طارق الحميد: الأسد يلعب والآخرون يضيعون الوقت/رندة تقي الدين: هل تستمر أسعار النفط منخفضة/موناليزا فريحة: ظريف وسليماني يتقاسمان الأدوار

234

هل تستمر أسعار النفط منخفضة؟
رندة تقي الدين/الحياة/05 آب/15
بعد سنوات من ثبات أسعار برميل النفط فوق المئة دولار، انخفض سعر برميل البرنت في بداية هذا الشهر إلى أقل من ٥٠ دولاراً للبرميل. فكيف ستتعايش الدول المصدرة للنفط على اختلافها مع هذا المستوى الذي قد يستمر لفترة لا يُعرف إذا كانت ستطول أم لا.
في وسع السعودية وهي أكبر منتج للنفط في “أوبك” مع إنتاج وصل إلى أكثر من ١٠ ملايين برميل من النفط في اليوم، أن تتعايش مع أسعار نفط منخفضة لامتلاكها الاحتياطي المالي الكبير الذي يمكنها من الصرف على خططها التنموية في كل القطاعات. الأهم للسعودية أن تحافظ على حصتها الإنتاجية في السوق العالمية التي تشهد زيادات في النفط الأميركي والروسي وسيدخل إلى السوق في نهاية السنة المزيد من الكميات النفطية الإيرانية. فحماية حصة الإنتاج هي أولوية للسعودية لأنها تحمل معاني كبرى. أولاً أن الاستثمارات التي تقوم بها السعودية لتطوير إنتاجها والحفاظ على طاقتها الزائدة بحوالى مليوني برميل في اليوم لن تهدر. وثانياً لأن حصة إنتاج نفط مهمة في العالم وفي المنطقة تعطي زخماً طبيعياً لوزن ودور بلد على الصعيد العالمي وهو أمر أساسي. ففي فترة نرى تزايد إنتاج دول كبرى مختلفة من الصعب الاعتقاد أن السعودية ستغير سياستها وتخفض إنتاجها النفطي لحساب دول أخرى تأخذ حصتها من السوق. فالعرض النفطي الحالي لن ينخفض لأن الطلب على النفط في العالم ما زال مرتفعاً.
وقال وزير النفط السعودي مراراً أنه ما دام هناك زبائن للنفط السعودي فسيلبى طلبهم. والنفط الأميركي ما زال مرتفع السعر لأن الشركات الكبرى تمكنت من الاستمرار في إنتاج النفط الصخري على رغم انخفاض أسعار النفط لأنها تمكنت من ضبط تكاليف إنتاجه في حين أن بعض الشركات الأميركية الصغرى أوقفت إنتاجها. ولكن على العموم بقي الإنتاج الأميركي مرتفعاً على رغم إغلاق بعض الحقول الصخرية الأميركية التي لم تؤثر في شكل كبير في الإنتاج الأميركي. أسباب انخفاض أسعار النفط مختلفة وعديدة منها أزمات بورصة الصين ومالية اليونان وأيضاً انخفاض الدولار. فكل ذلك أدى إلى انخفاض سعر النفط إضافة إلى عدم توقع أي تخفيض في الإنتاج حالياً في فترة تشهد نمواً في الطلب على النفط. وانخفاض السعر يؤثر في كل استثمارات الشركات النفطية الكبرى ويؤجل المشاريع الضخمة التي كانت مبرمجة. المؤكد أن دولاً عدة في أوبك ستعاني من انخفاض أسعار النفط في طليعتها فنزويلا والجزائر ونيجيريا وستضغط على السعودية لتخفيض إنتاجها. ولكن إذا غيرت السعودية سياستها لجهة الدفاع عن السعر ستخسر حصتها من الإنتاج في السوق العالمية لمصلحة مصدرين آخرين. وارتفاع الأسعار سيكون لمصلحة المنتجين الأميركيين مع تآكل حصة السعودية الإنتاجية في غضون ثلاث أو أربع سنوات إلى أقل بثلاثة أو أربعة ملايين برميل في اليوم يأخذها مصدرون آخرون في “أوبك” وخارجها وهذا ليس من مصلحتها في حال تقرر العدول عن حماية حصتها الإنتاجية لمصلحة رفع الأسعار وتخفيض الإنتاج. فمن الأجدى للسعودية أن تستمر في هذه الاستراتيجية. أما الدول الأخرى مثل فنزويلا فهي على شفير الهاوية وهي منتج كبير في أوبك وقد يرى الرئيس مادورو بلده ينفجر نتيجة الأزمة الاجتماعية والسياسية فيه إذا استمرت الأسعار على ما هي. أما الجزائر فعليها أن تكيف بسرعة سياستها الاقتصادية على ضوء تدهور مستوى أسعار النفط، ونيجيريا مهددة بالمزيد من العنف والبؤس والفساد. والعراق الذي زاد إنتاجه وصادراته على رغم الأوضاع الأمنية السيئة يعاني أيضاً من تدهور في عائدته. فمعظم دول الأوبك ستحاول الضغط على السعودية التي لا مصلحة لها في تعديل سياستها النفطية. إذاً قد نكون دخلنا فترة مستقرة من أسعار نفط منخفضة إذا لم يطرأ طارئ.

 

الأسد يلعب.. والآخرون يضيعون الوقت!
طارق الحميد/الشرق الأوسط/05 آب/15
أقل ما يمكن قوله الآن عن الأزمة السورية أن بشار الأسد يمارس اللعب، بينما يضيع الآخرون الوقت، والأرواح، والفرص، لحماية ما تبقى من سوريا، وأمن المنطقة. وهذا ما يظهر من خلال ما نشر للآن بعد المفاوضات الثلاثية، الخليجية الأميركية الروسية، في قطر حول سوريا. الواضح أن هناك تطورات دبلوماسية تكشفها جملة من التصريحات المتضاربة، خصوصا الأميركية والروسية. الآن عملية إضاعة الوقت بسوريا ما زالت مستمرة، بينما يستمر الأسد في القتل، والتلاعب. فبينما أعلنت واشنطن عن سماحها للقيام بغارات جوية للمساعدة في صد أي هجوم ضد المعارضة التي تلقت تدريبات على يد الأميركيين، حتى لو كان الهجوم من قوات موالية للأسد، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن من شأن تلك الغارات أن تعقد جهود القتال ضد «داعش»، قائلا إن هذا الوضع «مخالف للقانون الدولي، ويمثل عقبة في طريق تشكيل جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب»! بينما يقول وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهو محق، إن وحشية الأسد هي ما جلب الجماعات المتطرفة إلى سوريا. وعليه، فإذا كان كيري يقول ذلك، ويدركه، فلماذا كل هذا الانتظار، والتسويف؟
وبالنسبة للروس، فكيف يمكن اعتبار الأسد طرفا بدحر «داعش» وهو يواصل ارتكاب كل هذه الجرائم، ويستعين بالميليشيات الشيعية الإرهابية، من حزب الله، وغيره؟ والسؤال للروس أيضًا: هل كان «داعش» موجودا بسوريا قبل عامين، أو منذ انطلقت الثورة بشكل سلمي.. أم أنه ظهر بعد حماية الروس للأسد، سياسيا وعسكريا، وتدخل الإيرانيين، وبعد أن أطلق الأسد، ونظام العراق وقت نوري المالكي، قيادات إرهابية هي من يقود تنظيم داعش حاليا؟ بل ومتى سمعنا عن استهداف الأسد لـ«داعش» بشكل جدي؟
الأكيد أن «داعش» هو نتاج جرائم وخبث الأسد، لكنه أيضًا، أي «داعش»، نتاج الإهمال الدولي بالعراق وسوريا، ولكل منهما تفصيل مختلف. ولذا فلا يمكن القول بأن الأسد حليف ضد الإرهاب، لأن ذلك مثير للسخرية، وبمقدار السخرية التي يثيرها قول المتحدث باسم البيت الأبيض بأن «نظام الأسد ملتزم بالنصيحة التي قدمناها له بعدم اعتراض أنشطتنا داخل سوريا»، فهذا طبيعي لأن الأسد لا يفهم إلا لغة القوة، ولو أنذره الأميركيون، مثلا، افعل كذا وإلا تحركنا، وضمن إطار زمني محدد، لرأينا واقعا آخر، وليس ما يردده الوزير كيري بأنه لا حل عسكريا بسوريا، التي كل ما يحدث فيها الآن هو عمل عسكري عدواني، وجرائم ترتكب من قبل الأسد، وإيران. ولو كان هناك تحرك دولي فاعل لتوحيد المعارضة السورية، ولجم المتطرفين، وذلك عبر دعم نوعي حقيقي للجيش السوري الحر، لرأينا تغييرات حقيقية، أولها رضوخ الأسد، وحلفائه، للتعاطي بجدية مع الحلول السياسية، وعدا عن ذلك فإن الأسد يلعب، والآخرون يضيعون الوقت، والأرواح، والفرص!

 

ظريف وسليماني يتقاسمان الأدوار!
موناليزا فريحة/النهار/5 آب 2015
طوال أكثر من سنتين كان قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني “السفير” الابرز لايران في المنطقة. صوره على الجبهات جعلته “بطلا” في نظر حلفائه و”مرتزقا” في رأي خصومه. وللفريقين معاً، شكّل هذا الرجل أداة للدفاع عن مصالح ايران وتحقيق تطلعاتها في المنطقة.
الاتفاق النووي خطف الاضواء من هذا العسكري. منذ انجازه الاكبر في جنيف، يتحرك وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على كل الجبهات. زار الكويت وقطر والعراق، عارضاً التعاون ومحاولاً تأكيد التزام بلاده اقامة علاقات جيدة مع دول الجوار. اختار صحيفة لبنانية (“السفير”) ليبرز معادلة ” الجار ( الذي تتزايد شكواه من التدخلات الايرانية) ثم الدار”، ويعيد الى الطاولة خطة لحلّ سياسي للأزمة السورية لم تكن لها اي حظوظ عند اثارتها المرة الاولى قبل سنتين. الواضح أن الاتفاق النووي اكسب طهران ثقة جديدة. ثقة تنعكس زخماً سياسياً في اتجاه الخصوم خصوصاً، لا يواكبه انحسار للانخراط العسكري الى جانب الحلفاء. عملياً، ليست الدينامية الجديدة في المنطقة مفاجئة، ولا الدور الايراني فيها ايضاً. فحتى الادارة الاميركية باتت تقر لطهران بدور في حل الازمة السورية، بعدما فرضت فيتو على مشاركتها في” جنيف 1 ” و”جنيف 2″. لكنّ الرئيس باراك أوباما الذي يلقي بثقله في الملف النووي سيجد نفسه قريباً أمام خيار من اثنين، فاما تحدي تطلعات طهران في المنطقة وإما التسليم لها باستمرار سياساتها التوسعية. في وضعها “النووي “الجديد لن تواجه طهران صعوبة في التكيّف لضمان مصالحها. فالعراقيون لم ينسوا بعد كيف تمسكت بنوري المالكي، لتعود وتؤقلم مصالحها مع العراق من دونه. وفي سوريا، ليس في الافق ما يوحي بامكان مراجعتها قضية دعمها للنظام الذي يضمن لها نفوذها الاقليمي ويوفر لها جسراً الى “حزب الله” في لبنان.
وعلى حدّ تعبير السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد يمثل “حزب الله” حاملة طائرات ايران في شرق المتوسط. عشرات آلاف من مقاتليه يحاربون في سوريا لابقاء النظام السوري على قيد الحياة. وعشرات آلاف من صواريخه مصوّبة في اتجاه اسرائيل. والحزب يمكنه تعطيل اي مؤسسة دستورية في لبنان إذا لم تضمن مصالح طهران. وسواء أكانت هناك حقاً اتفاقات أو تفاهمات جانبية بين طهران وواشنطن، أم لم تكن، ليس واضحاً ما الذي سيدفع طهران الى التنازل عن كل هذه الامتيازات. وبمعاييرها لا شيء يدعو الى التخلي عن النظام السوري ما دام قادرا على الصمود في دمشق والمنطقة الحدودية مع لبنان وهما حيويتان لطهران. وفي الوقت نفسه، لا شيء يمنع وزير خارجيتها من القيام بجولات خليجية واطلاق المبادرات السياسية. وفي ظل هذين الحراكين المتوازيين، سيستمر تقاسم الادوار كما الجبهات بين ظريف وسليماني… حتى اشعار آخر.