فايزة دياب: إيران تخسر في اليمن وهذه الأدلّة والتطوّرات/داود البصري: أميركا والمشروع الإيراني في العراق والمنطقة/محمد علي فرحات: الاختراق المطلوب في مصر

363

إيران تخسر في اليمن… وهذه الأدلّة والتطوّرات
فايزة دياب/جنوبية/الثلاثاء، 4 أغسطس 2015
يبدو أنّ كل التوقّعات بأنّ التوصل الى اتّفاق حول الملف النووي بين إيران والمجتمع الدولي، يمكن أن يبدّل المجريات العسكرية والسياسية في المنطقة لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية… لم تكن موفقة. فالكفّة في اليمن تميل لصالح قوّات التحالف العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، والمقاومة الشعبية اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والجيش اليمني ضدّ الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح المدعومة من إيران بحسب التطورات الأخيرة.
تشهد الساحة اليمنيّة في الأيام الأخيرة تطوّرات عسكرية مهمّة ومتسارعة على الصعيد الميداني، أهمّها إنزال 1500 جندي من التحالف العربي إلى عدن وتحرير قاعدة العند الجوية في عدن.
فقد ذکرت صحيفة «الحياة اللندنية» إن «قوات التحالف بقيادة السعودية نشرت خلال الأيام الماضية 1500 جندي من جنسيات خليجية مختلفة في مدينة عدن، مشيرة إلى أن غالبية الجنود إماراتيين».
ونقلت في تقرير نشرته يوم الأحد 2 آب عن مصادر من المقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي قولها «إنه تم إنزال 1500 جندي من قوات التحالف لفرض الأمن في عدن وضواحيها، ولتحرير المدن اليمنية الباقية من قبضة المدنيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي صالح».
تم إنزال 1500 جندي من قوات التحالف لفرض الأمن في عدن
قوات التحالف والجيش الوطني اليمني، انتشروا مدجّجين بترسانة عسكرية ثقيلة ومتوسطة وخفيفة في محيط محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها لتأمينها والتمهيد لتحرير المناطق الخاضعة للميليشيات. فهل نشر هؤلاء الجنود في عدن هو مؤشر لتدخل بري واسع في اليمن من قبل قوات التحالف؟
مصدر عربي متابع للتطورات العسكرية في اليمن رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «التطوّرات العسكرية في اليمن هي مؤشّر لتثبيت الوضع في عدن بصفتها العاصمة وتأمينها من أجل عودة الرئيس هادي».
وأضاف المصدر: «لو كان هناك أيّة نيّة لتدخلّ بري من قبل قوّات التحالف لكان بدأ من الحدود السعودية، فالسعودية ليس لديها الإرادة ولا العديد الكافي من القوات البرية لتغطية المساحات الشاسعة من أراضي اليمن على حساب نقاطها الحدودية البريّة مع باقي الدول العربيّة وخصوصا حدودها مع العراق المشتعل أمنيا وعسكريا».
لو كان هناك أي نيّة لتدخلّ بري من قبل قوّات التحالف لكان بدأ من الحدود السعودية
وختم المصدر: «لا أرى خروقات كبيرة في اليمن فالوضع على ما هو عليه، ولكن هناك وقف للتقدم الحوثي على الساحة اليمنية. والحل كما يبدو سيكون حلاً عسكريًا».
وفي المقابل اعترف زعيم المتمردين الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير، بالخسارة في عدن، قائلا إنه «حدث جزئي عارض»، وإن تلك «التطورات يعتبرها الآخرون مكسباً». وهو ما فسره مراقبون بأنه إقرار واعتراف بالهزيمة التي لحقت بميليشيات الحوثي وصالح.
كذلك استطاعت القوات اليمنية تحرير قاعدة العند الجوية، بعد هجوم واسع شنّته القوات الموالية للحكومة اليمنية يوم الإثنين 3 آب لاستعادة قاعدة العند الجوية وأكبر قواعد البلاد من المقاتلين الحوثيين وحلفائهم. فقد أعلنت اليوم الثلاثاء 4 آب وزارة الدفاع اليمنية المعترف بها دوليا، أن القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي استعادت قاعدة العند الجوية في جنوب البلاد من أيدي المتمردين الحوثيين الذين سيطروا عليها منذ آذار.
تحرير قاعدة العند الجويّة بعد هجوم واسع شنّته القوات الموالية للحكومة اليمنية يوم الإثنين
وسبق الهجوم نشر مئات من المقاتلين والعسكريين في محيط القاعدة تؤازرهم الدبابات والمصفحات والعربات العسكرية المتطورة التي وفرتها قوات التحالف. كما تدخل طيران التحالف العسكري بقيادة السعودية لدعم المقاومة الشعبية.
عاصفة الحزم
تكتسب قاعدة العند أهمية استراتيجية كبرى في الحرب بوجه الحوثيين ومواليهم من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح. تقع قاعدة عند الجوية على بعد 60 كيلومترا شمال عدن، وهي مفتاحا لتحصين الجنوب، بعد أن تم تحرير عدن من قبضة الحوثيين، وهي أيضًا ممكن أن تكون منطلقا للعمليات العسكرية جنوب البلاد ومفتاحا لتحرير تعز وأبين والضالع بالإضافة إلى لحج.

أميركا.. والمشروع الإيراني في العراق والمنطقة
داود البصري/السياسة/05 آب/15
لقد حفلت الأيام الماضية بصور وإرهاصات مستقبلية واضحة عن المصير الذي يسير العراق إليه في ظل تعملق نفوذ وهيمنة الجماعات الإيرانية في العراق والتي بلغت وضعا إنفجاريا محتقنا بات يطرح نفسه بشكل رسمي بإعتباره الصورة المستقبلية المنشودة للعراق والمخطط لها بإمعان في دوائر الحرس الثوري الإيراني, وهومخطط ليس بجديد بل أنه قديم ومن عمر الثورة الإيرانية وبسببه ومن أجله اندلعت أبشع وأطول حرب إقليمية بين عامي 1980 و1988, التهمت أرواح ملايين الشباب العراقي والإيراني وأستنزفت ثروات البلدين وحتى دول المنطقة , وكانت تلك الحرب بابا واسعا ومدخلا لحروب أخرى اندلعت , وكان من بين ثنايا المشروع الإيراني مطالب إيرانية واضحة بإسقاط النظام السياسي السابق في العراق وإقامة البديل الإسلامي, وكان ذلك المطلب غير واقعي في ضوء موازين القوى السائدة ولا يمكن تنفيذه بأي حال من الأحوال, بل إنه مطلب تعجيزي محض. لقد حاول الإيرانيون بشتى الطرق العسكرية والعنيفة اختراق الجبهة العراقية وتنفيذ مطلبهم ميدانيا, لكنهم فشلوا ميدانيا ثم تم إجبارهم على تجرع كأس سم الهزيمة والقبول بقرار وقف إطلاق النار الأممي المرقم 598 في أغسطس 1988 ومن ثم الدخول في مفاوضات السلام بل وتطور الأمر لإقامة علاقات إعتيادية مع النظام العراقي السابق توجت بزيارات رسمية قام بها الرئيس السابق رفسنجاني للعراق.
وخلال الغزو العراقي للكويت عام 1990 أعلن الإيرانيون مواقف غامضة, لكنهم كانوا سعداء بما حصل وقطفوا ثمار ونتائج ذلك الفعل الأخرق عبر تنظيف سمعتهم الإرهابية ضد دول الخليج العربي , ومن ثم ضربوا ضربتهم الكبرى في سرقة 120 طائرة حربية عراقية أودعها عندهم النظام السابق أوائل عام 1991 لتجنيبها الدمار في حرب عاصفة الصحراء وأنكروا وجودها لديهم رغم أنهم سرقوها قولا وفعلا. ثم استفاد الإيرانيون من مرحلة الحصار الدولي على العراق عبر تنشيط تجارة التهريب بين أبناء كبار المسؤولين في البلدين , حتى جاءت مرحلة الغزوالأميركي لاحتلال العراق عام 2003 , ليشكل ذلك الحدث فرصة تاريخية نادرة وذهبية للنظام الإيراني لاستغلال الفراغ الأمني والعسكري بعد اختفاء الجيش العراقي وتهشم النظام الأمني وتدمير الدولة العراقية بشكل رسمي وممنهج , وهنا تم إحياء الموات وإعادة تنشيط العصابات الطائفية المرتبطة بالمشروع الإيراني القديم بعد أن فعل النظام العراقي السابق الأفاعيل بقوى المعارضة الوطنية والقومية التي تهشمت مما أتاح المجال للأحزاب والجماعات الطائفية المرتبطة بإيران من استغلال الفراغ والدخول بقوة للساحة العراقية الهشة بعد أن تراجعت الأفكار والرؤى التقدمية , وحلت محلها رؤى وأفكار عدمية ورجعية وخرافية باتت تشكل عارا على الثقافة الوطنية العراقية ونكوصا عن ثمانين عاما من بناء الدولة الوطنية.
اليوم يبدو واضحا أن الجماعات الإيرانية أعلنت رسميا تبنيها فكرة نظام الولي الفقيه وإن التطورات الميدانية والعسكرية القائمة في العراق قد أدت إلى نمو الذراع العسكرية لتلكم الجماعات وبشكل بات يهدد بإسقاط الدولة , كل ذلك يحدث أمام العيون الأميركية الراعية لمشروع الدولة العراقية لما بعد الاحتلال, والعيون الأميركية الخبيرة تراقب ما يحدث وسبق لمدير المخابرات الأميركية الأسبق أن أعلن أن الجماعات الإيرانية المسلحة أخطر من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يبقى محدود الخطر أمام هيمنة المشروع الإيراني وامتداداته.
مع ذلك ورغم كون العديد من قادة المشروع الإيراني في العراق مطلوبين للعدالة الأميركية والكويتية بتهم الإرهاب الثابتة بحقهم من أمثال الإرهابي الحرسي أبومهدي المهندس الذي كان حتى عام 2005 مطاردا من الإدارة الأميركية مما عجل بهربه لإيران ليعود العام الماضي ويقود جموع الحشد الشعبي بل ويتحول لوزير دفاع فعلي وميداني يقود المعارك وتحت حماية الطائرات الأميركية والتحالف الدولي?… المشروع الطائفي الإيراني هو اليوم هجومي وواضح وصريح ويمتلك ركائز عمل وقيادات ميدانية , والهدف تحويل العراق لولاية تابعة لقيادة وأمرة الولي الفقيه في إيران , كما أن ذلك المشروع يضع دول الخليج العربي والبحرين خصوصاً تحت ناظريه ويعمل من أجل ضمها لإيران, وذلك ليس سرا بل حقيقة يعرفها الجميع , أما السعودية فهي مستهدفة إيرانيا سواء من الجنوب اليمني أو من الشمال العراقي والخطط الجاهزة ضدها معروفة ومكشوفة وليس هنالك شيء يمكن إخفاؤه. الولايات المتحدة تبدو راضية بالكامل عن التمدد الإيراني وتحاول استغلال نقاط الاتفاق النووي لإتاحة المجال للنفوذ الإيراني الذي يشهد في المرحلة الراهنة عصره الذهبي… للأميركيين تاريخ حافل في خيانة حلفائهم, وجميعنا يتذكر مصير الشاه الإيراني الراحل الذي تعرض لبهدلة تاريخية مؤلمة… فهل يكرر الأميركان أخطائهم القاتلة في أخطر منطقة في العالم? كاتب عراقي

الاختراق المطلوب في مصر
محمد علي فرحات/الحياة/05 آب/15
يفتتح المصريون غداً قناة سويس موازية، من البحيرات المرة الى بورسعيد، في احتفالية يشاركهم فيها الأصدقاء في الإقليم والعالم. إنه إنجاز إيجابي في مرحلة الحروب والتراجعات. وإذا كان الشعب المصري استجاب نداء قيادته بالمشاركة في تمويل تفريعة القناة التي أنجزت في وقت قياسي، فالحري أن تكون هذه التجربة بداية لمشاريع مماثلة يتضامن حولها المجتمع وتتميز بالسلاسة الإدارية والشفافية.
أمام الإدارة المصرية مهمات ملحة في الداخل وفي الإقليم، في وقت تتعرض سيناء ومدن في الدلتا الى أعمال تخريب وإرهاب يتهم بها المتطرفون الإسلاميون و «الإخوان».
ويمكن وضع المهمات المطروحة على الإدارة المصرية في الآتي:
– المواجهة الأمنية مع الإرهاب والمعارضة المسلحة، مصحوبة بعناية موازية بسلامة التحقيق لدى الشرطة، وبسلاسة المحاكمة ووضوحها، في حرص على استقلال للقضاء يحفظ نزاهته.
– التحلي بالجرأة لكسر الحلقة المفرغة التي دخلت مصر مبكراً في دوامتها، تحديداً حين استولى الضباط الأحرار على الحكم في العام 1954، وألغوا الحياة السياسية المعبر عنها بنظام برلماني تميز بنزعة ليبرالية وانفتاح على العالم.
وبدل تداول السلطة، في مستوى الأكثرية البرلمانية والحكومة، استند حكم الثورة الى ثنائية الجيش- «الإخوان»، وكان الشعب في الأزمات المفصلية يوضع أمام اختيار وحيد: الجيش أم «الإخوان»؟ فيختار الجيش، وهذا ما حدث حين خطف «الإخوان» ثورة 25 يناير وحكموا بطريقة فاشلة أدخلت المجتمع في صراعات بدائية وألهته عن أهداف الثورة، لذلك اختار المصريون الجيش كمخلّص من جحيم «الإخوان».
إنه اختيار المضطر. هذا ما تدركه جيداً السلطة المصرية، فليس ممكناً الاستمرار الى ما لا نهاية في عبثية ثنائية الجيش- «الإخوان»، خصوصاً أن «الجماعة» تشاغب على الدولة والمجتمع المصريين من خلال تنظيمها الدولي وعهودها لدول كبرى بتأمين مصالحها إذا قبض «الإخوان» على الحكم أو شاركوا فيه.
لقد تلقى المجتمع الأهلي المصري بأشكاله التقليدية الحديثة ضربات موجعة من «الإخوان»، وهو يتعرض أخيراً لإهمال وتهميش لا يخفيان على من يراقب الأحداث المصرية، في حين أن هذا المجتمع الأهلي المدني هو المهيأ لشراكة حقيقية مع الجيش، بل لاحتضان الجيش و «إنقاذه» من تعقيدات الحكم وهوامشه وتفاصيله ليصبح سنداً وحامياً للدولة والمجتمع.
بذلك يمكن الحكم المصري اليوم اختراق الثنائية العبثية (الجيش/ الإخوان) لمصلحة دولة مدنية ديموقراطية يتحلق حولها المصريون ويتحمسون لها كما تحلقوا حول ثورة 25 يناير وتحمسوا لقناة السويس الجديدة. مثل هذا الاختراق ليس سهلاً بعد نصف قرن من توسع الجيش في مؤسسات اقتصادية خاصة به، ومن نظرة «الإخوان» الى أنفسهم كمعارضة وحيدة وبديل وحيد. هذا الاختراق يعيد السياسة الى نصابها في مصر كما يعيد للشعب اعتباره كمصدر للسلطة بعدما جرى تهميشه واختصاره برموز هشة ومفروضة.
– ومصر المنشغلة بترميم نفسها يطلبها الإقليم كواحد من مراكزه الأساسية، والطلب ملحّ في هذه المرحلة الحرجة، إذ تتجه الدول الكبرى الى تهميش العرب معتمدة ثلاثة مراكز غير عربية في الإقليم هي: إسرائيل وإيران وتركيا.
من هنا أهمية الاجتماعات المكثفة بين القياديين السعوديين والمصريين، لإعادة إرساء محور قومي عربي هو المعبر عن أهل الإقليم ومصالحهم. وفي إمكان تعاون سعودي – مصري مستمر أن يثبت مركز العرب في إقليمهم ويضع إسرائيل وتركيا وإيران في أحجامها الحقيقية.
ولئلا تموت السياسة، ومن أجل تنشيط المؤسسات العامة وتحسين أدائها، ومع العودة الى الشعب كمصدر للسلطة، تمكن مصر استعادة حيويتها التي شهدنا مثلاً عليها في الالتفاف حول قناة السويس الجديدة وإنجازها في وقت قياسي مصحوب بفرح الوطنية والانتماء.