموز)، قالت صحيفة «يو إس إيه توداي» إن مؤشر درجات الحرارة في مدينة بندر ماهشهر، وهي مدينة إيرانية تقع على مقربة من الخليج، قد وصل إلى 136 درجة فهرنهايت أو حوالي 52 درجة مئوية (مع استمرار الموجة الحارة القاسية التي تضرب منطقة الشرق الأوسط مما يجعلها من أسخن المناطق على سطح الأرض). كانت تلك واحدة من أعلى درجات الحرارة المسجَّلة في التاريخ، وهي من أعلى درجات الحرارة المسجلة حول العالم كذلك، حسبما أفاد بانتوني ساغلياني خبير الأرصاد الجوية لدى مؤسسة «آكيو ويذر». وتابع ساغلياني: «في حين أن درجة الحرارة قد بلغت 115 درجة فقط، كانت نقطة الندى قد بلغت حدا لا يسهل فهمه، حيث وصلت إلى 90 درجة. ومزيج الحرارة والرطوبة المرتفعة، الذي يقاس بنقطة الندى، هو ما يجعل مؤشر الحرارة – أو ما يجعل درجة الحرارة – على النحو الذي نشعر به في الخارج». ثم شاهدنا أمرًا لم نشاهد مثله من قبل: أعلنت الحكومة العراقية عن فشلها في توفير الهواء المكيف. قبل أسبوعين، ألغى حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي جميع مناصب نائب الرئيس الثلاثة بالحكومة وألغى أيضًا مكتب نائب رئيس الوزراء، وأقر إصلاحات شاملة لمكافحة الفساد عقب أسابيع من الاحتجاجات العامة في الشوارع بشأن حقيقة مفادها أن الحكومة لا يمكنها توفير الكهرباء لتشغيل مكيفات الهواء إلا لسويعات قليلة في اليوم، عبر أسابيع من درجات الحرارة القاسية التي بلغت 120 درجة.
وكما أوضحت آن بيرنادر الصحافية بمجلة «تايم» في الأول من أغسطس (آب)، أن مشكلة الحرارة في العراق «طغت حتى على أنباء تنظيم داعش الإرهابي»، حيث أعلن رئيس الوزراء هناك عن عطلة نهاية الأسبوع التي تمتد لأربعة أيام، لمنع الناس من التعرض المباشر لأشعة الشمس. كما أنه أمر بإنهاء واحدة من أكثر المنافع المرغوب فيها من جانب المسؤولين الحكوميين، ألا وهي توفير الكهرباء على مدار الساعة لمكيفات الهواء الخاصة بهم. «خرج الآلاف من المواطنين – من العمال والفنانين والمفكرين – في احتجاجات طافت شوارع وسط بغداد مساء يوم الجمعة الماضي، حيث كانوا يهتفون ويرفعون اللافتات محتجين على نقص الكهرباء، وموجهين اللوم في ذلك إلى الفساد. وبعض الرجال تخلصوا من بعض ملابسهم واستلقوا على أرصفة الشوارع للنوم، مما يعد رسالة قوية للغاية وسط مجتمع متواضع. وكانت تلك الاحتجاجات استثنائية من واقع أنها لم تنشأ إثر دعوات من قبل أي تيار سياسي عراقي بارز». في 19 فبراير (شباط) 2014، أعلنت شبكة «أسوشييتد برس» الإخبارية من داخل إيران تقول: «أول قرار يتخذه مجلس الوزراء الإيراني تحت قيادة الرئيس حسن روحاني لم يكن بشأن كيفية تسوية النزاع النووي مع القوى الدولية، بل كان يدور حول كيفية الحفاظ على أكبر بحيرة في البلاد من الزوال. بحيرة أرومية، واحدة من أكبر البحيرات المالحة في العالم، تقلصت مساحتها إلى أكثر من 80 في المائة إلى (نحو 400 ميل مربع) خلال السنوات العشر الماضية فقط، ويرجع ذلك بالأساس إلى التغيرات المناخية، وتوسيع نطاق الري للمزارع المحيطة بها، وبناء السدود على الأنهار التي تغذي جسم البحيرة، على نحو ما أفاد به الخبراء». يقول مظفر شيراغي (58 عاما): «لقد ذهبت البحيرة وذهبت معها وظيفتي. كما ذهب أولادي والسائحون أيضا»، حيث كان يقف على منصة ترابية كانت في يوم من الأيام من المقاهي المزدحمة بالزوار. وأضافت «أسوشييتد برس»: «وقفت دراسة أجريت في عام 2011 من قبل الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي على أدلة قوية تشير إلى أن هبوط نسبة تساقط الأمطار خلال فصل الشتاء في المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بين عامي 1971 و2010 يرجع إلى التغيرات المناخية، حيث تعاني تلك المنطقة من أشد فصول الشتاء جفافا منذ عام 1902، خلال العشرين عاما الماضية».
وتقول الوكالة الإخبارية أخيرًا: «يتعرض العقد الاجتماعي بين الحكومات وشعوبها إلى الإجهاد والإنهاك الشديدين إثر تلك الأحداث العنيفة، ويتوقع لتلك المشكلات أن تزداد سوءا بمرور الوقت، باعتبار التوقعات المناخية في الكثير من تلك الأماكن. والحكومات التي تستجيب لمطالب الجماهير في مواجهة تلك الضغوط هي التي، على الأرجح، تعمل على تعزيز العقد الاجتماعي المهم، بينما تتسبب الحكومات التي تتجاهل تلك المظالم على تقويض العقد الاجتماعي في الداخل. وبالنسبة للجزء الأكثر أهمية، فإننا نلاحظ استجابات غير متوائمة مع الواقع كثيرًا. بكل تأكيد، فلنلقِ نظرة على سوريا: سبقت الثورة هناك حالة من أسوأ أربع سنوات من الجفاف في التاريخ الحديث للبلاد، مما دفع بنحو مليون من المزارعين والرعاة خارج أراضيهم، إلى الهجرة للمدن، حيث عجزت حكومة بشار الأسد تماما عن مساعدتهم، مما ساعد على تأجيج أحداث الثورة. وفي حين أن معظم دول منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات، فإن الطبيعة غير ساكنة أو ساكتة؛ فالطبيعة لا تعنيها السياسة في شيء – بل جل اهتمامها في الفيزياء والأحياء والكيمياء. وإذا ما اتخذت تلك الأشياء المسار الخاطئ، فسوف تضرب بتلك الدول عرض الحائط.والنسق الوحيد الذي سوف ينقذهم هو «حماية البيئة» – ألا فلتدركوا أنه ليس هناك ماء شيعي وآخر سني، بل هناك فقط «المشاعات»؛ المياه التي يتشارك فيها الجميع، على اختلاف النظم البيئية بينهم، وما لم يعملوا ويتعاونوا معًا في إدارتها والمحافظة عليها (وكلنا نتعامل ونعاني من التغيرات المناخية)، فإن الدمار البيئي واسع النطاق في انتظارنا جميعا.* خدمة {نيويورك تايمز}