علي رباح: حزب الله ما بين «تعويذة» الاستقرار و7 أيار/رضوان عقيل: برّي مع “تصدّي” سلام لعون بالكتاب وقهوجي مستاء وسلمان باقٍ في الأركان

308

حزب الله» ما بين «تعويذة» الاستقرار و7 أيار
علي رباح/المستقبل/04 آب/15
يُحكى في التاريخ أن اسبارطة ظلّت تواجه جرائم قتل غامضة ستة عشر عاماً. وفي يومٍ من الأيام، اضطر رجلٌ يدّعي الشكيمة والسماحة إلى مغادرة المدينة لرعاية مصالحه في ناحية مجاورة. يُحكى أن المدينة نعمت بعدها بسنتين من الاستقرار لم تقع خلالهما جريمة اغتيالٍ واحدة. في لبنان أيضاً، كان اغتيال الشهيد وسام الحسن آخر الجرائم الكبيرة والكاسرة للتوازنات. ومنذ ذلك الحين هُيّئ للّبنانيين أن «تعويذة« ما تحمي استقرار البلد وسط حرائق المنطقة، في وقت أشعل «حزب الله» بحروبه العابرة للحدود، فسهّل تشكيل حكومة شراكة وطنية، وسمح لها بتسيير شؤون الناس نوعاً ما، وأفسح المجال أمام الخطط الأمنية والمؤسسات الرسمية لتأمين أبواب الضاحية الجنوبية والجنوب وعرسال. اللبنانيون المرتابون من هذا التزامن لا يخفون قلقهم من عودة الاغتيالات والاعتصامات المسلحة والاجتياحات الميليشيوية على طريقة أيار، عندما ينتهي انشغال «حزب الله»، أو عندما يقرّر أن مصلحته في الاستقرار انتهت؟ اعتاد «حزب الله» على الحديث عن اهتزاز الاستقرار و»اللعبة الخطرة» و»دخول البلد في المجهول» بِشَيْءٍ من تجهيل الفاعل وخلط التحذير بالتهديد. لكن تجربة الأشهر الماضية أثبتت فعلاً أن «حزب الله»، لا غيره، يمسك بيده مفتاح الاستقرار متى كانت مصلحته تقتضي ذلك. لا حاجة لقول الكثير في حيثيات تلك المصلحة. يقول بشار الأسد علناً إنه يعاني نقصاً في القوى البشرية (المقاتلة). كان الرجال يُستقدمون من العراق ليموتوا بالعشرات يومياً في الجبهات السورية، فجاء صعود داعش ليعيد الميليشيات العراقية إلى بلادها، ليظل «حزب الله» وحده مع جيش بشار المتآكل وبعض من الميليشيات الأفغانية والإيرانية. انتكاسات الحزب العسكرية في سوريا خلال الأشهر الماضية تقول الكثير. فشل فشلاً ذريعاً في معركة تطويق حلب والوصول إلى نبل والزهراء، وتلقى ضربة قاصمة حين فشل هجومه الكبير على درعا، ثم توقّفت معاركه في القلمون لأسباب غير واضحة. وها هو الحزب يستقتل منذ شهرين لدخول قرية واحدة محاصرة منذ ثلاث سنوات ويعجز عن دخولها بغير سياسة التدمير الشامل بآلاف الأطنان من القذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة. في وضع صعبٍ كهذا، «حزب الله»، كما قال أحدهم بالحرف، «مش فاضي» لأي اشتباك محلي فيما رجاله يقتلون في حروب «الولي الفقيه». هو بالأحرى، يريد مساعدة الجيش والقوى الأمنية في تأمين استقرار لبنان، الحديقة الخلفية للولي الفقيه. وإذّذاك تبقى أي مشاغبة من حليفه ميشال عون زوبعة في فنجان، إلى أن يجدّ جديد في حارة حريك أو طهران. وقد جدّ جديد. «الاتفاق النووي» يطلق يد إيران في كل الساحات لكنه يغلّها في ساحة واحدة هي فلسطين. منذ لحظة التوقيع ينتهي اللعب مع إسرائيل ولا تبقى إلاّ بعض الخطابات لزوم الاستهلاك الإعلامي. لا يمكن أن يظل «حزب الله» خطراً على إسرائيل في أي استاتيكو طويل الأمد في المنطقة. قد تتراءى لإسرائيل الفرصة لتصفية هذا الخطر فيما تنشغل «طهران روحاني» ببناء اقتصادها وبساحات بعيدة عن فلسطين. وقد يرى «حزب الله» أن الرياح الدولية لا تهب لصالحه فيبادر إلى «تكييف« فائض قوته فيقلب طاولة الاستقرار على الجميع، ليدفع البلاد نحو «جمهورية ثالثة» تكرس صعود «الشيعية السياسية» في قلب النظام السياسي.

برّي مع “تصدّي” سلام لعون بـ”الكتاب” قهوجي مستاء… وسلمان باقٍ في الأركان
رضوان عقيل/النهار/4 آب 2015
تشير انطباعات القوى السياسية المشاركة في الحكومة الى ان جلستها غدا الاربعاء لم تتوافر لها المعطيات الايجابية التي تساعدها على الخروج من أزمتي النفايات والتعيينات. ولم تتوصل بعد الى رؤية مشتركة لايجاد اماكن المطامر او تطبيق طرح تصدير النفايات الى الخارج، ولا سيما بعدما خيّمت “الاجواء المذهبية” على مناقشات اللجنة الوزارية المكلفة ادارة هذه الازمة المستعصية حتى الآن. وتبقى قصة التعيينات الامنية التي لم تلق بدورها الاجماع المطلوب والاتفاق عليها، وابرزها ما يخص رئيس اركان الجيش او الابقاء على اللواء وليد سلمان والتمديد له بناء على قرار وزير الدفاع سمير مقبل، وسترسو الامور على الأرجح على الثاني. وكان مقبل قد جال على المعنيين واطلعهم على القرار الذي سيتخذه. ويعبر كثيرون من سياسيين وعسكريين عن استيائهم من الطريقة التي يتعاطى فيها البعض مع المؤسسة العسكرية والتي تؤثر سلباً في معنويات ضباطه ووحداته. ولم يخف قائد الجيش العماد جان قهوجي هذه الاجواء في لقائه الاخير ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، على الرغم من الجهود التي تبذلها المؤسسة والاجراءات التي تتخذها الوحدات على الحدود وخصوصاً في البقاع وصولا الى الجنوب. واصبح من المتوقع ان حال التشنج ستحكم قبضتها على مجريات الجلسة التي بات اللبنانيون يخشون تفجيرها قبل مساهمة افرقائها في حل قضاياهم اليومية، وفي مقدمها التخلص من كابوس النفايات الذي يهدد بيروت ومختلف المناطق، اذا استطاع الوزراء الى ذلك سبيلاً بدل انغماسهم واستمرارهم في خلافاتهم المعهودة، من دون ان تفرط الامور وتصل الى حد اسقاط الحكومة، على الرغم من تلويح الرئيس تمام سلام بهذه “الراية” قبل اسبوعين. وكان قد تلقى “جرعة دعم” كبيرة من بري وان كانت لديه بعض الملاحظات على بعض “الاداء السلامي” حيال طريقة التعامل مع” التيار الوطني الحر”. ووصل بري الى هذه “الصراحة” في انتقاد الرابية بعد انكشاف مساحة الخلافات وعدم توحيد رؤيتهما في اكثر من ملف، من “بلوكات النفط” في الجنوب الى اتخاذ بعض القرارات في وزارة الخارجية والمغتربين التي لا تلقى ترحيب حركة “أمل” حتى لو تعلّق الامر بمسألة تخص الجالية اللبنانية في فنزويلا. ويشدد بري على ضرورة استمرار الحكومة وتطبيق ما ورد في الكتاب (الدستور) “لتعمل في الشكل الصحيح والمطلوب، بدل البقاء في القطوع المتواصل الذي تعيشه، وهذا ما قلته لسلام منذ اليوم الاول لتشكيل الحكومة وكررته له اكثر من مرة”. وما يريده بري في اختصار ان “يطحش” سلام اكثر في جلسات الحكومة ويطبق الدستور، ولا ينقصه اي شيء للقيام بهذه المهمة. واذا فاتحه زواره في ان “البيك” يعمل على مسايرة العماد ميشال عون “ويراعي شعوره” قدر الامكان بغية “تسيير الحكومة بالتي أحسن” في ظل الاوضاع الصعبة التي تعيشها في ظل غياب رئيس الجمهورية، يجيب بري: “في المقابل ثمة افرقاء في الحكومة يجب مراعاتهم ايضا بغية انتظام عمل السلطة التنفيذية في البلد. واذا وقعت اي مشكلة فعلى الجميع العودة الى الكتاب لا اكثر ولا اقل”. ولم يشفع لكل من ساهم في تطيير ارقام بعض الهبات المالية التي لم يحصل عليها لبنان وخسرها لانعدام التئام الجلسات التشريعية. ويحمّل عون المسؤولية الاولى لتعطيل البرلمان.
يبقى أن بري يدرك جيداً ان الحكومة “لن تسقط” مهما تعرّض سلام لانتقادات ومضايقات من الفريق العوني في السرايا والردود التي يتلقاها. ومعلوم ان “حزب الله” سيقف الى النهاية مع “التيار الوطني الحر” من دون ان يقبل في الوقت نفسه بتطيير الحكومة، واصبحت هذه المسألة من المسلمات عند “الثنائي الشيعي” على الرغم من اختلاف تعاملهما مع الرابية وان مصلحتهما تقتضي سلوك هذه السياسة. وينبع اصرار بري على توفير عناصر الحماية للحكومة والذود عن رئيسها، من ايمانه بأنها اصبحت من الخطوط الحمر في البلد، لأن انهيارها يعني تغييب الواجهة اللبنانية الرسمية في العالم، ولا سيما بعد عدم التمكن من انتخاب رئيس الجمهورية. ولذلك فان بري يقصد ضرورة اقدام سلام على”التصدي” لعون غير القادر بمفرده – من دون “حزب الله” – على دفع سلام الى الاستقالة حتى لو تم اللجوء الى الشارع.